الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 24

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2020 / 12 / 31
الطب , والعلوم


The vast universe and narrow minds 24


يكون من المملّ جداً أن تتحدّث عن موضوع فيه من العلميّة ما يكفي للمتخصّص، فكيف بك وأنت تتحدّث عن هذه المواضيع مع عامّة الناس أو غير أولي التخصّص؟! الناس التي تسمع من الموسيقى الهادئة ما يجعلهاهادئة هائمة للتخلّص من هذه الفوضى التي ترافقنا منذ سنين إلى الآن! فوضى في السّياسة وفي الفكر وفي حُكْم الفئات المنحطّة وتسلّطها على رقاب الناس، ومنها رقاب الطبقة المثقّفة وأهل العِلْم.
إذا أردتَ أن تتابعني في هذه الحلقة، يمكن لك أن تسمع موسيقى الفالس ليوهان شتراوس كي تتهيّأ وتغطّي على مَلل قراءة هذه الحلقة التي ملأتُها بالحديث المعمّق عن جسيمات النيوترينو، مضطرّاً!
وإليك العنوان لإراحة أعصابك:
Johann Strauss II - The Blue Danube Waltz - YouTube
من خلال الكثير من النظريّات التي تدرّس نستطيع أن نصل إلى أنّ بعض الجّسيمات التي يسلّط عليها الضّوء إنّما هي جسيمات الكشف عن الوجود الكونيّ والتأسيس الأوّل! من هذه الجّسيمات، جسيم النيوترينو.
لهذا الجّسيم مواصفات عجيبة أدّت ببعض الفلاسفة أن يطلقوا عليه بالإله الأسطوريّ! (طبعاً لا علاقة لنا بما يطلقون عليه من مسميّات تعتدي فيه على إيمان المؤمنين! وإن دخلنا في حوار سنقول أنّ الإله الذي يقصدون هو العقل الأسمى كما يسمّيه الأستاذ فلاديمير ليبونوف الذي ورد في الحلقة 14 من هذه السلسلة، أو الخالق الأحد) حيث أنّ ممّيزات مهمّة يحملها هذا الجّسيم تجعلها تفوق الكثير من المواصفات في الجّسيمات الأخرى.
في عام 1930 أعلن باولي عن أوّل ظاهرة عن النيوترينو على أنّه:(المنقذ للدوران والإحصاءات وقوانين حفظ الزّخم والطّاقة في جميع الحالات لإنحلال بيتا النوويّ، في وقت لاحق). ولهذا الجّسيم ميزة، وهي لعب نفس الدّور مع الإنحلال الضّعيف للميزونات والهيبرونات. حيث حفّز الوجود المفترض لهذا الجّسيم على تطوير نظريّات نشأة الكون والنظريّات الكونيّة التي لعبت فيها الدور الرئيس، وتسبّبت في نهج جديد لحلّ الكثير من المشاكل، حتى مشكلة الحياة والموت، كما يقول أحد المتخصّصين في الفيزياء النوويّة (حيث إقترح تسيلارد أنّ عمليّة الشّيخوخة تعتمد على الطّفرات التي تسبّبها النيوترينوات). بعد أكثر من 25 سنة حدثت ظاهرة أخرى حول دراسة سلوك هذا الجّسيم، حيث الملاحظة التجريبيّة لهذا الجّسيم. ففي عام 1953 (وكذلك في عام 1959) سجّل نيوترينو الإلكترون من قبل راينيس وكووين
Raines and Cowen
(لشرح مبسّط عن جسيم النيوترينو نقول: هو جسيم أوّلي بكتلة أصغر كثيرًا من كتلة الإلكترون، وليست له شحنة كهربائيّة. وحول هذا النيوترينو (نيوترينو الإلكترون) نقول:حين حدوث إنحلال بيتا الضّعيف تنطلق جسيمات بيتا، وتكون على نوعين، منها الإلكترون، ومنها البوزترون، فعندما نقول بيتا نعني إمّا إلكتروناً أو بوزتروناً، يظهر من تفاعلين أحدهما للأوّل والثاني للثاني. وجسيم النيوترينو وضع وَضْعا كي نتلافى الخلل في قانون حفظ الطّاقة وحفظ الكتلة. فتكون طاقة هذا الجّسيم هي الفرق ما بين طاقتي الجّسيمات المتفاعلة والجّسيمات الناتجة من التفاعل، وفي حالة تقدير وجود هذا الجّسيم كما صوروه ابتداء، يكون من تفاعل، ينتج إلكترونا ونواة ناتج التفاعل بالاضافة الى هذا الجّسيم الذي لا يحمل شحنة كهربائيّة كما أشرنا).
لقد تمّ إثبات وجود هذين النّوعين من هذه الجّسيمات. والمهم هنا أنّ التجارب المستمرة عن هذا الجّسيم تحمل من الأهميّة الشيء الكثير عن نشأة الكون (وأنا أعتقد عن زمن الوجود الأوّل واللازمن الذي يسبق الحدث الذي أشرنا إليه مراراً). والتّجارب التي تجرى هي تجارب عن النيوترينوات خارج كوكب الأرض والقادمة من مجرّات أو من أكوان خارج مجموعتنا الشّمسيّة (بالإضافة إلى تلك القادمة من الشّمس طبعاً) وربّما عن تلك القادمة من مجاهيل بعيدة من وجودات وأكوان بمواصفات معيّنة قد تكون فاتحة لأبحاث دليليّة وأبحاث قيّمة للإجابة عن الكثير من التساؤلات التي تطرح من قبل الباحثين في هذا المجال. حيث يتطرّق الباحثون في أبحاثهم من خلال علمٍ يطلق عليه علم فلك النيوترينو
Neutrino Astronomy
في هذا العلم يبحث الباحثون في نماذج وإفتراضات حول سيل تدفّقات النيوترينو المحتملة أو الموجودة فعليّاً بعد حدوث الإنحلال. ومحاولة تطبيقها في المختبرات اللازمة كما يحدث في عدد من المعجّلات ومراكز الأبحاث المهمّة والمتخصّصة بهذا المجال (في هذه المعجّلات من ضمن ما فيها من فروض وتطبيقات وتجارب، ما يتطرّق إلى خصوصيّات تتعلّق حتّى بأمْن البلدان لأسباب حسّاسة لا داعي للغوص فيها!).
تعتبر الشّمس في الوقت الحالي المصدر الأساس والوحيد المأمول الذي يمكن أن يؤدّي في الواقع إلى ظهور تدفّقات ضخمة نسبيّاً من هذا الجّسيم (هناك مختبرات تنشأ وتؤسّس تحت الأرض كان أوّلها عام 1961 على عمق أكثر من كيلومتر ونصف تقريباً لإستكشاف النيوترينوات القادمة من الشّمس. وإنشاء المختبر تحت الأرض كي يكون بعيداً عن تأثيرات الأشعّة الكونيّة).
هناك مسألة الحديث عن التدفّق النيوترينويّ، تخصّ إفتقار الأبحاث إلى بعض الحجج المقنعة التي تسمح لنا أن نتوقّع إيجاد أو خَلْق اي مصدر فلكي اخر لمثل هذه الجّسيمات المهمّة، وتكون قابلة للقياس على سطح الأرض (بإستثناء ذلك السّيل أو التدفّق الأرضيّ من تحلّل، أو إنحلال يُوجِد أو يُنتِج هذا النيوترينو، من الميزون والذي بدوره ينتج من الأشعّة الكونيّة في الغلاف الجويّ للأرض).
إنّ وجود النيوترينوات في أيّ جزء من الأجزاء الكونيّة، يدلّ على صفة من صفات النشأة الكونيّة وبالتالي سيؤثر على تفسير عدد من الملاحظات الفلكيّة التي تكون بهذا الإتّجاه. وقد أخذ عدد من الباحثين طريقة المحاكاة في الأجهزة الحديثة وتوصّلوا إلى نتائج مهمّة في تفسير عدد من الفرضيّات المهمّة حول نشأة الكون. لكن للأسف لم يتمّ التركيز على دراسة ماهيّة الزّمن في هذه الأبحاث إلّا من خلال الأحداث التي ترافقه أو يرافقها. وقد دخل على الفيزياء الفلكيّة للنيوترينو في دراسة نشأة الكون العديد من الفرضيّات التي يدخل فيها النيوترينو أساساً لمعرفة هذا البدء، وبالتالي لمعرفة بعض المميّزات عن النشأة الأولى أو نقطة الإنطلاق للحركة أو نقطة إنطلاق الطّاقة الحركيّة التي نشأت عن الكثافة العالية ودرجة الحرارة الهائلة التي تميّزت بها نقطة الإبتداء الكونيّ. ومن ضمن المميّزات المهمّة التي تجعلنا نعتمد على دراسة النيوترينو، هو تفاعلها الضّعيف مع الجّسيمات الأخرى. حتّى تلك التي تتدفّق من الشّمس، والتي يطلق عليها بالنيوترينوات الشّمسيّة، بطاقة حركيّة تصل إلى مرتبة من مراتب الميغاإلكترون فولت المساوية لمئة مليار على السنتمتر المربّع لكلّ ثانية. ويمكن أن نشير هنا إلى أنّنا لسنا بعيدين عن وجود مثل هذه الجّسيمات في أجسامنا(!) والقادمة من الكون الخارجيّ التي تقصف أجسامنا بين الحين والآخر دون أن ندري! لكنّنا نهملها من حيث لا ندري، حيث لا نقوم بتسجيلها ودراستها لمعرفة خصائصها ومصدرها الأساس الذي ربّما يكون من مصادر، تشدّنا أكثر من نتيجة، عن تجربة مختبريّة أو إحصائيّة! حيث يمكن للمفاعلات النوويّة التي تنتج تدفّقاً من هذا الجّسيم قد تصل إلى عشرة آلاف مليار على السنتمتر المربّع (مساحةً) لكلّ ثانية. حيث تعتبر هذه المفاعلات من المصادر الصناعيّة المهمّة التي تنتج مثل هكذا جسيمات للأغراض الدراسيّة حيث توسّعت هذه المفاعلات وجوداً على مساحات تمتدّ من آسيا إلى أوربا إلى أمريكا. وهناك الكثير من الباحثين الذي يقومون بدراساتهم بتبادل معلوماتيّ رائع فيما بينهم. وكان آخرها ما تفعله الأبحاث العلميّة من نتائج مهمّة من خلال الرّابطة الآسيويّة للفيزياء النوويّة
ANPHA (The Asian Nuclear Physics Association)
ومنشآت المعجّلات الرئيسيّة للفيزياء النوويّة في منطقة آسيا والمحيط الهاديء والتي تشارك فيها كل من إستراليا،الصّين،الهند،اليابان، كوريا الشّماليّة وفيتنام. وهناك كذلك منشآت تدرس النيوترينوات المضادّة التي تنتج عن التفاعلات النوويّة المحدّدة، والتي تصل طاقاتها إلى وحدات من الميغاإلكترون فولت تقريباً. وهي معجّلات برزكهافن وسيرن والتي تنتج عن تفاعلات إنحلالات الميزونات عالية الطّاقة والتي تتدفّق منها كذلك نيوترينوات تصل إلى حوالي مليار جسيم لكلّ مساحة واحد سنتمتر مربّع خلال الثانية الواحدة. وتكون طاقاتها بحدود الغيغاإلكترون فولت تقريباً وخلال معدّل زمنيّ يصل إلى حدود 3 على المليون من الثانية.
تكون النيوترينوات من ناحية الطّاقة على نوعين الأوّل عالية الطّاقة والثانية منخفضة الطّاقة.
تتفاعل الأولى بقوّة أكبر بكثير من الثانية، إلّا أنّ المقاطع العرضيّة للتّفاعل تتجاوز عادة المقاطع العرضيّة لتفاعل النيوترينو بأكثر من 15 مرتبة من حيث المقدار بالنّسبة للطّاقات المنخفضة. تكون هذه المقاطع العرضيّة من النّوع الذي حتّى لو كان هناك تفاعل يمكن إكتشافه من حيث المبدأ. في حالة التدفّقات المتوقّعة تحمل النيوترينوات طاقة أقلّ بكثير من طاقة الكتلة السكونيّة للجّسيم المتفاعل.
إنّ تفاعلات النيوترينوات منخفضة الطّاقة قليلة جداً لكنّها مهمّة لدراسة الإفتراضات والنّماذج الكونيّة للمراحل المتأخّرة من التطوّر النّجميّ.إنّ عمليّة دراسة طاقات النيوترينوات في الكون تعتبر من الدّراسات المهمّة لمعرفة مدى التطوّر الكونيّ أو توسّعه من عدمه، أو بمعنى آخر في القول، إنّنا لا نستبعد أن يكون متوسّط كثافة طاقة النيوترينوات في الكون مرتفعاً جدّاً، بل إنّه أعلى من متوسّط كثافة الطّاقة المتبقّية للمادّة المجرّيّة. من المستحيل التحقّق من هذا الإفتراض بسهولة ولكن إن كان يتوافق مع الواقع، فيمكن أن يلعب دوراً حاسماً في حلّ مشكلة تطوّر الكون من حدود الماضي إلى المستقبل (لا تنسَ ما لهذا الماضي وما للمستقبل من مفهوم حين إشارتنا إلى الزّمن الذاتيّ، وقد أشرنا إليه سابقا في عمليّة الطيّ التي تحدث للزّمن واقعاً وإفتراضاً!). والأكثر إثباتاً إلى حدّ ما هو التأكيد على أنّه في مراحل معيّنة من تطوّر معظم النّجوم. يمكن أن تكون النيوترينوات ضعيفة التّفاعل هي النّاقل الرّئيس للطّاقة المنبعثة من باطن النّجم وبالتّالي تحدّد معدّل تطوّره. يعتمد هذا الإفتراض على دراسة تفصيليّة للآليّات المختلفة التي يمكن أن تضمن تكوين تدفّقات النيوترينو داخل النّجم. إنّ ضعف تفاعل النيوترينوات هو الذي يسمح لها بنقل طاقة أكثر من الفوتونات، التي تتولّد داخل النّجوم مع إحتمال أعلى بكثير. تكون الفوتونات المنتَجة بكثافة، مبعثرة (متوزّعة بشكل غير منتظم) بشكل مكثّف ويعاد إمتصاصها، في حين أنّ متوسّط المسار الحرّ للنيوترينوات مع طاقات تبلغ حوالي ميغاإلكترون فولت واحداً، والذي يعادل عشرة للقوّة 19 غرام لكلّ سنتمتر مربّع.
يلعب عدد النيوترينوات أو كثافة الوجود النيوترينويّ في مساحة معيّنة، دوراً مهمّاً في الكشف الدّقيق، أو مساعدتنا في الكيفيّة أو المواصفات الأساسيّة لنشأة الكون. لذلك يكون من المهمّ جدّاً معرفة هذا النّشاط الجّسيميّ بشكل أفضل إذا تعدّدت البحوث في الكشف عن مصادر هذه الجّسيمات. وكما قلنا أنّ واحداً من مصادرها هو الشّمس. وكلّما كان نشاطها عالياً أو شديداً كلّما إستطعنا الحصول على كثافة عالية من هذه الجّسيمات. وبما أنّ الشّمس نجم من النّجوم فيكون لزاماً معرفة نصف قطر هذا الجُرْم كي نستطيع معرفة نشاط الشّمس أو النّجم في إنبعاث هذه الجّسيمات من خلال التفاعل النوويّ الحاصل داخل الشّمس أو النّجم. إنّ الفوتونات التي تنبعث من النّجم تكون بكثافة، ثم يُعاد إمتصاصها، في حين أنّ متوسّط المسار الحرّ لجسيمات النيوترينو مع طاقات تصل إلى ميغاإلكترون واحد أكبر بعدّة مرّات من نصف قطر النّجم. فمثلاً تفاعل الفوتونات مع المادّة يصبح أضعف كلّما أشرقت الشّمس أكثر. يكون متوسّط المسار الحرّ للفوتون الشّمسيّ (المقصود بمتوسّط المسار الحرّ للفوتونات هو مقدار المسار الذي يقطعه الفوتون ما بين تصادمين متتاليين والقيمة تكون بالنسبة لوحدة المسار السطحيّ أو بالنسبة إلى وحدة الحجم، فهنا يكون للمسار بوحدة الكتلة إلى وحدة المساحة بإعتبار الحركة على إحداثيين، الطول والعرض) هو 1 إلى 2 غرام على السنتمتر المربّع. وتكون أشعّة الشّمس في أساسها عبارة عن إشعّة سطح بارد تبلغ درجة حرارته 5000 كلفن لجسم أسود تماماً. أي أنّ عمليّة الإمتصاص المحسوبة تكون تامّة تقريباً (في الحسابات التقليديّة). لكن إذا إزداد متوسّط المسار الحرّ للفوتونات ليصل إلى قيمة مساوية لنصف قطر الشّمس، البالغ مئة ألف مليون سنتمتر، فسنلاحظ مباشرة النّواة بدرجة حرارة تصل إلى عشرة ملايين كلفن. حينها تكون شدّة الأشعّة الشّمسيّة أكبر بمليارات المرّات من حالتها الطبيعيّة (كلّ هذه الأرقام لتوضيح أنّ شدّة الإشعاع الشّمسيّ يبرّز لنا نشاط النيوترينوات والتي ستكون عوناً لمعرفة نشأة الكون فلا بأس ببعض الأرقام المزعجة للقارئ كي يتصوّر ما يمكن تصوّره عن هذه الجّسيمات!). وهنا ينبغي أن نشير إلى أنّ أيّ تغيير آخر في الظّروف، سيكون ناتجاً عن زيادة متوسّط المسارالحرّ لفوتون الإشعاع إلى قيمة أكبر بعدّة مرّات من نصف قطر الشّمس أو النّجم، سيصاحبه إنخفاض لاحق في السّطوع عند الوصول إلى أقصى سطوع شمسيّ. وبالتّالي يمكن أن يؤدّي التفاعل الضّعيف الغامض للنيوترينوات مع المادّة في ظلّ الظّروف المناسبة إلى مثل هذا النيوترينو المسطّح الضّعيف جداً (والممتصّ) الذي يتضح أنّه أكثر أهميّة بشكل لا يضاهى لتوازن طاقة النّجم ممّا كان عليه الحال عندما يشعّ بقوّة الفوتونات المنبعثة. وسنعود إلى ذلك في حلقة قادمة.
من الضّروريّ أن نشير إلى أنّ جسيمات النيوترينو نادرًا ما تتفاعل مع المادّة العادية، وبالتّالي تساعدنا لإبراز الكثير من الظّواهر التي تحدث خارج مجرّتنا، بل في أماكن أخرى ضمن هذا الكون الفسيح. وهذا يعني أنّ أيّ دراسة لجسيمات النيوترينو ستساعدنا على البحث في بواطن هذا الكون وتطوّره وتوسّعه وهو ما يتطرّق إليه علم الفيزياء الفلكيّة للنيوترينو.
ومن ضمن الأسئلة المهمّة التي تجعلنا نهتمّ بهذه الجّسيمات، هو ما يتعلّق بما قبل حدوث الإنحلال من نوع بيتا الذي يحرّر لنا النيوترينو، حيث ينبغي أن تكون هناك نوى تنحلّ نطلق عليها بالنّوى الأمّ. كما هو في إنحلال بوزون ثقيل إلى نيوترون وبوزترون مع النيوترينو صديقنا العزيز!
يجب أن لا ننسى ما لسرعة الجّسيم من أهميّة إذا ما قورنت مع سرعة الضّوء (كما ذكرتها النظريّة النسبيّة الخاصّة) وهنا لدراسة الزمن مع سرعة الجّسيم المنبعث بسرعة الضّوء أو بسرعة أكبر من سرعة الضّوء، لا يختلف (أي الزّمن) بمفهومه الذّاتيّ. أي أنّ الإشارة إلى جسيمات النيوترينو هنا لمعرفة الزّمن ذاته فيما لو قمنا بدراسة جسيمات أخرى تنبعث بسرعة مساوية لسرعة الضّوء. لكنّ الدّراسة هنا تتعلّق بنشأة الكون من مصدره النقطيّ أو مصدره الأساس عموماً. حيث أشرت في الحلقة السّابقة إلى أنّ الطّاقات الحركيّة للجّسيمات المنبعثة ناتجة عن طاقات كانت كامنة قبل حدوث الحدث. وربّما يطرح سؤال بشكل آخر، أين الزمن قبل أن تكون هناك طاقة كامنة أصلاً؟ هو سؤال مهمّ جدّاً حيث أنّ الكمون يعني وجود للشيء بلا شكّ. هنا أقول أنّ الحديث عن الزّمن يكون بعدّة طرق منها ما ذكرته سابقا في عدّة حلقات وإتّجاه من هذه الإتّجاهات هو ذلك المرافق للجّسيم قيد الدّراسة حيث أنّ الزّمن هو هو، وإنّ اللازمن يكون كلّما كان ما قبل الحدث. والزّمن موجود قبل الحدث، ومع الحدث، وما بعد الحدث. بينما اللازمن يكون ما قبل الحدث حصراً. ولدراسة عميقة في ذلك، تكون من جديد دراسات مهمّة وكبيرة عن نيوترينوات الثقب الأسود، ففيها الكثير الكثير من كشف لغز الزّمن واللازمن كما هو كشف للكثير من الألغاز الأخرى. يمكن إعتبار المحاكاة التي تجرى في مختبراتنا، في الوقت الحالي للثّقب الأسود محاكاة متطوّرة بإعتبار أنّ هذه المعجّلات أو المسرّعات للجّسيمات في هذه المختبرات إنّما هي في الحقيقة جزء من التفاعلات الكونيّة المهمّة والتي يكون منها عالم ما داخل الثقب الأسود والذي يعطينا نتائج جيّدة من خلال عدد من الجّسيمات ومنها النيوترينو الناتج من تفاعل بيتا الضّعيف كما أشرنا#
ولنا عودة إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Cosmic neutrinos | All Things Neutrino (fnal.gov)#
رسم جميل يحاكي فيه فنّان ثقباً أسوداً وفيه من خلال الصّورة ما يمكن أن نلاحظه من دوران المكونات التي يكون منها النيوترينو النّاتج من إنحلال بيتا المشار إليه
د.مؤيد الحسينيّ العابد
Moayad Al-Abed








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية في محيط منطقة الصناعية بمدينة غزة تخلف شهداء


.. سخرية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الردّ الإسرائيلي




.. أنفلونزا الطيور لدى البشر.. خطر جائحة مُميتة يُقلق منظمة الص


.. يعد أكبر مجمع للأبحاث في إيران.. تعرف على قدرات مركز أصفهان




.. -إيران تهدد بمهاجمة محطات الطاقة النووية الإسرائيلية-