الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجوز أداء الشهادة دون حلف اليمين؟

سالم روضان الموسوي

2021 / 1 / 3
دراسات وابحاث قانونية


إن اغلب أدلة الإثبات لا تحتاج إلى أداء القسم مثل تقديم المحررات الكتابية وإبرازها للمحكمة لتكون محل الإثبات للواقعة المتنازع عليها، أو إجراء المعاينة من المحكمة، وحتى الإقرار الذي يتقدم به احد الخصوم فان المحكمة تأخذ به دون الحاجة إلى أداء اليمين، باستثناء الشهادة فان المحكمة لا تعتد بها إلا إذا كانت تحت القسم ويقوم الشاهد بحلف اليمين القانونية قبل أداء الشهادة، وعلى وفق أحكام المادة (94/ثانياً) من قانون الإثبات التي جاء فيها الآتي (يحلف الشاهد اليمين بان يقول الحق قبل الاستماع لشهادته وعند امتناعه عن حلف اليمين أو الإدلاء بالشهادة المطلوبة بدون عذر مشروع يجوز للمحكمة أن تحكم عليه بغرامة لا تقل عن عشرين ديناراً) ويجب أن يحلف الشاهد اليمين قبل إن يؤدي الشهادة، وذلك من اجل أن يخشى الشاهد من قوة الله عز وجل فلا يقرر إلا ما كان حقاً[1]، لكن قد يحصل وان لا يحلف الشاهد اليمين قبل أداء شهادته لامتناعه عن الحلف حيث بعض الناس لا يحلف سواء كان صادقاً أو كاذبا، فالمحكمة لها أن تقرر تغريمه مبلغ من المال على وفق أحكام المادة (94/ثانياً) من قانون الإثبات، وان تستمع للشهادة لأنها قد تكون مهمة وحاسمة أو إنها عيانية وتعزز قناعة المحكمة في الإثبات والوصول إلى الحقيقة، فعلى المحكمة أن تستمع إليها بدون يمين، على أن لا تعتبرها بمنزلة الشهادة من حيث الإثبات وإنما تعتبر قرينة قضائية التي هي اقل وزناً عند الإثبات، لان القرائن قابلة للنقض واثبات العكس بأي دليل آخر على عكس الشهادة التي لا تنقض إلا بموجب شهادة معاكسة أو مضادة أو دليل أقوى من حيث وزنه في الإثبات، كذلك لا يجوز الترجيح بين القرينة القانونية والشهادة التي أداها شهود الخصم، لان الترجيح يكون فقط بين شهادات شهود الخصوم على وفق أحكام المادة (82) إثبات، لكن ما يجب الالتفات إليه إن الشهادة لا تكون باطلة إذا أداها الشاهد دون أن يؤدي اليمين سواء كان عمداً أو سهواً لعدم وجود نص في قانون الإثبات على بطلانها والأصل في الأفعال الإباحة والنص المطلق يجري على إطلاقه، ويشير شراح قانون الإثبات العراقي في كل ما كتبوا إلى أن القاضي له فرض الغرامة التي يراها مناسبة حتى يمتثل الشاهد لأداء اليمين ويستند هؤلاء الشراح إلى أن المادة (94/ثانياً) من قانون الإثبات حددت الحد الأدنى لكنها لم تضع سقف أعلى للغرامة مما يفهم منه إن المحكمة لها اليد الطولى في تحديد سقف الغرامة الأعلى[2]، لكن لم يتطرق احدهم إلى عدم جواز الاستماع إلى الشهادة دون أداء اليمين، بينما في قانون الإثبات المصري قد نص بصريح القول على إن الشهادة التي يؤديها الشاهد بدون ان يحلف اليمين فإنها تعد شهادة باطلة على وفق أحكام المادة (86) من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 المعدل[3]، لكن يرى بعض شراح القانون المصري إن تلك الشهادة وان كانت باطلة إلا أنها تكون بمثابة القرينة التي تأخذ بها المحكمة[4] بينما آخرون لا يرون ذلك وإنما يرون بأنها باطلة[5]، ومن خلال ما تقدم أرى أن تستمع المحكمة للشهادة حتى وان امتنع الشاهد عن أداء اليمين رغم كل العقوبات التي فرضتها المحكمة على الشاهد، لان القانون لم يبطل تلك الشهادة ولا يوجد نص صريح بذلك مثلما عليه الحال في القانون المصري، وأشار احد شراح القانون العراقي إلى ما يفيد سماع الشهادة دون أداء اليمين حيث يقول (إذا استمعت الشهادة دون تحليف الشاهد وجب استماعها مجدداً بعد الحلف) ويضيف بان (لا عبرة لهذه الشهادة إلا إذا تم تأديتها بعد حلف اليمين)[6]، وبعض الباحثين أشار إلى قرار لمحكمة التمييز الاتحادية العدد 794/ شخصية/ 1972 في 6/12/1972 جاء فيه الآتي (ويعد الحلف ركناً في الشهادة، ولا يجوز الإعفاء من الحلف بأي حال من الأحوال، وإذا اسُتمعت الشهادة من دون تحليف الشاهد وجب استماعها مجدداً بعد الحلف)[7]، ويتمسك هؤلاء الباحثون بان أداء الشهادة دون حلف اليمين لا يعتد بها وتعد باطلة، لكن ما وجدته إن هذا القرار التمييزي لم يرد فيه ما ذكره الباحثون، وانما يعزز من قولنا بان المحكمة لها أن تستمع إلى الشاهد الممتنع عن أداء اليمين بعد أن تستنفذ كل طرق إجباره على أداء اليمين ومنها العقوبة المالية أو إحالته إلى محكمة التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه على وفق أحكام المادة (259) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل[8].

الهوامش =================================

[1] احمد نشأت ـ رسالة في الإثبات ـ طبعة عام 2008 ـ ج1 ـ ص551

[2] الدكتور ادم وهيب النداوي ـ الموجز في قانون الإثبات ـ الذي صدر في عام 1990 ـ توزيع المكتبة القانونية في بغداد ـ ص155

[3] نص المادة (86) من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 المعدل (على الشاهد بأن يحلف يمينا بأن يقول الحق وألا يقول إلا الحق وإلا كانت شهادته باطلة, يكون الحلف على حسب الأوضاع الخاصة بديانته إن طلب ذلك)

[4] احمد نشأت ـ مرجع سابق ـ ص 536

[5] الدكتور عبدالرزاق السنهوري ـ الوسيط في شرج القانون المدني ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ الطبعة الثالثة ـ ج2 ـ ص326 ، والدكتور همام محمد محمود و عصام أنور سليم ـ النظرية العامة للإثبات في المواد التجارية والمدنية ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ الطبعة الأولى عام 2010 ـ ص 256

[6] الدكتور عصمت عبدالمجيد ـ شرح قانون الاثبات ـ المكتبة القانونية بدون سنة طبع ـ ص183

[7] منشور في النشرة القضائية، العدد الرابع، السنة الثالثة، ص188

[8] نص المادة (259) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل (عاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة دينار او بإحدى هاتين العقوبتين كل من: 1- امتنع بغير عذر مشروع عن حلف اليمين القانونية بان يقر الحقيقة بعد ان طلبها منه قاض او محقق او موظف او مكلف بخدمة عامة وفقا لاختصاصه القانوني.)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط


.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا




.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد