الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية العنف والغيبيات ان انتشار التخلف والتنافس الامبريالي يدفع

الياس خليل نصرالله

2021 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جدلية العنف والغيبيات
ان انتشار التخلف والتنافس الامبريالي يدفع

جدلية العنف والغيبيات
ان انتشار التخلف والتنافس الامبريالي يدفع إلى ممارسة العنف باسم الدين. فطالما الدين دين البشر، سنجد دائما قوى توظف وتستغل العاطفة الدينية لنشر العنف. وواجب المتدين الصادق المساهمة بتحرير الدين من العنف. لأن الدين في جوهره هو علاقة بين الخالق والمخلوق، واحترام قدسية حياة كل انسان. ويجب التصدي المدروس والعقلاني لأهداف ومخاطر تحول التعصب والتزمت الديني، لدى فئات ونُخب معينة إلى واقع اجتماعي وسياسي وفكري وبشري وتغليفه ببُعد إلهي. فواجب المؤمن الحقيقي أن يحرر الدين من الارتباط بالعنف لكي يتمكن من الانتصار على كل اشكال العنف، والوصول إلى اجماع بأن السياسة هي التي ورطت الدين في العنف. وأن تقديسَ أنشطتنا السياسية أمرٌ متأصل ومغروس في دوافعنا المصلحية والنفعية الضيقة. وهذا معناه أن البشر يفكرون بالسياسة بطريقة دينية مما يؤدي للانحراف عن الجوهر الحقيقي للدين، وهو المحبة والتسامح واحترام الذات الالهية.

فمن طبيعة أية ايدولوجية بما في ذلك العقيدة الدينية، أن تشمل مركبات تصلح لكل زمان ومكان وأُخرى يعيق التشبث بها مواكبة عصرنة الحياة. ولا مناص من أن يتمخض في صفوفها تنافسات ومزايدات، حول من يمثل العقيدة وحول مدى صفاء المعتقد وكيفية تطبيقه. أن تفعيل المخزون الحربي أو تفعيل المخزون السلمي يتوقف على القدرات التأويلية لحراس الحقل الديني وحلفائهم السياسيين، وعلى الظروف والصراعات والمصالح داخل كل حقل. إن اقصر الطرق لتفجير التعصب الديني تسويق تجار الدين لجمهور ديانة معينة، على أن معتقداتها هي الاحسن والامثل والاقرب إلى الله. كما يدرك المتسربلون بمسوح التدين أن اثارة الفتنة والعنف، نحو افراد ديانة أو طائفة أخرى هي انجع الوسائل لتخليد هيمنتها.

وعليه نجد فئات في مسيرة كل ديانة، مسيحية، بوذية، هندوسية، يهودية، اسلامية.. أو ديانة السيخ وغيرهم آخرين، قد تذرعوا بالعنف باسم الدين، عندما كانت تتشابك وتتحالف الدولة والدين في صف واحد، ليصبح تأويل الدين أداة لخدمة وترسيخ قوة السلطة واساطين الثروة. ولقد قادتهم ايدولوجياتهم ومصالحهم لتسيّس المؤسسة الدينية. وكانت اقصر الطرق لإثارة الفتنة الدينية تجييش مخزون ترسبات مشاعر الخوف والكراهية للغريب والمختلِف، وتطبيق ممارسات الاقصاء والتهميش وعدم المساواة في كافة المجالات لكل مجموعة لا تنتمي لدين الدولة، ليتحول في النهاية إلى عنف جسدي جماعي. وتتوفر امثلة كثيرة للانزلاق والتورط في حروب اهلية وتنفيذ تصفية عرقية ودينية. ولتبرير ضرورة الفتك بكل من هو مختلف عن دينه، مذهبه وطائفته. ولقد قام رجال دين ووعاظ واصوليين ونفعيين، بانتفاء وتحريف نصوصا دينية لتصب في خدمة مصلحتها. والأنكى أنهم لم يخجلوا بتمويه الحرب الدينية كضرورية حتمية للدفاع عن الفرد والمجتمع ولكسر شوكة اعداء ديانتها، وتوظيف ميزانيات طائلة لنشر ديانتها.

يناشدنا كل واقع مأزوم يعاني من توظيف العنف بكل اصنافه، التخطيط لدعم الحريات وفي مقدمتها حرية الدين، واختيار ميكانزيم فعال وناجع لمقاومة ودحر كل من يتضامن ويدعم أو ينفذ التطرف بأقنعة دينية. إن تمتين كل الوشائج بين كافة شرائح المجتمع سيفضح الارتباط العضوي لآليات الترويج للعنف من منطلقات وفكر ديني مشوه، يحركه الجمود العقائدي والتمسك بشكليات التدين. وهذا يتطلب توفير منظومة تربوية تذوت القيم المشتركة بين الديانات المختلفة. وأن ننقل للأجيال الصاعدة بأنه لا توجد افضلية لدين على آخر، واقتلاع عقيدة أن ديني هو المصدر الوحيد للحقيقة. كما علينا أن ندرك أن المؤسسات الدينية والتي تحكمها علاقات تراتبية يرفض القيمون عليها النقد المراقبة والمسائلة، الامر الذي سيوفر المناخ والارضية لتماديهم في اساءة استعمال قوتهم ونفوذهم. إن احد مخاطر مجتمع يسوده الاستقطاب الطبقي أو تحكمه قوى رأسمالية أو ايدلوجية شمولية (يمينية، أو يسارية أو دينية) ستوفر التربة والمناخ، لتفاقم التأثيرات والنتائج الهدامة لوعاظ الكراهية الدينية.

برأيي اذا استمر ت عولمة الوعظ والتحريض الديني المتفشي بشكل خاص في شبكات التواصل الاجتماعي (والتي يجهل الكثير منا القوى التي تختلقها وتمولها والارباح الفاحشة التي يكدسها هؤلاء الوعاظ).. ستورطنا في دائرة سحرية مفرغة تُغذيها ايدولوجيات آسنة وفكر مقولب، ونمطي متوارث يُجذر الكراهية العمياء ليزج بنا ويؤجج صراعات ومناكفات واحتراب ديني عقيم، مما سيؤدي إلى تدعيم العنف وارتكاب الجرائم باسم الدين، والدين ضحية بريئة لأحابيلها وديماغوجيتها.

إننا مطالبون أن ندرك ونعي سلبيات الحفر في مآسي الماضي وتداعياته واسقاطاتها الهدامة على حاضرنا ومستقبلنا. وبرأيي إن التسامح مع جراح الماضي وخاصة الدينية، سيحمينا من مآسي التطرف الديني. علينا التخطيط والتطبيق لمنظومة تربوية تدعم القيم المشتركة بين أبناء البشر، قدسية حياة الانسان، شرعية الاختلاف بين الافراد، والمجموعات والديانات.. وهذا يقودنا للتسامح وتقبل المختلف عنا، والامتناع عن ممارسة أي عنف وخاصة الذي يرعاه ويؤججه تجار الدين. إن انسانيتنا تفرض علينا البحث عن العوامل التي توحدنا وتقبل المختلف عنا، وأن نغرس ونذوّت القيم والتوجهات التي تدفع مسيرة مجتمعنا نحو التقدم والرقي وضمان العيش بأمن وامان. من الضروري ترسيخ كل نضال ايجابي وانساني ليحل السِلْم الاهلي والعالمي مكان الاقتلاع، الاقصاء، الكراهية والعنف. إن كل واحد منا يرغب بتحقيق هذه الأجندة ويطمح للعيش بمحبة، وعلينا وعليه أن يبدأ اولاً بنفسه، لان فاقد الشيء غير قادر أن يطلبه أو يوفره لغيره. يتوجب على كل انسان، كان موحدًا أو بوذيًا أو ملحدًا، ضرورة فصل الدين عن الدولة، وأن يفقه أن السياسة ستبقى ميدانا لصراع المصالح والغاية عندها تبرر الوسيلة، وانها تتربص دائما لزج واستغلال الدين لخدمة مصالحها. ولقد اكد ميكافللي في كتابه "الامير" ذلك بنصيحته للحاكم، أن يتظاهر بالتدين لأنه سيكون انجع وسيلة للسيطرة على شعبه، وتجنيده لخدمة مصالحه. ‘نه ليس من التقوى ممارسة القتل والعنف باسم الله والدين، والكراهية باسم الله، وتفجير الحروب والنزاعات بادعاء أن الله يطالبنا بها، ونقسوا ونحقد لخدمة الرحمة الالاهية. تذكر يا ابن آدم أن كل البشرية هم ابناء الله، و يناشدنا أيضًا أن نتحرر وننفض صدورنا من الكراهية والضغينة والتربص للانتقام والفتك بالمُختلف عنا، والوعظ والتجريح والتبخيس والتزمت والجمود العقائدي.. يستحيل الخروج من بوتقة التعصب بدون تعزيز ما يوحدنا وينبذ ما يفرقنا. وهذا يمكن تحقيقه عندما تجمعنا الاخوة البشرية ومنظومة قيم مشتركة تكون مستمدة من احترام التعددية وتقبل المختلف عنا في دينه، مذهبه وفكره وخصوصيته، عندها سيتوفر الاساس للتعايش المشترك السلمي ليتجذر فينا حب الوطن والارض، وتفضيل الانتماء الجمعي لهما على كل انتماء اخر، لتنير دربنا المقولة التي في خضم تناحرنا كدنا أن ننساها "الدين لله والوطن للجميع". إن فصل الدين عن السياسة وأمور الحكم، إنما يُحقق صالح الدين وصالح السياسة معاً. السياسة والدين مصدر قوة.. و إساءة استخدامهما يشكل خطرًا على الحياة العقلية، ويزج المجتمع في اتون الدمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. يهود #بريطانيا يعتصمون أمام البرلمان في العاصمة #لندن للمطال