الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المسلمون مرضىَ بالدينِ أمْ الدينُ مريضٌ بالمسلمين!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2021 / 1 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


هل الدينُ يفتح البابَ للأمراض النفسية والعقليةِ والعصبية؛ أمْ أنَّ هذه الأمراضَ هي التي تفسح مكانـًا للدينِ لكي يتسلل إلى المؤمنِ أو المتدَيّن أو المُتطرف أو المتشدّد أو المُتَزمّت فينخر فيه السوس، ويثبّت العقلَ عند نقطة الصفر، ويُقَرّب المرءَ إلى عالم الحيوانات، الأليفة أو المفترسة، فيهبط به إلى القردة العليا أو يصعد إلى مصاف البشر؟

آلاف من الحيوانات البشرية التي تعُجّ بها الفضائيات واليوتيوبيات في خُطَبٍ جَهورية بذبذبات كأنها زلازل مصدرها حشرجات مرضى مكّنَتْ لهم المنابر والكاميرات فرصة إيصال أصوات مفبركة بزعم أنها سماوية أو ماضوية فأصابتْ الأمة في شبه مقتل!

تابعت في الفترة الماضية حملة استدعاء خُطُب هذه الحيوانات البشرية في فيديوهات ولقاءات وأحاديث وحوارات كثيرة تأكد لي بعدها أنها ليست مصادفة؛ وليست فقط كما ظننت طوال الوقت، نتيجة تعفُّن الفتاوى الدينية بعد مكوثها مئات السنوات داخل كُتُب مُتــْـربة كتبها مجهولون في تاريخ مُزيّف أو حقيقي، وأخرجها عفاريت من الإنس الحديث بطلب أو أو أوامر أو دفع مدفوع الأجر من السلطة السياسية إلى دعاة الغث التراكمي اللا فكري الآسن لتحقيق مزيد من العبودية الجماهيرية البلهاء.

لا أحيلكم إلى عدة حكايات أو مئات أو آلاف؛ لكنها عباطيات وهباليات لا حصر لها؛ أينما تولـّي عينيك تلفزيونيا أو حاسوبيا وجدت الحيوانات البشرية تتراقص أمامك بأجسادها، وحواجبها، وأسنانها الصفراء، ولحاها الكثة غير المهذبة، وعيونها المُكَحّلة، وزبيبتها المحفورة في الجبهة، ومظهرها البوهيمي، ولغتها المتهكمة والساخرة والخارجة من محاولات التأثير البشع على المؤمنين البسطاء.

ليست فقط نتائج للفتاوى الفجّة؛ إنما حملة استعمارية وطنية يقودها القصرُ في أي بلد إسلامي تحكمه سلطة سياسية باغية، وسلطة دينية بغيّة، وجماهير ببغاوية للديكتاتور مع منبر يعتليه حيوان بشري، سَمّه ما شئت!

حاولتُ ما وسعني الجهد لسنوات طويلة تحميل مسؤولية التخلف على عالم الفتاوى دون غيرها؛ فإذا باستدعاء السلطة السياسية لعدد هائل من عفاريت الإنس فوق المنابر يقف أمامي متحديــًا أي تفسير آخر لا سُــلطة للسُلطة عليه، ولا مكان للمصادفة في عفرتته!

شاهدت عددًا كبيرًا في محاولة دراسة هذه الظاهرة لمعرفة مصدرها الحقيقي، ومررتُ بلحظات قرفٍ، وغثيان، وقيء من أحاديث باسم خليط من الدين والجنس والحشيش والجهل!

لا أضرب مثلا بواحد، أو مئة، أو عدة آلاف فقد اكتظ بهم فضاءُ النِتّ، والتلفزيون حتى خِلتُها حربــًا من كائنات قادمة من الفضاء، أو من الغابة، أو من غائط الحيوانات.

شاهدتُ، وتأملتُ، وفحصتُ، وفكّرتُ فما وجدت إلا تركيبــًا جسديــًا متكاملاً للقرَدة العليا في الدعاة، والشيوخ.. والمهابيل!

إنهم نتيجة طبيعية لعبقرية السلطة السياسية مدعومة من استعمار لا يحرّك مؤخرته من مكانها للعودة مرة أخرى إلا بواسطة جواسيس المنبر، وعملاء القداسة!

مجنون من يزعم أن الحملة المنبرية في وقت واحد جاءتْ مصادفة، وأن الغزو المقدس لعقول المسلمين جاء نتيجة آراء وفتاوى وكتب عتيقة ومخطوطات مكتوبة على جلد غزال؛ لكنه هَتــْـكُ عِرْضِ السلطة السياسية لجماهير مُغَيّبة عن طريق هذه الحيوانات البشرية التي اجتاحت العقول والنفوس والقلوب، وتلقتْ دعما من الجهل الديني الذي يمدّ أذرعه من كل الجماعات الدينية، من سلفيين واخوان مسلمين وطالبانيين ودواعش وبوكوحراميين وعشرات من التيارات الإسلاموية التي اخترقت العالم الإسلامي من مقديشيو إلى جاكرتا، ومن الخرطوم إلى قندهار، ومن غدامس إلى الإسكندرية!

لو أنني ضربت مئات الأمثلة التي أزعجت مضجعي فلن أوفيها حقها، من الذي يتحدث عن إسلامية زواج المسلم من ابنته إلى تفخيذ الطفلة المربربة، ومن نسَب المواليد إلى زوج الأم الأول الذي هجرها قبل أربع سنوات إلى كتابة اسم المولود نسبة إلى العفريت الذي نام مع الزوجة عندما غفل زوجها وهو بجوارها، ومن نزول رب الكون إلى الأرض ليلا ( ليس في بلاد شمس منتصف الليل)والبحث عن التائبين إلى علاج الكوفيد 19 بوصفة نبوية لدى المسلمين من أربعة عشر قرنا!

لو تعلــّـم حيوان بري أو بحري أو أميبيا أو ميكروب الحديث بلغة عربية لما تجرأ على الإتيان بأحاديث تعادل ما لفظت به حيوانات المنابر التي تستشهد بالقرآن الكريم وما قيل أنها أحاديث نبوية وبخاريات ومرويات!

إن الخطة البهيمية التي وضعها في القصر طاغية أو ديكتاتور أو عاهر أو حيوان زعيم حققت نجاحا في العالم الإسلامي برمته؛ لذا لا أستبعد أن يتم استعبادنا من جديد، ونقلنا عبر أعالي البحار لأسياد في العالم المتقدم، فالمسلمون الآن وجبة جاهزة وكاملة الدسم للإنسان المتقدم، وللحيوان المفترس على قدم المساواة!

هل تعرفون أن أي حيوان من الدُعاة يجذب من المتخلفين عقليا آلافا مؤلفة بمجرد أن يسرد حكاية من نسج خياله أو من كتب الأقدمين؟

هل تعرفون أن المسلمين الآن أعداء حقيقيون للعقل والمنطق والتاريخ والحقائق بعدما عاث فسادًا في رؤوسهم حيوانات المنابر الدينية؟

المسلمون الآن على أهبة الاستعداد أن يحكمهم شمبانزي شريطة أن يتحدث في الدين، ويستدعي من تاريخ مجهول أقوالا أكثر مجهولية من الغيب برمته، وسيلتف حول الشمبانزي الداعية أضعاف من تزيغ أبصارهم لجسد راقصة عارية!

لا أريد أن أذكر أسماء الحيوانات الدُعاة لأنني سأظلم الأسوأ منهم الذين لم أشاهدهم أو أسمعهم.

ما أنا واثق فيه بأنه لن تمر عشرون أو ثلاثون أو خمسون عاما حتى يرتدّ كل العقلاء.. كل العقلاء بدون استثناء عن الإسلام الحنيف!

ما أنا واثق منه أن إبليس سيرفض الوسوسة للمسلمين؛ فقد انتهوا إلى تخريب عقولهم وقلوبهم ونفوسهم بفضل الحيوانات الدُعاة على المنابر، تلفزيونيا أو نتّيــا!

أشعر بأن كل مسلم يشاهد ويسمع خطبة دينية من الحيوانات الدُعاة يرتكب مئة إثم، وألفَ خطيئة تُقرّبه إلى الكُفر.

لقد نجحتْ السلطات السياسية في أكثر(!) الدول الإسلامية من دعم ومساندة الحيوانات الدُعاة، ولم يبق إلا القليل من الوقت على التخلص من الدين الحقيقي لآخر مسلم على الأرض، ويبقى فيها عبيد السلطان، والمُغَرَّر بهم، والقــِـرَدة البشرية التي تُصَلــّـي، وتصوم، وتعبد الله، والشيطان، والاستعمار، وسيد القصر، والداعية، لكنها لا تحصل على ذرة ثواب في الآخرة.

لقد انتصر الحيوانات الدُعاة ولم يبق غير الحيوانات المستمعين ليعرفوا أنَّ فقهاءَهم وعلماءهم ودعاتهم اغتصبوهم على مرأى ومسمع من الشيطان والسلطة السياسية.

إذا أردت أن تقتل أو تغتال أو تُميت موضوعا عن الحيوانات الدعاة فقل إن هناك بعض الاستثناءات، فينشغل محاوروك بالعشرات عن مئات الآلاف، وتُبعدك كلمة عن جملة، وتُنسيك فقرةٌ الكتابَ كلـــَّـه.

ربما يأتي يوم بعد عشرات السنين أو مئاتها يقول أناسٌ لبعضهم: كان هناك في الأرض دين سماوي عظيم، وموحى به من رب العالمين، لكن أتباع الدين حرّفوه، وخرّفوه، ومزقوه، وشتتوه ثم أضافوا إليه مرويات حيوانية مستعينين بالمقدس وسط تصفيق السلطة السياسية حتى تبسط الطريق للعبودية والطاعة والقفا العاري: صفعة من أجل الحاكم و.. صفعة من أجل الحيوان الداعية.
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 7 يناير 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي