الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها لحظة إنتصارٍ للديمقراطية

حجي ريكاني

2021 / 1 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


عنوان المقال أعلاه،هي احدى العبارات التي ذكرها جو بايدن في خطابه المقتضب الذي جاء أول أمس اثناء حفل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة ألامريكية ليحتل بذلك المرتبة السادسة وألاربعين من سلسلة مراتب الرؤساء الذين تناوبوا قبله في حكم البلاد بفتراتٍ ومراحل تاريخية متفاوتة،منذ إقرار الدستورألامريكي عام 1789م وحتى الان.وجاء حفل التنصيب هذا كحدثِ تأريخي متميز،في أجواءٍ خاصة في ظل إنتشار فايروس كورونا،وإجراءات أمنية دقيقة ومشدّدة ،عقب إقتحام مبنى الكونكرس يوم إنعقاد مجلسي النواب والشيوخ سويةً في السادس من شهر /ك2الجاري كإجراءٍ روتيني مالوف للتصديق على نتائج المجاميع ألانتخابية لجميع الولايات الامريكية الخمسين.
لا يختلفُ إثنين على أن الرئيس جو بايدن السياسي المخضرم،قد ورث من سلفه ترامب المشاكس،على صعيدي الداخلي والخارجي مشاكل جمّة.وقد عبرت مجلة"تايم time" ألامريكية عبر رسمٍ إفتراضي نشرتها من على غلافها الخارجي،يظهر فيها الرئيس بايدن في المكتب البيضاوي فيما تحيط به فوضى عارمة،متمثلة بأكوامٍ من ملفات مكدسة واوراق متناثرة على أرضية المكتب.
لهذا ما أن دخل مكتبهُ الرئاسي بعد ألانتهاء من حفل التنصيب،حتى إستهلّ مسرِعاً بإصدار حُزمةً من القرارات الرئاسية المهمة،لاغياً بذلك بعضاً من أوامر وقرارات الرئيس ترامب الذي سبقَ وأن اتخذها خلال فتراتٍ متفاوتة من سْني إدارتهِ المثيرة للجدل.
فعلى الصعيد الداخلي مثلاً،ركّزَ بايدن على ضرورة ألاسراع في معالجة مرضى المصابين بفايروس كورونا والتصدّي للوباء المتفشي،وتحسين الظروف الصحية والعودة بأمريكا كعضوة أساسية في منظمة الصحة العالمية،وتحفيز خطة اقتصادية بقيمة 1.9ترليون دولار،بألاضافة الى تصحيح وتقويم قانون الهجرة واللجوء بأعتباره مورداً بشرياً حيوياً مهماً جداً لأمريكا عليها.
أما على الصعيد الخارجي،فهنا يتوجّهُ أنظارُ المراقبين والعالم أجمع على بايدن والشخوص الذين اختارهم ليُعينوهُ في السنوات ألاربعة القادمة،فهناكَ دولاً تستبشرُخيراً برؤاه وسياساته التي سبق وأنْ أعلنَ عن بعضها خلال حملته ألانتخابية،ودولاً اخرى يرون بايدن كفرعونٍ يتأبّطُ شرّاً لهمْ.وبين هذه وتلك،هناك دولاً يشوبها القلق لذلك نراهم ينطرونَ قادمَ الايامِ بحذرٍوترقبْ.
فمثلاً،كلاً من بريطانيا وفرنسا والمانيا وكندا واليابان والهند،حلفاء أمريكا الكبار،مسرورون بعودة أمريكا في ريادة العالم،وقد سبق وأن عبّرت هذه الدول عن إرتياحها بفوز بايدن وتدشين عهدٍ جديد من السياسةالرصينة التي خَبِروها من رؤساء دمقراطيين سابقين كالرئيس اوباما.
كذلك الدول الخليجية،لا سيما السعودية التي حَلَبَها ترامب منها المليارات، تنفّسَتْ الصعداء بفوزبايدن وتسلّمهِ مقاليد الحكم.أما روسيا والصين وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا،بالأضافة الى إيران الحالمة بدخول النادي النووي،فيبدو عليها القلق والحذر في نفس الوقت،كون كل دولةٍ منها تنظرُ الى بايدن من زاويةٍ رؤا ومصالح ومواقف خاصة بها،كأردوغان الأخواني مثلاً، الذي سمّاهُ بايدن ب"المستبد وأنه سيضعْ حداً لتدخلاته في سوريا وليبيا،إذا ما أصبح رئيساً لامريكا".وفي نهاية القائمة،تأتي دولة إسرائيل،الهانئة والفائزة دوماً وسْط َ منطقةٍ ألاكثرشَغَباً واضطراباً في العالم،هي الدولة الوحيدة التي لا تتأثر إلاّ إيجاباً،بأي نزيلٍ للبيت الأبيض، جمهورياً كان أم ديمقراطي،فمكانة إسرائيل وأمنها مصونان لا يتزعزعان.
فيا لدهاء بني إسرائيل!!.

صحيح،أن السياسة ألامريكية،تمارس وفق مبدأ أن(لا صداقة دائمة ولاعدوٍ دائم،بل مصالح دائمة)،وأن كل الرؤساء ألامريكيين إبتداءأً من جورج واشنطن وحتى ترامب،طبقوا المبدأ بأمتياز،لكن بحسب المعلومات الاولية التي نُشِرتْ عن أعضاء فريق بايدن ألاداري وماهية أفكارهم ورؤاهم وما يحملوه في جعبهم من حلولٍ لقضايا داخلية وخارجية ساخنة،فربما يسهل على المرء معرفة ملامح اللوحةٍ السياسية التي رسمها بايدن في خياله الخصب عن العالم للسنوات الأربع القادمة.
فلوبدأنا بنائبة الرئيس"كمالاهاريس"نجدها من الشخصيات الداعمة بقوة لأمن وسلامة دولة إسرائيل،وطالما دعت إلى ضرورة إحلال ألامن والسلام في منطقة الشرق ألاوسط من خلال نبذ العنف ودعوة ألاطراف الفلسطينية والعربية إلى الحوار مع إسرائيل.وهناك من يشارك "هاريس"في هذه الرؤى،كلآ من"وليام بيرنز"مديرCIA،و"لويد أوستن"وزيرالدفاع و"جايك سوليفان"مستشار ألامن القومي للرئيس بايدن،جميعهم من الداعمين لدولة إسرائيل والمؤيدين بقوة للحوار والسلام،ولسان حالهم يقول: أن لا تقدم ولا إزدهار اقتصادي دون أمنٍ وسلامٍ شاملٍ في المنطقة.
أما وزيرالخارجية"أنتوني بلينكن"،ومساعده لشؤون الشرق ألاوسط"بريت ماككورك"،فهذانِ كقطعتي الرخْ في لعبة الشطرنج(إنْ جازَ التعبير)،يستندُ عليهما الرئيس بايدن في سياسته الشرق أوسطية،لا سيما مع الدول ألاربع المُقلِقة لأمريكا وهي: العراق وتركيا وسوريا وايران.
ف"بلينكن"الذي يُعرفْ عنه الصرامة والحزم في القرارات الستراتيجية،يدعو إلى ضرورة إتخاذ مواقف أكثرُ تشدّداً وصرامةً ضد أردوغان،ولزوم وضع حدٍ لتدخلاته العسكرية في المناطق ذات الادارة الكوردية في شمال سوريا،وإخراج مرتزقتهُ إلاسلاميين من ليبيا والعمل على تحجيم قوة تركيا وإرادتها التوسعية،حتى إنْ تطلب في تحقيق ذلك بتدخلٍ عسكري أمريكي،وفيما يخص إيران فأنه"بلينكن"،اعلن مساء أمس أن أمريكا مستعدة بفتح باب الحوار معها إذا ما التزمت بشروط وكالة الطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة لما يخص برنامجها النووي.
ومَنْ يشاطرُ"بلينكن"هذاويؤيده بقوة،هو"بريت ماككورك"،الرافض لسياسة ترامب في سوريا واستقالة من وظيفته كمبعوث أمريكا لشؤن الشرق الاوسط على خلفية السماح لجيش أردوغان في إحتلال مدينة عفرين ومناطق اخرى من شمال سوريا،كما يُعرَفُ عن"ماككورك" أنهُ خيرُ صديقٍ للكورد،إذ طالما دعى الى ضرورة دعم الكورد وتسليحهم سواءً في سوريا أو في العراق،كما ان للرجل موقف أخلاقي مميز،سيظل الكورد جيلٍ عن جيل يستذكروهُ طالما حُيوا، وذلك كان في 2015،حينما كانت مدينة"كوباني" ايلةٌ للسقوط بيد قوات داعش ألارهابية،أسرع "ماككورك"هذا واقنع إدارة أوباما والمسؤلين في البنتاكون على وجوب التدخل ودعم القوات الكوردية في"رۆژاڤا" والبيشمركة،كما طالب لحماية الكورد في العراق وسوريا،وبمساعيه تلك،دُحِرَت فلول ألارهاب الداعشي وسقطتْ دولتهم التي سمَّوها بدولة الخلافة على ايادي الكورد الى الابد.

إذن،يبدو أن الرئيس بايدن،اراد في خطابه أن يقول للعالم،أن الديمقراطية لم تقتصرإنتصارها في الولايات المتحدة وعلى إرادة وتعنّتْ ترامب فحسب،وإنّما الديمقراطية والحق،سينشر ظلاله على العالم كله،وسوف تُهزمْ إرادة كلَّ طاغيةً ومستبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر