الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقات عابر سبيل

خالد خالص

2021 / 1 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما كنت صبيا كان كل أملي أن يمضي الوقت بسرعة أكثر لأكبر كالأطفال؛ وعندما صرت طفلا صرت أتمنى الحصول بسرعة على شواهد دراسية، فحصلت تباعا على الابتدائية والثانوية والجامعية.
وعندما أجبرت قهرا على قضاء فترة الخدمة المدنية بالإدارة العمومية، كنت أتمنى أن تنتهي تلكم الفترة بسرعة أيضا للعمل في القطاع الخاص لتنمية بعض الثروات العائلية.
وأثناء الخدمة المدنية عقدت العزم على الحصول على شواهد جامعية عليا متخصصة فحصلت عليها ونميت بعض ثروات العائلة قبل الالتحاق بمهنة المحاماة التي أعشقها.
وكم كنت أتمنى أن تنتهي فترة التمرين بسرعة لاجتياز امتحان الاهلية لأرى إسمي على رأسية وممارسة المهنة كمحام مسجل بالجدول، فأنهيت التمرين ونجحت بتفوق في امتحان الاهلية وفتحت مكتبا خاصا بي وأصبحت لي رأسية باسمي ومارست المهنة وأديت ولا زلت اؤدي الرسالة.
وأثناء فترة التمرين قررت الزواج بالموازاة فتزوجت، وقررت إنجاب أطفال بعد ذلك فأنجبت ثلاثة حيث صار هدفي هو تربيتهم وتعليمهم ومرافقتهم، فربيتهم وعلمتهم ورافقتهم الى ان حصلوا على الشواهد الابتدائية والثانوية ليغادروا المنزل نحو جامعات هنا وهناك فأصبحت جهودي مشتتة بين المغرب وكندا وفرنسا الى أن حصلوا على الشواهد الجامعية العليا، واستقر كل واحد في مجاله.
وبين العلم والتعليم والأسرة والمهنة والأعمال والمال والمسؤوليات الكثيرة والكبيرة هنا وهنالك الى جانب العمل الثقافي والجمعوي جرت مياه ومياه تحت القناطر لا سبيل للوقوف عندها،
وانا أتصارع يوميا مع الزمن وحتى دون أن أدري بأنني أتصارع مع نفسي وأنني أطوي صفحات من عمري، وبعد وفاة صديق من أعز أصدقائي منذ بضعة أيام، صحوت فجأة وأنا أقترب من نهاية العقد السادس، والتفتت الى نفسي مستغربا كيف مرت كل هاته العقود بسرعة، وسألت نفسي عن نفسي وعن سبب وجودي في هذه الدنيا وهل أتيت اليها لأداء مهام معينة قبل الرحيل أم أن هنالك أسبابا أخرى أجهلها.
وأنا سابح في التفكير في شرفة منزلي أمام البحر تذكرت أغنية "من غير ليه"، التي كان سيغنيها المطرب عبد الحليم حافظ لولا وفاته سنة 1977، فغناها الموسيقار محمد عبد الوهاب، والتي تبرز كلماتها، -التي هي لمرسي جميل عزيز-، عمق السؤال الفلسفي لصاحبها انقل اليكم البعض من مقاطعها في إنتظار ايجاد جواب لسؤالي إن أنا وجدته يوما.
"من غير ليه
جايّين الدنيا ما نعرف ليه
ولا رايحين فين، ولا عايزين إيه
جايّين الدنيا ما نعرف ليه
ولا رايحين فين، ولا عايزين إيه
مشاوير، مشاوير مرسومة لخطاوينا
نمشيها في غربة ليالينا مشاوير
مشاوير، مشاوير مرسومة لخطاوينا
نمشيها في غربة ليالينا يوم
يوم تفرحنا ويوم تجرحنا
واحنا ولا احنا عارفين ليه، ليه، ليه
وزي ما جينا، جينا، جينا
ومش بإيدينا، بإيدينا جينا
وزي ما جينا، جينا
ومش بإيدينا، بإيدينا (...)
إلا انني لم أكمل الأغنية واستحضرت بسرعة، الحديث النبوي الذي كان يحب ترديده الأستاذ عبد الهادي التازي رحمه الله الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم "إن قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"؛ فانتعشت روحي وجوارحي وقلت لنفسي قم ولا تسأل كثيرا وقل "اللهم لك الحمد حتى ترضى، و لك الحمد إذا رضيت، و لك الحمد بعد الرضى"، لكي لا تسقط في اليأس والإحباط وواصل المشوار إلى النهاية المرسومة لك فإن "الله لا يضيع أجر من أحسن عملا".
وهأنذا انتفض على الأفكار السوداء وعلى الحزن وحتى على المرض العارض الذي ألم بي مؤخرا لأجد نفسي اتقاسم معكم هذه الأسئلة الفلسفية الوجودية للحياة لربما تجدون فيها أنفسكم وكذا البعض من تساؤلاتكم ولربما تجدونها مجرد "هرطقات عابر سبيل" وهو ما اخترته كعنوان ربما عن صواب وربما عن خطأ لحديث الإثنين هذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال