الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة على الله وأزلامه

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 1 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكارثة التي تمر بها اليوم العديد من المجتمعات المسماة بالإسلامية أو بالعربية الإسلامية مثل سوريا والعراق واليمن وكذلك ليبيا وتونس ومصر وبقية بلدان شمال أفريقيا ليست جديدة ولا وليدة البارحة، وإنما ترجع جذورها إلى عدة قرون مضت. وبالتحديد يوم خرج الله من جزيزته القاحلة على ظهر جمل أجرب يقود جيشا من سلف الأمة والتابعون وتابعوا التابعين متوجها شمالا وجنوبا، شرقا وغربا لينشر نور الإسلام وضياء الحق، دين الرحمة والعدالة، ويهدي البشرية إلى الطريق المستقيم، ويجعلهم عبيدا لله ولمن يمثلونه على الأرض. ولم يكن هذا الجيش الإلهي العربي آخر المحسنين للبشرية ولا أولهم. فقد جاء من بعده، الأسبان والبرتغاليون والهولنديون وغيرهم لنشر نورالحضارة والسلام الذي يبشر به المسيح في القارات الجديدة، وقتلوا بدورهم وشردوا الشعوب والقبائل التي كانت تعيش في هذه الأصقاع البعيدة، ومارسوا كل أنواع الإغتيال والإبادة، الإبادة الجماعية العرقية والثقافية واللغوية، وخربوا البيئة ونشروا الأمراض وخربوا المعالم التاريخية والحضارية. كانوا يمسكون الإنجيل بيد، لنشر كلام الله، والسيف باليد الأخرى لسرق كل ما يمكن سرقته وشحن البواخر والأساطيل بخيرات الشعوب المذبوحة. أما فيما يخص المنطقة التي تهمنا هنا، فقد سبق جحافل القبائل العربية، جيوش متعددة من الروم واليونان والوندال وغيرهم، وجاء بعدهم الأتراك والإيطاليون والفرنسيون والإنجليز وأبناء العم سام والأب ستالين والقائمة طويلة. وعندما حط الله رحاله في هذه البقع المسالمة من آسيا وأفريقيا، لم يتوقع أن يجد كل هذه الخيرات والموارد الطبيعية الزراعية المزدهرة، من قمح وشعير وعنب وتين، وكل هذه الثروة الحيوانية المتنوعة جاهزة تنتظرجنوده لتتحول إلى غنائم، نوع من الرخاء والرفاهية والإزدهار لم يكن يعرفها في صحراء العرب القاحلة. ولكنه لم يكن يتوقع أيضا أن يرفض هؤلاء الهمج الكفار كلام الله، والإيمان بجنته، مما أخر السيطرة على المستعمرات الجديدة عدة سنوات. ولم يستطع جنود الله فرض مملكتهم الإلهية إلا بقوة السيف والقتل والتدمير والتخريب للحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لسكان المنطقة. وروجوا فيما بعد، لأسطورة "الفتح" السلمي وإنتشار الإسلام بقوة الكلمة والحجة والإقناع، وبأن الله فتح صدور الكفار ليملأها بالمحبة والإيمان ويسهل إقناع هؤلاء الناس بفكرة السلام والأخوة والعدل والمساواة، إلى آخر قائمة الدعاية الإيديولوجية في ذلك الوقت البعيد، كان ذلك مجرد خطاب دعائي مزيف لإقناع شيوخ القبائل ووجهاء المنطقة وأهل السلطة، والذين كالعادة، وفي نهاية، الأمر تقبلوا التعاون والطواطؤ مع الغزاة وبنفس الحيلة القديمة : الغزاة الجدد لن يكونوا أسوأ ممن سبقهم. وها نحن اليوم نشاهد نفس المسرحية المملة، ونفس الخطاب القديم : نتحالف حتى مع الشيطان لإسقاط النظام. لكنهم في حقيقة الأمرـ وذلك ليس سرا لأحد، فالكل يعرف ذلك وقرأ السيناريو الردئ قبل تنفيده ـ تحالفوا مع الله ذاته بجلبابه ولحيته القبيحة. ولم يأت على جمل هذه المرة وإنما على ظهر بارجة حربية فرنسية وحاملة طائرات أمريكية وسيارة رباعية يابانية وبسيوف ومنجنيقات فرنسية وأمريكية وإنجليزية الصناعة. وكعادتهم سرقوا ثورة الفقراء المساكين، وبنوا بجثت آلاف المواطنين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية سلما للسلطة، وشيدوا بأجسادهم الدامية منصة لنشرالجهل والخرافات والحقد والعقد النفسية، وعاثوا في البلاد فسادا وتدميرا وما زالوا ينشرون الرعب في قلوب المواطنين بإسم سيدهم الطاغية، سيد الطغاة وملك ملوك الدنيا والآخرة، الله العظيم الذي لاإله إلا هو. مرددين كلمة آخر أنبيائهم، محمد بن عبدالوهاب وهو يوقع وثيقة التحالف بينه وبين محمد بن سعود لتأسيس الدولة السلفية : " هذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد " لقد حان الوقت إذا لتصفية الحساب مع هذا التاريخ المزيف ومع هذا الدين الذي تم باسمه استعمار العديد من شعوب آسيا وكل الشمال الأفريقي. فنحن مثل بقية شعوب الدنيا شعب حر ولا نرضى إلا بالحرية كهدف لحياتنا. ونحن شعب مسالم، لا نحارب أحدا ولا نحب أحدا يحاربنا، ولكنكم أعلنتم علينا الحرب، فلا تتوقعوا أن نستقبلكم بالزهور وماء الورد. إن كلماتنا هي السلاح الوحيد الذي سنستعمله ضد متاريسكم وقلاعكم ومدرعاتكم ورصاصكم وخناجركم وفؤوسكم، فليس لدينا سلاح آخر غير الفكر والعقل والبصيرة والمنطق السليم وإرادتنا الجماعية للحياة. ونحن نعرف خوفكم من الحقيقة ورهبتكم حتى من الكلمات والتي منها ما يثير الرعب في قلوبكم لدرجة الموت، وتجعلكم ترتجفون خوفا وترددون كالمهووسين: أعوذ بالله أعوذ بالله .. ونعرف أيضا أن رعبكم من الحقيقة قد يدفع بكم لحد الجريمة، بل أبشع الجرائم، لدرجة القتل والتمثيل بجثت ضحاياكم وقطع أطرافها أو تعليقها في المشانق لترهيب الأبرياء. غير أن ذلك لن يغير من الأمر شيئا، ولن يجعل الأرض مسطحة، أو أنها خلقت في ستة أيام، ولن يقنع أحدا بأن المرأة خلقت من عظم أو من ضلع رجل يسمى آدم.
 لقد حان الوقت إذا للثورة على سلطة الآلهة وأزلامهم من الفقهاء والمرشدين والمفسرين ومعابد الإفتاء ومساجد الدعوة للعودة قرونا إلى الوراء. حان الوقت للثورة والتمرد على الفكر الديني بكامله معتدلا كان أم متطرفا. حان الوقت للتغيير وقلب النظام الغيبي الذي يشل حركة مجتمعاتنا منذ أزمان سحيقة. حان الوقت لتحطيم الأصنام وتفجير الأسس التي يرتكز عليها هذا المجتمع الذي ينخره السوس ويتآكله الصدأ وتفوح منه رائحة القدم والعفونة. لا بد من تحطيم الأوثان واحدا واحدا حتى يستطيع الفكر أن ينمو ويتجدد، وللمجتمع أن يزدهر، وللحرية أن تتفتق خلقا وإبداعا. لا بد من فتح الأبواب على مصراعيها، كل الأبواب والنوافذ والفتحات والشقوق ليدخل الهواء ويتجدد داخل هذا البيت-التابوت-القبر المغلق والمشمع منذ دهور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع يضرب وبصراحة على الجرح والوجع
ملحد ( 2021 / 1 / 4 - 22:56 )
مقال رائع يضرب وبصراحة على الجرح والوجع
فالحلّ الوحيد يكمن بالثورة ثم الثورة ثم الثورة.......
على ما يسمى بالاديان (وآلهتها) المزعومة....
تلك الاديان التي افضل تسميتها , أسخام واوهام.
اتوقّ لذلك اليوم التي فيه سَتُجرجر الجماهير ما يسمى برجال الدين, خاصة المتطرفين منهم, في الشوارع والساحات....

تحياتي

اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء