الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بلدان أوربا الديمقراطية / إيطاليا: العبودية المعاصرة تطبع حياة عمال المزارع

رشيد غويلب

2021 / 1 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


وباء كورونا استهدف أساسا الأضعف في جميع أنحاء العالم، والأمر في إيطاليا لا يختلف. هناك يسمى الأضعف „بغير المرئيين”. وهؤلاء هم في بالأساس عمال المزارع الذين يكدحون مقابل أجور الجوع، ولا يملكون تأمينا صحيا ولا عقود عمل نظامية، وبالتالي يتم استغلالهم بلا خجل من قبل أرباب العمل، الذين تتطلب الدقة تسميتهم بمالكي العبيد في القرن الحادي والعشرين.
لقد أجرت نقابة العمال الزراعيين FLAI Cgil أخيرا تحقيقًا كشف عن أرقام مروعة. ووفقًا للتحقيق، فإن 39 في المائة من جميع عمال المزارع ليس لديهم عقود عمل نظامية؛ وأكثر من 300 ألف عامل (معظمهم من مواطني بلغاريا ورومانيا والأفارقة والهنود) يعملون رسميًا لمدة تقل عن 50 يومًا في السنة ويتقاضون أجرًا يوميًا يتراوح ما بين 20 - 30 يورو، مقابل ساعات عمل تصل إلى 12 ساعة من العمل الشاق يوميا. وفي بعض الحالات، تم تسجيل أجور منخفضة تصل إلى 1.50 يورو في الساعة. وتحصل النساء على أجور تقل بنسبة 20 في المائة عن أجور زملائهن من الرجال. إنه نظام استغلال معقد يمتد من العمل في الحقول الى التسويق في المتاجر الكبرى، ويعرف في إيطاليا بـ”المافيا الزراعية”. وفقًا لمعهد Eurispes للأبحاث، بلغت الأرباح في عام 2018، 24.5 مليار يورو. ويتم “كسب” هذه المليارات بمعنى الكلمة ً على حساب مئات الآلاف من العمال الزراعيين “غير المرئيين”.
هذه المشاكل معروفة في إيطاليا منذ عقود. وتدعو النقابات العمالية والأحزاب اليسارية مرارًا وتكرارًا إلى اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة ظاهرة التشغيل غير القانوني واستغلال العمال في الزراعة. لقد تم تمرير عدد من القوانين، لكنها في النهاية لم تحقق الكثير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن العمال، الذين غالبًا ما يعيشون بشكل غير قانوني في إيطاليا يكونون عرضة للابتزاز.
وفي الربيع الفائت، أصدرت وزيرة الزراعة الحالية، تيريزا بيلانوفا، التي كانت في السابق عاملة زراعية، قانونًا، يفترض حسب تعبيرها: “يجب أن يجعل في النهاية، غير المرئي مرئيًا “. ولكن سرعان ما تبين أن هذا القانون ذو تأثير محدود، وأن عدد “الذين أصبحوا مرئيين” كان أقل بكثير من الـ 300 ألف الذين وعد ت الوزيرة بجعلهم مرئيين.
وتشير التقديرات إلى أن قرابة 15 بالمائة فقط من العاملين في المزارع غير المسجلين قد تقدموا بطلبات “تسوية”. ولا يمكن توقع عدد الذين سيحصلون على قرار إيجابي. ويشرح باتريك كوندي من جمعية نقابات القاعدة اليسارية، الأمر على النحو التالي: “القانون يشمل قطاعات الزراعة وتربية الماشية، وأيضًا رعاية المسنين في القطاع الخاص. وللحصول على تصريح إقامة، يجب أن أثبت أنني عملت في أحد هذه القطاعات. وبما أنى اعمل بلا وثائق رسمية، من الصعب الحصول على الوثائق المطلوبة، لأن رب العمل الذي ارتكب جريمة جنائية، لن يعترف بها “.
خصوصا خلال انتشار وباء كورونا، استمر وضع عمال المزارع في التدهور. نظرًا لأنهم يعيشون عادةً بشكل مجاميع في أماكن مغلقة في ظل ظروف صحية مدمرة، يمكن أن تنتشر العدوى بسرعة. وإذا كانوا “غير مرئيين”، فليس لهم الحق في الحصول على العلاج الطبي؛ وسيضطرون حتى إلى شراء الكمامات بأنفسهم، لأن أرباب العمل لا يوفرونها لهم. وفي العديد من معسكرات وثكنات السكن، يُترك عمال المزارع يواجهون مصيرهم منفردين، ويحدث هذا أكثر من السابق.
وهذه الظاهرة لا تنحصر في الجنوب الإيطالي، كما يعتقد البعض. في الآونة الأخيرة، كانت هناك حالة في توسكانا “المتحضرة” حيث احتفظ مالك الأرض بعشرة عمال كعبيد. وعندما مات أحدهم و “رمى” المالك جثة العامل، انكشفت الجريمة. لقد جعل الوباء الوضع أكثر سوءا. فليس هناك عمال مزرعة يقدمون الآن إلى إيطاليا بشكل قانوني، أي أن “المهاجرين غير الشرعيين” يتعرضون لاستغلال أكثر “، كما يقول كوندي.
منطقة أخرى أصبحت فيها الظاهرة حادة جدا، هي جنوب روما، حيث انتشرت بشكل كبير “المافيا الزراعية” في السنوات الأخيرة. يعمل هنا بشكل رئيسي الهنود. قبل بضعة أشهر، أصبح معروفًا أن مالكي المزارع يغمسون المواد المنشطة في طعام العمال سراً لجعلهم أكثر قدرة على تحمل العمل البدني الشاق. ومع تكرار حوادث العمل المميتة، تواجه شكوى العمال بأرسال البلطجية، والمعروفة بـ „فرق العقاب” لترويض “المتمرد” باستخدام العنف الشديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف