الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعة المؤمن

عبدالله محمد ابو شحاتة

2021 / 1 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شخصاً يسحب إبنه لكي يذبحه تنفيذاً لرؤيا أو لصوتاً يأمره بذلك ، تلك القصة الشهيرة في العهد القديم لأبراهيم الذي يكاد يذبح أبنه المُرتعد من الخوف تنفيذاً لما يظنه أمر الله ، وبعيداً عن تقييم هذا الفعل بمقاييس عصرنا الحالي ، فمن المعروف أنه لو قال شخصاً الآن أن الله أمره بذبح ابنه سيكون مصيره هو أقرب مشفى للأمراض العقلية ، وبعيداً أيضاً عن الجدال الذي يدور بين المسلمين من جهة والمسيحيين واليهود من جهة أخرى حول إن كان اسماعيل ام إسحاق هو من كان سيتعرض للذبح ، فكل هذا بالطبع لا يهمنا في تقييمنا لتلك القصة ، فعلى الراجح إنها مجرد قصة مُختلقة أو قصة رمزية ، ولكن هذا لا يُفقدها الأهمية ، فسواء أكانت واقعية أو نابعة من خيال أحد أدباء أو عرافي اليهود القدماء فستظل ذات قيمة وتأثير بالغ نستطيع من خلاله أن نفهم بناء الأديان الإبراهيمية وطبيعتها وادوارها وتأثيرها في عقلية المؤمنين بها ،
إن هذه القصة تُشكل لدينا رؤية واضحة وتطرح جدلية مثيرة تدعم وجهة نظرنا في الدين على أنه مجرد أداة للسيطرة وفرض السلطة ، فلا شك أن الجانب الفكري والثقافي فعال في بسط النفوذ مثله مثل الجانب المادي ، والقوة الفكرية قد تمارس تأثيراً أكثر فاعلية من قوة السلاح ، ولذلك يظهر لدينا عظم الدور الذي كان يلعبه الدين في تلك المجتمعات البدائية ،
فالدين كما تقدمه لنا قصة الذبح تلك ليس إلا عبودية وخضوع أعمى للقوة ، وهو ما يناقد النظرة التي تُروج في بعض الاحيان للدين كأرادة حرة للصلاح والخير ، فلو كان الدين أرادة حرة للصلاح والخير لوجب على إبراهيم في القصة أن يعارض أمر الله بذبح ابنه ، فلا يوجد فعل يحمل من البشاعة أكثر من ذبح اب لأبنه ، ولكن جاء رد ابراهيم بالقبول ليعلنها بوضوح أن الدين ليس إلا عبودية وطاعة عمياء وخضوع للسلطة لا خضوعاً للخير أو الصواب ، فنحن نعبد في الله القوة لا الخير ، ونذم في الشيطان الضعف لا الشر ،
ثم يتبع موافقة إبراهيم تأييد الله لطاعة أبراهيم العمياء وإثنائه عليها ليؤكد تلك النظرة ويجعلها عقيدة راسخة يسير عليها المؤمن في حياته وتؤثر في شخصيته حتى دون أن يدري ، فيصبح شخصاً يقدس القوة أكثر من الحق ويقدس العبودية و يرى في الحرية دنس ، ويتعلم أن يُطيع أكثر مما يُفكر أو يختار ، فالطاعة ولا شئ غير الطاعة ، الطاعة العمياء لكل ذي سلطة من رجل الدين إلى حاكم الدولة ، وإن تسلط عليه حاكم فاشي يتحمله لأن هذا هو قضاء الله الذي يجب أن يرضى به حتى يرفع الله عنه البلاء ، فمصائر تلك الشعوب المتدينة دائماً ليست بأيديهم فليس عليهم سوى الرضى والصبر ناظرين إلى السماء ، على العكس من الشعوب الحرة التي تعلم أن مصائرها بأيديها هنا على الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد