الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحيد حامد … رجلٌ لهذا الزمان

فاطمة ناعوت

2021 / 1 / 10
حقوق الانسان


Facebook: @NaootOfficial

مع بداية هذا العام 2021، سقطتْ ورقةٌ خضراءُ هائلةٌ من شجرة عظماء هذا الوطن العظيم. فقدت مصرُ عزيزًا من شرفائها الذين يضِنُّ بهم الزمانُ؛ فلا يتكررون إلا بعد حقبٍ وحقب. في نهاية لقائنا الأول مع الرئيس "عبد الفتاح السيسي" عام 2014 ضمن وفد المفكرين والأدباء، أوصى الرئيسُ بضرورة عودة الفنّ المصري إلى مساره الطبيعي بعد عام الإخوان الأسود؛ لأن الدراما والسينما المصرية هي المؤثر الأساسي على وعي العالم العربي بأكمله. ثمّ شدَّ الرئيسُ على يدي "وحيد حامد" ونظر في عينيه قائلا: (أراهنُ عليك لتقدّم للناس فنًّا عظيمًا يربطهم بوطنهم ويرتقي بوعيهم الوطني والتنويري.) وكان الرئيسُ حكيمًا في تحميل الأمانة. فمَن مثلَ "وحيد حامد" قادرٌ على الإنصات إلى تاريخ المجتمع لاستقراء مستقبله، ثم تضفير التاريخ بالحاضر بالمستقبل في وشيجة فكرية درامية تنويرية فريدة، تجلّت في أعمال خالدة أثرت الشاشة العربية منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم؟
وكان مدهشًا للجميع ذلك الدَّويُّ المجتمعيُّ والشعبيُّ الهادر الذي خلّفه رحيلُ "الهرم الذهبي وحيد حامد". ففي عالم السينما والدراما والمسرح، عادةً ما يتوارى المؤلفُ عن أضواء النجومية ليحتلَّها الممثلون والممثلات. عمومُ الناس قلّما يعرفون اسمَ كاتب ذلك الفيلم أو تلك الدراما، ويُنسبُ العملُ في معظم الأحيان إلى نجوم العمل. فكيف عمّت الأحزانُ جنبات مصر والعالم العربي لرحيل هذا الخالد العظيم؟ وتزول الدهشةُ حين نتأملُ كيف التحمَ الكاتبُ الكبير بنبض الشارع المصري وأنصتَ إلى أوجاع الوطن وانحاز إلى الفقراء والمُهمّشين والمستضعفين. وحين سُئل في لقاء تليفزيونيّ: "بمَن يحتمي وحيد حامد ليكتبَ بتلك الجسارة محطّمًا حصونَ الفساد السياسي والفاشية الدينية؟" أجاب بكل عفوية وبساطة: “أحتمي بالناس. ليس أكثر أمنًا للكاتب من الارتماء في حضن البسطاء.” وكان صادقًا في فلسفته تلك، لهذا بكاه الناسُ بكل طبقات المجتمع من البسطاء والمثقفين والفنانين.
ومثلما انحاز الرجلُ للبسطاء، كان صخرةَ ذودٍ وسند للمبدعين والتنويريين. وعلّ من أدقّ ما قيل في وصف هذا الرجل، كلمةُ الموسيقية د. إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة: "كان خيرَ سند للمبدعين والمثقفين والفنانين، وصاحبَ مواقفَ تُكتب بحروف من نور في سجلات تاريخ الوطن، فهو الأستاذ والأب والمعلم.”
في مقالِه الجميل: "الذين يخافون الله ويحبون الوطن"، قال "وحيد حامد": “علينا أن نتحدث عن شرفاء هذا الوطن بإسهاب وحرارة ومصداقية. نعطيهم حقَّهم الطبيعيَّ ولا نكتفي بالقول الموجز بأن الشريف يكفيه الشرف، والقاعدة أن يكون الإنسانُ شريفًا، والاستثناء أن يكون غير ذلك. فمن حق الذين يقدمون العطاء الطيب أن يكونوا تحت الضوء. فهم القدوةُ الحسنة والحقيقية؛ والواجب أن نتحلى بأخلاقهم ونتأمل منهجهم في الحياة، ونفكر كيف كانت القناعة كنزهم الذي لا يغنى، وكيف أن الإيمان هو دافعهم إلى الإخلاص في العمل وطهارة اليد وطهارة العقل والروح.” وسوف أقتدي بفلسفته الجميلة وأشيدُ بأحد أغنى وأثرى وأجلّ شرفاء هذا الوطن، الذين خافوا الله وأحبوا الوطن، وأقول للراحل العظيم “وحيد حامد”: “نم ملء جفونك عن شواردِها، فقد أوفيتَ رسالتك كاملةً غير منقوصة، وساهمت بقوة في استنارة هذا الوطن وارتقاء وعيه. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يُنيرُ الوطن.”
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث


.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر




.. هل تبدأ دول أوروبية ترحيل جميع طالبي اللجوء إلى رواندا؟ | ا


.. مراسلة الجزيرة ترصد إغلاق أهالي الأسرى شارعا قبالة مقر رئيس




.. إعلام إسرائيلي السماح بدخول وفدين من الأمم المتحدة والصليب ا