الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية تحت عنوان مدام بوفاري لجوستاف فلوبير كصرخة ضد التخلف الذي عاشته فرنسا في القرن 19.

حسن ابراهيمي

2020 / 12 / 30
الادب والفن


في سياق التطور التاريخي الذي عرفته فرنسا في القرن 19 ظهرت رواية مدام بوفاري للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير ,والتي عرت على التخلف الذي عاشته فرنسا في القرن 19.
ومن أجل ذلك ركزت الرواية على ابراز مظاهر هذا التخلف من خلال سرد الأحداث حول أهم مكون من مكونات وسائل الانتاج السائدة في فرنسا أنداك,
ويتعلق الأمر بالفلاحة ,وما يتصل بها من وصف دقيق للفلاحين ,والأسواق التجارية التقليدية ,وبعض منتوجات الفلاحين المعروضة للبيع بها ,هذا وكما ركزت الرواية على وصف بعض الأمور المادية ,أيضا تمت الاشارة إلى العلاقات التجارية التقليدية التي تبرم داخل الاسواق .
ومن أجل تضمين الرواية هذا الواقع المتخلف بمختلف تمظهراته ركزت على علاقة زواج تقليدية جمعت طبيبا بفتاة قروية نجم عنها الفشل العملي لهذه العلاقة على الرغم من عدم فسخ هذه العلاقة من طرف الزوجة التي فضلت الإقدام على الخيانة الزوجية ,والانتحار ندما بعد انجاب طفلة فضل السارد أن يبقي مصيرها مجهولا بعد موت أمها .
السؤال المطروح هو بماذا نفسر هذه العلاقة التقليدية ؟
أعتقد بأن السارد أراد من خلال ذلك أن يبين التخلف الذي تمر به فرنسا في القرن 19 ولذلك جاءت العديد من الأحداث تتضمن ذلك من خلال التركيز على الأماكن التي دارت بها الأحداث ,ويتعلق الأمر بقريتين القرية التي كان يسكن فيها الطبيب رفقة زوجته ,والقرية التي انتقل اليها بعد اكتشاف الملل الذي تعيشه زوجته في القرية الأولى .
أيضا يتجلى التخلف في بعض وسائل التنقل التي استعملها الطبيب حيث استعمل الفرس بخصوص التنقل لعلاج المرضى بمنازلهم ,وعلى راسهم اب زوجته حيث كانت زياراته له سببا في الزواج بابنته .
ومن هذا المنطلق أعتقد بأن السارد يود أن ينبهنا الى خطورة هذه الوسائل ويدعو ضمنيا الى استعمال وسائل عصرية من اجل التمكن من الوصول بسرعة مناسبة للمرضى من اجل تقديم العلاجات الضرورية لهم وبالتالي من اجل انقادهم, او على الاقل التخفيف عليهم .
وعليه يتضح أن الرواية يمكن اعتبارها صرخة ضد هذا التخلف ,وتدعو الى تجاوزه من خلال بناء اقتصاد متطور بربط مكوناته بالصناعة ,وما سوف يفرزه ذلك من علاقات اجتماعية جديدة تتجاوز ايضا التخلف الذي عرفته البنيتين الفكرية والثقافية ,وبالتالي الانخراط في سيرورة التحديث التي سيعرفها المجتمع الفرنسي بعد ذلك بفعل انخراط المثقفين في تغير شروط عيش الفرنسيين خاصة سكان القرى بالانخراط في مشاريع التنمية ,وبالتالي من أجل غد أفضل .
إذا تجاوزنا السؤال الأول يمكن طرح سؤال ثان ويتعلق الأمر بما السبب في عدم قدرة الزوجة على الرغم من كونها مثقفة من حسم علاقة الزواج هذه ,والانفصال للانخراط في علاقة أخرى , علاقة مبنية على الحب ؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن الإشارة إلى هذه السيرورة التاريخية التي يعيشها المجتمع الفرنسي بشكل عام ذلك أن طموح الزوجة يمكن تفسيره بطفرة تعيشها المرأة على مستوى الوعي ,لكنه لم يرق الى مستوى العمل من أجل تغيير الواقع المادي ,وما يصاحبه من تغيير على مستوى البنى الفكرية الثقافية ,وغيرهما ,وبالتالي يعبر ذلك عن مخاض لم يفرز واقعا جديدا إلا فيما بعد ,ويتعلق الامر بالثورة الفرنسية ,وما افرزته من تغيير مس كل الميادين .
في نفس السياق يمكن أن نطرح سؤالا آخر ويتعلق الامر بإنجاب أنثى وليس ذكرا ؟
للإجابة على هذا السؤال أعتقد أن الرواية أتت لتدين هذا التخلف الذي مرت به فرنسا ومن تمظهراته علاقات الزواج التقليدية ,وبالتالي ومن اجل تنبيه المرأة إلى
خطورتها بدفعها الى الانخراط في سيرورة التحديث ,وبناء علاقات مبنية على قيم جديدة ,سوف يفرزها واقع جديد فيما بعد , على الرغم من كون الرواية لم تشر صراحة إلى ذلك ,لكنه يمكن للقارئ الخروج باستنتاج مفاده تنبيه المرأة والرجل معا إلى تجاوز سلبيات الماضي ,والانخراط بالعمل في سيرورة بناء واقع يتسم بالتركيز على الصناعة ,واستشراف المستقبل , وبناء علاقات جديدة في اطار بناء غد أفضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا