الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستعادة الحب من مخالب الكبرياء … ! ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2021 / 1 / 2
الادب والفن


عندما تتعالى الزوجة بسبب جمالها او طبقتها او ثرائها او هذه الاشياء مجتمعة - ان توفرت - على زوجها ، وشريك حياتها ، والتي وافقت عليه بقناعة تامة او نصفها ، وتتصور ان قيمتها اعلى ، وانها تستحق من هو افضل منه شأناً ، فقد جعلت اولا من نفسها سلعةً تخضع لقانون القيمة حسب العرض ، والطلب ، وثانيا ، والاهم انها اسست لمشكلة من النوع الثقيل مع زوجها قد تظل تصاحبهم طوال مشوار حياتهم .. فأما ينجح الرجل في تغيير هذه النظرة المتعالية او يحدث الفراق !
هذا هو التفسير الذي توصل اليه احمد عن الموقف مع زوجته دنيا الممتلئة غروراً ، وعجرفةً فارغين ، وبعداً عنه كأن حرباً مشتعلةً بينهما ، وبما انه متمسك بها ، ولا يفضل التخلي عنها لانه يحبها ، فعليه ان يقنعها بتغيير نظرتها ، ولكن عليه اولاً ان يكشف حقيقة مشاعرها نحوه .. التي يقف الكبرياء العالي ، والمزيف حائطاً دون اظهارها على حقيقتها … !
فكيف السبيل الى ذلك ؟
على احمد اللجوء الى استخدام نزعة الغيرة عند النساء لاثارة زوجته ، وبالتالي يمكن معرفة مكانته الحقيقية في قلبها .. فكر ، وطال تفكيره ، ولم يجد امامه الا طريقاً واحداً ، وهو مضطر للسير فيه .. ان يتفق مع احدى زميلاته في العمل على انجاز هذه المهمة .. قلّب زميلاته الواحدة بعد الاخرى ، فلم يجد الا واحدة .. سبق ، وان خطبها قبل ان يُقْدِم على دنيا ، ورفضته .. فقرر ان يطرح الموضوع عليها عسى ان تساعده لايجاد حل لمشكلته مع زوجته .. وهكذا بدءت المحاولة بعد ان وافقت زميلته الهام على القيام بدور المرأة المنافسة لدنيا على زوجها احمد ، وكانت البداية :
المناورة الاولى .. التلفون :
يرن تلفون احمد ، وهو جالس في الصالة مع زوجته رنات معدودة ، ثم يصمت .. لا تهتم دنيا .. يرن ثانية ، وثالثة ، لا تبالي .. يقطع احمد الاتصال بعد ان يُلقي نظرة على الرقم ، وهو يرنو الى زوجته خلسةً ليسجل رد فعلها على هذه الحركات الرخيصة التي طالما كان يحتقرها .. لا تلتفت .. يرن ثانيةً .. ياخذ التلفون ، ويغادر الصالة بحركة مسرحية ، وكأنه يُخفي جرماً ، تمر دقائق ثم يعود ، لا تزال دنيا غير مبالية ، ولم تُثار غيرتها .. يدخل الحمام .. يرن ثم يصمت يرن ثانيةً .. يصيح احمد مستاءً ، ويطلب من زوجته ان ترد على التلفون .. ترد كأنها مجبرة ، ولكن ما من مجيب .. مجرد همسٍ لا معنى له .. تأتي بهدوء مفتعل ، وتفتح عليه الباب ، وتناوله التلفون ، وهي تشيح بوجهها بعيدا ، وتقول ببرود ، وبسخرية ، وبعدم اكتراث :
- رد على هذه الساقطة ، يا دونجوان زمانك ؟
يصيح بها بان الماء قد يدمر الجهاز .. يغلقه ، ويعيده لها .. تختطفه بخشونة ، وبنفاذ صبر ، وتلقي به على الطاولة غير مبالية ، وهو يتابعها بنظراته الجائعة .. تمشي مستعرضةً نفسها امام ناظريه ، وهي تؤرجح مؤخرتها الجميلة .. بمبالغة مبتذلة ، وعن قصد .. تواصل بَرد اظافرها ، وهي تدندن بلحنٍ هادئٍ هامس .. ثم تغادر المكان بعد ان فرشته بورود الرغبة الفوارة .. يغلي احمد غيضاً ، ورغبةً حتى توشك اعصابه ، وغرائزه على الانفجار ، لكنه يصمد متذكرا نصيحة زميلته باهمية الصبر لنجاح الخطة …
المناورة الثانية :
التظاهر بالسرور ، والاهتمام الزائد بالمظهر ، والاستخدام المفرط للعطر ، والكولونيا ، والخروج بكثرة ، والرجوع في وقت متاخر على غير العادة .. يُنفذ احمد هذا التكتيك الجديد بصعوبة .. فياتي يوماً متاخراً بعد ان قضى وقته التعيس ، وهو يتسكع في الشوارع ، والطرقات ، والمقاهي دونما هدف حتى انتفخت قدماه .. يدخل البيت .. يجدها تشاهد فلما كوميديا .. مستغرقةً في ضحك غجري متواصل دون ان تشعر بدخوله ، وكأنه غير موجود على هذا الكوكب المشتعل ، حتى يراوده احساس مرير بالهزيمة … !
المناورة الثالثة ، والاخيرة :
يتنحنح احمد .. واضعاً يده على فمه في حركة تمثيلية مفتعلة لجذب الانتباه ، وهو يشاهد زوجته مشغولة في تنظيف سيقانها الناصعات البياض كالحليب المصفى من الشعر الخفيف الذي لا يكاد يُرى ، ويشتم رائحة عطر أخاذ اعتادت ان تضعه اثناء العلاقة الحميمة ، وهو خليط من شذا الياسمين ، والحناء .. لم يستطع ان يضبط عيناه ، وهما تتابعان هذا المشهد النادر .. يسيل لعابه .. يرتجف من وطأة الرغبة ، ويرتعد جسده كأن تياراً عالي الفولتية صعقه .. يكاد الثور النائم في داخله ان يستيقظ .. يهم بالهجوم عليها ، ولتذهب الخطة ، وابو الخطة الى الجحيم .. لكنه يتماسك مجبرا مستلهما من عزيمته مددا جديدا لصبره ثم يقول في صوت هامس مرتعش :
دنيا .. دنيا …
لا تجيب مستغرقة في عملها المثير …
غدا ساسافر الى العاصمة مع زميلتي الهام .. تعرفينها … ؟ تستمع دون ان تجيب .. لعمل يخص الشركة .. يومين او ثلاثة بالكثير .. هل تريدين شيئاً من هناك ؟ ترد بهدوء مستفز دون ان ترفع رأسها مما هي فيه …
طلقني … !
نعم … ؟!! متفاجئاً …
سمعتني … !
أَجُننتِ … ما هذا التفكير الغريب ، والكلام الاغرب … بهذه البساطة ، ثم مداهناً … كيف لي ان اعيش في دنيا لستِ فيها ، يا دنياي ، وأُواصل الحياة بدونك … انت حبيبتي ، وزوجتي ، وستكونين ام اولادي … تستمع هذه المرة ، ولا تجيب … يستمر في العزف المنسجم على سمفونية العشق ، والغرام حتى هنأ نفسه على هذا الاتقان … لا تعرفين مدى قيمتك عندي … احبكِ … قالها باخلاص ، وهو يعنيها فعلا ! تقاطعه بهدوء عجيب … وهي تقول في ود ، ودلع لذيذ ، وقد ذابت حدتها ، وتهدهدت غطرستها ، ويبدو ان الصنارة قد غمزت هذه المرة ، ووقع السهم في الرمية كما يقولون :
- إلغي هذه السفرة … !
ابتلع دهشته .. يجتاحه فرح غامر فجأةً ، و لا يصدق ما يسمع .. يكاد قلبه ان ينط من مكانه .. لم يصدق انه امتلك هذه اللحظة .. يصرخ في سره ، والارض لا تكاد تحمله ، وكأنه قد امسك بشئ نفيس كان يبحث عنه : لقد نجحت التجربة واو … صمتَ قليلا كأنه يتحسس طريقه للدخول في الموضوع الاهم ، والذي انتظره طويلا ، وبعد ان عثر على صوته المتهدج اجابها مطيعاً :
حاضر …
وبشكل مفاجئ يلقي بنفسه فوراً ، فيتكوم فوقها ، والرغبة تشتعل ناراً .. جحيماً في داخله ، وبدءا يواصلان لعبة الحياة بنشوة اسطورية من جديد … !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي