الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظيفية الوعي العنصري الاستيطاني في الكيان الصهيوني

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 1 / 22
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هو رأيك بكون العنصرية مكون عضوي لا يستطيع الكيان الصهيوني الاستمرار دونه بشكله العياني المشخص إسرائيلياً؟

مصعب قاسم عزاوي: حمل ويحمل جميع المهاجرين الوافدين إلى أرض فلسطين لاحتلالها، أو إعادة الحلول بها بحسب الرأي الملفق تاريخياً، والتي فندها بشكل علمي مدقق العالم المؤرخ اليهودي شلومو ساند في كتابه «صناعة الشعب اليهودي»، كل عوامل الخلل البنيوي في تشكيل العلاقات بين البشر التي شكلت جزءاً من عقابيل نهوض الرأسمالية بشكلها الاستعماري؛ وهنا أعني بالخصوص ذلك النموذج من الوعي العنصري الوحشي الذي ينظر إلى غير ذوي البشرة البيضاء، كجنس من «القرود» الذين لا ضير ولا ذنب في اقتراف ما شئت بحقهم، نظراً «لدونيتهم» وعدم تمتعهم «بأي مشاعر أو أي أحاسيس أو إدراك» لأي معاناة قد يولدها ذلك السلوك العنصري بحقهم. وهذا التوصيف الأخير هو إعادة صياغة وتكثيف لرأي «رائد الفلسفة الروحية في الغرب جورج فيلهلم فريدريش هيغل» بعد ترشيد الحمولة العنصرية فيه، واستبطانه لنمط من اللغة «الهرائية المتعمد تعقيدها» لجعلها تبدو أكثر حكمة وعنصرية في آن معاً.

وهؤلاء الوافدون إلى أرض فلسطين، استشربوا اجتماعياً ذلك النمط من الوعي العنصري الاستيطاني سواءً بشكل فاعل أو منفعلٍ، وخاصة أن المتصدرين منهم في صناعة ذلك الوعي و توطيده و مأسسته، كان معظمهم من أبناء المجتمعات الأوربية «البيضاء» إبان إشهارها عن وجهها الاستعماري العنصري القبيح دون رتوش تزويقية في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، انطلاقاً من أطروحة داروينية اجتماعية لا صلة للها من قريب أو بعيد بالأعمال الطليعية لتشارلز داروين نفسه تقول بتفوق «البشر ذوي البشرة البيضاء» على أولئك «القردة على شكل بشر ببشرة سوداء» الذين لا بد من تسريع اندثارهم الحتمي من وجه البسيطة بقوى الاصطفاء الطبيعي؛ وهو ما أنتج نموذجاً فريداً من التمييز العنصري حتى في إسرائيل نفسها بين اليهود الوافدين أنفسهم حيث لا زالت النخبة من اليهود «الأشكناز الأوربيين ذوي البشرة البيضاء» هي الفئة المسيطرة على كل اليهود الآخرين «السفارديم» المصنفين بشكل غير معلن كمواطنين من «درجة سفلى» لا بد من قبولهم لحشو بنيان الكيان العنصري بعديد ما، وهو ما اقتضى من تلك المجموعة من يهود السفارديم «الانزياح الضروري» تجاه الإغراق في التطرف الديني، والإيغال في إعادة التموضع يمنياً، كمحاولة قد تكون واعية أو غير واعية لإثبات أحقيتهم في الارتقاء إلى درجة «المواطنة الاعتيادية» أسوة بأولئك المتحكمين بمقاليد الأمور من النخبة «الأشكنازية» في الكيان الصهيوني. وقد تكون مظاهرات «يهود الفلاشة من أصول أثيوبية» المتكررة في الكيان الصهيوني، وخطابها السياسي الواضح عن التمييز العنصري الفاشي بحقهم نموذجاً عيانياً مشخصاً عن ذلك الوعي العنصري المتأصل في تكوين مجتمع هجين لا يرتبط المتشاطرون فيه، سوى برابط واه «مختلق» أو «أحفوري من أخاديد التاريخ الغابر الذي عفى عليه الزمن والتقادم».

وتلك العنصرية بين اليهود أنفسهم في الكيان الصهيوني، هي النموذج الأقل «بربرية وتأصلاً» في بنيان الكيان الصهيوني التاريخي والوظيفي، أما النموذج «الصارخ في فاشيته وتمترسه» هو العنصرية تجاه العرب سواء داخل الخط الأخضر أو خارجه؛ وهي عنصرية وظيفية أشبه بتلك العنصرية «النازية» التي لا بد من «استشرابها و استبطانها و إعادة إنتاجها معرفياً» كما لو أنها المفتاح الذي دونه يستحيل تشكيل هوية جامعة لذلك اللفيف المفروق من المستوطنين الوافدين من ثقافات و مجتمعات متباينة ثقافياً، بشكل مغرق في شططه يختلط فيه «الوعي العنصري بالكراهية» فيعدو فيها من الصعب تفريق إحداها عن الأخرى.

وتلك العنصرية الوظيفية لا بد منها لتبرير سلوك «الاحتلال وإفناء شعب ما والاستيطان في أرضه»، لضمان «التبرير الإيدلوجي» و «الشرعنة العقلية والنفسية» لسلوك القتل والتدمير المنفلت من كل عقال، وضمان عدم «تمكن المشاعر الإنسانية الفطرية التي تدفع بالبشر عفوياً لإغاثة الملهوف والارتكاس الغريزي لأي بكاء طفل صغير لنجدته» من الإفصاح عن نفسها في ضمير الجلاد حينما ينظر في عيني ضحيته. وهنا تعمل الكراهية بدور تكميلي لجوهرها العنصري، بإعادة تخليق ذلك «المكروه» بأنه «الآخر» الذي بقاؤه يمثل تهديداً وجودياً لذلك «الكاره» الذي لا خيار له إلا بالتحول «بلطة على شكل إنسان» لإفناء ذلك الآخر عنصرياً وكرهاً بكل الأشكال والممكنات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة