الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات من تاريخ المغرب الحديث، من عبد الكريم إلى سعيدة جزء 1 من 15

الطاهر المعز

2021 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المغرب، محطّات تاريخية، على خُطى عبد الكريم وسعيدة

كُنتُ بصدد إعداد مقال قصير، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاد "سعيدة لمنبهي"، لكن إعلان الرئيس الأمريكي تطبيع النظام المغربي علاقاته مع الكيان الصهيوني، مُقابل اعتراف الولايات المتحدة ب"سيادة المغرب" على أراضي الصحراء الغربية، غير من جوهر مشروعي، فانتظرت تطور الأحداث، فكان هذه المقال الطويل الذي قَسّمته إلى أجزاء، بهدف تيْسِير الإطلاع عليه، مُذَكِّرًا ببعض مراحل كفاح الشعب المغربي ضد الإستعمار المُسلّط من الخارج، وضد الإستغلال والإضطهاد من الدّاخل، وتَوَسَّع مجال المقال لدراسة مناخ التطبيع والإستسلام عُمومًا، على المُستوى المَغارِبِي والعربي...

1/15 الجزء الأول من خمسة عشر
المغرب، تطبيع رسمي وعلني:
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال الفترة الإنتقالية، وبعد هزيمته في الإنتخابات، عن اتفاقٍ لتطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني، في مقابل الاعتراف الأمريكي بشرعية السيطرة المغربية على الصحراء الغربية، وفتح قنصلية أمريكية في مدينة "العيون"، خلافًا لقرارات مجلس الأمن في هذا الخصوص.
التطبيع مصطلح سياسي يعني "عودة العلاقات إلى طبيعتها"، ويعني في الوطن العربي ارتكاب جريمة إقامة علاقات مع الكيان الصّهيوني، ولم يكن ذلك مقبولاً على المستوى الشعبي، خاصة في في ظل استمرار الإحتلال والتقتيل والتهجير، رغم المنعطف الخطير الذي شكله توقيع النظام المصري والأردني وقيادات منظمة التحرير، اتفاقيات بين 1979 و 1994، ورغم البادرة الخطيرة التي شكلتها مُباركة معظم الأنظمة العربية تدمير العراق، سنة 1991، وفتحت هذه المُقدّمات والمتغيرات باب التطبيع على مصراعَيْه، لتتبادل معظم الأنظمة العربية، سنة 1995، افتتاح "مكاتب اتصال" مع العدو، ووقع إغلاقها رسميا، سنة 2000، سنة الإنتفاضة الثانية وهبّة اكتوبر في الجزء المحتل من سنة 1948، وما تلا ذلك من مجازر، فيما فشلت قيادات منظمة التحرير في إقناع الفلسطينيين والعرب والتقدّميين في العالم، بصواب تكتيكاتها وخياراتها، إذ ارتفع عدد المستوطنين، بعد 25 سنة من توقيع اتفاقيات أوسلو، من أقل من مائة ألف إلى حوالي ستمائة ألف مستعمِر، داخل الجزء المُحتل سنة 1967، فيما أغلقت الولايات المتحدة مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن، ونقلت سفاراتها إلى القُدْس، ونسجت بعض الأنظمة العميلة لها على منوالها...
أعلن الرئيس الأمريكي، نيابة عن النظام المغربي، في الذكرى الثالثة والثلاثين "لانتفاضة الحجارة" عودة العلاقات مع الكيان الصهيوني، في خطوة أشرفت عليها الإمبريالية الأمريكية، بعد الإنتخابات الرئاسية، وفي الفترة الإنتقالية، التي تتميز عادة بالترقب وعدم اتخاذ خطوات من هذا القبيل، وتأتي خطوة النظام المغربي، بعد السودان وصهاينة العرب في الخليج، وأعلنت الحكومتان الأمريكية والصهيونية أن "التّطبيع" يشمل دولاً عربية وإسلامية أخرى... تزامن الإعتراف المغربي العَلَنِي بدولة الإحتلال، غير الشرعية، مع الإعتراف الأمريكي بشرعية ضَمّ المغرب للصحراء الغربية، واستغلال ثرواتها المنجمية (الفوسفات) والثروات البحرية الهائلة التي تُؤجّرها حكومة المغرب لسُفن الإتحاد الأوروبي...
لئن كان القصر الملكي هو الحاكم الفعلي للمغرب، فإن الإخوان المسلمين يُشرفون على جهاز الدّولة، منذ سنة 2011، وهو جهاز تسيير الشؤون اليومية والميزانية والخيارات الإقتصاديبة وما إلى ذلك، ويعتبر الإخوان المسلمون العرب (وأبواقُهم الإعلامية القَطَرِيّة) الحزب الحاكم في تركيا وزعيمه "رجب طيب أردوغان" قُدْوَتَهُم، وخليفة لهم، وهو الذي عَزّز العلاقات العسكرية والإقتصادية والتجارية والسّياحية مع الكيان الصهيوني، ويُشرف صهرُهُ (وزير المالية السابق) وأبناؤه على إنجاز الصفقات والمبادلات التجارية مع الكيان الصهيوني...
سار الإخوان المسلمون على خُطى زعمائهم، على المستوى العالمي، وللتذكير فإن الرئيس الإخواني المصري "محمد مرسي" (قبل الإطاحة به في تموز/يوليو 2013) وجه رسالة تهنئة، يوم 19 حزيران/يونيو 2012، إلى "صديقه العزيز شمعون بيريز" مؤكذًا على حسن العلاقات ومُعَبِّرًا عن رغبته الشديدة في "تطوير علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا".
كان شباب اليسار المغربي نشطًا ضمن حركة العشرين من فبراير (شباط) 2011 الإحتجاجية، ولكن أضاعت منظمات اليسار فرصة تجذير الحركة، واستدامتها إلى أن يستجيب النظام لبعض المطالب، كما أضاعت جهودها التي بذلتها خلال الإنتفاضات السابقة (1965- 1981 – 1990) والنضالات النقابية والجماهيرية الأخرى، التي واجَهَها النظام لفترة أربعين سنة، بالقمع الوَحْشِي والإعتقالات، كما فعل النظام إثر انطلاق الاحتجاجات في المناطق التي عانت من الإقصاء والتهميش لعقود (الحُسيْمة بمنطقة الرّيف، شمال البلاد، وجرادة بالشمال الشرقي...)، ومجمل مناطق الشمال والشرق والجنوب، من أجل العدالة الإجتماعية، والكرامة والحق في الشّغل وتقاسم ثمرة الثروات الوطنية، فلجأت الدولة إلى القمع والاعتقال والمحاكمات الصورية التي صدرت عنها أحكام جائرة وقاسية، لِرَدْعِ وترهيب من يتجرّأُ على الإحتجاج أو المُطالَبَة ببعض الحُقُوق الأساسية، كما تَعَرّضَ الإعلاميون والصحافيون والمُدَوِّنُون إلى الإعتقال وإلى الأحكام القضائية الثقيلة، خصوصًا بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية، في آذار/ مارس 2020...
بعد حركة الإحتجاج المعروفة ب"حراك 20 فبراير" (2011)، عَيّن الملك زعيم الإخوان المسلمين (عبد الإله بنكيران) لتشكيل الحكومة، ولا يزال الإخوان المسلمون، لغاية نهاية سنة 2020، يقودون عمل الحكومة، بإشراف الملك ومُسْتشاريه...
ساء الوضع الإقتصادي خلال عَشْرِيّة حكم الإخوان المسلمين (في المغرب كما في تونس أيضًا)، ولا يتجاوز متوسّط الدّخل السّنوي الفردي 7368 دولار، وحل المغرب بمرتبة متأخرة في مؤشر التنمية البشرية لسنة 2020، مقارنة بتونس والجزائر، حيث جاء في المركز 121 من أصل 189، محافظًا على المرتبة للسنة الثانية على التوالي، ويعتمد المؤشر بعض المعايير بينها معدلات السن والدخل الفردي، والصحة والتعليم، والمساواة بين الجنسين، وفي مجال التعليم لا تصل نسبة من فاقت أعمارهم 25 سنة، وبلغوا المستوى الثانوي إلى 30%، ويتميز المغرب بالفوارق الكبيرة بين حياة سكان أحياء بعض المُدُن الكبرى الشبيهة بالمدن الأوروبية، وحياة سُكّان بعض المناطق الريفية التي تفتقر إلى البُنْيَة التحتية والمدارس والمراكز الصحية، وإلى مقومات الحياة الكريمة.

مُقدّمات الإعلان عن تطبيع مغرب السُّلْطَة:
لم تُركّز برامج الهيمنة الأمريكية كثيرًا على منطقة المغرب العربي، ولا على إفريقيا، قبل انهيار الإتحاد السوفييتي، وبدأت الولايات المتحدة، منذ 1998، تقترح شراكة اقتصادية مع دول المغرب العربي، وهي علاقات غير متكافئة، مثل العلاقات مع أوروبا، لكنها تختلف شَكْلاً، وَوَعدَتْ إدارة “بيل كلينتون” ب”مساعدات وبرامج تنمية”، وغيرها من الوُعُود الزّائفة…
تُصنف وزارة الحرب الأمريكية المغرب كحليف استراتيجي، وزار وزير الحرب الأمريكي الرباط، يوم الجمعة 02 تشرين الأول/اكتوبر 2020، لمناقشة سبل “تعزيز العلاقات الوثيقة” في المجال الأمني مع المغرب، واعتبَرَت وسائل الإعلام الأمريكية أن هذه الزيارة للمغرب (بعد تونس والجزائر) حلقة من حلقات تطبيق برنامج “الشرق الأوسط الكبير” (أو الجديد)، كما تهدف هذه الزيارة “مناقشة التهديدات التي تشكّلها التنظيمات الجهادية، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الإقليمي الذي تفاقمه الأنشطة الخبيثة للصين وروسيا في القارة الإفريقية“، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب 30 أيلول/سبتمبر 2020) ووكالة “رويترز” (01 تشرين الأول/اكتوبر 2020)، التي استشهدت بتصريح “مسؤول عسكري أميركي”، عن مشروع عسكري أمريكي جديد، يتضمّنُ إعادة نشر القوات العسكرية الأمريكية في منطقة شمال إفريقيا و”السّاحل الإفريقي”…
كان المغرب آخر مرحلة من جولة وزير الحرب الأمريكي في المغرب العربي، يوم الجمعة 02 تشرين الأول/اكتوبر 2010، ويُعتبر المغرب الحليف الأقوى والأكثر وفاءً لاستراتيجية الإمبريالية الأمريكية في المغربي العربي، وفي المنطقة المُحيطة بالصّحراء الكُبْرى، وخلال هذه الزيارة، وقع المغرب مع الولايات المتحدة، “اتفاقاً للتعاون العسكري” لعشر سنوات، على غرار الإتفاقية مع تونس، تحت مُسَمّى “خارطة طريق في مجال الدفاع والأمن (2020-2030)”، وسبق أن وقعت حكومة الإخوان المسلمين بالمغرب مع الولايات المتحدة “اتفاقية محاربة الإرهاب”، سنة 2014، لتجعل من المغرب وكِيلاً عسكريًّا وأمْنيًّا للإمبريالية الأمريكية في بعض البلدان الإفريقية، على أن تواصل الولايات المتحدة دَعْمَ المغرب في قضية الصحراء الغربية، التي يعتبرها وزير خارجية المغرب قضية “انفصال”، أما وزير الحرب الأمريكي فاعتبر “إن الإتفاق مع المغرب يشمل مواضيع إستراتيجية أوسع”، لأن الهدف غير المعلن للزيارة يرمي إلى الحد من النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، بينما تفيد الوقائع أن أميركا تمتلك قاعدة عسكرية (أو قاعداتَيْن) بتونس، وفي النيجر، وفي شمال “مالي” وقاعدة طائرات مُسَيّرة في “بوركينا فاصو”، وقاعدة أو أكثر في المغرب، كما في موريتانيا، إضافة إلى تواجد قوات حلف شمال الأطلسي بليبيا، بحسب وكالة “رويترز” 02/10/2020…
نشرت وسائل الإعلام الأمريكية والإسبانية، في بداية شهر كانون الثاني/يناير 2021، خبر احتمال نقل القاعدة العسكرية الأمريكية “روتا” (قادس، واشبيلية) إلى الصحراء الغربية، في أيار/مايو 2021، تاريخ انتهاء العقد بين حكومَتَيْ إسبانبا والولايات المتحدة، ما أثار جَدَلاً بإسبانيا، إذْ يعتبر حزب "فوكس" (الذي يدعو إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة ومع حلف شمال الأطلسي) أن نَقْلَ القاعدة العسكرية يُعتبر كارثة اقتصاديةُ ويوازي خسارة مدينة "روتا" والمدن المُجاورة، إيرادات سنوية (مباشرة وغير مباشرة) بقيمة ستمائة مليون يورو، وتَدّعي الأحزاب اليمينية الإسبانية المُدافعة عن حلف شمال الأطلسي: "إن نَقْل القاعدة الأمريكية يعني فقدان النفوذ الإسباني في المنطقة، وفقدان السيطرة على مضيق جبل طارق”، وقَدّرت القناة الخامسة للتلفزيون الإسباني (القطاع العام) عدد الأمريكيين الموجودين بالقاعدة، بثمانية آلاف عسكري وثلاثة آلاف موظف مدني، ويعمل بها حوالي خمسة آلاف إسباني، وتُؤجِّر الحكومة الإسبانية القاعدة، بين 1988، و2021، بقيمة 444 مليون يورو سنويا، وأفاد الموقع الإلكتروني لمحطة التلفزيون الإسباني (تيليسينكو)، أن المفاوضات بدأت بشكل غير مُعْلَن، منذ أكثر من سنة، بين الولايات المتحدة والمغرب، لنقل القاعدة العسكرية الأمريكية من مدينة "روتا" الإسبانية، إلى منطقة مدينة "طانطان" التي توجد بها قاعدة جوية أمريكية، على سواحل المحيط الأطلسي، وقد تؤدّي بالنهاية إلى بناء قاعدة عسكرية جديدة في الصحراء...
جسدت زيارة وزير الحرب الأمريكي، “مارك إسبر”، أهمية المغرب كمنصة أو قاعدة عسكرية واستخباراتية في المُخطّطات الأمريكية للهيمنة على البلدان المحيطة بالصّحراء الكُبرى، شمالها وجنوبها، بذريعة “مكافحة الإرهاب”، واستضاف المغرب عددًا من اللقاءات بين قادة مختلف المليشيات التي تتقاسم أراضي ليبيا وثرواتها، كما يُشكل النّظام المغربي – الذي أصبح يُنعت ب”الحليف الإستراتيجي”، منذ توقيع اتفاقيات “التعاون الأمني والدفاعي” بين المغرب والولايات المتحدة، سنة 2004 – حلقة أساسية في مُسلسل التطبيع الرّسمي الرجعي العربي مع الكيان الصهيوني، ولذلك ادّعى “دونالد ترامب” وُجُودَ “تحالف تاريخي” بين الدّوْلَتَيْن، اللّتَيْن وقّعَتا اتفاقية للتبادل التجاري “الحر”، خلال رسالته إلى الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات برئاسة وزير الخارجية الأمريكية “مايك بومبيو”، ولئن بقيت حركة التجارة ضعيفة بين البلَدَيْن، فقد تطوّرَ الجانب العسكري، ليصبح الجانب الظاهر في العلاقات الأمريكية المغربية، حيث تَعَزّز خلال العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، من خلال المناورات العسكرية المشتركة، ومن خلال مشاركة المغرب في المناورات العسكرية البحرية (فُونِكس إكسبرس)، وفي المناورات العسكرية لمكافحة الإرهاب (فلينتوك)، كما تجري مناورات “الأسد الإفريقي” أيضا في المغرب، بإشراف أمريكي، ويترأس المغرب (إلى جانب كندا، الحليف الوفي للولايات المتحدة) المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب…

الصحراء مقابل التطبيع الرّسمي والعَلَنِي مع الكيان الصهيوني:
يُعَوّل النظام المغربي على دعم الولايات المتحدة التي تزايد نفوذها من خلال التواجد العسكري والتنسيق الأمني، وتجسّد هذا الدّعم في الاعتراف الأمريكي والغربي بالسيطرة المغربية على الصحراء، خلافًا لقرار الأمم المتحدة، عدد 690 الصادر سنة1991 والذي ينص على ضرورة إجراء استفتاء لتقرير المصير، وعطّل المغرب والولايات المتحدة آليات تطبيق القرار، إلى أن تمت مُقايضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بالإعتراف الأمريكي بضم الصحراء الغربية، ضمن سلسلة أمريكية تضمنت "صفقة القرن"، وإضفاء الصبغة القانونية على ضم الضفة الغربية والجولان، وانسحاب الولايات المتحدة من الإتفاقيات مع إيران، والإتفاقيات الدولية الأخرى، ونُشير أن الولايات المتحدة تفاوضت مع حكومات المغرب والسودان، وغيرها، نيابة عن الكيان الصهيوني.
كَرّر رئيس الوزراء الإخواني "سعد الدين العثماني"، لعدّة أشهر، رفض حكومته التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأكد يوم 24 آب/أغسطس 2020 :"هناك خطوط حمراء بالنسبة للمغرب ملكا وشعبا وحكومة، وأن موقف المغرب ملكا وشعبا وحكومة هو الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك ورفض أي عملية تهويد أو التفاف على حقوق الفلسطينيين والمقدسيين وعروبة وإسلامية المسجد الأقصى والقدس الشريف"، وبعد قرابة أسبوع من الإعلان الرسمي للتطبيع، أعلن نفس الشخص، (سعد الدين العثماني) على قناة "الجزيرة" مباركته وتبريره للتطبيع الذي يجعل المغرب "جُزْءًا من الحلف العسكري الإسرائيلي - الأميركي – الخليجي"، بإشراف الإمبريالية الأمريكية، بحسب "سيون أسيدون"، السجين السياسي السابق (12 سنة، بسبب انتمائه لحركة "إلى الأمام")، وأحد مؤسّسي حركة المقاطعة بالمغرب، التي نشرت عددًا من الوثائق للتنديد بالعلاقات في مجالات الاقتصاد والتجارة، والتكنولوجيا والأمن، بين المغرب والكيان الصهيوني، منذ عُقُود.
نَفى وزير خارجية حكومة الإخوان المسلمين بالمغرب وَصْف هذا الإعتراف بالتّطبيع، بل "هو إعادة الاتصال الذي كان موجوداً حتى عام 2002" (رُبَّ عُذْرٍ أقبحُ من ذنْب)، والواقع أن العلاقات غَيْر المُعْلَنَة قديمة، وسمح الملك الحسن الثاني للإستخبارات الصهيونية بالحصول على تسجيلات اجتماعات الجامعة العربية، وعلى أخبار عربية، ذات صبغة عسكرية وأمنية، منذ حوالي 55 سنة، وساهمت المخابرات الصهيونية (إلى جانب المخابرات الفرنسية والمغربية)، سنة 1965، في اختطاف وقتل الزعيم المغربي المهدي بن بركة، أحد أعمدة النضال ضد الإستعمار، ومن أجل تَكتّل الدّول الواقعة تحت الهيمنة، كما تُشير العديد من "التّسريبات" الفرنسية والصهيونية إلى الزيارات العديدة لزعماء الحركة والكيان الصّهيونِيَّيْن للمغرب، من أجل ترتيب لقاءات عربية صهيونية، أسفرت عن صفقات لصالح الكيان الصهيوني، من ذلك لقاء صيف 1977، بين وزير الخارجية الصهيوني موشي ديان ونائب رئيس الوزراء المصري حسن التهامي، تمهيداً لاتفاقية "كامب ديفيد"، كما ساهم النظام المغربي في تهجير المواطنين المغاربة من الدّيانة اليهودية، عبر المنظمة الصهيونية العالمية، ليحتلوا أراضي وبيوت ووطن الشعب الفلسطيني الذي وقع تهجيره بالقوة من بلاده، وليصبح المواطنون المغاربة مُستعمِرِين ومُستوطنين وجنودًا صهاينة، يُقاتلون الشعب الفلسطيني، وعلى الصعيد الدّاخلي تستخدم وزارة الدّاخلية المغربية تطبيقات إلكترونية صهيونية للتجسّس على المعارضين وعلى الصحافيين (مثل الصحافيين عمر راضي وسليمان ريسوني) والمدافعين عن حقوق الإنسان، كما تعمل شركات صهيونية عديدة (بغطاء شركات أجنبية ) في مجالات الزراعة والرّي وتوريد البذور، وفي مجال النّقل، تُشغِّلُ شركة "زيم" الصهيونية خطّا بحريًّا علنيا، بين ميناء "حيفا" المحتلة، وميناء "طنجة" وميناء "الدار البيضاء" في المغرب...
أدانت هيئات مغربية عديدة التطبيع مع الكيان الصهيوني، واعتبرت هذه المنظمات "إن الكيان الصهيوني كيان استعماري عنصري وعدواني، تم غرسه بالقُوّة في أرض فلسطين من قِبَل الاستعمار البريطاني والإمبريالية العالمية... (وإنَّ ) القضية الفلسطينية قضية تحرر وطني، من أجل استعادة الوطن وعودة المُهَجَّرِين..."، لكن تعاون الأسرة الحاكمة، والنظام في المغرب، مع الحركة الصهيونية، ومع دولة الكيان الصهيوني، ليس جديدًا، فقد أظهرت كتابات "المؤرخين الجُدُد" (الصهاينة)، التي اعتمدت الوثائق الصهيونية الرسمية، ترحيل حوالي سبعين ألف مغربي، من ذوي الديانة اليهودية، خلال فترة قصيرة، من 1956 (سنة الإستقلال الشّكلي) إلى سنة 1963، سنة شن الجيش المغربي الحرب على الجزائر المُستقلة حديثًا، وقُدِّرَ العدد الإجمالي بنحو 211 ألف مُستوطن مغربي في فلسطين المحتلة، ارتفع عددهم حاليا إلى قرابة مليون مُستوطن، يُساهم في احتلال فلسطين وإبادة شعبها، وتهجيره واضطهاده...
لئن كان النظام مُستمرًّا في عملية التطبيع، فإن مقاومة التطبيع نشطة في المغرب، وبرزت معلومات في السنوات الماضية عن محاولات إسرائيلية لاختراق النسيج الاجتماعي في المغرب، خصوصاً مع بدء شركة إسرائيلية العمل في إحدى المناطق المغربية، ونشر المرصد المغربي لمحاربة التطبيع معلومات عن عمل شركة صهيونية في إحدى مناطق الريف المغربي، وتابَع هذا المرصد نشاط شركة صهيونية في أحد الجبال، تضمّ متقاعدين من الجيش الصهيوني، وتنظّم دورات للتدريب العسكري بذريعة إعداد أفراد للعمل في مجال الأمن الخاص وحماية الشخصيات، وتمّ إفشال مهمة هذه الشركة، بفضل يقظة وحذر المناهضين للتطبيع...
كان الزعيم الوطني "المهدي بن بركة"، المُعارض للنظام، ينبه، حتى قبل ستة أشهر من اختطافه واغتياله (تشرين الأول/اكتوبر 1965)، يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية، ونَبّه في آذار/مارس 1965، إلى خطر تسرب الكيان الصهيوني، الذي يعتبره أداة امبريالية لزعزعة إفريقيا والوطن العربي، وكان اليسار المغربي يعتبر القضية الفلسطينية مركزية، والتحق عدد من المناضلين بالمقاومة الفلسطينية في الأردن ولبنان، وحفظت ذاكرة اليسار أسماء بعض الشّهداء، منهم ابراهيم الدّاسر ومصطفى الصديقي والركراكي النومري وحسين الطنجاوي وعبد الرحمان أمزغار، وغيرهم...
إلى جانب منظمات "اليسار الجديد" (منذ سنة 1970)، تأسست منظمات دعم الشعب الفلسطيني، مثل الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني التي نظمت تظاهرات دعم نضالات وكفاح الشعب الفلسطيني، وأدّى توقيع اتفاق أوسلو بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ( برعاية أمريكية )، إلى انتكاسة الدّعم، لفترة قصيرة، قبل أن تتأسس منظمات أخرى لمحاربة التطبيع، مثل: المرصد المغربي لمحاربة التطبيع، ومجموعة العمل الوطني لدعم فلسطين، وشبكة التضامن مع الشعوب، ونددت هذه المنظمات وغيرها بتطبيع الأنظمة مثل الإمارات والبحرين والسودان...
أما النظام الجزائري، فاعتبر أن الجزائر مُستهدَفَة، بشكل مباشر، من خطوة الإمارات افتتاح قنصلية في الصحراء الغربية، ومن عملية التطبيع المغربي والمُقايضة التي أشرفت عليها الولايات المتحدة، والتي تزامنت مع بيع الولايات المتحدة للمغرب، أسلحة بقيمة مليار دولار، تتضمن طائرات مسيّرة وأسلحة موجّهة بدقّة، ومع توقيع الطرفَيْن الأميركي والمغربي اتفاقاً للتعاون العسكري لفترة عشر سنوات، أثناء زيارة وزير الحرب الأمريكي، بحسب وكالة "رويترز"، بتاريخ 02 تشرين الأول/اكتوبر 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان