الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكانة المرأة في الحضارة الساسانية (2 – 3)

مهدي كاكه يي

2021 / 1 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مكانة المرأة في الأديان الكوردية (11)

تكشف الآثار العائدة للساسانيين الدور الواضح الذي كانت تلعبه نساء الأسرة الملكية، حيث أنّ إعتلاء العديد من النِساء على عرش الإمبراطورية الساسانية، يُشير بِوضوح الى المكانة البارزة للمرأة في العهد الساساني. على سبيل المثال، حكمت الملِكة (بوران Bōrān) الإمبراطورية الساسانية لمدة سنتَين (من سنة 630 – 631) ميلادية. قبل موته، أوصى الملِك الساساني (هرمز الثاني) أن يُخلّفه الجنين الذي كان في بطن زوجته. لما مات هذا الملِك، كان الجنين لا يزال في بطن أمّه، فتمّ تتويج الجنين ملِكاً للإمبراطورية الساسانية وهو في بطن والدته، وتمّ وضع التاج الملِكي على بطن والدته. كان الطفل ذكراً، فلما ولِد، تمت تسميته بإسم (شاپور الثاني) الذي أصبح الملِك الساساني العاشر. لذلك منذ كانت والدته حاملة به حتى بلوغه سن الرُشد، حكمتْ والدته الإمبراطورية الساسانية جنبًا إلى جنب مع الكهنوت الأعلى، ودام حُكمها للبلاد لمدة عشرين عامًا. (شارباراز Šarbaraz) التي كانت إبنة الملِك (خَسْرَو پروێز)، حكمتْ بلاد ساسان لعدة أشهر وأصبحت خلالها القائدة العامة للجيش الساساني وكانت تنتمي الى عائلة مهران. كما أنّ الملِكة (ديناگ Dēnag) حكمت بلاد ساسان لمدة سنتَين وكذلك أصبحت (بورندخت Bōrānduxt) ملِكة للإمبراطورية الساسانية لمدة سنتَين. حكمتْ الملِكة (آزرميگدخت Āzarmīgduxt) الإمبراطورية الساسانية مرتَين، في كل مرة إستمر حُكمها لمدة سنتَين.

يتأكد المرء من المساواة بين المرأة والرجُل في حق التعليم في الإمبراطورية الساسانية من خلال قول الملِك الساساني شاپور الثاني في (أدوربادميهر إسپند Adorbadmehr Espand) الذي هو عبارة عن كتابة ساسانية تتألف من (172) سطراً، ومجموع كلماته هو (1730) كلمة پهلوية، حيث فيه ينصح إبنه (زردشت)، والذي جاء فيه: "سواء كان طفلك فتاة أو صبيًا، أرسلْه إلى المدرسة حتى يكتسب الحكمة والمعرفة ويعيش بشكل جيد". هكذا نرى أنّ هذا الملِك لم يُفرّق بين المرأة والرجُل في الذهاب الى المدرسة والتعلّم فيها.

تم ذكر أعضاء العائلة المالِكة في الوثائق الرسمية، وعلى الأخص في نقش (كعبة زردشت) في نقش رستم، المكتوب باللغات الپهلوية والپارثية واليونانية، الذي يعود الى الملِك (شاپور الأول Shapur I) (سنة 239-270). لكن علاوة على ذلك، حصلت نساء العائلة المالِكة على تكريم علني في صلاة النيران الملِكية التي هي مؤلفة من سلسلة ابتهالات يرفعها الكاهن ويرددها المصلّون من بعده، المقامة لأفراد أسرة الملِك. كذلك تم ذكر نساء الأسرة الملكية في القرابين التي كان الملِك يأمر بتقديمها. هناك العديد من الأختام وخواتم الأصبع التي عليها صور نساء ملِكية ونساء عالية الرتبة. تظهر زوجة الملِك على النقوش الملكية وعلى الأطباق الفضية والسلطانيات. توجد أيضاً صورهّن على العُملات المعدنية ولم تُرَ منها إلا لزوجة (بهرام الثاني Bahrām II) (حكم سنة 276-93) والملِكة الحاكِمة (بوران Bōrān) التي حكمت من سنة 630 – 631 ميلادية.

هناك سببان رئيسيان يُعيقان تقييم مكانة المرأة في العهد الساساني، أولهما هو عدم تصوير النساء العاديات في الفن الساساني، ولكن كان أي تمثيل للإناث يجب أن يكون للإلهة (أناهيتا) [a]، وثانيهما هو أن لقب "ملِكة الملِكات"، المُستخدَم في نقش (كعبة زردشت) كان يشير إلى إبنة الملِك أو أخته، وهذا يؤكد على المكانة الراقية للمرأة كزوجة للملِك، وبالتالي يعطي دليلًا على وجود زواج المحارم داخل العائلة المالِكة الساسانية، أي زواج الأخ من أخته على سبيل المثال. إنّ الزواج بين المحارم هو انعكاس للممارسة الزردشتية للزواج من الأقارب، ومع ذلك يجب الحذر مما جاء في المصادر بصدد زواج المحارم وذلك من خلال ربط اللقب الملِكي بزواج مُعيّن، خاصة وأن الأدلة على مثل هذه الزيجات المزعومة ضئيلة للغاية، حيث على سبيل المثال كانت (شاپوردوختاك Šāpurduxtak)، زوجة الملِك (بهرام الثاني)، حملتْ اللقب، رغم أنها لم تكن أخته، وهذا يعطي وزناً أكبر للحُجّة القائلة بأن اللقب لم يقتصر على أخت الملِك. في حالتها، نحتاج إلى النظر فيما إذا كان وضعها كزوجة للملِك، تزامنت مع وضع ملِكة الملِكات. وبالمثل، فإن تصريح (كاردير Kardēr) بأنه روّجَ لزيجات الأقارب في (نقش كعبة زردشت، الفقرة 14)، لا يسمح بإستنتاج نوع الزيجات العائلية التي رعاها، ولا ما إذا كان يُشير على وجه التحديد إلى العائلة المالِكة أو إلى الزردشتيين بشكل عام. نتيجة للنقد الأخير ورفض وجود دين الدولة في الإمبراطورية الساسانية، لم يعد من الممكن أيضًا الجدال بأن مثل هذه الزيجات الزوجية تمت الموافقة عليها على أعلى مستوى سياسي [b] [c]. لا يسمح تحليل الأدلة المكتوبة للفترة الساسانية بإستنتاج أن الملوك الساسانيين فضّلوا زواج المحارم.

ألقاب نساء العائلة المالِكة
المصدر الرئيسي لألقاب الملِكات هو (نقش كعبة زردشت)، بالإشارة إلى النساء الملِكيات اللواتي لهنّ قرابة الدرجة الاولى للملِك، وكذلك لإمتدادات العائلة المالكة، إلا أن هذه الكتابة لا تزوّدنا فقط بأسماء شخصية ولكن أيضًا بألقاب مختلفة التي تشير إلى ترتيب الرتبة بين النساء الملِكيات. والدة الملِك، لقبها هو "أُم ملِك الملوك" (شاهان شاه مادšāhān šāh mād). كانت زوجة الملِك تحمل لقب "ملِكة الإمبراطورية" (شاهر بامبيشن šahr bāmbišn)، وربما كانت الأعلى مرتبة بين النساء في المحكمة. لقب "الملِكة" (بامبيشن bāmbišn) كان تحمله الملِكات في البلاط الملِكي اللواتي كُنّ بنات وشقيقات الملِك، وكذلك زوجات الملوك المحليين للمناطق الساسانية.

لقب (ملِكة الملِكات(، (bāmbišnān bāmbišn) هو لقب الإمرأة الملِكية التي تبوأت المرتبة الأعلى بين الملِكات [d] [e]. وفقًا لـ(نقش كعبة زردشت)، تم منح هذا اللقب لإبنة الملِك، ولقد مُنِح ل(Dnag)، التي كانت إبنة الملِك الساساني (پاپَك Pāpak)، ول(أدور- أناهيد Ādur-Anāhīd)، ابنة الملِك (شاپور الأول). لقب الأميرة (duxš)، مذكور مرة واحدة فقط ل(روددوخت Rōdduxt)، إبنة الملِك (آنشاگ Anšag) (كعبة زردشت، الفقرة 37)، قد تشير إلى صغر سنّها و/ أو حالتها قبل الزواج. أحد أشكال الخِطاب كان "سيدة" (بانووگ Bānūg). يُشار إلى زوجة (أردشير الأول) (المتوفي في سنة 242 م) وأم (شاپور الأول) بإسم "السيدة موررود Murrōd "، أُم ملِك الملوك (كعبة زردشت، الفقرة 37)، ويُستخدم نفس العنوان للإلهة (أناهيتا) في (نقش نارسيه Narseh) (r. 293-302) من بُرج (پَيكولي Paikuli) ( (NPi B) الواقع في محافظة السليمانية في جنوب كوردستان.

في نقشه، أمر (َشاپور الأول) بإشعال النيران الملِكية لتكون صلاةَ تكريم لِنفسه كملِك، وكذلك لأطفاله، بدءاَ من إبنته (أدور - أناهيد Ādur-Anāhīd) وذكرَ أيضاً ثلاثة من أبنائه، (هرمز الأول Hormozd I) (حَكَم سنة 270- 171 ميلادية)، (شاپور Shapur) و(نارسيه Narseh) (كعبة زردشت، الفقرة 36). مع ذلك، كان يتعين تقديم الذبائح اليومية من لحم الخروف، (1.5) وحدة وزن من الخبز، و(4) وحدات حجم من النبيذ لكل فرد من أفراد عائلته، بما في ذلك والدة ملِك الملوك، وملِكة الإمبراطورية، وبنات الملِك، وكذلك أسلاف الملِك الذكور والإناث. هذه الذبائح كانت من أجل أرواح أعضاء السلالة الملِكية الأحياء والأموات، بما في ذلك نساء العائلة المالِكة. تشهد هذه الحقائق على المكانة الرسمية المعترف بها، التي كانت تتمتع بها النساء في البلاط الساساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة