الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤيتان ابراهيميتان: بدئية وختامية راهنه؟

عبدالامير الركابي

2021 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


رؤيتان إبراهيميتان: بدئية وختاميه راهنه؟
عبدالاميرالركابي
اطلقت المجتمعية العليا التحولية الرافدينيه الرؤية الأولى، الرؤية الكونية "الابراهيميه النبوية" ضمن سياق الصراعية الازدواجية الكيانيه، بين المجتمعية السومرية، التي لاتتجسد ارضويا، والمكون الكياني الثاني الأحادي، وتوقف الصراع دون تحقق التحول المجتمعي، لتعذره في حينه، ماقد أحال المعركة التحولية الى زمن قادم اخر، يسد فيه النقص المانع للتحول، فتنقلب اشتراطات التحولية البنيوية الكينونية الأولى، الى مادية، وهو ماكان وظل يحكم تاريخ وسيرورة البنية الازدواجية الرافدينيه، ويطبعها عبر دوراتها التاريخيه الثلاث: السومرية البابلية، والعباسية القرمطية، والدورة الثالثة الراهنه، كما يميز تاريخ المجتمعية على مستوى المعمورة، ويحكم إيقاع تفاعليتها، ويرهنها لهدف التحول.
الفرضية أعلاه تعني تغييرا انقلابيا في الرؤية بماخص افتتاح السردية التاريخيه التصيرية البشرية، اول مرتكزاته نفي المنظور والتقدير الأحادي للظاهرة المجتمعية، ومسارات تشكلها بصيغتها الاكمل، واعتبارها ظاهرة تحولية، وليست "حضارية" كما يحلو للعقل الأحادي ان يتصور لقصوره، وعجزه عن استكناه ديناميات المجتمعية وبنيتها، والمضمر الكامن المودع فيها ابتداء، ف"الحضارة" لم تبدا في سومر كما يقرر العقل الأحادي في اعلى تجلياته، مصادرا على البنية التحولية الازدواجيه، خاصيتها الدالة على، والمتضمنه حقيقة المجتمعات، فما كان بدأ في هذا الموضع، ووقتها، هو الخطوة الأولى الناقصة، غير المكتملة من مسار المجتمعية على مستوى المعمورة، عندما رست الدورة الأولى الرافدينيه على تعذر التحول في حينه، ماوفر الأسباب لغلبة الأحادية رؤية وحضورا، واوجب ضرورة، وحفز اليات التعبيرية الكونية المعاكسة للاحادية، ففرض لزوم تبلور المجتمعية السماوية تعبيرا، هيكلية مفارقة، مميزة، دالة على، ومطابقة للمجتمعية غير القابلة مؤقتا للتجسد ارضويا احاديا.
ان تاريخ المجتمعات البشرية، هو تاريخ التحولية الرافدينيه، بانتكاسه وعدم تحققه الأول، ومساره الخاضع لغلبة الأحادية نموذجا ورؤية، مع المسار التفاعلي ضمن اشتراطات الانتكاس، وتعذر التحول الطويل، واستمرار ظاهرة التصيّر العقلي ضمن القصور والعجز عن الارتفاع لمستوى الظاهرة المجتمعية، ومضمرها، وغرضيتها التي وجدت بالاصل لكي تؤديها، ومثل هذا الحكم اللااحادي الازدواجي التحولي، ينفي أولا ماهو متداول بخصوص انقطاعية وتوقف الدور التاسيسي الرافديني، بعد ابتداء يوسم خطئا ب"حضاري"، اعقبته مسيرة تاريخية تصوّر على انها "صعودية" تقدما نحو ماهو ارقى واكمل، فبناء الحضارة، والموجودات، وتعظيم أوجه الحياتيه اليومية المتصلة بالحاجات الحيوية، ومايعرف بالتاريخ، هي سيرورة تفاعل، يكمن وراءها غرض مرسوم ومقرر، وهي خاضعه لمتطلب محرك مرهون بالتحولية المجتمعية وتحققها، مع توفر الأسباب المادية الناقصة، التي ظلت تحول دون انتقالها الى ماهي ميسرة له بالاصل، أي ان تاريخ المجتمعات، ومايحكم تاريخها، واليات تفاعلها، وهدف وجودها، ليس بناء مايسمى "الحضارة"، بل استكمال أسباب التحولية المنتكسة، بسد نقصها التحولي المادي.
بناء لهذا لن تكون الابراهيميه "رؤية دينيه"، الا بحسب المنطوق الأحادي، بل تحولية شاملة، توصل المجتمعية بالاكوان العليا، بدل الارضوية الأحادية التي توقف الوجود البشري المجتمعي داخل نطاق الكوكب الأرضي، مع مايترتب على ذلك من انتقاص يصيب غايات الوجود الحي، والكوكب الأرضي بالذات، باعتباره موضعا زائلا بعد تاديته الدور المناط به ضمن المجموعة الشمسية، كمستضيف للحياة العضوية، والعبور بها من الحياة ماقبل العضوية، الى الحياة مابعد الجسدية، المهيأة للانتقال الى الاكوان العليا.
في ارض الرافدين، في سومر، تصبح المجتمعية سماوية كونيه، كما يجب ان تكون، وكما هو الهدف الأصل من وجودها، باعتبارها لحظة أخيرة ضمن النشوئية الارتقائية العقلية، منذ ان توجد مادتها الأولية، وتنبثق داخل الجسد الحيواني، حين تولد من وقته السيررة المفضية الى المجتمعية التحولية كما تتمثل في البؤرة الرافدينيه، برغم انفرادها الازدواجي التحولي، وغلبة المنظور والرؤية والنموذج الأحادي، المهيمن على مستوى المعمورة، بين أحادية دولة، واحادية لادولة، ارفع اشكال الأولى منها تلك المنشطرة طبقيا، المهياة تكوينا لانتاج الالة أخيرا، ومن ثم التكنولوجيا التي ظلت مفتقدة، ينتظرها الكيان الازدواجي التحولي على مر تاريخ المجتمعات، منذ الدورة الأولى الرافدينيه.
تتفاعل المجتمعات بحسب توزعها النمطي على مستوى الكوكب الأرضي تحوليا، ولكي تصبح مهيأة للتحول بمجموعها بعد ان يكون المهيا منها بنيويا، واحدا منها بالذات، يبدا بالتشكل بصفته مجتمعية تحولية أولية بلا مقومات تحول مادي، والبشرية تعيش تاريخ تحوليتها، او ارتقائها نحو التحول، وهي مزدوجه رؤية وتصورات، ابراهيمية، واحادية، مع غلبة موضوعيه للاحادية، يكرسها القصور العقلي، والعجز الموضوعي عن استكناه المضمر في الظاهرة المجتمعية، مع عدم توفر اشتراطات ولوازم التحول، فالابراهيميه هي الحضور الممكن للنمط المغفل غير المدرك، وغير القابل للتحقق في حينه ضمن اشتراطات اللاتحول.
ومثل هذا التقييم للابراهيميه ليس متوقعا الاقتراب منه، او قبوله من لدن المجتمعية والعقل الأحادي المفعم بالاعتقاد، والمكتفي بذاتيته ونموذجيته، ولان العقل يظل قاصرا محكوما على مدى تاريخي طويل بالعجز عن رؤية الحقيقة المجتمعية، فقد كان للمنظور التحولي ان يكتسب صفات وتسميات وتعيينات للنوع، أحادية، توافق الاقتناع الأحادي بكينونته كنموذج، بما في ذلك الحكم عليه بالنهائية، أي بالتجسد الأوحد، الامر الذي تتظافر على تكريسه الرؤية الابراهيميه الأولية نفسها، باحالتها وجودها، ومصدرتجليها، الى خارج الأرض، والى قوة عليا ملهمه ومقررة بذاتها، فوق ارضية، وهو ماتكون الرؤية الابراهيمية الأولى بحاجة له، ومضطرة وقتها لتكريسه، بناء على الاشتراطات التي تتشكل ضمنها، منطلقا وسيرورة، في الوقت الذي تكون محكومة لمفاعيل اللاتحقق، وهيمنة المنظور الأحادي.
هل الابراهيميه بالفعل ياترى واحده وحيده لاعقب لها، بما هي رؤية الازدواج التحولي الكوني الأولى؟ من ناحية المنطق، لايمكن القبول بمثل هذا الحكم، مادمنا نتحدث عن سردية وصيرورة مجتمعية بشرية، مابين طور لاتحقق احادي، واخر يتم بلوغه والوصول لمشارفه في نهاية المطاف، يكون موافقا لاشتراطات التحقق التحولية المفروضة على المجتمعية، والموافقة لكينونتها كظاهرة تحولية انتقالية. ماقد يطرح وقتها تساؤلا بديهيا مشروعا مفادة الاعتقاد باحتمالية ان تكون المجتمعات الأحادية لحظة وصولها الى، والاقتراب من اشتراطات التحول، ستكون هي مصدر الرؤية المشار اليها، أي الرؤية الثانيه التحولية، الداله على الانقلابيه العظمى، بما لايبقي للموضع الأول الذي اطلق الرؤية التحولية، وكانت تعبيرا بنيويا عن ذاتيته، من دور خاص، او فريد يمكن ان يضطلع به وقتها.
ولايجب الشك في نزوع البقايا والمتبقيات الأحادية في العقل البشري الانسايواني، ونوع وطبيعة السلوك وردود الأفعال التي من جنسها، الى التنطع للمهمة الكبرى المودعة في الموضع التحولي الأول ، الامر الذي سيكون بمثابة معركة اخيره من نوع خاص وفريد، غير مالوف، ستحشد فيه كل مظاهر الأحادية، ومايعتبر من وجهة نظرها داعيا للاحقية، باسم القوة والعلو، او توفر الأسباب "الحضارية" والاحترابيه التدميرية، لتبدو على حقيقتها، مجرد "نمر من ورق"، فاقدة الفعالية استنادا لقوانين التحول، المغيرة كليا لاسباب الارجحية، ونوعها، وللمكان الفعال في لحظته، ومناحي ومصادر القوة الفعليه الموافقة للراهن، والمطلوب نوعه الاخر المختلف الذي ان اوانه بعد طول قرون.
وهنا سيقال لنا كيف؟ وهل يصلح عراق اليوم المتهالك الممزق، الفاقد لاي معنى حضوري على المستويات الدالة على المجتمعية الحيوية، ان يعود ليكون مصدرا للطبعة الثانيه من الرؤية الكونيه التحولية المنتظرة، والتي ان اوانها، بما يضعه عند نقطه العودة لقيادة العالم فعليا، من منطلقات، وعلى أسس مغايرة للمتبعه والمعتمدة احاديا، الامر الذ ي سيتطلب إعادة قراءة للدلالات المنطوية وراء المسار المعروف بالتاريخي الواقعي، انما على أسس مغايرة "تحولية"، مشفوعه بالعودة للأصول، والى البنية الازدواجيه ومايرافقها، ويميز تاريخها من إيقاع التشكل الامبراطوري الانقطاعي، ومترتباته، والمتعلق به من اشكال التعبير المناظر والموافق الذي من جنسه، بعد الاخذ الضروري بالاعتبار، لاثر التتابعية الدوراتيه لثلاث مرات، ومايوازيها من تفاعليه تصيرية مجتمعية، انتهت الى افراز المطلوب الذي كان ناقصا يحول دون التحول، هذا عدا عن بلوغ الأحادية المجتمعية نهايتها، ومنقضى استمراريتها، وإمكان ديمومتها، مع دخول العالم برمته طورا جديدا متناميا من "العيش على حافة الفناء".
هل من موضع يمكن ان يشهد البدايه التاسيسية للتحقق التحولي، غير ذلك المفعم بالتحولية وتاريخها ورؤيتها، وهو المؤهل والمكون أصلا، وبنيويا بما يتوافق مع اشتراطاتها؟ الاغلب ووفق كل الممكنات العقلية المتاحة، ان فرضية مثل هذه، لايمكن ان يكون لها اي أساس يزكيها، وان موئل التحولية الابراهيمه في زمن اللاتحقق، ابان غلبة الأحادية، سيكون اليوم هو من يطلق الرؤية التحولية الثانيه الختامية، مابعد النبوية، الابراهيميه "العليّة" التحققية، بعد الأولى الحدسيه، الحضورية ابان زمن اللاتحقق وغلبة الاحادية.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المعامير تعود إلى طبيعتها


.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو




.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال