الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن الدفاع بالفلسفة عن الدين ؟!

بوسي الجمسي
كاتبة مقال أدبي و رواية و قصة قصيرة

(Bosy Elgamasy)

2021 / 1 / 7
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


"كلنا نعلم أن الزيت علميا لا يختلط بالماء كذلك الفلسفة و الدين لا يجتمعا أبدا فهما متضادان تماما"
تلك كانت كلمات أستاذي دكتور الفلسفة و الذي كان لدية تحفظات على علم اللاهوت الفلسفي ؛ حتى أنه لم يكن يعتبره علم .
طرحت على نفسي سؤال هل حقا الفلسفة و العلم ضد الدين....؟!
للإجابة عن هذا السؤال الذي يبدو سهلا لكن التفكير و البحث للوصول لحقيقة الأمر إحتاج مني سنوات نعم سنوات .
بداية يجب أن نعرف ما هو ما يقال عنه"علم اللاهوت الفلسفي".

علم اللاهوت الفلسفي

هو أحد فروع اللاهوت حيث تستخدم الأساليب الفلسفية في الوصول إلى فهم أوضح للحقائق الإلهية.
يدور جدال حول ضرورة إستخدام كل من اللاهوت والفلسفة في سعي الإنسان للوصول إلى الحقيقة، أم أن الإعلان الإلهي يستطيع أو يجب أن يثبت منفرداً...؟
قد وجدت نظريات مختلفة عبر القرون حول مدى تطبيق الأنظمة الفلسفية على المباديء اللاهوتية. يقول البعض أنه يجب الفصل التام بينهما، وأنه لا توجد صلة من أي نوع بينهما.
يقول آخرين أن الفلسفة والمنطق ضروريان للوصول إلى الفهم الصحيح للإعلان الإلهي ؛ بينما يتبنى آخرين موقفاً معتدلاً بالقول أن الفلسفة أداة مفيدة ولكن لا يجب الإعتماد عليها كلية.
***********

تاريخ اللاهوت الفلسفي

ظهر علم اللاهوت الفلسفي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عندما قام مفكري حركات التنوير والتحديث والوضعية بمهاجمة المسيحية. وأراد اللاهوتيون إيجاد طريقة لشرح معتقداتهم والدفاع عنها فوجدوا أنه يمكن إستخدام المناهج الفلسفية في الدفاع عن الإعلانات الإلهية.
لم يكن إستخدام الفلسفة في تحليل وشرح اللاهوت أمراً مستحدثاً ؛ فقد إستخدم توماس الإكويني وأوغسطينوس واللاهوتيين الأوائل أفكار أرسطو وسقراط في كتاباتهم في محاولة لتحليل وفهم المباديء والمفاهيم الكتابية.
ولا زال العديد من المدافعين عن الدين اليوم يستخدمون الحجج الفلسفية ؛ فالبراهين الغائية والوجودية على وجود الله، مثلاَ، متجذرة في اللاهوت الفلسفي.
**************

يقول الكتاب المقدس
أن فحص الأمور، أو البحث عن حق أخفاه الله، هو أمر مجيد ؛ فقد أعطينا القدرة على التفكير، ولا يوجد ما هو خطأ في دراسة الفلسفة، وفي نفس الوقت يجب أن نكون حذرين؛ إذ تنطوي دراسة الفلسفة على مخاطر روحية عديدة.
ويحذرنا الله أن الإنسان يجب أن يكون "مُعْرِضاً عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ، وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاِسْمِ" .
فلا يمكن أن تضيف إن النظريات البشرية والتكهنات الإنسانية شيئاً إلى قيمة كلمة الله، التي هي كافية لتأهيلنا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ.
حاول أيوب وأصدقاؤه الثلاثة أن يفهموا طرق الله بالمنطق البشري وفشلوا ، وفي النهاية قال لهم الله أنهم يحجبون الإعلان "بِكَلاَمٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ" .

إن اللاهوت الفلسفي أداة يمكن أن تستخدم بطريقة صحيحة أو خاطئة، المهم هنا هو الدافع والأولويات. فإذا حاولنا أن نفهم طرق الله وأفكاره بالإتكال على الوسائل البشرية، سوف يخيب أملنا.
لقد حاول الإنسان أن يثبت قدرته على الوصول إلى الله منذ تشييد برج بابل ، ولكن إن إستخدمنا عقولنا في دراسة وفهم كلمة الله بصورة أفضل، وكان الدافع الذي يحركنا هو محبة الله والرغبة في معرفته، فإن دراستنا سوف تؤتي ثمارها. ويمكن أن تصبح الفلسفة أداة لفهم الحق بصورة أفضل.
إن كلمة الله الموحى بها والمعصومة من الخطأ لها الأهمية والمكانة الأسمى والأكبر؛ وأية فلسفة بشرية يجب أن تأتي بعدها. فالكتاب المقدس هو الذي يحكم على فلسفتنا وليس العكس .
---------------------------------------------------

هل يتعارض منهج الشك الفلسفي أو الشك المنهجي مع ثوابت الدين......؟!

المنهج الفلسفي قائم على الشك حتى في المسلمات المذعومة من قبل رجال الدين أو المجتمع ؛ فكيف تدافع عن غيبيات لا دليل و لا برهان علمي عليها بنظريات و قراءات فلسفية.....؟!

الأمر يذكرني بإدعاءات رجال الدين أن القرآن به إعجاز علمي أو الخدع البصرية التي يقوم بها المهرج في السرك و الجميع ينبهر و يصفق عدا أصحاب العقول النيرة.

يشترك التنويريون الآن مع اللاهوتيين قديما في إستخدام الفلسفة لمعرفة الله و إثبات أن الدين لا يتعارض مع الفلسفة أو العلم ، متجاهلين تماما صفة الباحث الموضوعي و الحيادي ؛ فالجميع يشترك في منهج الإنتقائية و هذا يتعارض تماما مع كون شكهم الفلسفي شك منهجي.

***********
حينها ظننت أنه لا يجتمع الدين مع الفلسفة إلا على قيم الحق و الخير و الجمال و العدل......وغيره.
إلا أنني أدركت فيما بعد أن تلك القيم نسبية و هناك أديان تتعارض شرائعها و أحكامها مع قيم الحق و العدل مثلا:-
في الإسلام المرأة ترث نصف ما يرثة الرجل إذا كيف تدافع عن الدين في هذة الحالة بمنهج الشك الفلسفي الذي ينتصر للعدل و الحق......!

********

لا دفاع بالفلسفة التي تشك و تطعن في ما يظنها رجال الدين ثوابت و مسلمات عن الدين القائم على الإيمان بقدسية أشياء و نبوة أشخاص بدون دليل يذكر و جعل الصديقية أشد درجات الإيمان ؛ فأنا لا طالما أدهشني التطابق التام لتعريف الإيمان مع تعريف الوهم و الخرافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي أستاذتي
أودين الآب ( 2021 / 1 / 7 - 15:14 )
الفلسفة هي البحث عن الحقيقة عبر إستعمال العقل. الدين هو تغييب العقل لصالح الإيمان. و إذا جئنا للإيمان بتعريفه في الأديان الإبراهيمية هو التصديق من غير دليل يقول مؤلف القرآن و ما انت بمؤمن لنا و إن كنا من الصادقين . و في عبرانين ١-;- ١-;-١-;- نجد الإيمان هو التصديق بأمور لا ترى. ما اريد الوصول له هو حقيقة أن الفيلسوف ينطلق من الشك باستعمال عقله عبر البراهين ليصل إلى اليقين . اما الكاهن فينطلق من اليقين ليجد مبررات الإيمان اللاعقلاني عبر المغالطات. فشتان ما بين الثريا و الثرى. أخيرا مجرد إعمال العقل تجعل الإنسان على يقين باستحالة وجود دين منزل من عند الخالق على افتراض وجوده ٨-;-


2 - رائع تألقتِ
ملحد ( 2021 / 1 / 7 - 17:50 )
رائع تألقتِ ولا يوجد ما اضيف
وتقييمي للمقال 10/10

تحياتي


3 - الدين والديناميت - عنوان كتاب لأنيس منصور
أنور نور ( 2021 / 1 / 7 - 17:52 )
يمكن بالفلسفة اثبات وجود إله - ولكنه ليس بالمواصفات الكاذبة الجمال و التمام , التي تغدقها عليه الأديان. ولا طلبات له ولا تشريعات - بعكس ما تدعي الاديان
---
ِلما جهلت من الطبيعة أمرها ** وأقمت نفسك في مقام معلل
أثبتَّ رباً تبتغي حلاً به ** للمشكلاتِ ... فكان : أكبر مشكلِ
من شعر : جميل صدقي الزهاوي
سلام وتحية

اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير