الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ومضة ضوء - (عن الجيش المصري شهادات تاريخية)

محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)

2021 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


منذ عدة ايام وعلى بروفيلي بالفيس بوك كتبت هذا البوست من الكتاب الأشهر للشهيد
"امين المهدي " ( الصراع العربي الإسرائيلي أزمة الديمقراطية والسلام ) وهذا هو نصه.
"عن الجيش المصري "

( نقاش بين الراحل امين المهدي وخاله اللواء "ناجي سلام ")

وأسوق في هذا الصدد محادثة شاركت فيها يوم المؤتمر الصحفي مساء وكانت مع خالي اللواء ناجي سلام( ترك الخدمه في سنة ٦٨ أطال الله عمره) فقد قال : " ..... يا رب يا ابني ما تقوم الحرب..إسرائيل تقدر تحتل سيناء بلوائين عمليات بس.." وعندما بدت على وجهي ملامح الصدمة_ ويومها كنت طالبا وكنت متحمسا للحرب- اضاف "..يا ابني ليس لدنيا جيش ...هذا الجيش ليس للقتال ..فلم يتركوا فيه ضابط مقاتل أو ضابط ابن ناس( على حد تعبيره) على الإطلاق ،،وكان هو قد شارك في حرب ٤٨ في الفالوجا وكان أركان حرب قوات تغطية الانسحاب تحت قيادة اللواء العجرودي في حرب سنة ٥٦،وتم أسرهما معا في إسرائيل لاكثر من ٦ شهور ،وأعترف أنه قد خالجني الشك في أسباب ما قاله، فربما يكون ذلك بسبب انتمائه الطبقي وميوله اليمينية...أو أن الإسرائيليين قد أجروا له غسيل مخ...الى أن
"وقعت الواقعة" فعرفت أن الحقيقة في واد والوعى العام في مصر والعالم العربى في واد آخر.
* هذا النقاش ص ٧٨ بالكتاب.

* وبمجرد نشر البوست جاءت لي هذه الشهادة الهامة جدا من صديق الصفحة الاستاذ
"وسيم فريد" وقد تواصلت معه واستاذنته في النشر فوافق على الفور وهذا هو نص الشهادة.

"ذكريات من النكسة"
في الخامس من يونيو 1967 كنت مهندسا في إحدى مصانع القطاع العام. وكنت كالكثير من شباب جيلي ناصريا و عضوا ناشطا في منظمة الشباب أصدق كل ما يصبّونه في عقلي من إيدولوجيا و أحضر بصفة منتظمة الأمسيات والمحاضرات في قاعة الاحتفالات بمبنى الاتحاد الاشتراكي والذي انتهى به الحال أخيرا ليكون مبنى الحزب الوطني و الذي قام الثوار بحرقه في 25 يناير.
طبعا كنت متأكدا مثل كل شباب جيلي بأن انتصارنا في 56 لم يكن سياسيا فقط ولكن عسكريا أيضا و على ثلاث دول مجتمعة وأننا بلا جدال سنكتسح إسرائيل بلا رحمة.
كان لي من أصدقاء الدراسة بالكلية صديق مصري يهودي اسمه "مويس" كان شخصا مثقفا متفوقا متميزا و يتقن الإنجليزية و الفرنسية وكان يعمل كمترجم في جريدة الايجبشيان جازيت منذ أن كان طالبا بالكلية. ثم حدث أنه بعد قفل خليج العقبة ولاح للكثيرين أن الحرب غالبا واقعة لا محالة أن جمعتنا جلسة كان بها مويس وصديقان آخرين. لاحظنا خلال هذه الجلسة أن صديقنا مويس مهموم للغاية و سرحان و صرح لنا بقلقه على نفسه و على والديه المسنين حيث أنه كان الابن الوحيد وفي حالة نشوب الحرب ربما سيتعرضون للكثير من المتاعب. طبعا كان ردي عليه أنه مصري و ما سيتعرضون له هو ما سنتعرض له جميعا، أجاب باقتضاب "ده إذا نحن انتصرنا" !! طبعا هذا الرد كان صادما لنا لأنه طرح احتمالا لم يجول بخاطرنا على الإطلاق حتى في أسوأ الكوابيس، أردف قائلا أنه يعمل مترجما وأنه يترجم كل ما يصل الجريدة من الخارج على أجهزة التكرز و أنه يعرف الكثير مما لا نعرفه نحن . قلنا له بالطبع الهزيمة غير واردة. أجابنا أن المراقبين الدوليين يرجحون فوز إسرائيل. و بأن ميزان القوة ليس في صالح العرب بالإضافة أيضا أنهم غير مستعدين والموضوع من طرفهم لا يعدو كونه مظاهرة عسكرية. سادنا الوجوم لباقي الجلسة. كان مويس أول من انصرف حيث أنه كان يسكن بعيدا لذا استمرت الجلسة، بعد انصرافه ناقشنا الموضوع و رجحنا أن الأخ مويس ربما فقد قدرته على تقدير الأمور بسبب الخوف. طبعا قلنا أن مويس ابن العشرينات الذي لم يكن لديه أية ثقافة عسكرية أو خبرات سياسية وكل معلوماته توصل إليها من قراءة الأخبار المتداولة في الميديا العالمية ليس مؤهلا بأن نصدق توقعاته التي تتناقض مع توقعات قادتنا العظام عسكريين وسياسيين. أين أجهزة المخابرات العتيدة التي طالما سمعنا عن أساطيرها أين جيوشنا الجرارة التي نراها في الاستعراضات. لقد كان جيلنا من الشباب يعيش حالة من الثقة بالنظام و بالمستقبل وبأننا سنكون قريبا دولة كبرى. كنا مغيبين تماما، الإذاعات الأجنبية تتعرض للتشويش نستمد معلوماتنا من الإذاعات و الصحف المحلية ، كنا مفتونين بعبد الناصر بالرغم من كوننا نعيش في ديكتاتورية خانقة، الرقابة تحكم كل شيء حتى الخطابات و المكالمات التليفونية العائلية. كنا إذا تحدثنا في السياسة بما يناقض الرؤية الرسمية أو رددنا نكتة في مكان عام كمقهى أو حتى بالشارع كنا ننظر حولنا ونتكلم بصوت خفيض، لقد كنا في حالة غيبوبة عبّر عنها توفيق الحكيم لاحقا بعد النكسة ب" عودة الوعي". بعد أن وقعت الكارثة تحققت باقي نبوءات مويس فقد تم القبض عليه و على كل اليهود المصريين عدا المسنين منهم، و تم ترحيلهم إلى معتقل الواحات الشهير ليكونوا ورقة الضغط الوحيدة على إسرائيل و التي لا يملك عبد الناصر و نظامه غيرها. تم ترحيلهم من محطة مصر بعد أن أشاعت أجهزة الأمن أنهم أسرائيلين تم أسرهم ضمن لواء إسرائيلي كامل وأنهم سيرحلوا إلى الواحات . بعد عدة شهور أجبر مويس على التنازل عن ممتلكاته وكذلك عن الجنسية المصرية هو وباقي المصريين اليهود وتم شحنهم إلى أوروبا بدون أية مستندات تثبت أسماءهم أو مؤهلاتهم أو سنة ميلادهم بلا نقود بدون أي شيء على الإطلاق إلا ملابس بسيطة. رحل مويس إلى فرنسا واستقبله في باريس موظفين إدارة الهجرة الإسرائيلية، و بعد أن رفض محاولات إقناعه بالهجرة لإسرائيل ساعده الصليب الاحمر في إصدار وثائق مؤقتة و هاجر إلى كندا حيث حقق نجاحا ملحوظا هناك.
ماذا حققنا نحن هنا بعد انقضاء نصف قرن على درس بالغ القسوة؟
هل استوعبنا الدرس؟ هل تخلصنا من بعض عيوبنا التي قادت إلى النكسة؟ بعد نصف قرن زادت الفروق الاجتماعية وفروق الدخل إلى حدود غير مسبوقة وغير عادلة مهددة السلام الاجتماعي، تدهور التعليم والثقافة و الإعلام، زاد الاحتقان و العنف الطائفي و العنصري. عاد الجيش إلى مواقع السيطرة ليست السياسية فحسب و التي قادت إلى النكسة ولكن الاقتصادية أيضا. فقدت العدالة هيبتها ونزاهتها، وفقدت السلطة التشريعية الهدف من وجودها و امتلأت السجون بالمعارضين يبدو اننا في الطريق الي لنكسة أخرى تقودنا لمصير سوريا والعراق .

* تعليقي الى هنا انتهت شهادة الصديق الذي اوضح لي الآتي انه كتبتها منذ ثلاث سنوات بمناسبة مرور 50 سنة علي النكسة وانه انضم للقوات المسلحة عقب النكسة و شارك في73 و كتب انطباعه عنها .وكل مايهمه ان تستفيد الاجيال الجديدة من خبراتنا الماضية .
وبعد تاكيد المؤكد من الحوار الذي دار بين "المهدي وخاله" وشهادة الصديق وسيم هل استوعب احد الدرس كما اشار الصديق العزيز؟ وهل تملك مصر جيش حقيقي؟
فالشرف الشخصي والاتساق مع الذات يحتم ان اقول دون مواربة ان هذا الجيش باستثناء معركة العبور وفقط والمحسوبة بالكامل للمجتمع لم يحقق اي انتصار الانتصارات الوحيدة له على
"بني وطنه " وهي انتصارات في القمع والبطش والتنكيل وكل ما هو متدني والاستباحة بأسوأ تجسيد عرفة العالم في العصر الحديث فإلى متى؟ وهل نحن بالفعل وصلنا الى الحضيض والقاع ؟ ام هناك قاع اخر لم نصل اليه بعد ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
على سالم ( 2021 / 1 / 3 - 05:22 )
دعنى ازيدك من الشعر بيتا , مصر المحتاسه الموكوسه دى فضيحه من يومها , اصطلاح الدوله لاينطبق ابدا على مصر بسبب انها ليست دوله او شبه دوله , مصر دى عزبه لشويه لواءات بلطجيه فاسدين جهله وحراميه استبدادين وساديين يسرقوا ويهبروا ويبلطجوا ويعربدوا والويل لمن يفتح فمه , ابشع شئ حدث لمصر هو حكم العسكر القمعى الكارثى الذى دمر كل شئ فيها , حتى الانسان المصرى التعيس تم تدميره تماما على يد بلطجيه العسكر المجرمين الانجاس , حتى الذى يقال عنه حرب اكتوبر المجيد كله شويه اكاذيب ودعايه رخيصه وهلس , لقد كان ايريل شارون على بعد مائه كيلومتر فقط من القاهره ؟ اى نصر يا ناس انت تعيشوا فى اكاذيب من يومكم , يكذبوا ويصدقوا كذبهم , اللعنه الدائمه دائما وابدا على عصابه اللواءات التى نهبت ودمرت مصر


2 - صورة ... كلنا كده عايزين صورة
هاني شاكر ( 2021 / 1 / 5 - 00:32 )

صورة ... كلنا كده عايزين صورة
_____

تحدث و كتب الاستاذ امين المهدى ... تقابلت معه و حصلت على نسخة ممهورة بإهداؤه من كتابه (( أزمة الديموقراطية و السلام )) و استمرت صداقتنا طويلا و تعلمت منه الكثير

لكن مصر كانت ـ و ستظل لفترة - مستنقعين كبيرين من الفساد ... عانى منهم الاستاذ امين : العسكرية الريفية .. و الاخوان

اخترع زبانية العسكر ماكينة اعلامية فاقت ماكينات جوبلز و ستالين ... و طبعت فى المخيلة المصرية صورة .. غنى لها حليم و جاهين و الطويل : كلنا كدة عايزين صورة

الصورة حية و ( فاقعة ) اليوم ... الرئيس المعطى ظهره لمستمعيه ... و بجواره الممرضة الجالسة القرفصاء تنعى مرضاها المحتضرين ... ووطنها الضائع

....


اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س