الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البداية من القمة ( 18 )

آدم الحسن

2021 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بعض المتابعين للشأن السياسي و الاقتصادي للصين يعتقدون بأن للولايات المتحدة الأمريكية القدرة على عرقلة مسيرة الصين الصاعدة نحو القمة في مجالات العلوم و التكنولوجية من خلال العقوبات و فرض القيود على نقل العلوم و التكنولوجية من امريكا الى الداخل الصيني أو من خلال نقل الاستثمارات الأمريكية الى خارج الصين , مثلا الى الهند كبديل عن الصين .

ليس هنالك من يتحدث عن ان باستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية وقف مسيرة الصين في التطور لأن ذلك ليس شبه مستحيل بل هو المستحيل نفسه , لذا نجدهم يتحدثون عن عرقلة لتلك المسيرة .

التساؤل المرافق لهذا الاعتقاد هو هل بمقدور امريكا فعلا عرقلة نقل بعض مجالات العلوم و التكنولوجية التي لازالت الصين بحاجة لها لمواصلة مسيرتها نحو القمة او للحد من التسارع الحاصل الآن في مسيرة ذلك الصعود ... ؟

قبل الاقتراب من الإجابة على هذا التساؤل لابد من العودة الى منتصف القرن الماضي حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية دون ادنى شك متفوقة على الصين في معظم مجالا ت العلوم و التكنولوجية ان لم يكن في جميعها على الأطلاق , و كانت امريكا مهيمنة بشكل شبه كامل على سياسات و مواقف حلفائها كدول اوربا الغربية و اليابان و غيرها , في ذلك الوقت و حين اعلن الإصلاحيون في الحزب الشيوعي الصيني بقيادة مهندس الإصلاح الصيني دينغ شياو بينغ خطتهم المعروفة بعنوانها (( البداية من القمة )) كان ممكنا لأمريكا اتخاذ الخطوات الضرورية لعرقلة مسيرة الصين نحو الإصلاح و التطور ... و لكن الان قد فات الأوان ... !!

التعريف الصيني للقمة التي يريدون الوصول اليها و البدء منها هي تلك المرحلة التي يكون فيها تطور الصين في مجال الحصول على المعرفة و العلوم و التكنولوجية معتمدا بشكل شبه كامل على قدراتها الذاتية و ليس على القدرات التي تأتي من خارج الصين الى داخلها و أن تكون الصين احد المصادر الرئيسية لانتقال و انتشار المعرفة و العلوم و التكنولوجية الى بلدان العالم المختلفة .

و عليه , اذا اعتمدنا على هذا التعريف الصيني للوصول للقمة فأنه يمكن القول بأن الفرصة قد ضاعت على امريكا لإبقاء الصين في وادي التخلف بعد أن اصبح واضحا في العقدين الأول و الثاني من هذا القرن أن الصين قد حققت نموا اقتصاديا هائلا مكنها من تحقيق طفرات في بعض مجالات العلوم و التكنولوجية لدرجة يمكن اعتبارها معجزة حقيقية حيث وصلت في بعض المجالات الى القمة و تركت خلفها الولايات المتحدة الأمريكية أو انها اقتربت كثيرا من القمة في مجالات اخرى لذلك فأن الحديث عن امكانية عرقلة مسيرة تطور الصين من قبل امريكا اصبح امرا غير واقعيا اطلاقا .

من المجالات التي وصلت اليها الصين الى القمة و تفوقت فيها على امريكا هي في بعض قطاعات الاتصالات كتقنية الجيل الخامس في تكنولوجية الهاتف النقال و بعض تطبيقات تكنولوجية الألياف الضوئية و في بحوث تكنولوجية النانو و القطارات الفائقة السرعة و بعض الصناعات الاستخراجية و غيرها من المجالات .

و قادة الصين الحاليين لا ينكرون تخلف الصين في المجالات التي هم متخلفون فيها فعلا الا انهم يؤكدون أن مسيرة الصين للوصول الى القمة لازالت مستمرة و لن تتوقف و يخططون لإقامة احتفال في سنة 2049 , اي بعد اقل من ثلاثة عقود , بمناسبة الذكرى المئوية لانتصار ثورتهم سنة 1949 و التي وضعت نهاية لما يسمونه بقرن الذل الذي امتد من حوالي سنة 1850 لغاية 1949 اي أنهم ينون الاحتفال بنجاح الخطة المئوية و التي تم تجزئتها الى عشرين خطة خمسية , انهم فعلا يطبقون الحكمة التي تقول أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة و هنا بدأت مسيرة المئة سنة بمسيرة اليوم الواحد او حتى بمسيرة الساعة الواحدة , سباق حقيقي مع الزمن لذلك يجب أن لا يندهش احد حين يرى الصينيين و قد تمكنوا من بناء محطة قطارات كبيرة في تسعة ساعات فقط .... !!

و هنا لابد من الإشارة الى أن الكثير من المؤشرات تؤكد أن الصين قد تصل الى القمة قبل الموعد المخطط له فبدلا من مسيرة الثلاث عقود القادمة فأن هذه المؤشرات بدأت تتحدث عن وصول الصين للقمة بتفوق حجم اقتصادها على حجم الاقتصاد الأمريكي في منتصف العقد القادم , حينها تصبح الصين القوة الاقتصادية رقم واحد في العالم .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا