الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع السياسي الراهن بالمغرب، إلى أين؟ الجزء الأول.

بحضاض محمد

2021 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يعيش النظام الرأسمالي العالمي تغولا غير مسبوق، تماشيا وطبيعته المتوحشة، وسعي حاميته -الطبقة البورجوازية- الدائم إلى جني المزيد من الربح والتكديس المطلق للأموال، وخوصصة كافة القطاعات المنتجة، انسجاما والمبادئ النيوليبرالية، من دون أي مراعاة لظروف العمال باعتبارهم المنتجين الحقيقيين، الذين كانوا ولا يزالون يعانون تحت نير هذا النظام الظالم، يعانون من كافة أشكال الاستغلال والاضطهاد..
وبالرغم من مركزيتهم في الإنتاج، إلا أن البورجوازية لا تنظر إليهم -العمال- إلا نظرة تشييء، باعتبارهم مجرد قوى منتجة وجب الضغط عليهم لأقصى الحدود من أجل تضخيم الإنتاج، هذا الأخير الذي لا ينال العمال جزاء عليه، إلا بما يسمح لهم من الاستمرار في العيش قصد مزيد من الإنتاج الذي تستفيد من عائداته الطبقة البورجوازية المتغطرسة لوحدها..
ومع تطور الرأسمالية، ابتداء من مرحلتها الجنينية القائمة على التجارة، مرورا بالمرحلة الصناعية ثم المالية، وصولا عند المرحلة الإمبريالية في شكلها القديم والجديد، وسيادة الأفكار النيوليبرالية في إطار العولمة، لا تزال الأوضاع كما كانت عليه من قبل، إذ أنه وبالرغم من الإصلاحات التي أدخلتها الرأسمالية على نفسها، إلا أن جوهرها لا يزال ثابتا، وأشكال الاستغلال والتفاوت الطبقي ما تنفك تتعاظم، ومظاهر البؤس والاقصاء تشيع، والعالم يسير إلى الهاوية، وما الكوارث الطبيعية والبيئية والصحية التي يشهدها العالم، إلا دليل قاطع لا يترك أي مجال للشك أن النظام الرأسمالي العالمي يسير بالكوكب ومعه بالجنس البشري إلى الهوة السحيقة..
غير بعيد عما يحصل على المستوى العالمي، وفي غير انفصال عنه، بارتباط عضوي بين دول المركز المهيمنة ودول الاستعمار الجديد العميلة والذيلية، يشهد النظام القائم بالمغرب اختناقا يكاد يكون غير مسبوق، تفسره كل القرارات اللاشعبية التي ينزل بها على كاهل الشعب المغربي المقهور، الذي لا يزال يعاني تحت وطأة المعاهدات الخيانية والصفقات الاستقلالية التي دشنها النظام القائم مع أسياده الاستعماريين، ضاربا في عرض الحائط كل أشكال المقاومة الشعبية التي فجرتها المقاومة المسلحة وجيش التحرير، من أجل تحرير الوطن ودحض كل أشكال الاستعمار الأجنبي لربوع الوطن.
وما المؤامرات الخيانية التي عقدها النظام القائم في القرن العشرين لوحده، إلا دليل قاطع لا يترك أي مجال للشك، عن طبيعتة اللاوطنية العميلة والخائنة، بدء من معاهدة "الحماية"، التي وقعها عبد الحفيظ العلوي، وقايض من خلالها الوطن مقابل أملاك بكل من فرنسا وتركيا وإنجلترا، تجود بها فرنسا عليه، بعدما مكنها من مستعمرة غنية بالموارد وذات موقع استراتيجي تنافست حوله أعتى الدول الإمبريالية، التي نالت جميعها نصيبا من الكعكة اللذيذة..
مرورا عبر محطة "إيكس ليبان" وصفقة "لاسيل سان كلود" باعتبارها صفقة استقلالية استفادت منها فرنسا وخدامها الأوفياء بالمغرب، هذه الصفقة التي أجهضت كل العمليات الحربية التي دشن لها جيش التحرير في وقت سابق ضاربا العزم تحرير كافة ربوع الوطن ومعه كل مناطق إفريقيا الشمالية، بالرغم من ضعف التنسيق بينه وبين نظرائه في البلدان المغاربية الأخرى المحتلة.
وبعدما أدركت فرنسا أن مشروعها التوسعي الذي حلمت به، أي تكوين امبراطورية استعمارية بشمال وغرب إفريقيا، مكتب له الفشل، نظرا لتنامي حركات التحرر وكل أشكال المقاومة الشعبية، وما اندحار الجيش الفرنسي في الهند الصينية إلا تعبير جلي عن الفشل الذي منيت به فرنسا التي فقدت وزنها على المستوى العالمي منذ الحرب الإمبريالية الثانية.
ومع تنامي السخط الشعبي بمستعمراتها، والمد الذي شهدته الحركة الشيوعية إبان هذه الفترة، ومعها حركات التحرر الوطني، أحست فرنسا أن عهدها الاستعماري فان، بالتالي سارعت إلى عقد صفقات استقلالية مع كافة مستعمراتها بإفريقيا، ومنها المغرب، وتأسيس نظام عميل لها بالبلاد، ليقوم بحماية مصالحها الاستراتيجية، مكلفة قيادة هذا النظام الجديد لخدامها الأوفياء الذين أفنوا عمرهم الوضيع في الدفاع عن مصالح فرنسا في خيانة مفضوحة للوطن والشعب، من أجل كسب رضاها والاستفادة من مناصب الخزي..
وإبان هذه المرحلة، تم الإجهاز على خلايا جيش التحرير، الذي عقد العزم على تحرير باقي الثغور المحتلة، وفي طريقه متجها صوب الجنوب لهذا الغرض، تآمرت عليه كل من فرنسا وإسبانيا التي كانت لا تزال محتلة للصحراء، بالإظافة إلى تواطؤ النظام الدمية مع هاتين القويتين، ليتم كنس جيش التحرير ومعه آمال المغاربة في تحرر وطني سياسي واقتصادي وفكري حقيقي، ليكشف النظام مرة أخرى على طبيعته اللاوطنية والعميلة..
وبالرغم من كل هذه الخيانات التي دشنها النظام القائم بالمغرب وممثليه داخل التحالف الطبقي المسيطر، البورجوازية الكومبرادورية المتمثلة في الأسرة الحاكمة وخدام فرنسا الأوفياء الذين شكلوا ما يصطلح عليه "القوة الثالثة"، وكبار جنرالات الجيش والملاكين والإقطاعيين، وبقايا المعمرين الأجانب، وبعض المتحزبين، إلا أن الشعب المغربي الحر الأبي أبى الرضوخ والإستسلام للأمر الواقع المفروض عليه، راسما قدره بنفسه، مقدما تضحيات في سبيل ما يصبوا إليه، وطن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..
كل تلك المحاولات تعاطى معها النظام، بما يتناسب وطبائعه، باستبداد وقمع وتعسف، مخلفا الألوف من الضحايا، منهم شهداء ومختطفين ومعتقلين، حظوا بشرف مشع، ضمن لهم خلودهم في التاريخ، باعتبارهم نبراس الوفاء للمبادئ والإخلاص لقضية الشعب، والكفاح من أجل التحرر الشامل من كل أشكال الاستعمار الجديد وأنظمته العميلة المنصبة على كاهل أحرار الشعوب..
-يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن