الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية (ماركس العراقي) ح 5

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2021 / 1 / 23
الادب والفن


مرحبا أنا رجل

حسب العرف الرسمي والقانوني أنا الآن رجل في الثامنة عشر من عمري، لم أعد ذلك المراهق الذي يعشق الفوضى ويحلم بالمجد، علي أن أكون رجلا من الآن وأتصرف كما يتصرف الرجال من حولي وأشاركهم كما يروني وأرى ذاتي، حصرت أهتمامي كله في العمل في محل جدي الذي غير مهنته بعد أن أدركته الشيخوخة ولم يعد مناسبا له أن يبقى كما أعتاد، الآن أصبح شبه تاجر صغير يتعامل مع تجار بغداد في بيع الأثاث المنزلي، كنت أراه سعيدا بعمله الجديد والأسعد من ذلك أنه تحر من ضيق مساحة محله القديم، حتى زبائنه أختلفوا ولكن بقي البعض منهم مما هم في منزلة عشرة العمر يتوافدون مساء كل يوم بعد صلاة المغرب، الأحاديث والحوارات أختلفت وأختفت تلك المنافسة العتيدة بين الشيوعيين والبعثين بعد إنهيار الجبهة الوطنية وبروز طاغي للوجوه الحزبية المستجدة على الساحة وأكثرهم من البراوية الذين لا يجيدون سوى التطبيل الفارغ.
أختفت وجوه الكثيرين ممن كنت أرغب في السماع منهم أو محاورتهم خوفا أو منعا لأن يكونوا عرضة للاعتقال، الأخبار التي نسمعها يوميا من على شاشات التلفزيون الذي بدأ يغزو البيوت شيئا فشيئا وهذه المرة بالألوان الجميلة وبوضوح تام، توحي أن العراق مقبل على تغيرات مهمة، إنها أستحقاقات التحول نحو دولة شبه عصرية في بنائها الخارجي، حتى أنه أصبح محط ومجمع للذين يبحثون عن فرصة عمل من الأشقاء العرب، بضع من الأشخاص من المصريين جاءوا للعمل هنا، ولكن ما في المدن الكبيرة قد تلاحظهم يشكلون ظاهرة جديدة، حتى أبناء القرى نزح الكثير منهم إلى داخل المدينة أما لدواعي الوظيفة أو بحثا عن الخدمات الجيدة التي تتقدم الآن.
تسيد بعض الرفاق الواجهة الأجتماعية وأخذوا يزاحمون أبناء المدينة للسكن في بيوت كانت بالنسبة للكثير منهم حلما أو مجرد أمنية، لقد حدثت تغيرات مهمة في النسيج لقديم للبلدة فلم تعد حكايات عبد وحسن خدادات ولا حلم الشيوعية وثقافة التنوع التي كانت تعيشها جزء من واجهتها، الأعداد تتزايد بشكل مخيف لينظموا للبعث خاصة وأن المفاضلة في التغلغل إلى مفاصل الدولة ومؤسساتها كانت تمنح لهم بالمجان، هكذا صار البعض من سكنة المدينة أشبه بالغرباء وعادت بقوة العلاقة القروية القبلية تظهر بوضوح في العلاقات الأجتماعية، هذا من أل فلان وهذا قريب الرفيق علان هم الأكثر قربا للسلطة ولم نعد نسمع بمظاهرات سياسية إلا ما تخرجه الحكومة لتأييدها أو لمساندة قرار من قراراتها، السلطة الأن والحكومة كما يبدو في يد الشعب والحقيقة أن الشعب صار بيد السلطة والحكومة من الآن عليك أن تسير في طريق واحد هو نفذ ولا تناقش وإلا.......
بدأ العام الدراسي الجديد في أواخر أيلول 1979 وأنا في الرابع العام جاهز لمرحلة جديدة ومقررا أن أكون غير ذلك الفتى الطائش، حتى قراءاتي أختلفت ولم يعد بالإمكان أستعارة أي كتاب من المكتبة العامة، خاصة وأن أمينها القديم هو الأخر تحول بعثيا من طراز فريد وأنتقلت المكتبة من بنايتها القديمة وتغير كل شيء، حتى أصدقائي القدامى لم يعودوا كما كنا أكثرهم أهتم بالرياضة وكرة القدم تحديدا بعدما أنشأت البلدية أو ساحة عامة لكرة القدم بالقرب من مدخل المدينة، هناك عدة فرق رياضية لكل فريق جماعة متجانسة تلعب وفق قوانينها الخاصة، كنت أهوى اللعب وأشارك أحيانا ولكن في كل مرة أخرج بلا عودة من الفريق الذي ألعب معه، بالتأكيد تنقصني المهارة والتركيز والسرعة، هكذا وضعت نهاية لطموحي الرياضي وقررت البحث عن مجال أخر لأكون فيه مع نفسي.
أنحصرت علاقي مع أثنين ن أصدقائي فقط رياض الجسار الذي كان معي في نفس المرحلة الدراسية وكاظم أبو الطفير الشويعر الذي يريد أن يصبح شاعرا رغم أنه لا يملك من فن الشعر إلا ما تجيد به روحه الطامحة للشهرة، لكن ما يجمعنا أننا أشبه بالخلية الثقافية التي تغلق لأبواب على نفسها، رياض كان بعثيا متطرفا لكنه يسمع الأخر وكاظم الحالم بالحب والسلام رغم أن شقيقه الأكبر كان مسئولنا الحزبي في المدرسة وهو معلم في أحدى المدارس القروية، لكنه لا يصمد أمام نقاشانا معه في الأجتماع الحزبي وحتى عندما نخرج منه ذاهبين إلى بيوتنا، كان الرجل لطيفا معنا يعرف أن حدود ثقافته محصورة بما يسمعه من مسؤوله الأكبر أو ما يرد التنظيم م تعليمات ومواد ثقافية، حتى أنه يدفع عنا الأشتراك الحزبي البالغ خمسون فلسا شهريا من جيبه الخاص، شقيقي الأكبر الآن طالب في كلية طب الأسنان وخالي الأصغر طالبا في كلية التربية في البصرة، أما أنا فأصبحت رجل البيت ولكن في بيت جدي فقط.
بقى حنيني لنلك الأيام الخوالي حيث كنت أمارس فيها عظمتي بطفولية أفرضها على من حولي، قد أكون أكبر من عمري في نظر البعض لكن في قرارة نفسي كنت أستمتع بهذه العظمة المزيفة، الحقيقة لا أبالغ إذا قلت أن من كان يستمع لمحاوراتي وربما يكون مقتنع بجزء منها إنما كان يراعي في حق الشفقة، أكتشفت ذلك لاحقا حينما هجرت تلك الأفكار البدائية والسفسطة التي لا معنى لها ولا تجلب لي نتيجة، الآن لزاما أن أضع خطواتي موضع العقل النقدي أولا، وأن لا أستمع كثيرا لصوت المشجع أو الشفيق، هنا أدركت أن العمر لا يمكن أن يكون مجرد رقم في دفتر الوجود، بلهو هوية ثقافية ووعي حاضر يرسم الطريق لما بعد الغد.
سؤالي كان دوما هل من حق الناس أن تشترك في كل شيء في المدينة في العمل السياسي في الحصول على فرصة عمل، طالما نحن جميعا تحت عنوان واحد، تقبلت هذه الحقيقة ولم أعد أتحسس من الكثير من المظاهر التي كنت أدينها سابقا، كيف لي أن أكون قوميا في الهوى وأناشد الجميع بالوحدة العربية وأنا أرفض مواطن مثلي أن يكون جزء من وجود مدينتي، هذا إنفصام حقيقي في وعي البعض الذين يتذمرون من الهجرة القروية نحو المدينة، كدت أشعر أن أنتمائي للمدينة ليس لأني من أهلها ولكن لأني أرغب في العودة إلى جذوري في المدينة الأكبر مدينتي التي ولدت فيها وحنيني مشدودا لها.
في الثانوية التي ندرس فيها كان النظام الدراسي مقسم بين المراحل، الأولى والثانية والثالثة يدرسون ما بعد الظهر طيلة الأسبوع أما الصفوف المتقدمة الرابع والخامس والسادس بفرعيهما فكان الدوام صباحا أيضا طيلة أيام الأسبوع، الإدارة المدرسية موزعة كذلك بين مدير الثانوية ذلك الشخص المرعب بهيلمان وجوده الذي يخشاه كل الطلبة، وبين الإدارة ما بعد الظهر التي يديرها معاون المدير دوما الأستاذ عدنان الذي رافقنا لأربع سنوات متتالية، حتى وصلت للمرحلة الحالية علمت أنه أنتقل إلى مدينتي الحلم كربلاء وبنفس المهمة، معاونا لمدير إعدادية هناك، كان رجلا ذكيا متمكنا من اللغة الإنكليزية وترجمتها، التي كان يشرح في أوقات غياب أحد الأساتذة عن حصته بعضا من القصص الواردة في كتاب القراءة الإنكليزية ونحن أشبه بمن يسمع عن عالم الأدب وشكسبير لأول مرة.
في الدوام الصباحي ل شيء منضبط لا تأخر عن الوصول ولا تسويف وهروب من الجدار الخارجي، كان مجرد وجود المدير في غرفة الإدارة يمنح الطلبة أنضباطا عاليا، غير أن مظاهر التصرفات الطفولية التي كنا عليها سابقا خفت تدريجيا، معظم الطلبة هنا هم من المجتهدين وخاصة طلبة العلمي وعلينا أن نفهم أنهم سيكونون من ذوي الشأن أجتماعيا، هكذا تصرفنا نحن طلاب الرابع العام الوافدون الجدد للدوام الصباحي، الشيء المميز الذي كان أيضا أنتظام درس الرياضة وأستاذنا الجميل حسن الرياضي المتألق دوما حينما ينظم سنويا مهرجان الثانوية في كل الألعاب على الساحة الكبيرة التي خلف بنايتها، وأيضا وجود لعبة المنضدة التي كنا نستثمرها من الإدارة يوميا لنجمع بعض المال لتغطية مصاريف النشاطات الرياضية، وأيضا كنا نستمتع بدرس الرسم الذي نزوره في الحصة الأسبوعية في غرفة المرسم في الطابق العلوي من البناية.
في مدرستنا كانت هناك قاعة كبيرة ومسرح نظامي وأجهزة صوت وإنارة، فالبناية أصلا شيبدت من قبل الحكومة الملكية وفق المواصفات البريطانية، فهي متكاملة جدا مع المختبر والمكتبة الملحقة والحانوت الذي أشتهر بتقديم (الكيكة والجاي) بخمسة عشر فلسا، لم تكن ثانويتنا فقط مميزة ببنايتها ولكن أيضا بالخيرة من الأساتذة ذوي المهارة والتجربة ومن يعمل بها سيكون له حظوة وتقدير عالي بين الناس، موقعها المميز أيضا ساهم في جعلها مركز تعليمي وثقافي تتنفسه المدينة من خلال العرض المسرحي السنوي الذي يقام لمدة ثلاثة أيام متتالية وحصادها لكل الجوائز الفنية أيضا في المعرض السنوي المشترك لكل مدارس المدينة ريفها وحاضرتها، إنها ثانوية العزة التي تخرج منه أكثر وجهاء المدينة ورجالات الإدارة والسياسة ليس في الداخل المحلي وإنما أيضا على مستوى البلد.
سنة 1977 أرى فيها سنة محورية في تاريخ المدينة وهو من تاريخ العراق الذي بدأ ينهض في كل المجالات، بدت حملات محو الأمية ومجانية التعليم والرفاه الأقتصادي بعد السنوات الصعبة التي أعقبت تأميم النفط عام 1972، يبدو الناس أكثر إقبالا على التحديث والخروج من دائرة الفقر التي ألمسها من خلال نوعية البضاعة التي يتسوقها البعض من محل جدي، هناك ميل حقيق للتمتع عند الناس تجديد أثاثا المنازل وشراء بعض ما يعد ترفا، كثيرا من البيوت القديمة تم تهديمها وتجديد طراز بنائها، ظهرت أحياء جدية في المدينة منها ما هو موزع من الدولة لفئات محددة ومنها ما كان من ملاكها الذين قسموا الأراضي الزراعية القريبة جدا من المدينة كقطع سكنية أتاحت للمتيسرين الخروج من وسط المدينة القديمة لجوارها ببيوت ذات مساحات واسعة ورفاهية مميزة.
حتى دار الجد القديمة والتي شهدت كل تاريخ العائلة وأحتوت ذكرياتنا تم تهديمها وبنائها وفقا للطراز المعماري الحديث لتغلق على فصل من وجودنا في ذاكرة لم تنسى ملاعب الطفولة وأحلامها الصغيرة، أعيد تعبيد بعض الشوارع وبناء مدارس جديدة في الريف والمدينة، أمتدت الكهرباء لبغض القرى وتم تجديد جسر المدينة الكونكريتي ليحل محله جسر أخر أوسع وأمتن، بضائع جديدة دخلت السوق وعرف البعض من الأهالي الطريق إلى محلات التسوق الكبرى (الأورزدي باك) الذي تديره الدولة، كل ذلك يسير وكأن العراق يسارع الخطى نحو دولة حديثة، لم يعد عبد أبو عيون وحده كاتب العرائض في المدينة فقد شاركه الكثير ممن تقاعد أو أختار هذا العمل قريبا من الدوائر الحكومية، لأول مرة نشهد وجود مصرف تجاري ببناية الضخمة المطلة على النهر مقابل بناية الناحية ومركز الشرطة، المدينة تتحرك نحو أن تتحول إلى مركز تجاري مهم مع توافد الكثير من أصحاب المهن عليها، الحلاقة كمخنة كان يتنافس على أكثر زبائنها جدي وسيد محمد الحلاق صارت شائعة في كل مكان حتى في أطرافها، الشباب لم تعد تتوافد عليها إنما أتجهت نحو جيل الشباب الجديد اذي يلاحق الموضة، منهم حامد الذي كان مساعد جدي وقد حل محله وصار حلاقا مشهورا بين أبناء جيله القادم بقوة للحياة.
أنهيت الفصل الأول من العام الدراسي هذا ونحن في أوائل عام 1978 بتفوق وقررت مع نفسي أن أبقى على طريقي برغم كل ما يحيط بي من عوائق، كانت فترة عطلة منتصف السنة نقطة تحول في تنظيم أفكاري من جديد، قررت أن أكتب أي شيء لأعبر بها عما يجول في خاطري وعن رؤيتي للحياة، لكن كنت أجهل البداية الصحيحة والمجال الذي يمكنني أن أدلف من خلاله إلى عالم الكتابة، الجو الديني الذي تشتهر به المدينة أيام شهر محرم الحرام والعظات والمجالس الدينية لا تستهويني رغم أني أحضر بها وأشارك، كنت مقتنعا أن هناك فجوة كبيرة بين ما أسمع وبين ما أقرأ، فجوة لا تسدها حجج الخطباء والوعاظ، وقررت البدء من هذه النقطة، أسميتها في حينها رحلة البحث عن الحق، وبدأت فعلا بالكتابة منهمكا في البحث عن مصادر تأريخية تعزز فكرتي المسبقة عن الموضوع الذي عزمت البحث فيه، لا أدري كيف وقع الدفتر الذي كنت أدون فيه ما أكتب بيد أخي الأكبر الذي سألني بغته، ما هو تعرقك للحق؟ وبأي قياس ممكن أن تعتبر هذا حق وهذا باطل؟ الحقيقة كان السؤال صادما ومحرجا لي، لم أجد حنى جوابا شافيا له، عندها نصحني أن أحدد أولا معيارا أساسيا للمفاهيم بصورة منطقية وغير قابل للنسبية.
هنا قررت التوقف عن الكتابة وحتى هجرها لحين فأنا بالحقيقة لا أملك إلا فكرتي فقط، هي بالتأكيد كانت ناقصة وبحاجة إلى بحث أسها كما قال أخي، من أين أبدأ إذا؟ كيف لي أن أجعل الفكرة أكثر منطقية؟ فليس كافيا أن أنحاز لها لتكون صحيحة أو على الأقل مقبولة عند البعض، الجهد الذي بذلته في القراءة خلال الأسابيع الفائتة كان جهدا مشتتا لأنه كانت الغاية منه ليس دراسة الفكرة بالمقاربة والمقارنة، ولكن كانت تحت تأثير البحث ولو عن مقتطفات تساند مخرجات ما أكتب، القراءة المنظمة وحدها تمنحك الأرضية اللازمة لأن تستوعب الفكرة وتناقشها عقليا قبل أن تباشر بكتابتها، لذا عدت أقرأ من جديد وهذه المرة بنهم، وجهتي كانت مكتبة الثانوية التي أباح لي المشرف عليها أن أستعير ما أشاء بدون تردد بشرط أعادتها لأنها في ذمته.
عدت للتوقف عن القراءة فلم يبقى أمامنا إلا القليل لبدء أمتحانات الصل الأخير ونهاية السنة، وأنا على عهدي مع نفسي أن أبقى متفوقا خاصة وأن الأستقرار النفسي وكثرة ملازمتي لحل جدي يمنحني الرغبة في القراءة ومتابعة دروسي، كان حلمي أيضا أن أكون كيميائيا أو مدرسا لمادة الكيمياء وهذا ما يتطلب مني أن أحصد الدرجات العالية، فقد شغلتني المعادلات والجدول الذري الذي أبتكرت له نظاما خاصا لا يختلف عن الموجود إلا بأستخدام أرقام الحروف العربية بدلا من الرموز الأجنبية، مدرسنا في الكيمياء في الفصل الأول الأستاذ شاني كان معجبا بالفكرة وشجعني عليها مما دفعني لحب درس الكيمياء، لكن تغيير مدرسنا في الفصل الثاني ومجيء المعاون الثاني لمدير المدرسة، وهو أصلا أختصاص كيمياء، أقنعني أن هذه الفكرة لا تقدم ولا تؤخر لأن هذا العلم عموما يعتمد المصطلح الأجنبي ولا يمكن أن نستبدله بسهولة لمجرد أن نغير الحروف.
وأخيرا غادرنا الخيار العام متفوقين ننتظر أن نكون ضمن جماعة العلمي وبيننا وبين ذاك ثلاثة شهور هي العطلة الصيفية التي تفصلني عن الخلم، كان حلما أخر يكاد أن يتحقق فقد نضجت الظروف والأسباب التي تجعلنا على موعد مع العودة إلى مدينتي الأم كربلاء، المدينة التي لا أرى أجمل منها في الوجود، حتى بغداد التي زرتها كثيرا لم تقترب من ذائقتي بقدر ما عشقت كربلاء وشوارعها النظيفة وذكريات الطفولة ومدرسة النظامية الأبتدائية، والحاج عمران مديرها القدير، وهادي القصاب معلمنا في الصف الأول المشهور بنحافته وأناقته العالية، شوارع العباسية ولأعمدة الخشبية القديمة التي كانت دعامات لبيوتها وصناعة (الخيط المشريس) الذي نصنعه من طحن الزجاج وخلطه بمطحون عقم البامياء مع الماء ليكون سلاح المتبارين في لعبة الطائرات الورقية.
شارع العباس وباب الخان ومعارك السيوف بين أطرافها في موسم الحراب، خان الهنود وسوق الصفافير وأم العكاريك وبساتين السعدية وبستان الحجي كاظم زوج خالتي وأمي أم حميدة، أموري أخي الجميل المدلل الذي تربطني به رابطة الحليب والعمر الواحد، وأيام الذهاب إلى العرب في كل مناسبة وزيارة أعمامي لنا محملين بالخضر والفواكه، شارع العلقمي وحلويات نزهة الفرات وطرشي اللواء وفتاح باشا وعباس حصير وووووو ، ذاكرة مليئة بكل الجمال والبراءة قد تغير منها ما تغير لكن تبقى كل مدينة تعبق بتاريخها الجميل، ولا أجمل من تاريخ كربلاء برمزيها وزوارها وأعيادها وأتراحها، وتلك الحشود التي تتجه كل عام بالمئات والألاف تذكرك دوما أن الإنسان قضية لوحده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي