الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهات في النظر

عطا عباس خضير

2021 / 1 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حول تأسيس أحزاب وحركات جديدة ..

نشهد هذه الايام رغبة كبيرة لدى الكثيرون في تأسيس أحزاب وحركات سياسية جديدة من " وسط تشرين " تحديدا . وقد أنبثقت حقا العديد منها " حركة أمتداد على سبيل المثال " .
ويبدو الأمر طبيعيا في مناخ سياسي واحتجاجي متفجر من جهة ، وعدم قدرة الاحزاب القائمة بمختلف مشاربها وتوجهاتها على أحتواء المحتجين ورغباتهم وتوجهاتهم .
ويشكل ذاك اكثر من علامة استفهام .
فأن كان الامر مفهوما لجهة شجب المحتجين لسلوك الاحزاب الاسلامية الحاكمة بسبب فسادها وعبثها واجرامها بحق البلاد والعباد ، فأنه غير مفهوما بالنسبة للموقف من قوى اليسار والمدنية في العراق ونفور المحتجين منها ، بل وتحميلها احيانا جزءا من مسؤولية الوضع الكارثي الراهن .
وأمر كهذا يحتاج الى الكثير من التأمل والتساؤل أيضا .
فمن المعروف تاريخيا ، ان اجواء الرفض الشعبي الواسع لطغمة الحكم الفاسد في اي بلد تشكل معينا ومنبعا ممتازا لرفد القوى اليسارية بالذات ( والشيوعيون على رأسهم ) ، لرفدهم بطاقات شابة وروح أقتحام قادرة على تغير اللوحة السياسية الى حد كبير .
لكن ذاك لم يحصل في العراق ، بل ويبدو عصيا أيضا رغم استمرار جو الرفض الواسع وما ترتب عليه من خسارة شعبنا لمئات من الشهداء والالاف من الجرحى حتى الان .
وبعيدا عن الحجج والأسباب التي يقدمها المعنيون من مختلف قوى اليسار والمدنية لهذه المفارقة التاريخية ، فأن عجزها وعدم قدرتها على تأطير حركة الاحتجاج الاجتماعي ودفعها قدما للحصول على مطالبها المشروعة يبدو واضحا تماما ، ويتمثل ذاك في تجليات عدة :
فأولا ، لا يبدو خطابها السياسي ، بل وحتى سلوكها وموقفها أحيانا ، جاذبا لفئة الشباب التي شكلت العمود الفقري لأنتفاضة تشرين المجيدة . بل ويبدو الأمر أحيانا وكأنهما يتحدثان لغتين مختلفتين تماما ، إن لجهة توصيف السلطة واحزابها الأسلامية الفاسدة ، أو لجهة الموقف " الرجراج " وغير المفهوم احيانا لعموم قوى اليسار من حكم الاسلاميين وممارساتهم السياسية ونهبهم المكشوف لموارد البلد وثرواته طوال ما يزيد على السبعة عشر عاما .
وثانيا ، يبدو الأمر وكأنه أنسداد تاريخي .
أعني أن قوى اليسار العراقي بمجموعها تعاني من أزمة بنيوية داخلية معقدة . ومعها يبدو أمر " التجديد " الفعلي العميق لتوجهاتها الفكرية ونهجها وطرائق عملها وبناءها التنظيمي الداخلي ، يبدو نوعا من المستحيل .
ولا يشكل ذاك في حساب الزمن وحركته نقيصة خاصة بها أبدا ، بل يشير الى أن دورها التاريخي في العراق قد بدأ بالأفول . ولابد من " بديل حيوي " يتمثل بحركة يسار واسعة تولد بالضرورة من رحم حركة الأحتجاج والرفض الشعبي العميق للسلطة وأحزابها ، ومن سابقتها التي أنجزت الكثير والكثير جدا خلال العقود المنصرمة الماضية .
ومن المفيد جدا ان نستحضر هنا ولادة الحزب الشيوعي العراقي في بدايات القرن الماضي ، كمثال تاريخي ممتاز وكبديل لما هو سائد حينها من قوى واحزاب سياسية لم تعد قادرة على مواكبة ما تطرحه الحياة العراقية العامة من مهام آنية حينها . فجاءت ولادته كضرورة تاريخية لتأطير حركة الشعب العراقي المتصاعدة حينها بتنظيم سياسي مستقل ذهب بها بعيدا في تجديد كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية للشعب العراقي .
وعلى ما يبدو ، فأن أجواء الخمول ، أو عدم قدرة قوى اليسار والمدنية على أخذ زمام المبادرة ، هو ما شكل طابع النفور العام لدى فئات متزايدة من الشبيبة العراقية للعمل والانخراط فيما هو قائم من أحزاب وتنظيمات سياسية معلنة .
وأسهم ذلك أيضا في نشوء وترسيخ ميلا واسعا يَصْب في خانة عدم " قداسة " التاريخ السابق لجهة أحزاب الاسلام السياسي أو قوى اليسار العراقية التي باتت غير قادرة على أنجاز مطالب تاريخية فرضها زمننا المعولم المعاصر بقيمه ومتطلباته المتغيرة الى حد كبير ، ووسط تكنولوجيا ووسائل أتصال أثبتت نجاعتها ودورها الهام جدا في أطلاق وتحديد وتنظيم كل تحرك جماهيري واسع ، وكأنها بديلا ، بهذا الشكل أو ذاك ، لأطر التنظيم التقليدية المعروفة .
ختاما أقول ، ستشهد الساحة العراقية ولادة المزيد من التنظيمات والتجمعات ، وستشكل " المدنية " صفتها وطابعها الأعم . وتلك ميزة تؤشر الى الرغبة المتزايدة للخلاص من فلك أحزاب الاسلام السياسي التي ستحاول بدورها جعل هذه " الولادة " مشوهة وغير فاعلة في تغير ميزان القوى السياسية العراقية .
وبديهي ستبقى رغبة الجميع مشروعة لكسب عقول الملايين من شبيبة العراق المتوثبة . لكن ذاك يبقى مرهونا بشرطه وشروطه ، كما يقال ، وفِي مقدمتها وجود تنظيم سياسي ديمقراطي ومدني قادرا على أستيعاب رغبات وامال المحتجين ، تنظيما يمتلك نوابضه الداخلية التي تفسح المجال واسعا لأستيعاب وجهات النظر المختلفة أزاء قضايا لم يعد فهمها ممكنا بناءا على تفكير قادة محدودين ، أو نخبة قد لا يزيد عددها على عدد أصابع اليد الواحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط