الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يصبح رئيس أكبر دولة في العالم ، بلطجي شمْكارْ -- السقوط المدوي المهين والمُذل للرئيس دونالد ترامب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ما جرى للكابتول ( مجلس النواب ) ، سيبقى ذكرى لم يسبق للتاريخ الأمريكي ان عرفها في كل منعطفاته ومساراته ... لان الندرة التي افقدت العالم صوابه ، ان يتحول رئيس اكبر دولة في العالم الى شمْكارْ، وبلطجي يتصرف خارج القانون ..
لأول مرة في التاريخ الأمريكي تتعرض المؤسسات الامريكية ، بل الدولة الامريكية الى انقلاب يقوده الرئيس المنتهية ولايته ، وهو انقلاب على الشعب الأمريكي الذي استعمل في الانتخابات ، لاختيار الفريق واللون السياسي ، الذي سيتولى تصريف اعمال الدولة ، التي تخضع لسلطة حكومة الظل ، التي تحكم فعلا الولايات المتحدة الامريكية ..
فان يتم الهجوم على " الكابتول " ، وبتوجيه من الرئيس شخصيا ، الذي رفض نتائج الانتخابات ، ورفض طعون المحاكم التي نظرت في اعتراضاته على نتائج الانتخابات في العديد من الولايات ، لهو امر مشين ، وينم عن الخطر الذي بدأ يكشف عن وجهه القبيح ، الذي هو اليمين المسيحي المتطرف الذي يستعمل الديمقراطية للانقضاض عليها ، وعلى الدولة الامريكية ، وهو لا يختلف هنا عن نفس الأسلوب الذي تعتمده التيارات الاسلاموية ، واليهودية المتطرفة ،عند استعمالها الانتخابات كمطية لبلوغ غايات تؤصّل للفاشية ، ولا علاقة لها بالديمقراطية ..
الآن الرئيس الأمريكي الشمكار البلطجي ، والانقلابي ، يكون قد ارتكب جريمة خطيرة ضد الشعب الأمريكي الذي اختار في الانتخابات ، وضد مؤسسات الدولة التي ترمز الى التاريخ ، وضد قرارات القضاء الأمريكي ، وضد الولايات المتحدة الامريكية الدولة .. واكيد ستنتظره واتباعه محاكمات جنائية ، واكيد سينتهي به المطاف في السجن ... يا لها من نهاية غريبة وذليلة .. ولعنتها ستصيب مستقبل الحزب الجمهوري ، الذي رغم ان كل اعضاءه البارزين والمقربين من الرئيس ، انقلبوا على الرئيس عندما استنكروا ما جرى بالكابتول ، ومنهم من وصف ما حصل ، جريمة يقوم بها الارهابيون وقطاع الطرق المحليون ، فمن الصعب ان يخرج الحزب الجمهوري من الرماد الذي دفنه فيه الرئيس دونالد ترامب ... لقد كانت مواقف نائب الرئيس ، ومواقف كاتب الدولة في الخارجية بوميو ... ضد بلطجية الرئيس .. لأنه عندما تسقط البقرة ، تخرج السيوف والخناجر بلا حساب ..
بل ان مخلفات ما حصل من بلطجية ، وبتوجيه من الرئيس شخصيا ، قد عرى على التناقض الأساسي والعميق ، الذي ينخر الطبقة السياسية الامريكية ، وينخر المجتمع الأمريكي عموديا وافقيا ، كما انه برهان على الهشاشة التي أضحت تعاني منها ديمقراطية حكومة الظل ، التي أصبحت لا تطاق من قبل التيار الجارف ، الذي يمثله التيار المسيحي المتطرف ، الذي يؤصل دائما ممارساته السياسية ، بالاستناد على الفوارق الحضارية ، والدينية العنصرية .. الم يقل جورج بوش الابن في حرب الخليج الثانية ، ان الله بعثه واصطفاه ، لاستئصال الشر من جذوره ، والشر يقصد به الإسلام ..
ان الانقلاب الفاشل الذي قاده الرئيس شخصيا ، علاوة انه عصف بمستقبل الحزب الجمهوري ، وعرى على الفاشية الغازية للمجتمع الأمريكي ، خاصة في ثمانية عشر ولاية للبيض المتفوقين ، سيضعف اتوماتيكيا الحزب الديمقراطي ، وسيضعف مؤسسة الرئاسة عصب النظام السياسي الأمريكي ، لان المجتمع اليوم قد ظهر وجهه الحقيقي الذي كان مزيفا ، وهو الشرخ والانقسام الذي يستحيل على الرئيس الجديد جون بايدن ترميمه ، فأحرى السيطرة عليه .. ان ثمانية عشر ولاية للبيض ، يأخذون بعين الاعتبار السن المتقدم للرئيس الديمقراطي المنتخب ، ويُضيرهم انه انْ تعرض غدا لازمة ، سيصبح الرئيس الفعلي للولايات المتحدة الامريكية ، زنجية من أصول افريقية ، هي " كمارا راييس " ... وهذا الخوف من تولي أسود رأس الدولة الامريكية ، يمتعض منه اتباع التيار المسيحي المتطرف ، الذي يركز على التمايز العرقي في تدبير وتسيير اكبر دولة في العالم ، التي قد تصبح اصغر دول في العالمة انْ لم يتدارك السياسيون الخطر، ووأده قبل ان يستفحل ، أي قبل اندلاع حرب أهلية بين البيض العنصريين ، وبين الملونين من سود ، وأمريكا لاتينيون ..
ان اللعنة التي اصابت الرئيس الأمريكي المتهور، والمندفع اكثر من اللازم ، وطيلة مدة ولايته ، لان كل خرجاته كانت مجرد تهديدات فارغة ، دون ان ينتقل الى مرحلة الفعل ، وتفعيل التهديد ، وهذا يظهر من طريقة تخلصه من مستشاره السابق في الامن القومي المتطرف جون بولتون .. ، ستصيب كل مشاريعه ، وقراراته المتعارضة مع القوانين الامريكية ، والقوانين الدولية ... بل الآن وبسبب الانقلاب الفاشل ، ستجد الإدارة الامريكية الجديدة الفرصة ، للانتقام من القرارات التي اتخذها ترامب في عز نزوته الطاووسية " انا ربكم الأعلى " . وستكون مراجعة لمشروع الضم الذي خطط له فقط بقوة التهديد لإقبار القضية الفلسطينية ، وستكون مراجعة لحرب اليمن الظالمة ، ولإسرائيلية القدس ، وسورية الجولان المحتل ، والانكباب على حل الدولتين ..
لكن انّ اكبر تراجع سيكون ، هو اعتراف ترامب من جانب واحد ، بمغربية الصحراء ، مقابل اخراج النظام المغربي العلاقات مع إسرائيل الى العلن ... فالرئيس جون بايدن سيشجع العلاقات بين النظام المغربي ، وبين الدولة العبرية ، لكن اكيد سيتراجع عن اعتراف الرئيس الأمريكي بمغربية الصحراء ، لأنه يعتبرها من اختصاص مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، الخاضعة للقرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة في سنة 1960 ... وبالطبع سيكون الرئيس جون بايدن في هذه المسالة ، خاضعا لتأثير الرئيس السابق باراك أوباما الذي يتشبث بتقرير المصير ..
وبعد ان نشر الحلف العسكري الغربي " الناتو " ، خريطة المغرب كاملة دون بتر الصحراء الغربية منها ، يعود " الناتو " ، وبعد الهجوم على الكابتول بتوجيه من الرئيس ترامب شخصيا ، الى اعتماد الخريطة الدولية التي تَعْرِض المغرب دون الصحراء ، وهي نفس الخريطة تنشرها وكالة المخابرات الامريكية CIA ، ومنظمة المساعدات الخارجية الامريكية ، الاتحاد الافريقي ، الأمم المتحدة ، موقع أفريكوم ... وتُكذّب مصر خبر فتح قنصلية لها بالعيون ، وتؤكد تشبتها بالاستفتاء وتقرير المصير ... ناهيك عن الاعتراف الصريح لموريتانية بالجمهورية الصحراوية ...
الآن ستتصرف الإدارة الجديدة الديمقراطية بأسلوب الانتقام ، والتشطيب على القرارات التي لا تعجب الحزب الديمقراطي ، او انها لا تتماشى مع اختياراته الأيديولوجية والحقوقية ، وستصيب لعنة دونالد ترامب ، كل المهرولين الذي تسابقوا للتطبيع الخيانة مع الدولة العبرية . واكيد سيتم إعادة قضيةجمال خشقاجي ، حقوق الانسان في السعودية ، وفي مصر ، وكل الدول العربية ... وسيصبح التعامل مع الأنظمة ، هو موقفها من حقوق الانسان مع الشعوب التي تحكمها بقوة السيف ، والقهر ، والجبر ...
ان العديد من المحللين ، كانوا يعتبرون الرئيس دونالد ترامب من الصقور الممتازين ، خاصة عندما أذل كل الحكام العرب ، ومن دون استثناء ، وحلب من آل سعود حوالي خمسمائة مليار دولار ، وفرض نفس التعامل ( حلب البقرة ) ، حتى مع كوريا الجنوبية ، وألمانيا ، وحتى الحلف الأطلسي الذي طالب الدول الأعضاء ، بزيادة مساهماتها في الحلف إنْ ارادات أنْ تدافع عنها القوات الامريكية .. لخ .. لكن من خلال السنة الأخيرة عن انتهاء ولايته الرئاسية ، بدأ يظهر انّ دونالد ترامب هو شخص ضعيف ، وليس شخصا قويا ، وانه يركز على الطاووسية ، والظهور بعظمة " نيرون " الذي يخيف العالم ،الذي يجب ان ينبطح له . لكنه في الحقيقية كان شخصا شاردا ، يجهل ابجديات السياسة التي لها حقلها ومجالها ، وظهر " كبزْناسْ " يركد وراء الصفقات ، ويحلب وبطريق التهديد ضِعاف الحكام ، خاصة العرب ، ولم ينجو من محلبته حتى اليابانيون ، والالمان ، والكوريون الجنوبيون ...
لقد ظهر ضعفه حين فشل في ( اسقاط ) النظام الإيراني ، الذي " انتصر " بذهاب ترامب المخزي ، والمهين ، والمذل .. لكن هل كان حقا ترامب يحضر لإسقاط النظام الإيراني ؟ انّ من كان يعتقد ان ترامب وادارته كانوا يعملون لهذا المخطط ، اكيد لا يفهم في اللغة الامريكية ، ولا يفهم في العلاقات الدولية ... لقد كان ترامب ذكيا حين وظف النظام الإيراني كبعبع للتخويف ، لحلب بترول ودولار الخليج ، وقد نجح في ذلك عندما اصبح عدو المشاييخ الخليجية ايران ، وهذا دفع بهم الى الارتماء في الحضن الأمريكي ، والحضن الإسرائيلي الذي هرولوا ، وتسابقوا للتطبيع معها ، بحجة الخطر الإيراني الفوبيا ، في حين ان ايران لا تهدد أحدا ، ولم يسبق ان هددت اخرا ، بل هي من تعرضت للغزو من طرف حزب البعث العراقي ، وبتمويل كل دول الخليج مجتمعة ... فحصل استنزاف لكل دول المنطقة استفادت منه أمريكا ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وإسرائيل .. والسؤال : لو كان دونالد ترامب يكره ايران ، لماذا سلمها العراق عند الإطاحة بنظام صدام ؟ ولماذا لم يسبق في التاريخ ، وطيلة حقبة دونالد ترامب ، انْ حصلت فقط مناوشات عسكرية ولا نقول حربا بين أمريكا وايران ، وبين إسرائيل وايران ؟ لكن لماذا تدمير سورية ، ليبيا ، العراق ، اليمن ... والحبل على الجرار ...
والتساؤل : الم يلعب الوحش كورونا 19 ، دورا بارزا في اسقاط الرئيس دونالد ترامب ، عندما استعاضوا عن التصويت الانتخابي المباشر ، واستبدلوه بالتصويت الإلكتروني ... الذي كان سببا دفع ترامب الى اتهام حكومة الظل بتزوير الانتخابات ... بل سيصبح الرئيس نفسه يدعو حاكم ولاية جورجيا بسرقة احدى عشر صوات لفوزه ... فعن اية ديمقراطية نتحدث إذا كان الرئيس يتشكى من التزوير ، وفي نفس الوقت يمارس هو التزوير ؟
لقد كان الرئيس دونالد ترامب ضعيفا لا يفقه تدبير وتوجيه الشأن العام السياسي ، ويجهل تقنيات السياسة الدولة والعلاقات الدولية ، وانعكس هذا الضعف على مستوى اتصالاته مع رئيس كوريا الشمالية ، ومع شخص الرئيس فلادمير بوتين ، وشعوره بتجاوز الصين له ...
كما ان اكبر الخاسرين من الذهاب المدوي للرئيس ترامب ، زميله وصديقه بنجامان نتنياهو ، الذي اكيد ومثل دونالد ترامب سيدخل السجن ..
فحين سيصبح كل من الرئيس دونالد ترامب ، ورئيس الحكومة الصهيونية Netanyahou في السجن ، تكون لعنة الشعوب قد نزلت عليهما مطرا ... وتكون هذه اللعنة قد ضربت الحزب الجمهوري الأمريكي ، وحزب الليكود الإسرائيلي ..ويكون ما حصل ، رسالة لتغيير افقي وعمودي ستعرفه أمريكا بسبب فاشية اليمين المسيحي المتطرف ، و ستعرفه إسرائيل بسبب اليمين اليهودي الفاشي المتطرف ... فخطر التطرف الديني المسبب للكوارث ، يهدد الاستقرار العالمي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى