الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التنبؤ بنهاية الرأسمالية 3
طلال الربيعي
2021 / 1 / 13قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
تغير المزاج مرة أخرى مع صعود اليمين الجديد في ثمانينيات القرن الماضي وشعاره أنه لا بديل عن الوضع الراهن.
لكن العصر الجديد تأكد بشكل قاطع عندما أدى تفكك الكتلة السوفيتية إلى ترك منتقدي النظام القائم دون بديل. هذا يشكل الفترة التي يغطيها الفصل 4.
يبدأ الفصل بادعاء قوي لفرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ" في عام 1989 ويختتم بالمناقشات التي دارت خلال فترة الركود العظيم وعواقبه. هذه كانت عشرين عاما من الانتصار الهائل, شبه المطلق من هيمنة الأفكار والممارسات النيوليبرالية واظهرت الرأسمالية بأنها قذيفة غير قابلة للتشظي, وحجبت كل آمال مستقبل مناهض للرأسمالية. كان على منتقدي النظام البحث عن ملجأ مرة أخرى في المدينة الفاضلة (Utopia)، التي أسقطت من الجنة خلال عصر الثورة, ومنذ ذلك الحين ظهرت فقط لفترة وجيزة. كان يُعتقد أن الرأسمالية هي خالدة، والناس بدأت الحديث عنها ككيان خارج الزمان والمكان. قيل إنها قد تجاوزت نفسها، وتطورت إلى شكل محسن وربما نهائي. واحدة من الحجج المكررة أن رأس المال المادي physical capital قد فقد الكثير من أهميته في مجتمع ما بعد الصناعة، بينما السائد الآن شكل رأس المال، بكونه معرفة أو معلومات، الذي يميل إلى أن يكون أقل تركيزًا. انتشرت الأسطورة أن الجميع يمكن أن يكونوا رأسماليين وأن البروليتاريين انقرضوا. هذه العبارات تكمن أيضًا في جوهر مشروع الطريق الثالث، المشروع السياسي لنخبة وسطية جديدة حريصة على التخلص من الاشتراكية الديموقراطية، والتي تم تصويرها على أنه استجابة عفا عليها الزمن لمشاكل مجتمع دائم التغير. في حين أن عرابي الطريق الثالث, بضمنهم بيل كلينتون وتوني بلير, أشادوا بإلغاء القيود على تدخل الحكومات وفضلوا العمل القسري على رفاهية العمال, ازداد انعدام الأمن وارتفعت عدم المساواة بشكل كبير في المجتمعات التي استقطبها التطرف. علاوة على ذلك, تحول النظام المالي finance إلى قنبلة شديد الْخَطَر جاهزة للانفجار. ووقع الانفجار بالفعل.
بعد عام 2008، تحولت رياح التغيير الفكري مرة أخرى. كما هو متوقع، أعادت الأزمة المالية عجلة التنبؤ إلى الدوران. لذلك حدث، وسط آلاف من ظلال الحذر، أن بعض علماء الاجتماع البارزين لم يترددوا في إصلاح تاريخ وفاة الرأسمالية الى حوالي عام 2040. بعد قرنين تقريبًا, يبدو أننا نعود إلى المربع الأول، إلى التنبؤ بالطراز الفيكتوري. لكن الأزمة علمتنا أيضا مع ذلك درسا أكثر فائدة. لقد لفتت انتباهنا إلى حقيقة أن جميع تفسيرات واقع ما بعد الصناعة التي قُدّمت منذ التسعينيات كانت خاطئة. في مجتمعنا, الصراع التوزيعي لا يستمر فقط ولكنه يميل إلى التفاقم بسبب معدلات النمو المنخفضة التي تميز اقتصاد الخدمة. ويترتب على ذلك أن اليسار يجب عليه أن يجد أدوات فعالة للتعامل معه أو سيحل محله اليمين الشعبوي.
يقودنا هذا إلى الجزء الأخير من الكتاب الذي يهدف إلى رسم بعض الاستنتاجات حول طبيعة التنبؤ بالإضافة إلى الأداء والتطور المحتمل للرأسمالية. في الفصل 5 يقوم المؤلف بتنفيذ ما يمكن أن يسمى تشريح جثة النبوءات, حيث يحقق في العناصر العامة والخاصة التي تسببت في فشلها، والأسباب التي تجعل المتنبئين في كثير من الأحيان يكررون الوقوع في فخاخ التفكير. المؤلف يميز ثلاث مجموعات من الأسباب. الأول يتضمن حدودا مقيِدة في الإدراك البشري، التي بضمنها يتم تمييز أنواع مختلفة من التشويه المعرفي. الثاني هو العيوب النظرية، ومن بينها يكون الاستخفاف بالثقافة كقوة اجتماعية هو الأهم بلا شك. والثالث هو عقلية التنوير لمفكريي الحداثة. في هذا الفصل يتعامل المؤلف أيضًا مع العلاقة بين التنبؤ الاجتماعي واليوتوبيا (ديستوبيا) كطرق بديلة في تخيل واقع مضاد وفقًا لرغباتنا (مخاوفنا).
(ديستوبيا: (من اليونانية القديمة) هي مجتمع غير مرغوب فيه أو مخيف. إنه نقيض لمفهوم اليوتوبيا، وهو مصطلح صاغه رجل الدولة والفيلسوف الاجتماعي والمحامي توماس مور وكان عنوانًا لأشهر أعماله Utopia، نُشر عام 1516، والذي خلق مخططًا لمجتمع مثالي بالحد الأدنى من الجريمة والعنف والفقر)
يظهر المؤلف كيف، إلى جانب المظاهر، أن هناك بعض الاستمرارية بين اليوتوبيا والتنبؤ، فالنبوءات حول نهاية الرأسمالية تنبع من شكل معين من اليوتوبيا: البحث عن قانون التطور الاجتماعي. هذا الأخير، بدوره، يعود بنا إلى الإيمان بقوة العقل والميل نحو التقدم الانساني الذي شق طريقه إلى الثقافة الأوروبية منذ اواخر القرن الثامن عشر. ثم اقتنع المفكرون الاجتماعيون انه في استخدام قدرة العقل على دراسة التاريخ، سيكون من الممكن فهم خطوط تطوره المستقبلي. بعد أن تخلوا عن فكرة العصر الذهبي, شعروا أنه يحق لهم تخيل أن هذا التطور، بشكل عام، سيجلب خير الأشياء. لذلك غالبًا ما كانت توقعاتهم تعكس رغباتهم - باعتقادي, وهو ليس من المؤلف, بموجب التحليل النفسي, انهم يسقطون رغباتهم (الباطنة), بعد أن ساووها بالعقل, على التاريخ, عقل التاريخ (الروح المطلقة لهيغل!). في وقت الثورة الفرنسية، اندمج محرك اليوتوبيا القديم مع الفكرة الجديدة للتقدم، وهذه الخطوة ستشكل مسار التاريخ الفكري للقرن التاسع عشر.
عندما، في القرن العشرين، تهشمت اليقينات الحديدية حول المستقبل المشرق للبشرية، بدأ الإيمان بالتنبؤ بالتعثر. الكوابيس الشمولية. أهوال الحروب وخيبات الأمل بالاشتراكية الموجودة، ولكن أيضًا البؤس الأخلاقي الذي استمرت الرأسمالية في إنتاجه، جعل النقاد الاجتماعيين يشعرون بخيبة أمل متزايدة. غير قادرين على الاعتماد على أي شيء سوى سوى على آمالهم المتهرئة، ظلوا يبحثون عن علامات انحطاط الرأسمالية.
في الفصل السادس يستخدم المؤلف تقرير تشريح الجثة هذا لعرضه تفسير للرأسمالية كنظام اقتصادي واجتماعي. بعد مشاهدة الكثير من الأخطاء الفكرية، قد يكون المرء كذلك يميل إلى عزو صفات غير عادية إلى الرأسمالية، كما لو كانت
قدرتها على التكيف هي التي سمحت لها بخداع المتشائمين جميعًا طوال الوقت. بعد كل شيء، ألم تخرج الرأسمالية من كل أزمة متحولة؟ ألم تصمد من خلال التغيير؟ مثل هذا التفسير، تمامًا مثل الحجج النموذجية المستخدمة لدعم الرؤى الكارثية، من شأنه أن يفترض مسبقًا اعتبار الرأسمالية
كائن حي، على سبيل المثال، نبات أو حشرة. على الرغم من أن هذا الاستعارة البيولوجية موحية، إلا أنها لا تتوافق مع النظرية الاجتماعية الصارمة.
يعتقد المؤلف أن الرأسمالية ليست أكثر ولا أقل قابلية للتكيف من النظم الاجتماعية والاقتصادية الأخرى في الماضي والحاضر. أنه فقط يعتقد أن صعود هذه الأنظمة و بقائها وتدهورها يعتمد على الظروف التي تتجاوز السمات المتأصلة في نسيجها على وجه التحديد، أنه يعتقد أن الرأسمالية يدعمها بشكل أساسي وأعمق عنصران: التسلسل الهرمي والفردية. عبر الهيكل الهرمي للمجتمع الرأسمالي، الذي يتجسد فيه ما يسميه أنطونيو جرامشي المعارضة بين الطبقات الحاكمة والطبقات التابعة، منطق الهيمنة, الذي ميز العلاقات الاجتماعية في العصور القديمة و في النظام الإقطاع, يتم تكراره. من ناحية أخرى، الفردية هي الشكل الخاص الذي اتخذه التحديث في شكله الغربي، كنتيجة لعملية طويلة بدأت في وقت مبكر من عصر الحداثة. إنه يؤدي إلى أن تكون العلاقات الإنسانية قائمة على العَقْد وليس على روابط التضامن والوسائل التي تعتمد على السوق لتلبية احتياجات المرء. هذه العوامل التي تشارك في إعادة أنتاح الرأسمالية، في الواقع، هي ثقافية بشكل كبير. أولئك الذين لديهم ميل الى الاعتقاد بالمفهوم المادي للتاريخ يعتقدون إن المواقف الثقافية يمكن عكسها من خلال التقدم المادي. المؤلف لا يتفق, وسيسعى الى تبرير موقفه بأكبر قدر ممكن من التفاصيل.
يتبع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - عزيزي الدكتور طلال
فؤاد النمري
(
2021 / 1 / 13 - 05:48
)
قيمة الدولار في العام 1970 كانت 0.5 غم من الذهب
0.5 غم من الذهب اليوم ثمنها 33.5 دولارا
ذلك يعني أن قيمة الدولار تنخفض سنويا بقيمة ثلاث سنتا
لنفرض أن مصانع بوينغ انتجت طائرة بكلفة 100 مليون دولار وأن فائض القيمة فيها وصل 10 ملايين دولار فقط
تكتمل العملية الرأسمالية فقط إذا تم بيع الطائرة حال انتاجها ب 110 ملايين دولا ر
وفي كل شهر تتأـخر مبادلتها تقل قيمتها التبادلية بمقدار 3 ملايين دولار بفعل تآكل قيمة الدولار
دورة الإنتاج الرأسمالي وهي (نقد = بضاعة = نقد +) إنقلبت بعد العام 1971 لتكون ..
(نقد = بضاعة = نقد - )
أي بلا فائض قيمة
وكذلك انتهى النظام الرأسمالي
تحياتي
2 - النقاش غير ممكن مع خطاب الموت
طلال الربيعي
(
2021 / 1 / 13 - 06:33
)
عزيزي فؤاد
انه إسقاط رغبة لا تنسجم مع العقل والمنطق والحقيقة. وكلامك لن يصبح حقيقة حتى لو كررته ملايين المرات بل سيؤكد انصياعا
أكيدا الى خطاب الموت كنقيض للماركسية كفلسفة حياة. فكلام غوبلز لم يصبح حقيقة لتكراره ما لا يحصى من المرات. وهكذا كلام يسئ الى الشيوعية ويجعل من ممثلي هذا الرؤية بنهاية الرأسمالية أضحوكة العصر. ولن أقول اكثر لانه يعطيني شعورا بال
Déjà vu
والنقاش غير ممكن مع خطاب الموت. وهو هدر للوقت والجهد لحرف الأنظار عن النضال ضد الرأسمالية المتوحشة وفاشيتها المتصاعدة.
تحياتي
3 - كيف يمكن تفسير إن العقل الباطن رأسمالي؟
طلال الربيعي
(
2021 / 1 / 13 - 06:50
)
واذا كانت الرأسمالية قد ماتت فكيف يمكن تفسير إن العقل الباطن رأسمالي؟ ووجود العقل الباطن الرأسمالي دليل ناصع على ان الرأسمالية لا زالت حية بالرغم من انعدام مبررات وجودها. العقل الباطن لا يتعامل مع صيغ حسابية ساذجة كهذه. إنها قد تخدع البعض من يريد ان ينخدع ولكنها من الاستحالة أن تخدع العقل الباطن
اني لا أتوقعك ان تؤيدني فهذا ليس بمقدورك ويتعدى إمكانياتك واني اقدر هذا!
The Capitalist Unconscious: Marx and Lacan
Samo Tomsic | 2015
https://www.amazon.de/s?k=the+capitalist+unconscious&hvadid=80195661494136&hvbmt=be&hvdev=c&hvqmt=e&tag=hyddemsn-21&ref=pd_sl_1b5niz9swu_e
4 - حالة الرأسمالية الأميركية الآن
طلال الربيعي
(
2021 / 1 / 13 - 14:40
)
الاقتصادي الأميركي ريتشارد وولف من جامعة -ماساتشوستس أميرست-: النظام الرأسماليّ في حالة موت سريريّ، وخمسون ملياردير أميركي جنوا ثروات هائلة خلال جائحة كورونا! فقرات من نصّ مُفرَّغ من أحد فيديوهاته المصوّرة التي ينشرها على قناة يوتيوب:
*الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يحافظ الآن على النظام الرأسمالي من خلال خلق طوفان غير متناهٍ من الأموال المصدّرة إلكترونياً. يخلقها من العدم ويجعلها متاحة بأسعار فائدة بالكاد تفوق صفراً في المئة. باختصار، هو يوفّر الأموال بشكل مجاني بسبب عدم قدرة النظام الرأسمالي على العمل من دون عمليّة خلق الأموال هذه.
*يحافظ الاحتياطي الفيدرالي على الرأسمالية؛ بشكل مباشر من خلال إقراض الشركات، وبشكل غير مباشر من خلال إقراض الحكومة الفيدرالية لتغطية عجزها الضخم.
*ما يعنيه كل هذا هو أن هذا النظام الرأسمالي أصبح ميتاً، لا يعمل. هذه حالة -الشركة الزومبي- التي تكون أرباحها غير كافية لتغطية الفوائد المترتبة على ديونها فتصبح الطريقة الوحيدة لبقائها هي عبر الاستدانة لتغطية الديون السابقة. هذه حالة الرأسمالية الأميركية الآن. هذا هو الواقع ولا أحد يعترض عليه
5 - حالة الرأسمالية الأميركية الآن
طلال الربيعي
(
2021 / 1 / 13 - 14:41
)
، سواء الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لأن لا أحد يريد أن يقول بأن هذا النظام انتهى.
*أغنى خمسين مليارديراً في أميركا جنوا الأموال بطريقة خيالية في الأشهر السبعة الأخيرة. كانت جائحة «كورونا» بمثابة أخبار جيدة بالنسبة إليهم. قد يعاني الناس العاديون من المصاعب خلال هذه الأزمة، لكن اللامساواة تنمو بشكل كبير. ونحن (الأميركيين) من خلال الضرائب التي ندفعها، نموّل الحكومة لتجعل كل هذا ممكناً. قد يكون النظام الرأسمالي في حالة موت سريري، لكن الأغنياء لا يزالون يجنون الأرباح بالطريقة نفسها.
النظام الرأسماليّ في حالة موت سريريّ
https://al-akhbar.com/Issues/298687
6 - الباحث المحقق طلال الربيعي
فؤاد النمري
(
2021 / 1 / 14 - 04:43
)
الباحث المحقق في النظام الرأسمالي طلال الربيعي لم يلتفت أبداً إلى الداعي الذي استدعى قادة الدول الرأسمالية الخمسة الكبار لأن يجتمعوا لأول مرة في الإجتماع التاسيسي لمنظمة الخمسة الكبار (جي فايف) في رامبوييه في 16 نوفمبر 1975 ويأخذ قراراته في الحسبان
ألا يدعو هذا إلى الإشتباه في تحقيقات الربيعي !!؟
7 - تصب في صالح القوى المعادية للشيوعية والرجعية
طلال الربيعي
(
2021 / 1 / 14 - 16:29
)
عزيزي فؤاد
إني أخد كل شيئ في الحسبان! وللمرة الف اعيد واكرر ان منهجيتك فاشلة وغير ديالكتيكية وهي تصب في صالح القوى المعادية للشيوعية ورجعية المنطقة!
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم