الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوافق الأيديولوجي بين بعض الأنظمة والجماعات الإسلامية، ليسَ مُبررًا للتطبيع..

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 1 / 3
القضية الفلسطينية


قطارُ التطبيع مع العدو الصهيونيّ، والذي وقفَ في أهمّ محطات المنطقة، بمباركاتٍ مِن كبارِ الأنظمة السياسية في المنطقة، وغطّاها مِن أقصى شرقها إلى أقصى غربها، وبتشجيعٍ وترحيبٍ من قبلِ بعض أبناء الشّعب العربيّ، يوضّح بأنّ أهم مواطنِ الخلل في هذا التطبيع، ليست تلك المُتعلِّقة بالمنصّات العروشيّة للأوطان، ولا بمَن يجلِس عليها، بل بالفكرِ الهَش والضّعيف، والهزيلِ الذي تُسكِنهُ الشعوب والأحزاب السياسية والجماعات الفكريّة - إن وُجِدت- في عقولها .

وللتوضيح أكثر، سأسوقُ مقارنة بسيطة، بينَ ترحيبِ بعض الجماعات بهذا التطبيع، وبالتحديد، تلكَ التي تُطلِق على نفسها "جماعات إسلاميّة"، أو التي ألبسَت نفسها الثّوب الإسلاميّ، بما لا يتوافق مع منطلقات الدّين الإسلاميّ . فهذه الجماعات تُرحّب بموجات هذا التطبيعِ لحساب نظامٍ سياسيّ على آخر، أي لحسابٍ نظامٍ تتَّفِق معهُ في رؤآها السياسية، وأسسها العقائدية، ومُنطلقاتها الفكريّة، على حسابٍ نظامٍ تختلف معهُ فكريًّا وسياسيًّا، ولرُبّما ترى فيه المُختلِف والمُعادي لأيديلوجيّتها . حيث ترى هذه الجماعات بأنّ التطبيع التُركيّ الأردوغانيّ، ومن خلال محاولاتها لتبريرِ هذا التطبيع، وبحثها الدّؤوب عن مُسوّغات تعتقِد بأنها مُسوّغات شرعية لهُ، تطبيعًا مُباركًا ولا تشوبهُ شائبة، وتسوّق لإدراجهِ في سياقِ الدّهاء والعبقرية السياسية، وأن حال الأُمة الإسلاميّة الضّعيف يقتَضي ذلك .

وكما تعتبر هذه الجماعات أيضًا، أن التّعاون الإستخباراتي التركي مع إسرائيل، والذي اعترف وأقرّ بهِ الخليفة المُنتظر -حسب اعتقادهم- قبل أسابيع، قائلًا بما معناه " التعاون الاستخباراتي التركي-الاسرائيلي لم يتراجع في مستواه إطلاقًا، ونطمَح إلى تحسينه في قادمِ الأيام "، أنه تعاونًا محمودًا، لا سيّما ذلك المركِّز على زعزعة أنظمة العرب الديكتاتورية، والطّاغية على شُعوبها .

وحقيقةً، أجد في هذه النُقطة، الكثير مِن البلاهة، بل المسخرة السياسيّة، والتي لا يجِب أن تخرُج من جماعات، تقول عن نفسها، بأنها تُمثِّل شريحة واسعة من أبناء الأُمتين العربية والإسلامية، حيث أنّ وجود الأنظمة العربية الديكتاتورية، يعتبر من أهَم المُقوّمات للعدو الصهيوني، إذ تُعتبَر كُل الأنظمة السياسية في المنطقة، أنظمة وظيفية، لا أكثر ولا أقَل .

أمّا الجهة الأُخرى في هذه المُقارنة، والتي في غالبيّتها تُفرِض قيودًا على أبناء هذه الجماعات، ومنها مَن صنّفَت هذه الجماعات، كجماعات إرهابيّة . فهي كافة الدُّول التي طبّعت بأوامرٍ صدرَت مِن قبل حاكمِ الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، والذي لا تُخفي صولاته وجولاته مع العدو الصهيوني، على كُلّ من يجيد قراءة " أ ب" السياسة . والوقوف عند شخصية الرجل هُنا، ليسَت محور حديثي إطلاقًا، فكُل ما يهمّني، هو كيف أنّ الجماعات المذكورة آنفًا تُحرِّم عليهِ التطبيع بينما تُحلّله على أردوغان، وتُخرجه مِن دائرة المصالح التي برّرت من خلالها التطبيع لأردوغان، ورأت بهِ - أي بن زايد- من خلال تطبيعه هذا، بأنهُ الرجُل المُعادي للإسلام، بينما رأت بأردواغان الذي لا يختلف في سياقِ التطبيع شيئًا عن بن زايد، بأنه الرُجل الطّامِح والسّاعي لإعادة أمجاد الدولة الإسلاميّة .


الخُلاصة : حينما تتعلّق المسألة بقضيّة شعِبٍ يُدافِع عَن أرضٍ مُغتَصَبة، ويُحاول أن يُحافظ على ما تبقّى مِنها، إن لَم يتمكَّن مِن استردادِ ما سُلِب منها ؛ فحتمًا لَن يكونَ هُناك فرق بينَ تطبيعِ أردوغان وتطبيعِ ابن زايد وما التحقَ بهِ، حتى وإن كانا يتناحران ويتخاصمان في الكثيرِ مِن المسائل الإقليميّة الأُخرى، وكُلّ واحدٍ منهُم يسعى كي يكونَ القائد الأوّل للشّرقِ الأوسَط، وحتى وإن اختفلفا أيضًا في انتماءاتهم الإيديلوجيّة . ما حرّمتهُ القضيّة على أبن زايد، حرّمتهُ أيضًا على أردوغان ؛ فالقضيّة ومَن يستَميت بالدّفاعِ عنها، هُما فقَط مَن يُحرّما ويُحلِّلا، أما مزاعِمكم القائمة على البرغماتيّة، والتّلفيقِ والتّزوير والإدّعاءات الكاذبة، فدعوها تسير بالصّحراء الكُبرى ؛ علّهُ يأتي يوم، يعتَرف لكُم أحد بها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة