الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلوسات من ركام الذكريات

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2020 / 12 / 30
الادب والفن


هلوسات من ركام الذكريات
كبرنا وكبرت معنا احلامنا ؛ تلاشى الكثير منها وتغيرت اشكالنا وطرق معيشتنا ، تغير فينا كل شي تقريبا الا الروح التي تحتوينا بقيت كما هي لا تتغير لتؤكد لنا ان العمر مجرد رقم ، فهل العمر مجرد رقم ؟! برغم تقدم العمر مازلنا نتعلم ومن بين ما تعلمناه ان هناك صراع بين الاجيال تاكد لي انها كذبة كبيرة فلكل جيل حياته وتطلعاته فكبار السن برغم خبرتهم في الحياة وتوجيهاتهم للشباب الا انهم يدركون ان لهذا الجيل حياة مختلفة يرسمها بنفسه ويخوض معتركها برغم عدم اخذهم بنصائح الشيوخ الا بنسبة ضئيلة جدا هذا الامر لا يجعل الشيوخ في مواجهة مع الشباب ولا يحزنهم ، فهم مستعدون للمساعدة اذا طلب منهم ذلك فيقدمون ما يستطيعون برحابة صدر ما يؤكد كذبة صراع الاجيال وغيرها من المسميات .
هذه الكلمات لها أكثر من وجه ! فخلف وجهها الحزين يختبىء وجه النقد اللاذع ، فعندما تتجاوز الساذج ستجد ان هناك الملايين أمثاله واكثر منه سذاجة كل منهم يعد نفسه مقياس ريختر يقيس به الحياة وعلى الناس الاخذ بآرائهم لتنظيم حياتهم وسيكونون بخير ما داموا كذلك والا .....؛ هؤلاء السطحيين الذين يطلقون ارائهم جزافا في كل شيء من دون ان يطلب منهم ذلك ومن دون دراية بماهية المواضيع التي يحشرون انوفهم فيها والتي يرون فيها ان على الناس طاعتهم فيما يرون ، وهم لا يعرفون كيف يعيشون مع الناس وللناس لانهم يرون انهم على حق دائما ويفهمون في كل شيء وتلك هي المصيبة .. بسبب هؤلاء واشباههم وثقل وجودهم على نفسي كثيرا ما تأتيني لحظات عصيبة تجرف روحي وتعتصرني حتى بت لا أدري ما بي فقط اشعر أنني لست بخير حتى اني اشعر بضيق في التنفس وبدأ ينمو في داخلي فراغ لا ادرك كنهه وملل قاتل ورغبة جامحة للبكاء ، اشعر اني متعب من العالم وسخافتُه ومن تكرار ذات الكلمات والمواقف ، انه صراع بين ما أُريد وما يُراد منّي ، بين ما أعيشه وما أشعر به لاجد اني تائه في دروب الحياة وانا في خريف العمر حتى رايت ان كل شيء يطفو على السطح بلا قيمة ، فالكتاب حروفه ضاعت وأوراقه مزقت وألوانه بهتت ، جحيم العراق غيّبني بعد ان كان العراق عراقا حتى ايام تشرين تلك الايام الجميلة الجليلة طالها جحيم العراق .
كتبت على هامش الايام كلمات لتذكرني برحلة العمر .. (( انتهت ايام الدراسة والامتحانات التي كنا نخشاها وتخرجت وتزوجت وانجبت اولادا ، لكني ما زلت بعد رحيل العمر اخشى الامتحانات برغم اقتحامي كل تحديات الحياة وميادينها ومواجهتها والتي كثيرا ما غلبتني الا انني لم اكن اخشاها )) ، لذا لا تحدثني عن الصبر وأنت لا تعلم ما انتظر وما قيمته؟! ولا تدرك كم هي اللحظات طويلة وثقيلة وعقارب الساعة تتحرك ببطىء تؤجل الأمنيات التي اريد تحقيقها؟! وكم من السطحيين الذين تحلقوا حولي والقوا بظلاللهم التي تسحق كل جميل ومشرق وتغيّبه؟! وعليّ ان أصبر عليها حتى إنني خشيت ان اعتاد عليها ، اما عن قوة تحملي فأنا كنت وما زلت أتحمل كل يوم سخافات لا تحتمل واتجاوز مواقف عصيبة وتفاصيل خاصة مؤذية وخيبات امل بالأصدقاء الذين خذلوني ونوبات القلق .. الخ ومع ذك يصفني هؤلاء السذج بسرعة الغضب وكثرة التشكي عندما ارسم انطباعاتي عن احداث مضت فهم لا يرقون بين الشكوى من شيء ورسم الانطباع عنه ؛ واجد ان هذا منطقي لانهم يتسمون بالبلادة وطبيعي انهم بلا مشاعر واحاسيس واكاد اجزم انهم لم يكن لديهم شيء من مشاعر الحنين والأشتياق والندم وغيرها وبالذات الندم فهم لم يشعروا به قط لانهم متبلدين برغم قدراتهم الذهنية الكبيرة والسبب هو تحجيمهم لقدراتهم الذهنية واخنزالها لعدم استخدامها بالشكل الصحيح وتوظيفها بسذاجة ليكونوا تابعين لمن هو اكثر جهلا منهم ما جعلهم في غاية الهشاشة والضعف ، فيما يرون انفسهم مراكز فكرية وقوى فاعلة .
عشت في حالة حرب دائمة مع كل هؤلاء واخرين يتوجب عليّ ان اتعامل معهم بحكم العمل ، واليوم اجدني في حرب مع نفسي التي تبحث عن الهروب من كل ذلك لمواصلة الحياة بشكل طبيعي فانا امام تحد جديد وانا في خريف العمر اذ علي ان ابدأ من جديد في هذه السن فالحاضر مبهم وغير مفهوم والمستقبل مجهول والماضي اسود اللون اليس هذا واقع في غاية القسوة ؟! وليس امامي الا الانتظار وكيف لمن هو في خريف العمر ان ينتظر من يخطط له حياته بعد ان كان من كان؟!. انا اليوم لست اكثر من صورة جميلة ورائها ما ورائها فهل يجب ان امسح الماضي ؟ وكيف لي ان اعيش بلا ماض؟ حتى وان لم يكن فيه سوى السذج مع قلة من العقلاء المثقفين برغم كثرتهم .
اين حياتي ؟ أين أحلامي؟ لم يعد بإمكاني كتابة نص طويل ولا قراءة نص طويل ،لا علاقات طويلة ولا الضحك من القلب ولا التحسر على شيء ضاع لم اعد اجمح بطموحاتي ولا اسافر بخيالاتي بعد ان كنت ارى الحياة صفحات تنبعث منها البهجة وتنتشر حروفها القا لاقرأ سطورها بنهم تلك الصفحات بلي حبرها ومحيت سطورها واهملت كتابها للأيام فتلفت صفحاته .
يوما ما سيأخذنا الحنين لنقلب صفحات الكتاب من جديد بحثا عن بهجة ايامنا الضائعة فنحزن عندما نجده بلا حروف ولا صفحات ولا الوان ولم يبق منه سوي عنوان بين ركام الذكريات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا