الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكم العوائل من القمة الى القاعدة

عدنان جواد

2021 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ان الحكم في العراق بعد عام 2003 تحول من حكم عائلة صدام حسين وحواشيها والسائرين تحت لوائها ولمدة 36 سنة، الى عدة عوائل مع حواشيها (وحبربشيتها)، وهذه العوائل معروفة لدى الجميع، البعض منها دينية والبعض عشائرية واخرى حزبية، وكما كان صدام وعائلته يستخدمون السلطة بإفراط ويركبون افخم العجلات ويسكنون اوسع القصور، كانوا فوق القانون بل اوامرهم قوانين، يقطع الشارع لمواكبهم ، وتغلق المنتزهات والملاهي لهم ولحواشيهم، كل همهم الملذات وجمع المال واستعباد الناس وإذلالهم، وكان هناك معارضة لحكم صدام التي كانت تعيش في المنافي في الدول المجاورة والبعيدة، منح البعض منهم اللجوء السياسي ، ومن بعدها الجنسية لتلك الدول التي كانوا يعيشون فيها، تصرف لهم رواتب واعانات من استقطاعات من مبالغ النفط الذي يباع حسب مذكرة النفط مقابل الغذاء والدواء التي وقعها النظام مع الامم المتحدة ايام الحصار، وكان كلامهم جميل معسول ، وانهم مع الشعب العراقي ويجب الخلاص من الطغمة الحاكمة وحزب البعث الظالم، ولابد من نشرالحرية والديمقراطية وسيادة القانون ، والحصول على الحقوق لجميع المواطنين وخاصة الطبقات المستضعفة، وانهم عندما يسقط صدام ونظامه سوف يعيش العراقيون كما تعيش البلدان المتقدمة، بحيث يكون فيها المسؤول خادم وليس ظالم ، ولكن عندما منحت السلطة لهم ساروا على نفس النهج لكنهم تقاسموا السلطة والحصص فيما بينها بعنوان الديمقراطية والانتخابات، فهي بيدها التعيين والاقالة والتوزير والتنصيب، وهي فوق الحساب والقانون، وهي تشارك في الحكم وتحصل على كل شيء وتتكلم على الفساد المستشري، وانها جاءت للخدمة والاصلاح وليس للتسلط والارباح، وانها في خدمة الفقراء والمحتاجين، لكننا يوم بعد يوم نشاهد زيادة عدد الفقراء والمرضى والبؤس والشقاء، والبطالة وزيادة عدد تجار المخدرات والمال الحرام، والرجوع للخلف بدل التقدم للأمام، لم نرى مجرم وسارق من تلك العوائل وحواشيها وتوابعها قد تم وضعه بالسجن ، واللجان التحقيقية تشكل وتنتهي ، وتسجل الجريمة ضد قاتل مجهول!، فالقضاء مسيس لا يستطيع فرض قوانينه على الاحزاب بل الاحزاب تفرض اراداتها على مؤسسات الدولة، في عهد صدام رغم ظلمه وقساوة حكمه، كانت بطاقة تموينية تسلم كل شهر مفرداتها للمواطنين، وادوية مجانية لإصحاب الامراض المزمنة، اما اليوم فالبطاقة اختفت مفرداتها، والادوية ارتفعت اسعارها المغشوشة منها والاصلية فلا توجد رقابة دوائية ولا غذائية ، فتحولت التجارة الى شطارة يمارسها صاحب السلطة، يجني الارباح بغض النظر عن نوعية البضاعة، هل هي مضرة ام فاسدة ، المهم تجني الارباح وتكثر الاموال.
فلكل عائلة وزرائها ومسؤوليها في الدولة يسرقون المال العام ويحصلون على ملايين الدولارات ولديهم حمايات وقصور وحتى طائرات خاصة، ولديها نفوذ سياسي وامني وحزبي، بحيث تحولت الدولة الى مقاطعات ، فالوزارات المهمة يتم تقاسمها حسب الاتفاق ، والوزارات الاقل اهمية يتم منحها للعوائل الادنى من العوائل الكبيرة، وهناك عوائل لا يمكن انتقادها لان لديها نفوذ وقوة ضاربة ، لذلك اي رئيس وزراء لا يستطيع ان يفعل شيئاً لأنه متفق عليه ومعه مسبقاً، ويا ليت المشكلة توقفت هنا بل انتقل حكم العوائل الى الطبقات الادنى حتى وصلت الى قاعدة الهرم، فالضابط الكبير يضع ابنائه ونسابته واعمامه اما ضباط للذين لديهم شهادة الاعدادية ، او منتسبين فضائيين او حماية له ، وينسحب هذا الامر على الوكلاء والمدراء العامين، فيعين اولاده وبناته وازواج وبناته في مقاطعته التي حصل عليها نتيجة لخدمته لاحد تلك العوائل، في حين ان هناك عوائل تمتلك الكفاءات والشهادات الجامعية ولم يعين احد من افرادها، فأصبحت الدولة عبارة عن مقاطعات تحكمها عوائل كبيرة واخرى صغيرة انتقل اليها الحكم بواسطة الكبيرة،
ان المشكلة المستعصية تحول المجتمع بين فقير فقر متقع وبين غني غنى فاحش نتيجة لتلك السياسة العائلية، فلا وجود لاختبار كفاءة في التعيين ، ولا انصاف للمظلومين ومن يمتلك السلطة يحصل على المال ، فأصبحت الاحزاب عبارة عن دكاكين للتجارة ، التعليم فقد رصانته، فالدكتوراه تمنح لمن يمتلك المال والنفوذ ، والجامعات وحتى المدارس المتوسطة والاعدادية تحولت الى اهلية، يحصل فيها صاحب المال على ما يريد من الشهادات، بينما يحصر ابن الفقير بما حصل من معدل ، وهو يرى من هو اقل منه يقبل في اقسام محترمه لأنه دفع المال، هذا المال الذي امتلكه اغلب من اشترك في السلطة عن طريق السرقة والتعدي على حقوق الاخرين، اما في الجانب الصحي فأفراد العوائل التي في القمة ومن في القاعدة التابعة لهم اذا مرضوا يتم ارسالهم للخارج وافضل المستشفيات للعلاج، بينما يعاني الفقير الذي يبيع ما يملك حتى يعالج نفسه وعند الياس ينتظر الموت بل يدعو ربه بأخذ الامانة بأسرع وقت، اما في جانب الصناعة فتعطيل المصانع مقصود لان تلك العوائل العليا والسفلى عملت في مجال المقاولات وابرام الصفقات مع الشركات الاجنبية بإدخال البضائع المستوردة مقابل كومشنات ، فماذا تستفاد من معمل عراقي ينتج سلع يتم طرحها في السوق او للتصدير ، تكون في صالح الدولة والمواطن العراقي البسيط، وفي جانب الزراعة فالأمر مشابه للصناعة، تلك العوائل تركت من صعدت على اكتافهم للسلطة بلا سكن ولا عيشة محترمة، شوارع بعض قرى الوسط والجنوب ترابيه وابنية منازلهم طينية، ينقصهم الماء الصالح للشرب وحتى الكهرباء، والطرق اذا تعطف عليهم المسؤول ايام الانتخابات يفرشها (سبيس)، وكل هذا البؤس وعلى طول هذه السنوات العجاف فترة حكمهم يطلبون من الناس اعادة انتخابهم ، وانهم سوف يعوضون ما سبق وان وعدوا فيه فهل سنقع بالفخ مرة اخرى.
ينبغي على النخب المثقفة الوطنية فضح تلك العوائل واساليبهم في الحفاظ على مناصبهم ، وكيف يخدعون الناس ويستولون على حقوقهم واستحقاقاتهم من ثروة وطنهم ، والشعب المطالبة بحقوقه ، واعادة المال المسروق ، ومحاكمة السارقين، واعادة النظر بأوامر التعيينات الحزبية وتشكيل لجنة وطنية لهذا الامر بعيدا عن الاحزاب ، وانصاف من مضى من عمره اكثر من 12 سنة وهو لازال اجور يومي، وعدم الوثوق بتلك العوائل واعادة انتخابهم مرة اخرى، فعندها تستمر المعاناة والارتهان للقروض الخارجية والداخلية ، والديون التي تلحق بالأجيال القادمة وليس الحالية فقط، بينما تلك العوائل سوف تترك البلد لأنها حصلت على سكن في دول اخرى، او تبقى تستثمر اموالها في بلد ستكون ملكة الاقطاعيات فيه فهي انهكته ودمرت موارده وستبقى تمتص ثرواته وتستعبد ابنائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير