الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين الشهرة والنجومية

حسام الخطيب

2021 / 1 / 9
الادب والفن


شتان بين الثرى والثريا وأقصد بالثرى هنا الشهرة بالطبع، فليس كل مشهور نجم ولكن كل نجم مشهور، فالمجتمع والاعلام مليء بالعشرات من المشهورين ولكنهم في الميزان لا يسوون وزن بعوضة، فلا هم اضافوا علمًا او اخترعوا فنًا او انتجوا ادبًا، لم يبتكروا لقاحًا او يطورو بلدًا، هم مثل الذباب يتنقلون بين هنا وهناك لأجل الظهور فقط وللأسف المجتمع يفسح لهم مكان الصدارة.
يقول البعض بأن الشهرة هي النجومية ولكن الفرق كبير، الشهرة قد تأتي من الأشياء الحسنة أو السيئة على السواء وبطرق مشروعة أو غير مشروعة وقد تكون شهرة تجلب لك الانتقاد أو المديح ولكن النجومية هي الشهرة الحسنة التي تكون دائما بطريقة مشروعة وعن أشياء حسنة وتجلب لك غالبا المديح.
في الأونة الأخيرة وتحت سعار النجوم الصاعدة وأنبياء الفجر الكاذب تسارع الكثيرين لاكتساب الشهرة وانسالوا عبر منصات التواصل الأجتماعي وشاشات التيك توك واليوتوب وهم يخرجون من جحر ضب إلى أخر وما لشيء سوى اكتساب الشهرة حتى انها اعمت أعينهم وافقدتهم صوابهم ، فهذان زوجان مخبولان معتوهان على اليوتوب يتاجران بدقائق حياتهما الخاصة ولحظاتهما الثمينة بل وبابنتهما ، وهذه فتاة تضع اقذع العنوانين لفيديوهاتها لكي تجلب المشاهدات دون مراعاة للأخلاق أو لمشاعر أسرتها، هناك من يسخر من البسطاء ومن يفتعل حادثة لم تحدث لجذب الانتباه.
أنت أيضا لو كنت من هواة الشهرة يمكنك فعل ذلك.
تعال في ميدان التحرير واكشف مؤخرتك وسوف تصير حدثا لوكالات الأنباء في التو واللحظة، او احرق كتابًا مقدسًا من أي نوع في فيديو مدته ثوان ولسوف تصير أشهر من تمثال الحرية في ظرف ساعة، اكتب رأيا على صفحتك أنك تنادي بتعدد الأزواج او حتى الجمع بين دينين ولسوف تجد نفسك رجل الساعة. أطلق دعوة لوأد البنات من جديد ولسوف تصير نجما على التلفاز طيلة الوقت.
فعلها الكثيرون قبلكم ، هناك فتاة مصرية منذ بضعة سنوات وعقب ثورة يناير اعلنت عن الدعوة للحرية الجنسية وتعرت كاملة على مدونتها لتصبح اشهر فتاة مصرية بالعالم حينها حتى أنهم دعوها للسويد للحصول على جائزة في مؤتمر المرأة العربية ، هناك فنانة أخرى تثير الجدل كل فترة والأخرى بفيديوهات او صور صادمة لها وهناك كاتب كبير يهاجم الثوابت الدينية والمجتمعية مع كل فنجان قهوة صباحًا ، ولكن لتسئل نفسك هل هذه الشهرة ما تريد ؟
لنفترض أنك صرت حديث الساعة وماذا بعد؟
فرشوا لك البساط ووضعوا أمامك كاميرات التصوير وانتظروك ان تتحرك فما الذي لديك لتقدمه، لاشيء وأنت تعرف ذلك جيدًا
النجومية تأتيك بالشهرة أما الشهرة فلن تأتيك بشيء، هي فقط تمنحك خمسة عشر دقيقة من الأضواء ثم تتلاشي وترهق نفسك بعدها في عشرات الافعال المماثلة من اجل البقاء تحت الأضواء، هناك مخرج شاب منذ بضعة سنوات قام باخراج فيديو غنائي بعنوان " أترك يدي" وكان فاضحا ومبتذلا للغاية وحينما سألوه عن السبب بعد هروبه من مصر قال بأنه لم يحصل على التقدير طوال سنوات ففكر في جذب الانتباه له حتي يصير شهيرا ثم يهتم الناس لما يقدمه فيما بعد ولكنه حتى تلك اللحظة لم يقدم أي شيء يستحق الذكر
طلب الشهرة مذموم بكل حال ، والمؤمن مخبت متواضع ، لا يحب أن يشار إليه بالأصابع ، ومن أعظم ما يفسد على المرء سعيه إلى ربه : حبه للشهرة ، والشرف في الناس ، والرئاسة عليهم، أما إذا قدر أن العبد طلب الخير ، من أمر الدين أو أمر الدنيا ، ثم وقعت له الشهرة دون طلب منه لها ، وسعي في سبيلها ؛ فلا حرج عليه في ذلك ، بل عليه أن يصحح نيته في طلب الخير ، ولا يبالي بما حصل له من الشهرة بعد ذلك ، إذا لم يكن له همة في طلبها ، ولم يتعلق قلبه بها
وطلب الشهرة ليس بالأمر الحديث بل هو قديم قدم ، حينما كتب الإمام ابن الأسير كتابه الكامل في التاريخ سمع به احد طالب الشهرة فلقب في الكتاب وقال ليت ابن الاسير ذكرني ولو في اسماء اللصوص وحينما قام الخطيب البغدادي بتأليف كتابه الشهير تاريخ بغداد قال ابن البنّاء وهو من أعيان بغداد لأحد جلسائه هل ذكرني الخطيب البغدادي في الثقات أم ذكرني في الضعفاء؟ قالوا له: "لِمَ يذكرك لا في الثقات، ولا ولِمَ يذكرك في الضعفاء، قال: ليت الخطيب ذكرني في كتابه ولو في الكذابين
هناك من يدعي أنه ليس هناك من شهرة سيئة، فالشهرة لازالت هى الشهرة ويستندون في ذلك الى نظرية السياسي ورجل الأعمال الأميركي "تايلور بارنوم" حول العلاقات العامة، والتي يمكن اختصارها في أنه "لا يوجد ما يسمى شهرة سيئة"، وهو يتحدث عن الشهرة في سياق مادي وحسب، وقال "لطالما أن الدعاية أو المنشور يتواجد على لائحات الأكثر مبيعا أو الأكثر مشاهدة فأنت قد نجحت في تسويقك لنفسك أو عملك". تلك النظرية التي اتفق معها كثير من السياسيين والمؤثرين أمثال "نعوم تشومسكي" و"إدوارد بيرناي" في هذا التوجّه حتى شكلت هذه النظرية إشكالا ثقافيا في الغرب، مطلع القرن العشرين، خصوصا في مجال الإعلام والعلاقات العامة.

لكن تلك الشهرة بها تلاعب بالجمهور الذي يتابعك ويتحمس لك، ونذكر هنا قصة الفنان عمر الشريف الذي كان أول ممثل يقوم باعلان عن السجائر وقلده الكثير من الشباب المحبين في ذلك الوقت فتلك الشهرة استغلت فيما لا طائل له، في الخليج حينما كنت أعمل هناك كان بعض الناس يعيرون المصريين بالراقصات في بلادهم ، فلم يشتهر في بلادنا في اخر عشرين سنة سوى الراقصات وتلك شهرة سيئة لنا وللبلاد. إلى الدرجة التى دعتني للسؤال أين ذهبت مصر وشهرتها القديمة بالحسن والجميل، الشهرة السيئة تضر الجميع وصولا للوطن مثلما يشتهر الايرلنديون بالسكر والصينيين بأكل الغريب من الطعام.
حينما كانت الكاتبة احلام مستغانمي في بيروت اندهشت بأن الجزائر لا تعرف سوى بالشاب خالد وشعرت بأن ذلك انتقاصا من شأن الجزائريين كونهم اختزلو في شخص مطرب واحد فقط.
في النهاية ابحث عن النجومية ان كنت فاعلا فكما قال الفيلسوف الروماني" شيشرون" ان الشهرة هي مديح الغوغاء
حينما تنشيء قناة على اليوتوب او تنشر كتابا ابحث عن محتوى يعيش ويدوم ويخدم، لا تبحث عن الفرقعات الاعلامية وجذب المتابعين فقط، قد تنشر مقالا عن الماسونية وعلاقتها بابن خالتك ويحقق مليون قراءة ولكنه غير مفيد وغير صادق ولكن قد تنشر مقالا عن الانضباط الذاتي يقرأه عشرة فقط ويغير حياتهم للأبد، ربما واحد منهم بقادر بعد قراءته للمقال على تغيير حياة الانسانية جمعاء والفضل لك
الكثيرون يبحثون عن الشهرة بالطرق السيئة وهي الاسهل والاقصر، ربما يدعي احدهم اصابته بمرض نادر او خطير او يربط احدهم نفسه بفضيحة ما ولكن تلك الشهرة لا تدون وان دامت واتضح كذبها فهي تهوى بصاحبها إلي الدرك الاسفل في عيون متابعيه
وتذكر دائما ان النجومية دائمة اما الشهرة فمؤقتة.
والسؤال الأن كيف نصل للنجومية أو الشهرة الحسنة
تلك قصة أخرى
ومقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل