الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد الروماني

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 1 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يتبين بالرجوع إلى أحد التقاويم القديمة أن الرومان كانوا يحتفلون في الخامس والعشرين من آذار "أو يوم بداية الربيع" بعيد السنة الجديدة، إلا أن الأباطرة ورجال الدولة كانوا يحاولون باستمرار التلاعب بطول الأشهر والسنين لكي يطيلوا فترة حكمهم المخصصة لهم. ولم يعد تأريخ التقويم يتزامن من المقاييس الفلكية بحلول عام 153 ق.م. لذا رأى المجلس الروماني الأعلى ضرورة تحديد العديد من المناسبات والأعياد العامة. فأعلن الأول من كانون الثاني بداية للعام الجديد. لم يوقف الإجراء الأخير التلاعب المتزايد لمحاولة تحريف التاريخ الأمر الذي دفع "يوليوس قيصر" إلى إعادة تنظيم التقويم بزيادة أيام السنة 445 يوما وإعادة التقويم إلى الأول من كانون الثاني عام 46 ق.م الذي حاز لقبه التاريخي "عام الفوضى". سمي التقويم الجديد "التقويم اليوليوسي" نسبة إلى مبدعه.
واستمر الأباطرة بإقامة احتفالات رأس السنة الجديدة حتى بعد اعتناقهم للديانة المسيحية. لقد حثت الكنيسة الكاثوليكية الناشئة على القضاء على كل المناسبات الوثنية، وأدانت تلك الطقوس المخزية، وحرمت المسيحيين من المشاركة فيها. وعندما زاد نفوذها وكثر مؤيدها، أخذت الكنيسة تؤسس تدريجيا مهرجاناتها الخاصة بها لكي تتفوق وتتفاخر بها على نظائرها الوثنية وتسلبها بريقها. فعينت الكنيسة في الأول من كانون الثاني وهو يوم رأس السنة الجديدة، عيدا دينيا هو عيد ختان السيد المسيح بقصد تحدي الوثنية. لا تزال الكنيسة الكاثوليكية اللوثرية والكنيسة الأسقفية البروتستانتية والعديد من المذاهب الأورثوذكسية والشرقية تحتفل به "عيد الختان" إلى الآن.
استمرت الكنيسة في عدائها لعيد رأس السنة في الحضارات القديمة طيلة العصور الوسطى إلى أن تلاشت تقريبا طقوس هذا العيد في البلاد والمدن التي تسيطر عليها الكنيسة الكاثوليكية. ولم تكن تعاود الظهور إلا على نحو هزيل من فترة إلى أخرى خلال أوج العصور الوسطى من القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر. احتفل البريطانيون برأس السنة الجديدة في الخامس والعشرين من آذار، والفرنسيون في أحد الفصح، والايطاليون في عيد الميلاد. أما الذين احتفلوا بعيد رأس السنة حسب تاريخه القديم، أي في الأول من كانون الثاني، فهم شبه جزيرة إيبيرية (اسبانيا والبرتغال حاليا). ولم يقم بالشكل الذي نعرفه به اليوم إلا بعد انقضاء الأربعمائة سنة الماضية. وتعتبر ليلة السنة الجديدة، منذ أقدم العصور، منذ العراق القديم إلى الان، أصخب ليالي السنة، وفيها تنتفي الشرائع والقوانين والأعراف الاجتماعية والثقافية والجنسية لصالح الجسد ورغباته. (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على