الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقالتان لي, الأولى تنبأت بفوز ترامب, والثانية بغزوة الكونغرس

جعفر المظفر

2021 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


من حقك أن تضحك حينما تفوز بالرئاسة لكن ليس من حقك أن تُكشِّرحينما تخسرها. ركنا الديمقراطية الأساسيين هما بهذا المعنى : أن تبتسم حينما تفوز, وأن تقر بالخسارة حينما تحدث. ومشكلة ترامب كما بات معروفا أنه لم يكن مستعدا للقبول بركن الديمقراطية الثاني : القبول بالخسارة, مما نبّه إلى حقيقة أن الرجل يعيش حالة نكران (وهذه الحالة غالبا ما تشير إلى وجود خلل ما على صعيد البنية العقلية أو على صعيد طريقة التفكير).
على الجهة الثانية, الإعتقاد بأن الديمقراطية الأمريكية هي خالصة من كل شائبة, وأنها بريئة مما فعله ترامب, قد يؤدي إلى شخصنة الخلل كثيرا. ثم أن محاولة توصيف المجاميع التي هاجمت مقر الكونغرس على اساس أنها مجاميع من الرعاع الخارجين على القانون والمتمردين على النظام الديمقراطي سيحرمنا من فرصة التعرف على طبيعة الأزمات الإجتماعية العميقة التي تواجه أمريكا والتي أنتجت متمردين وخارجين على القانون بهذا المستوى.
قبل أكثر من عقد من الزمن, وبالضبط في سبتمبر من عام 2010 وتحت عنوان (حضروا أقداحكم حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها)* وكخاتمة للمقالة نشرت النص التالي :
(وبإمكانكم أن تطلعوا اليوم على أفكار (حركة أو حزب الشاي) الذي نشأ بفعل الأزمة الاقتصادية الأخيرة, وذلك لمعرفة الأخطار التي تهدد المنظومة القيمية الأمريكية الحالية, وإن بإمكاني أن أقتطع ثلاثة قرارات من البيان الختامي لأول مؤتمر عقد له في ناشفيل أخيرا لمعرفة طلائع تلك الردة :
ـ إعادة الاعتبار السياسي والاجتماعي للإنسان الأبيض الأنجلوسكسوني البروتستاني الذي شكل العمود الفقري لأمريكا في الخمسينات والستينات.
ـ مواجهة سياسة التساهل مع الهجرة، ومطالبة المهاجرين الجدد باحترام الثقافة الأمريكية الأصيلة المتمثلة في الثقافة الانجليكانية.
ـ تأييد مطلق لإسرائيل والتحفظ على سياسة أوباما التصالحية مع العالم الإسلامي، فجزء من هذه الحركة وخاصة أحد ابرز وجوهها غلين بك تعتبر أوباما مسلما مدسوسا في البيت الأبيض لتقويض أسس البلاد.
ولكم أن تعلموا إن الإحصائيات الأخيرة كانت أشارت إلى تأييد الأمريكيين لهذا الحزب باكثرية إثني وخمسين بالمائة.
فيا أيها الناس خارج أمريكا.. ويا أيها المهاجرون إليها.
حضروا أقداحكم.. إن حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها.
أما حزب الشاي فهو حزب أو تجمع أمريكي برز قبل أقل من عام ويضم مستقلين وجمهوريين إلى يمين الحزب.

وكانت مقالتي تلك, الوارد نص ختامها في أعلاه, بمثابة نبوءة بفوز السيد دونالد ترامب بمنصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية, وذلك قبل ستة أعوام من حصولها, ومن الأكيد أن تلك النبوءة لم تكن قد أتت من فراغ وإنما هي قد تأسست على معرفة لا بأس بها بتحولات المجتمع الأمريكي والعوامل الأساسية التي تضبط سلوك شارعه السياسي وتحدد سير إرادته.
وأعترف للصديقين العزيزين الدكتور طاهر البكاء وزير التعليم العالي الأسبق والدكتور "الناصر ثابت" أستاذ العلوم السياسية في جامعة السليمانية اللذان ذهبا بعد مفاجأة إنتخاب ترامب عام 2016 إلى أصل المقالة المنشورة على صفحات الحوار قبل ست سنوات من تلك المفاجأة ليؤكدا تقديرهما لهذه الشهادة أو "النبوءة" المبكرة حيث كتب الدكتور البكاء ما يلي (حقاً انها رؤية متقدمة صائبة ، وانها رصداً وتوصيفاً للظواهر المتعددة, إقتصاديا وإجتماعيا, والتي تداخلت وتفاعلت وركبت الشكل الفكري والسياسي للظاهرة الرئيسة المٌنتَجَة "ترامب والترامبية), وفي الوقت عينه كتب الدكتور الناصر (الصديق جعفر المظفر سبقنا جميعا بتوقع مجئ ترامب منذ 2010).

أما في المقالة التي سبقت خسارة "ترامب" منصبه لصالح " بايدن" وتحت عنوان (ترامب أيضا لا يريد أن يعطيها)** والمنشورة في 1/10 2010, أي قبل أكثر من شهر من خسارته فقد كتبت فيها التالي (وإن ما يجب الإنتباه إليه جيدا أن التركيز على فوضوية المناظرة الأخيرة يجب أن لا يحجب الإنتباه عن لقطتها المفصلية التي تحمل إنذارا جليا بمخاطر دخول العالم جميعه وليس أمريكا وحدها مرحلة الفوضى الخلاقة القائمة على صراع دموي بين الأفكار اللبرالية ومسارات الحرية من جهة والأفكار اليمينية العنصرية والصهيونية وحتى النازية على الجهة الأخرى.
ونعرف جميعا أن العالم برمته, وليس أمريكا وحدها قد شهد نموا وإزدهارا للنوع الثاني من المسارات التي باتت كافية لتبيين طبيعة الحرب (العالمية الثالثة) التي يمكن أن يكون قوامها الأساسي الإنسان الأمريكي والأوروبي ضد الإنسان الأمريكي والأوروبي نفسيهما. ويمكن للسيد صموئيل هنتنغتون ومنظرين آخرين مثل السيد فرانسيس فوكوياما أن يعيدا مراجعة كتابيهما المهمين, الأول حول صراع الحضارات والثاني حول نهاية التاريخ, لكي يؤكدا في طبعتيهما الجديدتين على أن الصراع العالمي الجديد ما عاد يجري بشكل رئيسي بين الثقافة الأوروبية من جهة وبين الثقافات الأخرى وخاصة الإسلامية وإنما هو مهدد بالإنفجار من داخل المجتمعات الأوروبية نفسها والذي يتخذ شكل المجابهات الجسمانية والثقافية بين الأفكار اللبرالية التي صنعت الحضارة الأوروبية وبين نقائضها الأخلاقية القائمة على الشعبوية والعنصرية والنازية ونظرية تفوق العنصر الأبيض.
أما السيد فوكوياما فقد صار من واجبه أن يبحث عن كل العوامل المخفية التي يمكنها أن تدعم نظريته القائلة أن الحضارة الأوروبية اللبرالية ستكون هي آخر الحضارات وإنه لا خطر يهددها بالتراجع عن موقع الصدارة.

على الصعيد الشخصي, خسر ترامب معركة الرئاسة لكنه لم يخسر بعد معركة السياسية, وحتى إذا قدر له أن يخسر الأخيرة نتيجة لتداعيات دوره المؤكد على صعيد التحشيد لمهاجمة الكونغرس, فإن الساحة الأمريكية سوف تبقى مهيأة لبروز ترامب آخر بمقدوره أن يتزعم من جديد حركة إستعادة أمريكا البيضاء من سراقها الملونين.
وإن للحديث صلة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*حضروا أقداحكم.. حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=230099
**ترامب أيضا لا يريد أن ينطيها
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=693958








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان