الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هندسة الذات (9) : سيكولوجية الحرب الدائرة على لبنان

سعاد جبر

2006 / 7 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اجتاحت الحرب الهمجية على لبنان الثقافة والسلام ، وبيروت الحرية وتواصل الثقافات ، بين عنصرية سادية محضة للعدو الصهيوني ، وادارة انفعالية هادئة تغلب الفعل على الخطاب العربي السائد لدى قيادة المقاومة اللبنانية ، في مجال حسن قراءة الأحداث في ضوء بعدها السيكولوجي ، وإدارة المعركة بإنفعالات هادئة على محيا الوجه ، نلمحها في شخصية السيد حسن نصر الله ، ودافعية ذاتية تتشكل ايحاءاتها عبر حركة اليد ، وتناغم الكلمة مع حركة العين ومساحات الأصرار من خلالها ، والرؤية الدقيقة للرسائل الأيجابية الموجهة من الذات إلى الذات المتشكلة في الشعب اللبناني والعربي ، وفي اتجاه الذات نحو العدو المخاطب ، عبر هدوء الخطاب ودقة الرسالة ، واخلاقية سياسة الردع التي يستهدفها ، وفي المقابل نجد نموذجاً متضادا عبر شخصية اولمرت ولعل خطابه بالأمس يعطي بعداً للرؤية السيكولوجية في اعلى مساحاتها ، إذ تشكلت لحظة الأنحدار لديه عبر اختياره للنصوص المختارة من التوراة والتي تعبر عن مساحة الألم والأحباط ، واستنجاده عبر هذه النصوص لكي تتدخل القوة الغيبية في انقاذ ابناء التوراة وردهم من التية والضياع ، وهنا تبرز المقارقة العكسية ، إذ ما اتخمنا به عبر حروب ماضية من اعتبار الخطاب العربي الأسلامي هو الذي يتنصل من المسؤولية ويلجأ إلى القوة الغيبية للتدخل دون تحريك الأسباب ، واعتمادة على اللغة الأستعلائية الخطابية ، يتنحى لجانب الطرف المعادي ، وما اتخمنا به من الستينات من اعتبار العقلانية والهدوء الأنفعالي والدراسة النفسية الجادة للحرب دائما هي من صالح الطرف الخصم على الدوام ، تنسحب اليوم لطرف خطاب المقاومة اللبنانية ، وهنا تنعكس المعادلة على الضد ، وهذه مزايا الرؤية السيكولوجية الناقدة للحرب الدائرة الأن ، من لغة التوازنات السياسية والحربية وهي ليست موضوع حديثي هنا وهذه سابقة جديدة في الصراع العربي الصهيوني ، وبروز لغة التفوق النفسية الذكية التي تنتهجها المقاومة اللبنانية عبر خطابها السياسي وتربيتها لأفرادها واعتمادها الكلي على مقومات البرمجة العصبية الذكية ، وهشاشة الرؤية السيكولوجية لدى العدو ، من خلالها حرب المنشورات التي استخدمتها ، إذ المتتبع لما تتضمنته يبرز لديه سذاجتها السيكولوجية من جهة واعتمادها على رؤية تقليدية تتجاوز وضعية اللبناني وظروفه العصرية وعقليته المتفتحة ، واعتمادها الخط الأستفزازي بعيدا عن الرؤية السيكولوجية الهادئة ، وهذا يؤكد بلوغ المحلل النفسي لدى العدو حالة التأزم وعدم قدرته على ادارة انفعالاته في المعركة ، حتي تغدو رسالته السيكولوجية هادئة ذكية مبرمجة ، كما نجدها لدى خطاب المقاومة من خلال الرؤية النقدية لخطابات السيد حسن نصر الله من جهة وتتبع الرؤية الأعلامية للمقاومة بكافة اشكالها ، ومن هنا اسجل التفوق السيكولوجي في ادارة المعركة لدى طرف المقاومة اللبنانية من عدة جوانب استخلصها بحسب دراساتي السيكولوجية في مجال البرمجة الأنفعالية ومتطلباتها عبر مشروع هندسة الذات ومنظومة النظريات النفسية الذي تتضمنته ، وادرجها على النحو الأتي :
ـ تشكل المقاومة اللبنانية الأسلامية مشروع عربي لأدارة انفعالية هادئة تغلب الطاقة الحركية والأنجاز وتحديد الأهداف على اللغة الخطابية المتهالكة المعتادة دوما في الخطاب العربي
ـ تتسم خطابات المقاومة بالوعي التام لما يتدفق فيها من مشاعر منضبطة ، ورسالة موجهة ، تتناغم بين حركة الجسد وانفعالات الذات ، في توازن هادئ يتمتع بخطاب ذكي ، يجيد اختيار مفرداته بدقة ، ويحدد الكليات والأصول لديه ، ويحجم الجزئيات ودائرة المختلف ، ويتمتع بمساحات رؤية شمولية بعيدة المدى.
ـ تبرز من خلال المتابعة السيكولوجية لشخصية السيد حسن نصر الله ، توازن ابعاد الطاقة الخارجية في الهالة المتشكلة الخارجية للناظر المتأمل ، وعقلانية الرؤية وعلمية المدى وهذه تبرز من خلال لغة الجسد وتوازن الطاقة عند المنكبين ، ومساحات انفتاح الخطاب وذكاء توجيهه من خلال حركة اليد ومساحات انفتاحها وضمها ، وتبرز طاقة انفعالية اشعاعية يستشرفها المتمرس عبر علوم الباراسيكولوجي ، تترجم بمعاني التحدي والذكاء والهدوء في الأن ذاته ، وهناك لغة باراسيكولوجية خاصة لقراءة حراك العين ومساحات الرؤية الثاقبة من خلالها ، تغطى بهالة نورانية تمنح الناظر مساحة مدمجة من الهدوء ( سكون الطاقة ) واريحية في الحراك الأنفعالي وجاذبية خاصة في المتابعة للمفردات ، نطلق عليها طاقة جذب للمتابعة والبرمجة السلوكية الأنفعالية كرد ايجابي لها ، ويمكن تلخيص اهم المزايا السيكولوجية للشخصية من خلال لغة اليد وحراك العين والطلاقة اللغوية التي يضبط تسارعها بهدوء انفعالي ولغة تحديد الهدف ، تعكسها ايحاءاته الجسدية ، وهنا المفارقة بينه وبين بيل كلينتون في هذا الصدد إذ يؤكد الخبراء الأميركيين بأن اسرار شخصيته السيكولوجية ؛ تتشكل في حركة مصافحته للأخرين إذ اشار الخبراء إلى انه ينبعث منها دفئ وعاطفة تنعكس على الطرف الأخر عبر طاقة الجذب والمحبة ، من خلال ضمة عميقة يرسلها للطرف الأخر فضلا عن الطاقة الأنفعالية التي سجلها الخبراء لبيل كلينتون من خلال قدرته العالية على الأستماع للاخرين واشعارهم بالأهتمام والأنصات العميق والتعاطف العام معهم ،لذلك تشكلت الرؤية السيكولوجية لشخصية بيل كلينتون من خلال مساحة التعاطف الأنفعالي ، واعتبرت مزية سيكولوجية تفرد بها بيل كلينتون عن سائر الرؤساء الأميركين عبر لغة الجسد ونظرياتها النفسية ، في حين اعتبر الرئيس الأميركي الحالي بوش مساحة للغباء والسذاجة وخفة الشخصية والتهور وعدم الثقة يكاد يقترب من الجنون وخفة العقل
ـ المتتبع لشخصية اولمرت ، يجدها في اطار مساحات البشرة الصفراء كأقرب قياس نفسي لها ، وهي لاتملك ادارة الغضب والصراعات ، وتتأجج من خلالها تضخم الأنا ، عبر رسائلها الموجهة ، ويبرز من خلالها انحراف مستوى الطاقة ، وضيق الأفق في المساحة ما بين العينين ، وعدم التوازن في حركة الجسد ، الذي تتأجج منها انفعالات متسارعة ، ومن هنا بيرز التصنع عند الأدعاء بتهدئتها ، وربما الثقافة الصهيونية عززت مساحات هذا التضخيم للانا ومساحات السادية فيها ، لذلك احيانا هنا تجد مساحة للخلط بين ثقافة الشعب وانعكاساتها السيكولوجية والرؤية الفردية الأحادية للذات من خلالها ، عند القراءة السيكولوجية للشخصية
ـ هناك مساحات المفارقة في الرؤية السيكولوجية ما بين للشعب اللبناني وما تترع فيها من مساحات الأرادة والصمود فيها و الصورة السيكولوجية لافراد العدو الصهيوني الهمجي ، الذي تلمح من خلالها الهلع والرعب ، وهذه قراءة واضحة للعيان ولاتقتضي التحليل والتعمق فيها،اقل ما يقال فيها حجم الحرارة والدفء في حراك الدمع والدم في قراءة الصورة اللبنانية سيكولوجيا والبرود والشحوب ومساحات الأصفرار في حراك عروق الوجة والدمع وتسارع حراك القدم في الهروب في الصورة الهمجية للعدو الصهيوني ، وربما هنا يبرز مساحات انعكاسات الثقافة والهدف في ايجاد هذه الهوة ما بين الصورتين سيكولوجيا، بين ما يعتبر موت ونهاية حياة ، وبين ما يعتبر شهادة وميلاد حياة.

وما ذكرته مسبقا هي رؤية سيكولوجية موضوعية ، استهدفت من خلالها تسخير نظريات علم هندسة الذات في القراءة السيكولوجية للحرب ومساحات الرسائل الموجهة من خلالها عبر لغة الجسد والخطاب ، ولايخفى تضامني مع الشعب اللبناني ومقاومته البطلة ، ولكنني حرصت على الموضوعية والمصداقية ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، وتبقى كلماتي وردة بين يديك عزيزي القارئ ، اتمنى ان تغمرك بالعلم والمعرفة وادب الكلمة، ومرورك الكريم عليها بحد ذاته شرف لقلمي ، حيثما كنت واينما حللت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟