الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجدداً .. البنك الدولى، ليس بنك تسليف!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2021 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كالمستجير من الرمضاء بالنار!، يدعونا استاذ اقتصاد ورجل اعمال مصرى مقيم بالخارج، ان نرسل خطابات للبنك الدولى نشكو فيه من حالة الفقر التى يعانى منها شعب مصر!، بهدف وقف عمليات الاقراض للنظام، ورفض سداد القروض، وعندها تتوقف القروض وبالتالى ينكشف النظام لانه بالقروض الجديدة يسدد القروض القديمة!، ووفقاً لتعبيره " .. وهذا سيوقع النظام في شر اعماله لانه يقترض الجديد ليدفع القديم"!.(1)

المفترض ان استاذ الاقتصاد او رجل الاعمال، وهو كلاهما، يعلم قبل غيره، ان سياسات الافقار المطبقة فى مصر، كما فى العديد من دول العالم، والتى تصرخ منها شعوب الارض، شرقه وغربه، شماله وجنوبه، هى بالضبط السياسات النيوليبرالية الاقتصادية، المفروضه بالحديد والنار من البنك الدولى نفسه، وزراعه التنفيذى صندوق النقد الدولى، الادارة التنفيذية لحكام عالم اليوم، اليمين المحافظ الجديد، هذا اولاً، اما ثانياً، فانه من الطريف ان استاذ الاقتصاد ورجل الاعمال، حدد الهدف من وراء ارسال هذه الخطابات الى البنك الدولى فى وقف الاقراض للنظام المصرى!، ولا ادرى كيف لا يدرك مثله، ان الاقراض هو هدف البنك الدولى الاسمى، وليس هدف الدول المقترضة، فالعكس هو الصحيح تماماً، حيث يتم فرض سياسات تدفع هذه الدول دفعاً للاقتراض، فعلى سبيل المثال، تشجيع النخب السياسة الحاكمة الفاسدة، على افشال بعض المشروعات الوطنية، الشركات الصناعية او الزراعية او الخدمية "شركات البريد، النقل، الماء، الكهرباء، الامن، النظافة .. الخ"، ومن ثم عرضها للبيع، تحت اغراء هذه النخب بالحصول مقابل ذلك على عمولات ضخمة، وهذا من ناحية، يفرغ السوق الوطنية لصالح قدوم منتجات واستثمارات الكيانات العملاقة العابرة للحدود، شركات ومؤسسات اقراض مالية عالمية، ومن ناحية اخرى، هو بذلك يدخل اقتصاديات هذه الدول فى دائرة الفقر والشلل، وهو ما يدفعها فى طريق اجبارى "الاقتراض"، الذى تحقق منه نفس هذه الكيانات العملاقة، فوائد اخرى، سواء فوائد القروض حال القدرة على السداد، وهذا احتمال ضعيف جداً، او فى الغالب الاعم، وهذا هو الهدف الحقيقى للاقراض، حال عدم القدرة على السداد، الاستيلاء على السوق وادوات الانتاج الوطنية (مدنى/عسكرى)، او تحقيق الهيمنة على السوق "انتاجاً واستهلاكاً"، لجعله مرناً ينصاع وتأقلم مع الدور المطلوب منه وفقا للتقسيم الدولى للعمل والانتاج الذى تحدده الكيانات العملاقة .. وهكذا، فبدون تشغيل الاموال المتراكمة بالترليونات لدى حكام العالم، تشغيلها بالاقراض، كيف سيتم استثمارها؟!، ان مدير البنك الذى لا يحقق المعدل المطلوب للاقراض يتم عزله!، واولهم مدير البنك الدولى، الم يكن احد شروط صندوق النقد، المعتم عليها، للنظام المصرى، ضرورة ان تصل حجم قروضه الى مستوى الـ100 مليار دولار، عندما كانت اقل من ثلاثين مليار دولار؟!

طبعاً انا مع مطلب ان يرفض الشعب المصرى تحمل اعباء تسديد هذه القروض، ومن ثم المطالبة بعدم سدادها او اسقاطها او جزء منها على الاقل، وهذا ما فعلته قليل من الدول من قبل، تشيلى على سبيل المثال، ولكن الفرق، وياله من فرق، ان هذه المطالبة باسقاط الديون كانت ضمن خطة شاملة للاستغناء عن القروض بحلل وسياسات بديلة متكاملة، وليس عن طريق ارسال خطابات للجهة المقرضة ذاتها!، فليس هدف المقرضين الاول هو الحصول على الفوائد المحدودة للقرض، بل هدفهم الاسمى، هو الاستيلاء على ممتلكات الدولة المقترضة ذاتها، اى محتويات الصندوق السيادى، وبهذا المعنى، فان اكثر ما يسعد المقرض هو عدم قدرة المقترض على السداد، وكما الخص دائما فلسفة النيوليبرالية الاقتصادية فى شعار "لماذا الاكتفاء بحليب البقرة، لما ممكن الاستحواز على البقرة ذاتها"!.


ان الخلل الاستراتيجى يتمثل فى النظر الى البنك الدولى/ صندوق الصنوق الدولى، على اعتبار انه، فقط، مؤسسة اقراض دوليه، فى حين ان دوره فى الاقراض يأتى فى المرتبه الثانية، اما فى المرتبه الاولى، يأتى دوره كصانع سياسات، "شروط"، من خلالها يعيد هيكلة الدوله ليصبح هيكلها متوافق مع متطلبات العولمه، اى اخضاع هذه الدوله لعملية اعادة هيكلة ليدخل هيكلها الجديد كترس فى اله العولمه العالميه الجباره، لتؤدى دورها الوظيفى المطلوب تحديداً فى هذا النظام المعولم. وهو ما سبق ان اوضحته بالتفصيل من قبل فى مقال لى بعنوان: "عفواً المحمودان، وهبه وبكير، صندوق النقد ليس بنك تسليف! صندوق النقد والبنك الدوليان: لو لم يكن هناك عجز عن السداد، لخترعناه، الاستيلاء على الاصول اسمى اهدافنا.". (https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675264)(2)


عندما تتنمر المؤسسات المالية المتعددة الجنسيات ويسيل لعابها النقدى على بلد او منطقة معينة، عند مرورها بازمة مالية او اقتصادية او تعرضها لكارثة طبيعية، فتنظر اليها باعتبارها فريسة وجب التهامها، ليقوم ذراعها المؤسسى الرئيسى، "صندوق النقد/ البنك الدوليان"، بالتعاون مع حلفائها المحليين والاقليميين، بأتخاذ او عدم اتخاذ، الاجراءات التى من شأنها الضغط العنيف على هذه الدولة او المنطقة، ويستمر الضغط والتسخين حتى تلين "أرادة" هذه الدولة او هذه المنطقة، وتسلم ارادتها لآرادة الصندوق، وتفتح اسواقها للمؤسسات المالية المتعددة الجنسيات ليتم نزح الاموال المحلية الى الخارج، عن طريق دخول السوق الاستهلاكى المفتوح على مصراعيه، بعد ان يكون قد تم شراء بخس للشركات والخدمات المحلية، تحت ضغط الازمة الخانقة، الطبيعية التى تم تفعيلها او المصنعة كلياً اوجزئياً، لتتراكم البطالة بالملايين، ويشتد الفقر فى هذا البلد او فى هذه المنطقة؛ ثم يسألونك، من اين يأتى التطرف والارهاب؟!.




المصادر:
1- نص الدعوة لارسال خطابات للبنك الدولى.
https://www.facebook.com/wahba.org/posts/2775605659346358
2- عفواً المحمودان، وهبه وبكير، صندوق النقد ليس بنك تسليف! صندوق النقد والبنك الدوليان: لو لم يكن هناك عجز عن السداد، لخترعناه، الاستيلاء على الاصول اسمى اهدافنا.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=675264








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سلمان رشدي لشبكتنا: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وما هو


.. جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي




.. بين الحية وأبو عبيدة.. تناقض في خطابي حماس السياسي والعسكري


.. عودة هجمات الحوثيين بعد هدوء نسبي.. الأسباب والأهداف | #الظه




.. مصر تعمل باتجاه دفع المفاوضات مع حماس قدما لمنع العملية العس