الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف إستخدموا حُمق ترامب فى الانقلاب على ترامب

أحمد صبحى منصور

2021 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف استخدموا حُمق ترامب في الانقلاب على ترامب .
1 / 1 ـ صديق لنا دار بسيارته مرتين حول البيت الأبيض فاستوقفته دورية بوليسية وحققت معه ، وتأكّدت من نواياه الطيبة . حدث نفس الشىء مع صديق آخر إقترب من مبنى الكابيتول ( الكونجرس ) .
1 / 2 عندما كنا نقوم بمظاهرات ضد مبارك والمجلس العسكرى كان الأمر يستلزم إذنا مسبقا من البوليس وتحديدا لزمان ومكان ومسار المظاهرات ، وتصاحبنا سيارات الشرطة .
1 / 3 : قوات الأمن المرئية والسرية شديدة اليقظة في العاصمة واشنطون . هذا يفسّر سكوت القائمين على أمن العاصمة ، وتركهم الغوغاء الترامبية ( نسبة الى ترامب ) تقتحم الكونجرس وتنتهك حُرمته لأول مرة في التاريخ الأمريكي .
1 / 4 : الغوغاء الترامبيون ليسوا كما يقال عنهم قاموا بمحاولة إنقلاب على الدستور والديمقراطية الأمريكية ، بل إن أعداء المخبول ترامب هم الذين أوقعوا به في إنقلاب غاية في الروعة والدهاء . تركوا الغوغاء يأتون ويتجمعون ويقتحمون مبنى الكابيتول ، طاعة لأوامر ترامب ، ثم في الوقت المناسب تدخلوا بعد فضح ترامب .
2 ـ ترامب أسوأ رئيس أمريكا في تاريخها ، ولكنه إستمد قوته من كونه :
2 / 1 ـ مختلفا عن الطبقة السياسية الأمريكية التي تتداول السلطة وتتنافس في خداع الناس بمعسول القول ، أو كما يقال عنهم ( ندفع لهم ليكذبوا علينا ) ، ولكنه كذب مزخرف يستولى عليك ولا تملك إلا أن تصدقه . هم أمهر من يتعامل بوجهين وأكثر . ولكن ترامب كان له وجه واحد ، لا يتحرّج من الكذب ولا يأبه من أن يتناقض مع نفسه ، ولا يهمه أن أكاذيبه وتناقضاته مسجله . هو مخلوق يتكلم قبل أن يفكر ، بل هو يتكلم ولا يفكّر . وهو صادق مع نفسه وفى تعبيره عن نفسه ، ولا يبالى بما يقول . باراك أوباما إنحنى وهو يسلّم على الملك عبد الله بن عبد العزيز السعودى ، نافقهم وكاد لهم في سياساته البترولية والإيرانية . ترامب كان صريحا في علاقته بالسعوديين ، إبتزّهم علنا ، وخافوا منه وإنصاعوا له . نفس الحال مع زعماء وقادة الحزب الجمهورى، خافوا ليس فقط من بذاءة ترامب وقدرته على التشهير بهم ، وخافوا أكثر من كونه :
2 / 2 : مُجسّدا حقيقيا لأسوأ ما في الأمريكان البيض . هم المتعصبون ضيقو الأُفق ، أجداهم هم الذين أفنوا السكان الأصليين واعتبروا أنفسهم السكان الأصليين ، والذين إستقدموا أجيالا من أفريقيا ، إستعبدوهم ، واستلزم الأمر حربا أهلية لتحريرهم ، وحتى بعد تحريرهم عاملوهم بدونية واحتقار ، وحتى بعد قوانين الحقوق المدنية فلا تزال الكراهية البيضاء للأمريكان من أصل افريقى ظاهرة في تعامل البوليس الأبيض معهم ، بما يصل الى القتل على الهوية . والهوية هنا هي اللون . هذا الصنف السىء من الأمريكان البيض يفتخرون بثقافتهم ومن خلالها ينظرون بكراهية واستعلاء لبقية الأقليات العرقية في أمريكا . وقد إختاروا الابتعاد في السكن عن أصحاب الألوان الأخرى خصوصا السود . ولهذا تركزوا في الغرب الأوسط ، في مزارع وسهول وإمكانات صناعية هائلة . هؤلاء أرعبهم وأزعجهم وصول أوباما الى الرئاسة في سابقة لم تحدث . وجدوا بُغيتهم في شخص ترامب ، فهو يعبّر عنهم بوضوح .
2 / 3 : مخيفا لأعمدة الحزب الجمهورى المُحافظ ، والذى إعتادت هذه الأغلبية البيضاء التصويت لها . بظهور ترامب إلتفّت حوله ، ومن يمدحه ترامب يجد حظّه عندها . ولأن الطبقة السياسية تحترف النفاق واللعب على الحبال فقد خشيت من لسان ترامب ، لأنه إذا غضب على أحدهم ضاع مستقبله السياسى . إضطروا الى مسايرته مع علمهم أنه لا يصلح إلا أن يكون مهرّجا . بكل ما لديهم من مكر إستفادوا منه ، ثم إذا وجدوا أنهم سيسقطون معه بادروا الى الهرب من سفينته الغارقة .
3 ـ هذا يصل بنا الى كيفية التخلص منه .
3 / 1 : لم يكن ترامب يصدق أنه سينجح في إنتخابات الرئاسة الأمريكية ، دخلها لأنه شغوف بجمع المال وبالشهرة ، ورآها فرصة ليتكلم كما يحلو له ، وكان كلامه رائعا في أعين البيض المتعصبين ، فوجد نفسه رئيسا ، فاستمر في نفس الطريقة ، فازداد أتباعه والخائفون من سطوته ، ومارس عادته في إقالة من لا يستريح له من العاملين معه ، وكان يقيلهم باحتقار وبكتابة تدوينة على التويتر . ليست الصراحة في البذاءة هي المزية الوحيدة في ترامب ، هو أيضا مغرور ونرجسى وأنانى ومتعصب ، وبكل هذه الصفات الحميدة توقع أن يظل في الرئاسة ليس فقط مدتين ، بل أكثر. فكّر في هذا ، وبكل صراحة أعلنها . جاءت كارثة كورونا فأفتى فيها بغير علم ( شأن شيوخنا الأبرار) ، والتهمت كورونا ـ ولا تزال ـ مئات الألوف من الأمريكيين ، وهو لا يغيّر موقفه ، وأتباعه المتعصبون له مثله ، بل قلّما يرتدون الكمامة . بهم ظنّ ترامب ــ آثما ـ ان نجاحه مضمون في الانتخابات .!. ففوجى بخسارة محققة في الانتخابات .! . لم يكن أمامه إلا أن ينكر الواقع ، أنكره بقلبه وأنكره بلسانه ، وظل مخلصا لهذا الانكار حتى الآن ، وهو أنهم سرقوا منه النصر المبين .
3 / 2 : مناصرو ترامب الجمهوريون في القضاء وفى الولايات لم يستطيعوا إنكار النتائج الانتخابية في بلد عريق في إدارة الانتخابات ، وليس في تزوير الانتخابات . أصبح ترديد ترامب أنهم سرقوا منه الفوز عبئا على كبار أنصاره ، ووجدوا فيه خطرا ليس فقط على الديمقراطية الأمريكية بل على الأمن الأمريكي ( خصوصا مع علاقته المشبوهة بأكبر خصم لأمريكا ( بوتين ) ، وخافوا من تهوره في إصدار قرارات بحكم صلاحياته الكثيرة في مقعد الرئاسة ، وخافوا أيضا من أتباعه المتعصبين له .
3 / 3 : أجاد خصوم ترامب إستخدام حُمق ترامب . كان قويا بأتباعه ، وبكل صراحة ــ تُحمدُ له ـ دعاهم للمجىء الى واشنطن والتظاهر أمام الكونجرس وقت جلسته الروتينية باعتماد نتيجة الانتخابات . وأتوا من كل فجّ عميق لمناصرته ، ومنع ترامب من التعرّض لهم ، واستجابت له حاكمة العاصمة واشنطن ، وهى من خصومه ، وإستجاب له حاكما فيرجينيا وميرلندا ، وتقع العاصمة بينهما . وبقى مبنى الكونجرس كما هو كأن شيئا لن يكون . فاقتحم غوغاء ترامب المبنى ، ودنّسوه ، وحققوا أمل من استخدم حمق ترامب في الانقلاب على ترامب .
3 / 4 : اصبح ترامب الآن أسيرا بين يدى أصدقائه القدامى ( نائب الرئيس بينيس في البيت الأبيض ، وميتش ماكونيل في مجلس الشيوخ ) وأعدائه من الديمقراطيين في المجلسين ، وأجهزة الاعلام .
3 / 5 : حققوا الحد الأدنى من الانتصار وهو تحييده تماما وإكتفاء شرّه . وهناك الحد الأقصى وهو عزله طبقا للتعديل رقم 25 في الدستور الذى يبيح عزل الرئيس في ظروف معينة ينطبق بعضها على حالة ترامب . ولكن تفعيل العزل يستلزم وقتا ، وقد قاربت رئاسة ترامب على الانتهاء . في عزل ترامب فرصة لنائبه بينيس أن يتولى الرئاسة عدة أيام ، وفرصة ل ( ميتيش ماكونيل ) للتكفير عن خطاياه حين كان تابعا مطيعا لترامب . والسؤال الآن : هل هو العزل أم الإبقاء عليه مُهانا ذليلا ؟!.
4 ـ أمام ترامب أيام حالكة السواد . بخروجه مُجلّلا بالعار سيكون شخصا عاديا يأكل الطعام ويمشى في الأسواق ، لكنه لن يكون في أمن من الملاحقات القضائية . هناك ملفات سجلوها عليه ، وهناك قضايا فساد تنتظره .. وهناك خصوم له ينتظرونه على قارعة الطريق يترقبون الانتقام منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و