الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض موجز لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعيّة العالمية و دروسها اليوم

شادي الشماوي

2020 / 12 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 36 / فيفري 2020
شادي الشماوي
تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة :
" كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها "
تأليف بوب أفاكيان

مقدّمة الكتاب 36

ما من ظلّ للشكّ في أنّ التاريخ الاجتماعي عامة و تاريخ الحركة الشيوعيّة العالمية خاصة كان و لا يزال محور صراع طبقي و صراع بين الخطّين صلب الشيوعيين و الشيوعيّات . و الدلائل على ذلك لا حصر لها و لا عدّ .
و فضلا عن ما يدلّل عليه واقع الصراع الطبقي و الصراع الإيديولوجي و السياسي يوميّا و عبر العالم ، على سبيل المثال لا الحصر ، أثبتت هذه الحقيقة قراءة ماركس لكمونة باريس ، أوّل دكتاتورية بروليتاريا حسب إنجلس ، و الدروس المستخلصة منها و الفائقة الدلالة بالنسبة للثورة البروليتاريّة العالميّة . و أكّد لينين صحّة إستنتاجات ماركس و ثوريّتها في مقابل إستنتاجات آخرين تصبّ في خانة خدمة البرجوازية ، كما أكّد في مقدّمة كتابه الذى لن يكفّ ، في عصرنا هذا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، عن أن يكون منارة من أعظم المنارات المناهضة للتحريفيّة ، و نقصد كتاب " الدولة و الثورة " ، أنّ تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و رموزها موضوع صراع طبقي لا هوادة فيه . و مثلما كانت كمونة باريس موضوعا خلافيّا كذلك كانت الثورة الروسيّة لسنة 1905 فبينما أدان بليخانوف و أمثاله رفع الجماهير للسلاح ما جعلهم يقفون موقفا برجوازيّا حيال نضالات الجماهير الشعبيّة ، كان لينين و أنصارالبلاشفة يستخلصون الدروس الحيويّة من ما إعتبروه تميرنا جيّدا جدّا على الثورة القادمة ...( و " الباقي تاريخ "... ).
و إثر وفاة ستالين ، جدّ صراع طبقي كبير بحجم أعظم الجبال في العالم ، و صراع خطّين لا يقلّ عنه عظمة صلب الحركة الشيوعية العالمية بشأن تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة في ظلّ قيادة لينين و ستالين و العبر المستشفّة منها . و في الوقت الذى كانت فيه التحريفيّة السوفياتيّة على رأس التحريفيّة المعاصرة الفرنسيّة منها و الإيطاليّة ... تهشّم تهشيما رمز تلك التجربة الإشتراكية ، ستالين ، و من ورائه الماركسيّة – اللينينيّة ، إنبرى ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني ينافح بما أوتي من جهد نظري و عملي عن هذه التجربة الرائدة و رموزها البروليتاريّة ، و يطبّق عليها المنهج المادي الجدلي و النظرة الشيوعيّة الحقيقيّة لتقييمها تقييما علميّا نقديّا فرزا للصحيح عن الخاطئ فيها و إحقاقا للحقّ و إستشفافا لما أمكن من الدروس لتطوير النظريّة و الممارسة الشيوعيّة الثوريّة و المضيّ قدر الإمكان قدما على الطريق المؤدّية إلى المجتمع الشيوعي العالمي ، كهدف أسمى للشيوعيين و الشيوعيّات . فهزّ هذا الصراع المبدئي من طرف الشيوعيين الثوريّين بقيادة ماو تسى تونغ ضد التحريفيّة المعاصرة العالم قاطبة من شرقه إلى غربه و من شماله إلى جنوبه و صار معروفا بالجدال العظيم الصيني – السوفياتي و وثائقه غاية في الأهمّية التاريخية إذ هي دافعت عن المبادئ الثوريّة للشيوعيّة و نقدت الأخطاء و قدّمت سبلا لتجاوزها ما فتح المجال لمزيد تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية . و بطبيعة الحال ، خلال ستّينات القرن الماضى و سبعيناته و ، بعد ذلك أيضا ، كانت تلك الوثائق بدورها محور صراع طبقي و صراع خطّين محتدمين عالميّا و داخل الحركة الشيوعية و خارجها ما أفرز من ضمن ما أفرز إنشقاقا بين التحريفيين المعاصرين و على رأسهم السوفيات من جهة و الشيوعيين الثوريّين و على رأسهم الماويّون الصينيّون ليشكّل الشيوعيّون الثوريّون المدافعون عن الإرث الثوري للتجربة السوفياتيّة – وهو جانبها الرئيسي- و الخطّ العام الذى رسمه الماويّون للحركة الشيوعية العالميّة ما أطلق عليه حينها الحركة الماركسيّة – اللينينيّة في مقابل التحريفيّة .
و عقب وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي في الصين سنة 1976 و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك على أنقاض الصين الإشتراكية الماويّة ، وجد الشيوعيّون الثوريّون لا سيما أولئك صلب الحركة الماركسية – اللينينيّة أنفسهم مجبرين على خوض معارك صراع طبقي و صراع خطّين ، دارسين و محلّلين و ناقدين و مقيّمين تقييما علميّا و نقديّا التجربة الإشتراكية الصينيّة و ما طوّره ماو تسى تونغ في خضمّها و بناء على الدروس المستقاة من التجربة السوفياتيّة ، من مساهمات عظيمة تنكّر لها التحريفيّون الصينيّون بزعامة دنك سياو بينغ و كذلك حزب العمل الألباني بزعامة أنور خوجا الذى صاغ خطّا دغمائيّا – تحريفيّا من أبرز ميزاته أنّه ينسف نسفا التجربة الإشتراكية الماويّة في الصين و من أساسها و يدافع دفاعا أعمى عن ستالين ، و صار هذا الخطّ معروفا عالميّا بالخوجيّة ؛ فيما أضحى أنصار التجربة الإشتراكية الماويّة في الصين و مساهمات ماو تسى تونغ في تطوير علم الشيوعية يعرفون بالماويين الذين تجمّع معظم أحزابهم و منظّماتهم ضمن الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى 2006 لتنهار بفعل خيانة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) للشيوعيّة و الثورة الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب في النيبال و الخلافات المنجرّة عن ذلك . و مرّة أخرى ، كان تقييم تلك التجربة التاريخيّة موضوع صراع طبقي و صراع خطّين و تطوّرت الجدالات النظريّة في صفوف الماويّين أنفسهم بشأن عدّة مسائل ما أفرز إنقساما للماويّة أمسى جليّا على النطاق العالمي منذ أكثر من عقد الآن ، بين أصار الخلاصة الجديدة للشيوعيّة التي طوّرها بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكيّة ، أحزابا و منظّمات و أشخاصا من جهة ، و أحزاب و منظّمات و أشخاص يناصرون في الأساس مضمون مقال " ضد الأفاكيانيّة "...
كلّ هذا ، و غيره كثير ، أوردناه بصورة شديدة الإقتضاب لنشدّد بدورنا على أنّ التجارب التاريخيّة للصراع الطبقي و لصراع الخطّين تشكّل لا محالة محور صراع طبقي و محور صراع خطّين أيضا .
و ننصح من ترنو / يرنو إلى التعمّق في مدى إنسحاب هذه الحقيقة على كمونة باريس و الثورتين الروسيّتين بالعودة إلى ماركس فلينين و أمّا من ترنو/ يرنو إلى تفحّص ما بعد ذلك ممّا ألمحنا له بعجالة ، فعلها / عليه بكتبنا السابقة المتوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن . ففي الكتاب الأوّل من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " تلفون بيان الحركة الأمميّة الثوريّة لسنة 1984 وهو يتضمن ملخّصا لتقييم شيوعي ماوي لتاريخ الحركة الشيوعية العالميّة . و في الكتاب 4 ، و عنوانه " الثورة الماوية في الصين : حقائق و مكاسب و دروس " ، بوسعكم العثور على نصوص تقييميّة قصيرة و طويلة تسلّط الضوء على عدّة أوجه من تلك التجربة الإشتراكية . و في الكتاب 20 ، تعثرون على نصوص من الجدال الكبير الصيني – السوفياتي في منتهى الأهمّية . و في الكتاب 22 ، " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ، ( فصول من كتاب لبوب أفاكيان يحمل العنوان نفسه ) ، تجدون عرضا نقديّا لمساهمات ماو تسى تونغ في الفلسفة و الاقتصاد السياسي و الإشتراكية بما هي المكوّنات و الأقسام الثلاثة للماركسيّة . و في الكتاب 23 ، الحامل لعنوان " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " ، يقدّم ريموند لوتا تلخيصا اما نقديّا لتاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة إلى حدّ اليوم ، إنطلاقا من الخلاصة الجديدة للشيوعيّة. و في كتاب بوب أفاكيان " ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة ! " ( الكتاب 28 )، ثمّة تناول نقدي لمحطّات معيّنة من التجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة و حتّى لكمونة باريس . و بالكتب المفردة للماويّة في النيبال و في الهند و في الفليبين ، هناك نصوص و فقرات تلمس بقليل أو كثير من العمق مسائل متعلّقة بتاريخ التجارب الإشتراكيّة العالميّة ...
و لسائل أن يسأل ، و كلّ هذا الكمّ الذى لا بأس به من الوثائق القيّمة متوفّر باللغة العربيّة ، لماذا إذن هذا الكتاب الجديد عن تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة ؟
و نجيب في الحال و مباشرة ، بلا لفّ و لا دوران ، بأنّنا قمنا بترجمة مضامين هذا الكتاب إلى العربيّة لعدّة أسباب تراكمت و تداخلت ففرضت علينا هذا الواجب فرضا . ذلك أنّنا ، و الحقّ يقال ، لمسنا مدى أهمّية هذه المضامين مذ إطّلعنا عليها قبل سنوات و أعدنا قراءتها لمّا عقدنا العزم على خوض تجربة ترجمة و نشر الأدب الشيوعي الماوي ضمن مجلّة إصطفينا لها من العناوين عنوان " الماوية : نظريّة و ممارسة " و كدنا نشرع في ترجمتها لولا أنّنا قدّرنا في وقت ما ، بعد إصدارنا للعدد الأوّل من تلك المجلّة / الكتاب الأوّل " علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة " ، أنّ النضال على الجبهتين النظريّة و السياسيّة عربيّا في حاجة ماسّة إلى وثائق أخرى تتناول مواضيع أخرى أكثر ممّا هو في حاجة إلى الوثائق التي تشكّل مضمون كتابنا الجديد هذا ، خاصة و أنّ ما ورد في بيان الحركة الأمميّة الثوريّة ، بيان مارس 1984 ، بالكتاب الأوّل ، يمكن إعتباره مدخلا كافيا حينها . و بالتالى تأجّل الإشتغال و ظلّ إنجاز المشروع إيّاه على أنّ قرار الترجمة لاحقا ينتظر الظرف المناسب للتنفيذ .
و في إعتقادنا اليوم أنّه آن أوان المرور لمرحلة التنفيذ ، بعد المشوار الذى قطعناه ، و للأسباب الآتى ذكرها :
- لاحظنا و نحن نتصفّح مواقع الأنترنت الشيوعيّة الثوريّة أن " كسب العالم : واجب البروليتاريا العالمية و رغبتها " لبوب أفاكيان أخذ يحتلّ مكانة مرموقة كأحد أهمّ الوثائق المرجعيّة المتّصلة بتقييم تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة .
- و لمسنا لمس اليد ، أثناء إنكبابنا على تعريب مقال " ضد الأفاكيانيّة " لآجيث ( الكتاب 15 ) و " من ردود أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية على مقال " ضد الأفاكيانيّة لآجيث " ( الكتاب 18 ) أنّ " كسب العالم ..." من أهمّ الوثائق المعتمدة في الصراع حول تقييم عدد من القضايا التاريخيّة الشائكة الإيديولوجية منها و السياسيّة بوجه خاص ، ذات الصلة بصراع الخطّين صلب الحركة الشيوعية العالمية و صلب الماويين أيضا.
- و منذ بضعة سنوات ، عربيّا ، تابعنا على صفحات الحوار المتمدّن صراع الخطّين بين مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و أنصارها الذى جُمّعت وثائقه في كتاب ناظم الماوي المتوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن و عنوانه " صراع خطّين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربيّا " و قد كان " كسب العالم ..." مصدرا و مرجعا من أهمّ المصادر و المراجع المعتمدة .
- و في المدّة الأخيرة ، حينما كنّا منكبّين على ترجمة كتاب بوب أفاكيان " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة "، قفز إلى نظرنا و إدراكنا مجدّدا أنّ مهندس الشيوعيّة الجديدة ذاته كما يسمّيه أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعيّة ، قد أولى عناية خاصة لمؤلّفه ذاك ، " كسب العالم ..." ، فقد كتب يقول في شأنه بالصفحة 18 من كتابنا عدد 35 على وجه الضبط :
" قبل عدّة سنوات من الآن ، في " كسب العالم ؟... " ، في بدايات ثمانينات القرن العشرين ، و في غيره من الأعمال الأخرى مذّاك ، تعمّقت كثيرا في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و المجتمع الإشتراكي ، منذ زمن ماركس ( و إنجلز ) ، و تحدّثت عن واقع أنّ ماركس و إنجلز كانا يملكان نظرة ثاقبة إلى أقصى حدّ ، و في عديد الطرق و بالمعنى الجوهري ، كانا ، في الآن نفسه ، و ليس هذا مفاجئا ، محدودين و حتّى بأشكال معيّنة ساذجين ، في بعض الجوانب الثانوية على دلالتها - و هذا إن أعملتم فيه الفكر ، صحيح بشأن جميع المقاربات و المناهج العلميّة ، في تعارض مع النظرات الميتافيزيقيّة كالدين . و متحدّثا عن النظرات الميتافيزيقيّة و الدينيّة ، عندما نُشر أوّل ما نُشر " كسب العالم ؟... " ، وُجد البعض داخل الحركة الشيوعية العالمية الذين قالوا إنّ هذا يقدّم الشيوعيّة كراية ممزّقة ؛ و وُجد حتّى موقف أنّ الحديث ليس عن الأخطاء فحسب التي إقترفت و إنّما أيضا عن بعض المشاكل في جزء من مفاهيم و مقاربات القادة العظام الحقيقيين للحركة الشيوعية بمن فيهم مؤسّساها ، ماركس و إنجلز ، نوعا من الممنوعات - كان يتمّ التعاطى معه كأنّه كفر . حسنا ، هذا الصنف من المواقف و المقاربات يمضى تماما ضد ، و كان سيلقى الإشمئزاز من ماركس و إنجلز أنفسهما ، قبل أي شخص آخر . و على أيّة حال ، وُجدت الموجة الأولى من الثورة الشيوعية و أدّت إلى التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي ( من 1917 إلى أواسط خمسينات القرن العشرين ) ثمّ في الصين ( من 1949 إلى 1976 ) و التي وقع الإنقلاب عليها مع صعود القوى البرجوازية إلى السلطة و إعادة تركيز الرأسماليّة ، أوّلا في الإتّحاد السوفياتي و تاليا في الصين عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 . و تحتاج هذه الموجة الأولى من الثورة الشيوعية و التجربة الإشتراكية إلى التعلّم منها بعمق ، بيد أنّنا نحتاج التعلّم منها بتوجّه علمي و منهج و مقاربة نقديّين ، في تعارض مع التوجّه و المنهج و المقاربة الدينيّين . وهذا بالذات ما شرعت في القيام به في " كسب العالم ؟... " و واصلت القيام به في أعمال متنوّعة مذّاك . فكان هذا هو المكوّن الأكبر و قوّة الدفع الأكبر في تطوير الشيوعية الجديدة .
و التعبير المكثّف للكثير من الجديد في الشيوعية الجديدة متوفّر في " الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة "... "
و بكلمات مقتضبة لبوب أفاكيان ذاته :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
و من يتطلّع لدراسة هذه الشيوعية الجديدة و الإلمام بالسيرة الذاتيّة لبوب أفاكيان ، لا مناص له من إعمال الفكر و التعمّق في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ، متنا و ملاحقا و هو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن ، أمّا من يتطلّع لتكوين فكرة أوّليّة و تلخيص للأعمدة التي تقوم عليها هذه الخلاصة الجديدة للشيوعية ، فنوفّر له نصّا لبوب أفاكيان ذاته في الغرض ، و ذلك بملاحق هذا الكتاب و عنوانه " الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة " ف " التعبير المكثّف للكثير من الجديد في الشيوعية الجديدة متوفّر" فيه ، حسب ما صرّح به أعلاه صاحب الشيوعيّة الجديدة .
و إذا أضفنا إلى هذه الأسباب التي مرّ بنا ذكرها و التي رأيناها غاية في الوجاهة في حثّها على الإسراع في إنجاز العمل الذى ظلّ ينتظر على الرفوف منذ سنوات ، ملاحظتنا أنّ جماعات تعدّ نفسها شيوعيّة، إلى جانب أعداء الشيوعية المفضوحين، أخذت تنشر هنا و هناك نصوص تقييمات للحركة الشيوعية العالميّة ماضيا و حاضرا فيها ما فيها من تشويه متعمّد للوقائع و تزوير للأحداث التاريخيّة و قلب للحقائق رأسا على عقب و تلاعب صبياني بالمعطيات الماديّة الموضوعيّة و بالمنهج المادي الجدلي الواجب إعتماده في هكذا أعمال – مجمل القول نصوص تحريفيّة و دغمائيّة - ، ندرك لماذا كان لا بدّ لنا من النهوض بالمهمّة الملقاة على عاتقنا و دون تأخير .
و إنّنا لعلى وعي تام أنّنا لا نزال محتاجين إلى المزيد من الترجمات بهذا المضمار و طبعا إلى مزيد التصدّى لمشوّهى تاريخ الحركة الشيوعية الثوريّة خدمة أساسا لإعلاء راية الحقيقة التي دونها لن نستوعب حقّ الإستيعاب علم الشيوعيّة و لن نطبّقه و نطوّره فلن نفسّر العالم تفسيرا علميّا و لن نتمكّن من تغييره تغييرا ثوريّا من منظور شيوعي . وعليه ، من موقع المسؤوليّة الشيوعيّة الثوريّة ، نتعهّد ، دون تحديد تواريخ و لا سقف زمني فكثير من الأمور قد تتجاوزنا ، بأن نثابر على الإضطلاع بالمهام التي آلينا على أنفسها النهوض بها و بأن نبذل من الجهد طاقتنا كي نوفّر المزيد من الوثائق باللغة العربيّة تساهم في الإرتقاء بمستوى التسليح الإيديولوجي و السياسي لمن يبحثون عن الحقيقة و يسعون بدأب و تصميم إلى تحرير الإنسانيّة والكوكب من سطوة النظام الإمبريالي العالمي و تشييد عالم آخر، أفضل ، ضروري و ممكن ، عالم شيوعي .
و قد أثمر جهدنا المبذول هنا عددا جديدا من " الماوية : نظريّة و ممارسة " / الكتاب عدد 36 الذى نضع بين أيدى القرّاء آملين أن يدرسوا محتوياته دراسة نقديّة و يعتمدوا الحقائق التي تنطوى عليها في قادم تنظيراتهم و ممارساتهم الثوريّة .
و محتويات الكتاب ، فضلا عن مقدّمة المترجم هي :
الجزء الأوّل :

" كسب العالم : واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها "
لبوب أفاكيان / العدد 50 من مجلّة " الثورة "

1- المزيد عن الآفاق التاريخيّة للخطوات المتقدّمة الأولى في إفتكاك السلطة و ممارستها – دكتاتوريّة البروليتاريا - و الإبحار على طريق الإشتراكية .
2- المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة .
3- اللينينيّة كجسر .
4- بعض التلخيص للحركة الماركسيّة – اللينينيّة التي نشأت في ستّينات القرن العشرين و العامل الذاتي في ضوء الوضع الراهن و المتطوّر و الظرف التاريخي الآخذ فى التشكّل .
5- بعض المسائل المتعلّقة بخطّ حزبنا و نشاطه و مهامنا الأمميّة الخاصة .

الجزء الثاني :

( 1 ) عرض موجز لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعيّة العالمية و دروسها اليوم
( مجلّة " الثورة " عدد 49 / 1981 )
( 2 ) مسألة ستالين و " الستالينيّة " - مقتطف من خطاب " نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة " لبوب أفاكيان
( مجلّة " الثورة " عدد 60 ، سنة 1990 )
الملاحق - 4 – ( من إقتراح المترجم )

1- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة
( وثيقة نشرت سابقا في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة-
خلاصة أساسيّة " )
2- ستّة قرارات صادرة عن اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية
( وثيقة نشرت سابقا في كتاب " عن بوب أفاكيان و أهمّية الخلاصة الجديدة للشيوعية
تحدّث قادة من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " )
3- إطلالة على موقع أنترنت مذهل يديره ريموند لوتا : " هذه هي الشيوعية " - إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح
أ- مجاعة 1933 في الإتّحاد السوفياتي : ما الذى حصل فعلا و لماذا لم تكن " مجاعة متعمّدة "
ب- دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة
ت- إطلالة على صفحات / مداخل من موقع " هذه هي الشيوعيّة " - إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح
4- فهارس كتب شادي الشماوي
---------------------------------------------------------------------------

عرض موجز لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعيّة العالمية و دروسها اليوم

مجلّة " الثورة " عدد 49 / 1981
https://www.marxists.org/history/erol/periodicals/revolution/rev-49.pdf
ما يلى قسم من وثيقة " للعقود الآتية – على الصعيد العالمي " التي صاغها رئيس اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، بوب أفاكيان ، و تبنّاها اجتماع اللجنة المركزيّة في نهاية 1980 .
-------------------------------------
ما يلى هو ما يقترحه العنوان أعلاه – صورة مجملة لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعية العالمية ، و بوجه خاص للأممية الثالثة . يجب أن نشدّد على أنّه فيما نقدّم هنا موقفا أساسيّا ، من طبيعة " الأطروحة بصدد التطوير " و الصورة المجملة التي يعرضها هنا المقصود غايتها إنشاء إطار لمزيد البحث و الدراسة و التلخيص الذين يجب عليّ و على ليس حزبنا لوحده بل على أحزاب أخرى كذلك أن تساهم فيه و ستساهم . و يمكن التعبير عن العرض الأساسي بإستخدام ستالين كبؤرة تركيز و بالرجوع إلى موقف ماو ( المذكور ى فصل " الفلسفة " من كتاب " مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة " ) – بانّه في عشرينات القرن العشرين " لم يكن لستالين شيء آخر يعوّل عليه عدا الجماهير ، لذا طالب بالتعبئة الشاملة للحزب و الجماهير . و بعد ذلك ، حينما حقّقوا بعض المكاسب على هذا النحو ، صاروا أقلّ تعويلا على الجماهير ".( أنظروا الصفحة 147 ) - و التقييم المتّصل به المنجز في ذلك الفصل لا سيما عقب عشرينات القرن العشرين، بانّ ستالين " لم يكن جدليّا بصراحة و بصورة شاملة في مقاربته للمشاكل ". ( المصدر السابق ). و بطبيعة الحال ، ليست المسألة مسألة قائد واحد لوحده ؛ و إنّما أعتقد أنّ هذا التقييم لستالين ينسحب بصفة أعمّ على قادة الأمميّة الثالثة ( بعد وفاة لينيني ) . و الآتى ، في شكل صورة مجملة هو صياغة ( و محاولة ) أوّليّة لعرض وجهات النظر هذه .
---------------------
-1- تشكّلت ( تركّزت ) الأمميّة الثالثة في أتون الصراع المحتدم - ضد الإمبرياليّة و الإنتهازية – الذى بلغ نقطة الغليان خلال الحرب العالميّة الأولى. و بوجه خاص ، تشكّلت في قتال مرير ضد الإشتراكية – الشوفينيّة . و لكن من البداية ، كان أحد المظاهر المميّزة لها أنّ المركز التنظيمي لها كان الحزب البلشفي – حزب في السلطة – في الدولة الإشتراكية الوحيدة. و لهذا جانب إيجابي يتمثّل في كون خطّ لينين صار قوّة ماديّة على هذا النحو ، بفضل ذلك تحوّل إلى قوّة إيديولوجيّة هائلة مؤثّرة في الشيوعيّين و غيرهم على نطاق واسع و بقوّة . لكن ، طبعا ، كان هذا يشتمل على تناقض ( وُجدت عدّة قوى منجذبة إلى ثورة أكتوبر المظفّرة بينما من الناحية الأخرى ، وُجدت نزعات نحو النسخ الميكانيكي للتجربة البلشفيّة ، كما وُجدت إنحرافات أخرى ) و على إمتداد فترة زمنيّة ، لا سيما مع نموّ النزعات الخاطئة داخل الحزب الشيوعي السوفياتي، تناقض وجود أمميّة يهيمن عليها الحزب الوحيد الذى كان في السلطة ، صار أحدّ . و في حين أنّ هذا لم يمثّل المسالة الأساسيّة – التي كانت مسألة خطّ ، في الحزب الشيوعي السوفياتي و في الكومنترن – كانت له تداعيات ذات دلالة على مسالة كيف كان يتمّ تحديد الخطّ و تكريسه ، على المستوى العالمي وداخل شتّى البلدان ( و سيبرز هذا اكثر لاحقا )...
-2- مع فشل الثورات في التطوّر أو هزيمتها في بلدان أخرى – خاصة ألمانيا – في السنوات التي تلت بالضبط ثورة أكتوبر ( حوالي 1923) ، " الفترة الأولى " ( كما أعرب عن ذلك الكومنترن ) بلغت النهاية . و من ثمّة ، اضحى واضحا أنّ الجمهوريّة السوفياتيّة الجديدة ستظلّ الدولة الإشتراكية الوحيدة الناجمة عن ذلك الظرف التاريخي الذى تشكّل حوالي الحرب العالمية الأولى . و هذا ما جعل قادة الدولة الإشتراكية الجديدة يواجهون ضرورة ثقيلة إن رغبوا في الحفاظ على إنتصار ثورة أكتوبر و تشييد عمليّا الإشتراكية في ذلك البلد . في هذه ط الفترة الثانية " ( 1928-1923) ، كانت قيادة ستالين ، بالخصوص في الصراع ضد تروتسكي و بوخارين و إنتهازيين آخرين ، في الأساس قيادة صحيحة . و بالتأكيد ، فإنّ القتال الذى قاده للدفاع عن إمكانيّة اضطلاع بمهمّة تركيز الإشتراكية في بلد واحد كان صحيحا في الأساس . لكن ، بينما رسم ستالين وقتها خطوط تمايز بين إنتصار الإشتراكية في بلد واحد و الإنتصار النهائيّ للإشتراكية – الذى قال إنّه لا يمكن تحقيقه في بلد واحد فحسب – وُجدت بعدُ صلب هذا الخطّ وقتها نزعات خاطئة ستتطوّر أكثر في المستقبل ؛ و في صفوف الحركة الشيوعية العلمية ( قبل و كذلك بعد أن أصبح تأثير ستالين مهيمنا في الكومنترن ) ، قد تطوّرت بعدُ إنحرافات إقتصادوية و إصلاحية و ديمقراطية برجوازيّة ، تمّت عقلنتها بالخصوص على قاعدة أنّ الحركة كانت عامة في مرحلة " دفاعيّة "...
-3- إنقسم أيضا خطّ الكومنترن في علاقة ب " الفترة الثالثة " ( 1928 فصاعدا ) بالأحرى إلى إثنين . فمن جهة ، وُجد التنبّؤ الصحيح تقريبا بنهاية الفترة المؤقّتة من الاستقرار ( و التوسّع ) في العالم الرأسمالي ( أو في غالبيّته ) – صحيح تقريبا لأنّه شمل بعض النزعات الماديّة الميكانيكيّة التي أفسدت هذا التحليل و ستنعكس بقوّة أكبر لاحقا ( في كلّ من ثلاثينات القرن العشرين و عقب الحرب العالميّة الثانية كذلك ن حينما إتّخذت شكل نزعات نحو رؤية ظهور أزمة كبرى للعالم الرأسمالي بينما لم تكن تتشكّل أيّة أزمة ) . و يرتبط هذا بالأخطاء في صلة بنظريّة " الأزمة العامة " للإمبرياليّة ، في تعارض مع النظرة الأكثر جدليّة لتطوّر الإمبرياليّة – أجل ، نحو حتفها الأخير ، لكن عبر سيرورات لولبيّة من حرب إلى حرب .
و كان خطّ " الفترة الثالثة " ، بمعنى ما ، " يساريّا "و ليس يمينيّا – لكن " يساري " إقتصادوي مجدّدا كاشفا نزعات ماديّة ميكانيكيّة . و قد كانت لهذا صلة ببعض الإنحرافات ذات الدلالة عن اللينينيّة ، خاصة الإنحراف عن التشديد اللينيني على الظرف التاريخي و على كامل التحفيز المجسّد في " ما العمل ؟ " . و حملات " البلشفة " و من أجل " أحزاب جماهيريّة " و التشديد على " نواتات المصانع " يجب النظر إليها على ضوء ذلك ...
-4- لا سيما عقب الهزيمة الساحقة للشيوعيين في ألمانيا مع صعود الشكل الفاشي للدكتاتوريّة البرجوازيةّ ( 1933)، نمت النزعات الدفاعيّة و الإنهزاميّة الثقيلة في صفوف يادة الإتّحاد السوفياتي و الكومنترن . و إلى جانب نموّ خطر إندلاع حرب عالميّة و خاصة خطر الهجوم على الإتّحاد السوفياتي ، غدت الإنحرافات اليمينيّة السافرة مهيمنة – تشجيع القوميّة و الإصلاحيّة و الديمقراطية البرجوازية و ربط كلّ شيء بالدفاع عن الإتّحاد السوفياتي إلخ ، بطريقة أكبر نوعيّا من ذي قبل . و بينما كان الخطّ الذى تمثّله كتبات دوت [ Dutt ] خلال هذه الفترة العامة جزءا من هذا التطوّر العام، فإنّ كلّ هذا قد تركّز في تقرير ديمتروف للمؤتمر العالمي السابع للكومنترن ( 1935) و تكريس هذا الخطّ و مزيد تطويره – هذا الخطّ الذى كما نعلم شمل ضمن أشياء أخرى و كمكوّن من مكوّناته المفاتيح ، النبذ الساسي للموقف اللينيني من " الدفاع عن الوطن " . مجمل هذا الخطّ كان خاطئا في جوهره ...
-5- خطّ (خطوط ) قيادة الإتّحاد السوفياتي و قيادة الكومنترن في علاقة بالحرب العالميّة الثانية ككلّ ( أي طوال الفترة المؤدّية إلى الحرب ، من أواسط ثلاثينات القرن العشرين فصاعدا ، و اثناء متلف مراحل الحرب ذاتها ) كانت في الأساس خاطئة . و المسألة ليست أنّ سياسات خاصة و مناورات تكتيكيّة للإتّحاد السوفياتي ، في التعاطى مع مختلف الإمبريالييّن و إستغلال التناقضات فيما بينهم ، كانت خاطئة مطلقا مبدئيّا ، في حدّ ذاتها ؛ المسألة هي أنّ الخطّ العام المرشد لهذا كان خاطئا . و حتّى في المرحلة الأولى من الحرب ( قبل غزو الإتّحاد السوفياتي ) ، حين رّسم خطّ أنّ هذه مرّة أخرى ، كانت حربا بين القوى الإمبريالية – خطّ يبدو في الظاهر صحيحا – كان هذا إلى درجة كبيرة حال إتّخاذ ، حينها، الموقف الصحيح لأسباب خاطئة ... فقد كان محدّدا أساسا على قاعدة ربط كامل النضال العالمي ب – و في الأساس تقليصه إلى – الدفاع عن الإتّحاد السوفياتي .
و الأكثر جوهريّة هو أنّه يجب تلخيص أنّ هذا التحليل الذى دافع عنه حزبنا ، بأنّه مع غزو الإتّحاد السوفياتي تغيّرت طبيعة ( المظهر الرئيسي ) الحرب – من حرب بين القوى الإمبرياليّة إلى حرب مظهرها الرئيسي كان بين الإشتراكية و الإمبريالية – لم يكن صحيحا . و في حين أنّ هذا المظهر بالتأكيد مظهر هام جدّا حينما إضطرّ الإتّحاد السوفياتي إلى دخول الحرب ، و في حين أنّه إضافة إلى ذلك مثّل مظهر نضال التحرّر الوطني ضد الإمبرياليّة ( بالأخصّ في الصين ) مظهرا جدّ هام للحرب العالميّة الثانية ( على عكس الحرب العالمية الأولى التي قال لينين بشأنها عن حقّ أنّ هذا المظهر من التحرّر الوطني كان عمليّا بلا أهمّية ) ، مع ذلك يظلّ التحليل الموضوعي للطبيعة العامة للحرب العالمية الثانية – لمظهرها الرئيسي الذى يحدّد جوهرها – يكشف ، في إعتقادي ، أنّ طبيعتها بقيت أساسا حربا بين القوى الإمبرياليّة .
في مثل هذه الظروف ( حرب بين القوى الإمبرياليّة إضطرّت دولة إشتراكية إلى خوض حرب دفاعيّة - شرعيّة )ليس بالضررة خاطئا بالنسبة لهذه الدولة الإشتراكية أن تستغلّ التناقضات في صفوف الإمبرياليّين ، و حتّى التوصّل إلى بعض الإتّفاقيّات مع كتلة إمبرياليّة أو أخرى ( أو مع الكتلتين ) إلخ ، لكن يجب أن يرتكز هذا على تحليل صحيح للطبيعة العامة للحرب ، و الدفاع عن البلد الإشتراكي يجب أن يرتبط بتقدّم النضال العالمي العام ،و ليس العكس . و مع ذلك ، حتّى في ما يتّصل بالمظاهر الأخرى العادلة و التقدّميّة ( و الثوريّة ) بالأخصّ منها حرب التحرير في الصين ضد الإمبرياليّة اليابانيّة – كانت مقاربتها أيضا من قبل قادة الإتّحاد السوفياتي و الكومنترن مقاربة تضحّى بها لأجل الدفاع عن الإتّحاد السوفياتي ( الخطّ اليمينيّ لوانغ مينغ ، و الطريقة التي تعاطى بها الإتّحاد السوفياتي مع تشان كاي تشاك ، ضمن أشياء أخرى ، كانت تمظهرات لذلك ). و عموما ، في التناقض بين الدفاع عن الإتّحاد السوفياتي من جهة و مساندة و التقدّم بالنضال الثوري في أماكن أخرى وعلى الصعيد العالمي ككلّ ، من جهة ثانية ، لم يكن فقط التعاطى مع المظهر الأوّل ( بصفة غير صحيحة) على أنّه المظهر الرئيسي و إنّما المظهر الآخر ( الذى كان ينبغي أن يعالج كمظهر رئيسي ) قد وقعت تصفيته ما دام في نزاع مع ما كان ( يُعتبر برؤة ضيّقة و إحاديّة الجانب ( دفاعا عن الإتّحاد السوفياتي ( فضّ صفوف / حلّ الكومنترن نفسه أثناء الحرب و خاصة التفسير المقدّم لذلك ن تعبير حاد عن ذلك ). و الإنحرافات الأساسيّة إبّان هذه الحرب كانت مكثّفة في خطابات ستالين " حول الحرب الوطنية الكبرى للاتحاد السوفياتي " ، أين كانت المواقف الخاطئة و المناهضة للينينيّة صراحة المتقدّم بها غالطة تماما ( و إلى أقصى حدّ ) إلى درجة أنّه لا يمكن شرحها بمجرّد الضرورة التي كان ستالين يواجهها و إنّما يجب عدّها تعبيرا عن إنحرافات جوهريّة عن الماركسية - اللينينيّة .
و من الأهمّية بمكان في كلّ هذا هو فهم أنّ للقيادة السوفياتيّة و قيادة الكومنترن في علاقة بالحرب العالميّة الثانية ، كان يمثّل إلى منتهاه – و تحوّله إلى نقيضه – بعض التحاليل و الخطوط التي كانت بالأساس صائبة و التي أملتها الضرورة ، حين أصبح واضحا ( في بدايات عشرينات القرن العشرين ) بأنّه سيكون من الضروري بناء الإشتراكية في بلد واحد . و هذه السياسات الأولى كانت تستجيب للأوضاع القائمة عندما كان الظرف التاريخي للحرب العالميّة الأولى ( و ما تلاه مباشرة ) قد مضى ، و عندما كانت سيرورة لولبيّة كبرى أخرى ، بالكاد إبتدأت . لكن السياسات في علاقة بالحرب العالميّة الثانية توسّعت بالأساس – مجدّدا ، إلى أقصاها – لتشكّل التوجّه الأوّلي ، بالذات لمّا كانت ظرفا تاريخيّا جديدا آخذ في التشكّل ، لمّا كانت السيرورة اللولبيّة الكبرى تبلغ نقطة تمركزها و حلّها – مفرزة إمكانيّات أكبر نوعيّا للتقدّم الثوري على الصعيد العالمي ، و قد عمل خطّ القيادة السوفياتيّة و قيادة الكومنترن ضدّه على نطاق واسع .
و النقطة الأساسيّة هنا يمكن أن نراها ، بطريقة مكثّفة ، في خطاب ستالين في المؤتمر 18 للحزب الشيوعي للإتّحاد السوفياتي ( البلشفي) سنة 1939 ، أين تقدّم بنظرة خاطئة جدّيا بانّ التناقضات الطبقيّة العدائيّة قد إضمحلّت في الإتّحاد السوفياتي " ( و كان ينظر إلى التناقضات بين العمّال و الفلاّحين و المثقّفين كأنّها خالية من إمكانيّة إفراز صراع جدّي ) ، و أكثر من ذلك مضى إلى قول إنّ الإتّحاد السوفياتي " يتقدّم بإتّجاه الشيوعية ". من التأكيد الصحيح على إمكانيّة تركيز الإشتراكية في بلد واحد – و النضال عمليّا من أجل تحقيق ذلك – تحوّلت الأشياء إلى نقيضها : إلى فهم غالط تماما أنّه يمكن بلوغ الشيوعية في بلد واحد ! و بطري الحتم أساسا أنّ مثل هذا الموقف سيترافق بنزعة نحوالتضحية بكلّ شيء – خاصة الثورة في البلدان الأخرى – في سبيل الدفاع عن الإتّحاد السوفياتي ، كما سيترافق بخطّ خاطئ عامة للحركة الشيوعية العالمية ...
-6- لم يقع أبدا نقد الإنحرافات الجدّية عن الماركسيّة – اللينينيّة التي ظهرت و وجدت تعبيرا متناميا عنها منذ أواسط ثلاثينات القرن العشرين مرورا بالحرب العالمية الثانية نقدا صريحا و بالتأكيد لم يقع إجتثاثها من جذورها . و عقب الحرب، حتّى و إنّ قبلنا بضرورة قويّة واجهتها قيادة الإتّحاد السوفياتي ، فإنّ سياساتها ( بما فيها تلك التي شجّعها ستالين ) ، بالنظر إلى المعسكر الإشتراكي الصاعد ، و بصورة عامة ، واصلت تضمّن مظاهر من الإقتصادويّة ( و منها " نظريّة قوى الإنتاج " )، و الديمقراطية البرجوازية و القومية ، لا سيما شوفينيّة الروس الكبرى ، و جوهريّا إخفاق في التعويل على الجماهير و قيادتها قيادة ثوريّة . و هذا صحيح بالرغم من بعض مساعى ستالين لقتال بعض وجوه التحريفيّة الأبرز في صفوف القيادة السوفياتيّة . ( كتاب ستالين ، " القضايا الإقتصاديّة للإشتراكية في الإتّحاد السوفياتي " ، يجب النظر إليه بصفة أعمق ، على هذا الضوء .)
إجمالا ، في الفترة الممتدّة بين نهاية الحرب و وفاة ستالين (1953) ، تعزّزت أكثر التحريفيّة في الإتّحاد السوفياتي نفسه . و في أوروبا الشرقيّة ، لم تطوّر فعلا و صراحة سياسات و وسائل تعبئة المبادرة الواعية للجماهير لإنجاز التغيير الإشتراكي، ولم تطبّق - بصورة ذات دلالة كما علّق ماو تسى تونغ ( في مكانين منفصلين ) في" نقد كتاب الاقتصاد السياسي السوفياتي"، بانّ الديمقراطيّات الشعبيّة في أوروبا الشرقيّة قد تركّزت بفعل الصراع الطبقي هناك في فترة ما بعد الحرب. و هكذا ، لم يقع أبدا إرساء قاعدة صلبة للإشتراكية في تلك البلدان حتّى و إن إتّخذت خطوات ذات دلالة في تغيير نظام الملكيّة . و نتيجة لكلّ هذا ، كان المعسكر الإشتراكي ، حتّى وهو يبلغ " أوجه " في بدايات وأواسط الخمسينات بعدُ آخذ في التفكّك من الداخل. و في الظروف العامة التي كانت تنضج فإنتصار التحريفيّة في معظم هذا المعسكر و بصورة أشمل لدى جيل كامل من غالبيّة الأحزاب التي كانت منخرطة في الأمميّة الثالثة ...
-7- إنّ خلاصة عامة لكامل هذه الحقبة – من إنتصار ثورة أكتوبر و تركز أوّل دولة إشتراكية في العالم إلى تحوّل هذا إلى نقيضه ، مع إنتصار التحريفيّة في الإتّحاد السوفياتي و معظم بلدان المعسكر الإشتراكي أواسط خمسينات القرن العشرين – يجب أن تتفحّص تماما و من جميع الجوانب مظاهر الخطّ الإيديولوجي و السياسي المتعلّقة بها من جهة ، و القاعدة الماديّة من الجهة الأخرى ، ليس في الإتّحاد السوفياتي و حسب و إنّما على الصعيد العالمي . لكن ، بإختصار ، كما أرى ذلك ، كان من الممكن و الضروري فع بناء الإشتراكية في بلد واحد ( الإتّحاد السوفياتي ) عقب فشل أو هزيمة الثورات في بلدان أخرى ، و قد تمّ تكريس ذلك عمليّا و فقط في النهاية وقع الإنقلاب عليه مع صعود البرجوازية الجديدة بقيادة خروتشوف إلى السلطة – ما مثّل تغيّرا نوعيّا من حكم طبقة و نظام إلى حكم طبقة و نظام آخر . و بالرغم من الأخطاء الجدّية جدّا التي أفسدت خطّ القيادة السوفياتيّة ( و قيادة الكومنترن ) خاصة منذ أواسط ثلاثينات القرن العشرين فصاعدا . لكن، من ناحية أخرى ، حينما يغدو الخطّ معزّزا و يغدو الدفاع عن ما قد وقع كسبه في بلد واحد هو المبدأ الأعلى و أنّ المخاطرة بهذا ، حتّى من أجل خطوات أكثر تقدّما على الصعيد العالمي ، ليست شيئا يتجرّأ عليه ، طالما لم يقع القلب التام لمثل هذا الموقف، فإنّ خسارة حتّى ما تمّ كسبه ، و كذلك التراجعات الجدّية في النضال العالمي ، ستنحو إلى الحدوث عاجلا أم آجلا ( و ليس آجلا جدّا ) ز هنا أشعر بأنّ المبدأ الحربي بالشكل المكثّف لدى ماو – الحفاظ على الذات و تحطيم العدوّ ، مع أن الجزء الأخير هو الرئيسي – ينطبق . و يرتبط هذا بوجه خاص بأهمّية إستيعاب و تطبيق الخطّ اللينينيّ حول الظروف / اللحظات التاريخيّة و تحليل السيرورات اللولبيّة الكبرى من الحرب إلى الحرب . و فقط بالإستيعاب و التطبيق الصارمين لهذا ، و الغوص أكثر من ذلك بكثير و القيام بالتحليل الندي الشامل لتجربة الحركة الشيوعية العالمية بهذه النظرة ، يكون بوسعنا تفادى الأخطاء الجدّية للماضى ( و على الأقلّ ، إقتراف أخطاء جديدة و أقلّ جدّية 0 في خوض النضال الثوري للبروليتاريا العالمية بإتّجاه هدفها الأسمى : الشيوعية العالمية ...
-8- لقد مثّل خطّ و قيادة ماو تسى تونغ ، بالخصوص في القتال ضد التحريفيّة ، قفزة كبرى في الحركة الشيوعيّة العالمية. و مع ذلك ، برأيى ، يجب النظر إلى ذلك على أنّه بداية طريق الخروج من المستنقع الذى غرقت فيه في الأساس الحركة الشيوعية العالميّة . فقد رفض ماو السقوط في ذلك المستنقع و أشار إلى الإتّجاه المعاكس و قاد عمليّة إتّخاذ خطوات حاسمة لسلوك الطريق السيّارة للثورة البروليتاريّة . و فعلا ، من الصحيح أنّه قاد البروليتاريا العالميّة إلى قمم غير مسبوقة إلاّ أنّ المسألة تكمن بالضبط في مزيد صقل الصعود المتعرّج . و المهمّة هي نهائيّا عدم التراجع إلى طريق ستالين بيد أنّها ليست مجرّد الوقوف إلى جانب ماو ؛ إنّها بالأحرى ، إنجاز حفريّات أعمق في الماضى و التقدّم إلى ما هو أرقى في المستقبل .
و من الضروري موضوعيّا إنجاز تحليل جدلي لدور ماو . و يعنى هذا ، قبل كلّ شيء ، الدفاع عن و البناء على أساس المظهر الرئيسي العام – مساهمته الخالدة حقّا ؛ و بوجه خاص في مجال الفلسفة ، و تطويره و إثرائه للقاعدة الماديّة الجدليّة للماركسيّة – اللينينيّة ، و بالأخصّ تطويره و إثرائه لخطّ مواصلة الثورة في ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . غير أنّه يعنى كذلك التلخيص النقدي لأخطائه ، خاصة بعض النزعات نحو رؤية الأشياء إلى درجة مغالى فيها من وجهة نظر الأمم و الصراع القومي . و بصورة خاصة أكثر ، ينبغي أن نقول إنّه ، حتّى في النضال ضد التحريفيّة ، بما في ذلك الجدالات ضد التحريفيين السوفيات ، هناك مظاهر من التشجيع على القوميّة و خطّ " رفع الراية القوميّة " في البلدان الإمبرياليّة ( بإستثناء البلد الإمبريالي أو البلدان الإمبريالية المحدّدة على أنّها العدوّ الرئيسي ) لم تقع القطيعة معها بل وقع تكريسها . و أعتقد أنّ هذا متّصل بالنزعة الخاطئة لدى ماو نحو توسيع مبدأ " إلحاق الهزيمة بأعدائنا الواحد تلو الآخر"- المطبّقة (بصورة طاغية ، على الأقلّ ) بشكل صحيح خلال مسار الثورة الصينيّة ، خاصة في مرحلتها الأولى – على الصعيد العالمي على نحو يحرّفها إلى درجة معيّنة عن الخطّ اللينينيّ بشأن " الدفاع عن الوطن "، و كما نعرف ، لم يكن ماو بطبيعة الحال المبادر -و ليس بالتأكيد أسوء مطبّق – لهذا الخطأ داخل الحركة الشيوعية العالميّة ، و بالفعل لم يكرّر أسوأ تعبيرات إتّخذها ذلك لدى ستالين و آخرين . بيد أنّ النقطة هي أنّه كذلك لم يقطع بأيّة طريقة نوعيّة مع هذا الخطأ ( لعلّ لبعض مبادئ الخطّ العسكري بعض الصلوحيّة هنا أيضا : كان على ماو أن يخوض نضالا مريرا في مسار الثورة الصينيّة ضد الخطّ الكارثي لمهاجمة القلاع الحصينة الكبرى للعدوّ جميعها بضربة واحدة ، و قد وضع عن صواب مقابل ذلك خطّ حرب الشعب الطويلة المد في الصين ، و محاصرة المدن إنطلاقا من الريف ؛ و حتّى و إن لاحظ أنّ في البلدان الإمبرياليّة الخطّ العسكري الصحيح يتركّز حول الإنتفاضات الجماهيريّة في المدن ، لعلّ ماو لم يستوعب الإنعكاسات السياسيّة العامة لهذا بالنسبة للنضال العالمي .- يعنى أنّ إمكانيّة الهجوم و إفتكاك السلطة من الطبقات الرجعيّة الحاكمة في عدد من البلدان [ في كلتا الكتلتين الإمبرياليّتين ] في ذات الفترة القصيرة نسبيّا ، خاصة في ظرف تاريخي ، و بالأخصّ في إطار الحرب بين القوى الإمبرياليّة ، بدلا من البحث عن إصطفاف شعوب العالم مع بلد إشتراكي [ أو بلدان إشتراكية ] يكون المحور ، للقتال ، في تحالف مع بعض الإمبرياليين ، ضد " عدوّ رئيسي " واحد [ كتلة إمبرياليّة واحدة ] . كيف يمكن لبلد إشتراكي أن يساهم في هذه الإمكانيّة ، و كيف يتناسب الدفاع عنه مع هذا الأفق ، حتّى إن كان عليه أن يستغلّ التناقضات بين الإمبرياليين، ينبغي ، أعتقد ،أن يكون توجه الحركة الشيوعية العالميّة – بما فيها ، حتّى بوجه خاص ، عندما يوجد بلد إشتراكي [ أو توجد بضعة بلدان إشتراكية ] ، محاصرة من طرف الإمبريالية التي لا تزال مسيطرة في العالم ، و بما في ذلك ، حتّى في إطار الحرب العالمية ، ما يمثّل نقطة تمركز السيرورة اللولبيّة الكبرى و يمثّل إمكانيّات ثوريّة كبرى ، آخذين بعين الإعتبار العالم ككلّ .)
إنّ خطّ ماو حول الطبقات و الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية ، و حول أهمّية البنية الفوقيّة و حول مواصلة الثورة في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ، يجب كذلك أن يُقيّم على ضوء ما قيل أعلاه . في حين أنّه لا جدال في كون هذه هي فعلا مساهمات خالدة حقّا و قادت إلى تحقيق تقدّم غير مسبوق ، لا تزال هناك نزعة نحو فصل هذا فصلا مبالغا فيه عن الصراع الطبقي العالمي كلّه ، و التعاطي مع الصراع الطبقي داخل الصين الإشتراكيّة تعاطيا مبالغا فيه ك " شيء في حدّ ذاته " ، بعيدا عن الكلّ ،، عن الصراع على النطاق العالمي ضد الإمبرياليّة و الرجعيّة و كافة الطبقات الإستغلاليّة ، و أعتقد ، أنّ هذا صحيح حتّى و إن كان ماو بالتأكيد لم يدافع قط عن " الشيوعيّة في بلد واحد " و بالفعل شدّد على أن الإنتصار النهائيّ للشيوعيّة لا يمكن بلوغه إلاّ على الصعيد العالمي ، نتيجة للنضالات الثوريّة للشعوب و الأمم المضطهَدة و جوهريّا للبروليتاريا العالمية ، وهي نضالات على دولة إشتراكية ، كما شدّد ماو ، أن تدعمها .
-------------------
النقطة الأساسيّة في ما أجملنا أعلاه في خطوط عريضة هي نظرا بالخصوص لإقتراب الظرف / اللحظة التاريخيّة المتشكّل بتحدّياته و فرصه الهائل بالنسبة للحركة الشيوعيّة العالميّة ، فإنّه يجب خوض صراع حيويّ لرسم أعمق للطريق الثوري الذى تشير إليه الماركسية – اللينينيّة – فكر ماو تسى تونغ [ الماويّة ؛ المرتجم ] ، لإجتثاث التحريفيّة من جذورها الأعمق و إستخلاص أتمّ للدروس العميقة من لأخطاء و كذلك من القفزات الكبرى إلى الأمام في الماضى ، و بالتالى للمسك بالآفاق مسكا تاما . و مثلما أكّدت على ذلك مسودّة وثيقة " المبادئ الأساسيّة ..."
" لا يتّبع تقدّم التاريخ خطّا مستقيما و إنّما يتقدّم عبر منعرجات و إلتواءات ، إنّه يتقدّم في سيرورة لولبيّة – لكنّه يتقدّم . و هذا صحيح بأكثر تأكيد بالنسبة للسيرورة التاريخيّة للثورة البروليتاريّة العالمّة و إحلال العصر التاريخي العالمي للشيوعية محلّ عصر البرجوازية . و إستيعاب هذا القانون و العمل وفقه لأجل التسريع في هذا التقدّم ليس مجرّد متطلّب من المتطلّبات العامة و البعيدة الأمد بالنسبة للثوريين البروليتاريين وإنّما له أهمّية مباشرة ، ملحّة بالنسبة لوضع اليوم و في ذهننا تطوّرات المستقبل ".
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا