الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال ديوان الرقابة المالية الاتحادي في ضوء الدستور والقانون وقرارات المحكمة الاتحادية العليا

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 1 / 22
دراسات وابحاث قانونية


بالرغم من أن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 نص في المادة (103) منه على أن ديوان الرقابة المالية الاتحادي من الهيئات المستقلة ، وكذلك نص قانونه على اعتبار الديوان هيئة مستقلة مالياً وإدارياً حيث نصت المادة (5) من قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (31) لسنة 2011 المعدل على ما يأتي (الديوان هيئة مستقلة مالياً وإدارياً له شخصية معنوية ويعد أعلى هيئة رقابية مالية يرتبط بمجلس النواب يمثله رئيس الديوان أو من يخوله) ، إلاّ أن القانون المذكور لم يضمن هذه الاستقلالية بشكل تام، ويمكن أن نؤشر بعض مظاهر عدم الاستقلال التي تؤثر على دور وفاعلية الديوان باعتباره أعلى جهة رقابية مالية، فاستقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية هو السبب الرئيس وجوهر وجودها، وكان هذا الموضوع من المواضيع المهمة والمحورية التي تناولتها منظمة (الانتوساي) منذ نشأتها عام 1953 ، وأزدادت أهمية هذا الموضوع بصدور اعلان (ليما) عام 1977، وتبعه أعلان مكسيكو عام 2007، وتأكيد الجمعية العامة لمنظمة (الانتوساي) الذي يضم رؤساء الأجهزة الرقابية العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقم (20) المنعقد في جوهانس بيرج – عاصمة جنوب أفريقيا عام 2010 على ضرورة ادخال اعلان (ليما) ضمن وثائق الامم المتحدة، حيث أطلق تسمية الوثيقة العظمى للرقابة الحكومية على اعلان (ليما) بعد مصادقته من المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بتأريخ 26/4/2011 ، حيث أكدت هذه الوثيقة على مبدأ الاستقلالية لتمكين الأجهزة الرقابية من ممارسة اختصاصاتها بفاعلية وحياد وموضوعية وهذا من شأنه دعم الثقة في نتائج رقابة الأجهزة العليا للرقابة، والذي لا يتحقق إلاّ بالاستقلال التام عن الجهات التي تتولى رقابتها، وكذلك من خلال مظاهر الاستقلال الاخرى (الاستقلال الوظيفي والإداري والمالي والقانوني) حيث يوفر الاصلاح التشريعي الاطر القانونية والفعالة لضمان استقلالية الأجهزة العليا، وبالرجوع الى قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي يمكن أن نؤشر مظاهر عدم الاستقلال التي تحتاج لمعالجة تشريعية وكما يأتي :
أولاً : أرتباط ديوان الرقابة المالية الاتحادي :
وفقاً لنص المادة (103/ثانياً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 فإن ديوان الرقابة المالية الاتحادي يرتبط بمجلس النواب، كما هو الحال في القوانين التي سبقته التي أعتبرت ديوان الرقابة المالية نائباً عن السلطة التشريعية في الرقابة على التصرفات المالية للسلطة التنفيذية ، في حين نجد أن الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر أنشأ عام 1942 مستقلاً عن كل سلطات الدولة في ظل العهد الملكي، وبعد قيام النظام الجمهوري الحق برئاسة الجمهورية عام 1960، ثم الحق بمجلس الشعب عام 1975، ومن ثم أعيد الحاقه برئيس الجمهورية عام 1998، ولا زال مرتبطاً به رغم أن المادة (1) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم(144) لسنة 1988 نصت صراحة على أن الجهاز هيئة مستقلة ، في حين أن دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014 نص على كون الجهاز المركزي للمحاسبات شخصية اعتبارية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي والفني إلاّ أنه لم يحدد جهة أرتباطه، كما ان الدستور أشار إلى هذا الجهاز مع أجهزة وهيئات تابعة للسلطة التنفيذية في المواد (215) و(216) من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014، وفي فرنسا فإن محكمة المحاسبات الفرنسية تباشر اختصاص رقابي وقضائي في آن واحد وتتمتع بالاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما اعترف الدستور الفرنسي لعام 1848 بالصفة القضائية لمحكمة المحاسبات دون أن يعتبرها جزءاً من السلطة القضائية، في حين ذهبت المحكمة ذاتها الى عد نفسها محكمة إدارية من نوع خاص .
فضلاً عن ذلك نجد أن المحكمة الإتحادية العليا اعترضت ضمنياً على إرادة المشرع الدستوري بربط الديوان المذكور بمجلس النواب مستندة في ذلك إلى مبدأ الفصل بين السلطات، إذ جاء في قرارها المرقم ( 88/إتحادية/2010) في 18/1/2011 (... وإن كان ما نص عليه الدستور بربطه بعض الهيئات المستقلة ذات الطبيعة التنفيذية بمجلس النواب أمر لا يتفق مع أختصاصاته الرئيسة المنصوص عليها في المادتين (61) و(62)، وهما اختصاص التشريع واختصاص الرقابة على السلطة التنفيذية، ويتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي تبناه دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة (47) منه، ولا يتفق كذلك مع ما هو جار العمل عليه في برلمانات العالم إذ لا تناط بها إدارة هيئات أو مؤسسات ذات أنشطة تنفيذية لأن البرلمانات في العالم ومنها مجلس النواب العراقي لا تملك الأدوات التي تمكنها من الاشراف اليومي ومتابعة نشاط الهيئات المستقلة سيما إذا كان البرلمان في حالات عدم انعقاد) ، ولنا على قرار المحكمة الإتحادية العليا الملاحظات الآتية :
1- أن مجلس النواب يباشر الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية استناداً لاحكام المادة (61/ثانياً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 من خلال أدوات الرقابة البرلمانية المنصوص عليها في الدستور، كالسؤال وطرح موضوع عام للمناقشة والاستجواب وسحب الثقة وتشكيل اللجان البرلمانية وفق المادة (61/سابعاً/ثامناً) منه ، وهذا النوع من الرقابة البرلمانية ذو طابع سياسي لأنه يؤدي بالنتيجة إلى سحب الثقة من الوزراء أو رئيس الوزراء في حال ثبوت التقصير لدى مجلس النواب، في حين أن رقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقابة (فنية) تتعلق بالجوانب المالية والإدارية ولا يترتب عليها آثار سياسية، وهنا نجد ان مجلس النواب وديوان الرقابة المالية وان كان يملكان اختصاص الرقابة إلاّ أن طبيعة الرقابة وأدواتها تختلف، فضلاً عن ذلك فإن حسابات مجلس النواب هي بدورها تخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي، حيث نصت المادة (60/ثالثاً) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 على أن (تخضع حسابات المجلس الى تدقيق ديوان الرقابة المالية الاتحادي) ، وهذا يقتضي استقلال الديوان عن مجلس النواب طالما أن حساباته تخضع لتدقيق الديوان، وان عرض تقارير الديوان السنوية على مجلس النواب المتضمنة النتائج التي أفرزتها عملية تنفيذ الخطة السنوية للديوان والاراء والمقترحات المتعلقة بالاوضاع المالية والإدارية والاقتصادية والقانونية وتقييم فاعلية وكفاية اجراءات الحكومة استناداً للمادة (28/أولاً/أ) من قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (31) لسنة 2011 المعدل ، لا يتطلب أرتباط الديوان بمجلس النواب.
2- ان المحكمة الإتحادية العليا ذهبت الى خرق استقلالية ديوان الرقابة المالية الاتحادي من خلال تعزيز اخضاعه لاشراف السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) حيث جاء في قرارها سابق الذكر (... أن أرتباط بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب لا يحول دون إشراف مجلس الوزراء على نشاطها تطبيقاً لاحكام المادة (80/أولاً) من الدستور.. لأن الهيئات المستقلة تقع ضمن هيكل الدولة وتؤدي مهام تنفيذية ولا ترتبط بالوزارة..)، والسبب في ذلك حسب رأينا هو محاولة المحكمة الإتحادية العليا في معالجة الاشكال الذي وقع فيه المشرع الدستوري عندما ربط بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب وربط الاخرى بمجلس الوزراء، في حين كان الاجدر بالمشرع الدستوري جعل ديوان الرقابة المالية الإتحادية هيئة رقابية عليا مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية مع رسم حدود العلاقة مع هاتين السلطتين ووسائل التعاون، إذ أن المشرع الدستوري العراقي لم يحدد طبيعة الارتباط بمجلس النواب، في حين نجد المشرع البريطاني أكثر وضوحاً ودقة عندما ربط مكتب التدقيق الوطني بمجلس العموم البرلماني وجعل المحاسب والمراجع العام بمثابة موظف برلماني، كذلك الحال نجد أن المشرع الفرنسي أيضاً حسم موضوع استقلال محكمة المحاسبات الفرنسية باعتبارها كيان قضائي مستقل عن السلطتين (التشريعية والتنفيذية) مع الزامها بتقديم المعاونة لهاتين السلطتين ، في حين أن المشرع الدستوري العراقي لم يكن واضحاً ودقيقاً في تنظيم أرتباط ديوان الرقابة المالية الاتحادي بمجلس النواب، كما أننا نرى أنه لم يكن موفقاً بربطه بمجلس النواب كون الاخير يخضع لرقابته وهذا بالتأكيد من شأنه أن يخرق استقلالية الديوان.

ثانياً : موازنة الديوان :
يعد الاستقلال المالي من أهم دعائم استقلال أجهزة الرقابة المالية العليا وحافزاً لانجاز العمل الرقابي بحرية بعيداً عن ضغوط السلطة التنفيذية ، إلاّ أنه يلاحظ برغم ما نص عليه دستور 2005 وقانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي من تمتع الديوان بالاستقلال المالي إلاّ أن ديوان الرقابة المالية لا يتمتع باستقلال تام من الناحية المالية، كون المتحكم الاخير بموازنة الديوان هي وزارة المالية لعدم وجود نص قانوني يلزم وزارة المالية بأعتماد موازنة الديوان كرقم يدرج ضمن الموازنة العامة للدولة، إذ يقتصر دور الديوان على إعداد وإقرار مشروع الموازنة السنوية للديوان وفقاً للتوجهات العامة للدولة وإرسالها لوزارة المالية لتوحيدها ضمن الموازنة العامة للدولة استناداً للمادة (21/خامساً) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم (31) لسنة 2011 المعدل ومن الممكن أن تخضع الموازنة لتعديلات من وزارة المالية طبقاً لسياسة وبرنامج الحكومة، وهذا من شأنه خرق الاستقلال المالي للديوان، بخلاف محكمة المحاسبات الفرنسية التي تتمتع بموازنة مستقلة تدرج من الجمعية الوطنية، وكذلك الحال بالنسبة لمكتب التدقيق الوطني البريطاني كونه مرتبط مباشرة بمجلس العموم ، أما في مصر فإن الجهاز المركزي للمحاسبات يتمتع بأستقلال مالي تام حيث يكون للجهاز موازنة مستقلة وتدرج رقماً واحداً في موازنة الدولة حيث نصت المادة (28) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (144) لسنة 1988 المعدل على أن (يكون للجهاز موازنة مستقلة وتدرج رقماً واحداً في موازنة الدولة).

ثالثاً : اختيار رئيس الديوان ونائبيه :
استناداً للمادة (22/أولاً/ ثانياً) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم (31) لسنة 2011 المعدل يتم اختيار رئيس ديوان الرقابة المالية بالأغلبية المطلقة لمجلس النواب بناءاً على اقتراح من مجلس الوزراء، ويكون رئيس الديوان بدرجة وزير ولمدة (أربع) سنوات، واستناداً للمادة (26) من القانون أعلاه يعين نائبي رئيس المجلس بدرجة وكيل وزارة لمدة (4) سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة بنفس شروط وطريقة تعيين رئيس الديوان ، والحقيقة أن المشرع العراقي قد أخل بأستقلالية ديوان الرقابة المالية عندما جعل مجلس الوزراء هو الجهة المختصة باقتراح ترشيح رئيس الديوان ونائبيه وأضعف ضمانات استقلال الديوان، في حين كانت آلية ترشيح رئيس الديوان ونائبيه قبل التعديل أكثر ضماناً كون عملية ترشيح الرئيس ونائبيه تتم من قبل لجنة يشكلها البرلمان من (9) أعضاء يتم ترشيح ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس الديوان، يصوت مجلس النواب بالاغلبية المطلقة على أحدهم ، إذ ليسَ من المقبول منطقياً ترشيح رئيس الهيئة الرقابية العليا على أعمال السلطة التنفيذية من ذات السلطة التي تخضع لرقابة هذه الهيئة.
ونحن بدورنا نؤيد الاتجاه الذي يذهب الى أن يكون تعيين رئيس ديوان الرقابة ونائبيه من بين العاملين به، كون التدرج في العمل الرقابي داخل الديوان يكسبه الخبرة ولاسيما ان المشرع اشترط في النواب توفر خدمة لا تقل عن (10) سنوات في الديوان، ذلك لضمان مبدأ التخصص في الرقابة والمهنية والموضوعية ومنع تحكم أي سلطة بهذه الجهة الرقابية، إضافة لذلك فإن هذه الآلية تحول دون استخدام المحاصصة السياسية أو الحزبية لشغل منصب رئيس الديوان، ومن الممكن أن تناط مهمة ترشيح رئيس الديوان ونائبيه الى مجلس الديوان ذاته وترسل الترشيحات الى مجلس النواب للمصادقة عليها ، اذ نصت المادة (20/أولاً) من قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (31) لسنة 2011 المعدل على أن (يتألف المجلس من رئيس الديوان رئيساً ونواب رئيس الديوان والمدراء العامين لدوائر الديوان أعضاء) ، أو تناط مهمة ترشيح رئيس ونائبي رئيس الديوان الى عدة جهات يصوت مجلس النواب عليهم كأن يعهد ترشيحهم الى مجلس النواب ومجلس الوزراء ومجلس الديوان ويصوت مجلس النواب على أحد مرشحي هذه الجهات وإن كان هذا الاسلوب يسمح بتغلغل المحاصصة والولاءات السياسية الى عملية الترشيح.
أما في مصر : فإن تعيين رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يكون بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة ، كما لا يجوز اعفاءه من منصبه، أو قبول استقالته إلاّ بقرار من رئيس الجمهورية، وتسري في شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز القواعد المقررة في قانون محاكمة الوزراء ، ومما تجدر الإشارة إليه أن تعيين رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قبل تعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (144) لسنة 1988 يكون قبل مجلس الشعب بناءً على ترشيح رئيس الجمهورية على أن يصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية، وبعد صدور قانون التعديل رقم (157) لسنة 1998 جعل تعيين رئيس الجهاز محصوراً برئيس الجمهورية إضافة لارتباط الجهاز برئيس الجمهورية حيث نصت المادة (1) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (144) لسنة 1988 المعدل على أن (1-الجهاز المركزي للمحاسبات هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية...) ، وهذا يؤكد التبعية للسلطة التنفيذية، ولذلك نجد أن جانب من الفقه انتقد هذا التعديل مؤيداً آلية تعيين رئيس الجهاز قبل التعديل التي تتم بناءً على اشراك اكثر من جهة في تعيين رئيس الجهاز لضمان حسن اختيار من يشغل هذا المنصب .
رابعاً : عزل رئيس الديوان وحصانته :
أغفل مشرع قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (31) لسنة 2011 المعدل الكثير من المسائل الواجبة التنظيم ومن مظاهر القصور التشريعي عدم معالجة موضوع غياب رئيس الديوان أو بقاء منصبه شاغراً ، كما لم ينص على تنظيم مسألة استقالة رئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادي ونائبيه، وجهة تقديم استقالته وجهة قبول الاستقالة، وإنما نظم حالة اعفاءه من منصبه وفقاً لاحكام المادة (24) منه التي أجازت لرئيس مجلس النواب استجواب رئيس الديوان وفقاً لاجراءات استجواب الوزراء المنصوص عليها في الدستور وله إعفاءه من منصبه وفقاً لما منصوص عليه، كما اغفل المشرع النص على أي حصانات لرئيس الديوان ونوابه وأعضاء الديوان، بخلاف ما ذهب إليه المشرع المصري الذي وفر لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الحصانة ضد الإعفاء من المنصب، كما حدد جهة قبول استقالته برئيس الجمهورية، كما حدد اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز وفقاً للقواعد المقررة لمحاكمة الوزراء استناداً للمادة (20) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (144) لسنة 1988 المعدل.
إن عدم نص قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي على حصانات لرئيس الديوان ونائبيه ورؤساء الدوائر يشكل تراجعاً في مكتسبات الديوان فيما يتعلق باستقلاليته فقد سبق وان منح قانون ديوان الرقابة المالية رقم (6) لسنة 1990 (الملغى) حصانات لهذه الفئات الرسمية عندما نص على عدم جواز اتخاذ التعقيبات القانونية بحق رئيس الديوان فيما يتعلق بأعماله وأداء مهامه الرقابية إلاّ بعد الحصول على أذن من رئيس مجلس قيادة الثورة (المنحل).
كما أن القانون المذكور لم يعطي لموظفي الديوان الحصانات اللازمة لممارسة مسؤولياتهم واعمالهم الرقابية باستقلالية تحول دون تدخل السلطات الاخرى ، كما أن القانون المذكور أخضع موظفي الديوان لاحكام التشريعات النافذة بأستثناء ما ورد فيه نص خاص في هذا القانون ، بخلاف المشرع المصري الذي أخضع العاملين في الجهاز المركزي للمحاسبات لاحكام خاصة نظمت كافة شؤونهم من حيث الوظائف والتعيين والترقية والعلاوات والبدلات والحوافز والندب والاعارة والبعثات والتقارير السنوية والاجازات والواجبات والتأديب وانهاء الخدمة ، مع تقرير حصانة لاعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات من وظيفة مراقب فما فوق من حيث عدم القابلية للعزل، إلا في حال فقدان الثقة والاعتبار اللذين تتطلبها الوظيفة أو فقدان صلاحية أدائها لغير الاسباب الصحية وبناءً على قرار من رئيس الجمهورية وبتوصية من رئيس الجهاز ، كما يتمتع اعضاء الجهاز الذين يرشحهم رئيس الجهاز بصلاحية مأموري الضبطية القضائية فيما يخص الجرائم المتعلقة بالاعمال التي يباشرونها اثناء قيامهم بوظائفهم.
أما في الدول التي يكون نظامها الرقابي قضائياً كما هو الحال في فرنسا، فإن تعيين قضاة محكمة المحاسبات الفرنسية يكون بمرسوم جمهوري ويتمتعون بحصانات القاضي ومنها عدم قابلية القاضي للعزل فلا يمكن إحالتهم للتقاعد بطريقة تعسفية باستثناء حالات الأخطاء النظامية المعاقب عليها بواسطة المحكمة، وكذلك الحال بالنسبة لمحكمة الحسابات التركية على سبيل المثال حيث تعتبر هيئة قضائية مستقلة لا ترتبط بأية سلطة تمارس أعمالها بشكل مستقل وغير منحاز ويتمتع رئيس محكمة الحسابات التركية بحصانة ضد العزل وعدم جواز إحالته للتقاعد قبل سن (65) طالما لم يرغب بذلك وهو منتخب عن طريق مجلس الأمة التركي، وكذلك الحال يتمتع أعضاء المحكمة بحصانات أهمها عدم القابلية للعزل، إذ تعد هذه المحكمة المستشار المالي للدولة، وكذلك الحال بالنسبة لقضاة المجلس الأعلى للمحاسبات المغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجازر وجرائم مستمرة وتفاقم الوضع الإنساني في غزة


.. «أكسيوس»: عباس يرفض التراجع عن التصويت على عضوية كاملة لفلسط




.. الأمم المتحدة: المجاعة التي يواجهها شمال غزة معقدة جدا


.. حملة اعتقالات في إيران لمنتقدي الهجوم على إسرائيل.. ما الاته




.. بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين