الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يعاملون المُدمن كما لو كان مُصاباً بالإنفولنزا

رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.

2020 / 12 / 30
المجتمع المدني


اكثر الناس المحبّين حولك حين يقولون: نحبك، هل نستطيع المساعدة؟ لا يُساعد الأمر بالفعل حتى تُدرك ذلك بنفسك، كانت هناك لحظة كما لو أن الإله قد فتَح باباً من السماء واسقط شعاعاً مُضيئاً على وضعي، فاستجبت لذلك: أوه! ما الذي كنت اقوم به خلال السنوات السابقة؟ عليّ إيقاف ذلك.
هكذا اخبر ماثيو بيري (تشاندلر بينغ من برنامج Friends)، اوبرا عن معاناته مع الإدمان.

الفترة الاخيرة شهدنا جريمة تقشعر لها الأبدان بفعلِ شخصٍ مخمور او مُدمن، سلّطت الضوء على ظاهرتين شائعتين جداً في مُجتمعنا، الأولى تعاطي المخدّرات والمشروب مثل تعاطي "البراسيتمول"، والأخرى تعامل افراد المجتمع والأسرة للشخص المُدمن كما لو كان شخصاً عادياً لا يُعاني من خللٍ ما.

كم مرةً سمعنا أن "فلان جيراننا يتعاطى، يشرب" دون ان يُبدي القائل أيّ إمارة قلق او حذر من جانبه؟ كم مرةً سمعنا "اعرف احد اقاربنا يتعاطى" دون ان يُبدي القائل اي محاولة لعلاجه او حتى الخوف منه؟ إنهم يعاملون المدمن كما لو كان مُصاباً بالإنفلونزا، عادياً جداً.. فتراهم يعيشون معه وبجانبه، يثقون به "اخاً او زوجاً او إبناً" ويدعونه يبقى حيثما اتفق ومع من يحلو له..
لا يجب أن نتعايش مع أيًّ مدمن كان، حتى لو كان -في اوقات وعيه- خلوقاً ومُحترماً. لأنه متى ما كان مُخدراً فهو شخصاً آخر حتماً، شخصاً قد يقتل، يسرق، ينهب، ينتحر -على اقل تقدير- يقوم بكل ما هو غير متوقع، ولا يجب أن نهمل الأمر او نتستر عليه فيما لو كان الشخص قريبنا ونحبّهُ، فالإهمال نفسه إجراماً بحالهِ قد يؤدي الى ما هو اسوأ من الإدمان. لذلك يجب ان تكون هنالك اليد التي تشدّ وتقسو فوق يده، ليتجاوز هذه المحنة، وتلك اليد هي يد الأهل والمُحبين حتماً، فمن غير المنطقي ان تُسحب عنه -خوفاً او جهلاً- وهي الوسيلة الوحيدة لإنقاذه.

فضلاً عن آثار الإدمان للشخص نفسه، لن يكون قادراً على العمل، ولا على الدراسة والتطور، ولا حتى على الحب والثقة بأحد.. فهوسهُ الاول والاخير في المُخدر، وقد يفعل ما يجب حتى يحصل عليه، او يفعل ما لا يريد -بحالات وعيه- تحت تأثيره.

من منّا لا يبحث عن السعادة والبُعد عن الواقع، حتى ولو لوقتٍ مُعين؟ ومن منّا لا يحترم الحرية الشخصية؟ لكن اما آن أوان معاملة هذا المرض المؤذي، للجميع، معاملة مرضٍ حقيقيّ؟ هل اصبحت السعادة مقتصرة على المخدر فجأة؟ اين ذهبت الغيوم، والموسيقى، والشعر والكتب، اين المسرّات الصغيرة والعائلية مكانها من ذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا


.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط




.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق