الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن الأحداث التي واكبت ثورة 25 يناير

حسن الشامي

2021 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أعلنت لجنة تقصي الحقائق حول أحداث العنف التي صاحبت ثورة 25 يناير 2011 م، برئاسة المستشار عادل قورة، تقريرها النهائي.. وكانت اللجنة قد سلمت تقريرها الذي جاء في 400 صفحة، للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والحكومة برئاسة الدكتور عصام شرف، والنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، لاتخاذ اللازم من إجراءات فيما جاء بالتقرير. وفيما يلي ملخص التقرير الذي تشر يوم الثلاثاء 19 أبريل 2011 م

مقدمة :
• شهدت مصر – منذ 25 يناير 2011 م – أحداثاُ جساماً، وضعت البلاد على بداية طريق يتمنى المصريون أن يصل بهم إلى الاستقرار والديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. وقد صاحب ذلك ممارسات غير مشروعة، أدت إلى استشهاد المئات وإصابة الألوف من المواطنين حال تجمعهم سلمياً في ميدان التحرير بالقاهرة وفى غيره من أماكن مشابهة في مدن أخرى نتيجة إطلاق النار عليهم، بل إن عدداً كبيراً من المتظاهرين سلمياً قد لقوا مصرعهم بالدهس المتعمد من سيارات اتخذت أرقاماً دبلوماسية تارة ومن مصفحات الشرطة تارة أخرى كانت تتعمد مطاردة المتظاهرين ودهسهم، وتزامن ذلك مع أعمال البلطجة واقتحام ميدان التحرير لإخلائه من المعتصمين المسالمين، حيث أستعمل المقتحمون أنواعاً متعددة من الأسلحة البيضاء والجمال والخيول والطوب وقطع الرخام فضلا عن الرصاص الحي من قناصة فوق العمائر المطلة على ميدان التحرير وزجاجات المولوتوف، كما ظهرت حالة من الانفلات الأمني وانسحاب الشرطة واقتحام سجون عديدة في أنحاء الجمهورية وإطلاق المساجين منها والتعدي على أقسام الشرطة وبنايات بعض المحاكم والنيابات وغيرها من مصالح حكومية وخاصة.
• وحرصا من الحكومة على تقصى الحقائق بشأن هذه الممارسات غير المشروعة التي خرجت بالأحداث المشار إليها عن الوجه الحضاري للمظاهرات السلمية للشباب، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 294 لسنة 2011 م بتشكيل لجنة التحقيق وتقصى الحقائق بشأن الأحداث التي واكبت ثورة 25 يناير 2011 م وضمت كلا من :
• المستشار الدكتور عادل قورة الرئيس الأسبق لمحكمة النقض
• المستشار محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة الأسبق
• المستشار الدكتور اسكندر غطاس مساعد وزير العدل الأسبق
• الدكتور محمد سمير بدران الأستاذ المتفرغ بحقوق القاهرة
• الدكتورة نجوى حسين خليل مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
وقد أرسل المستشار محمد أمين المهدي خطابا إلى اللجنة بتاريخ 7 مارس 2011 م يعتذر فيه عن الاستمرار في عمل اللجنة.
وقد استعانت اللجنة بعدد من الخبراء والمحققين والمعاونين لأداء هذه المهمة القومية، وشكلت أمانة فنية وإدارية، وكلفت المستشار عمر مروان بالعمل أميناً عاماً للجنة.. وتنازل أعضاء اللجنة والأمين العام عن أية مكافآت نظير العمل المسند إليهم.
وحدد قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه في المادة الثانية منه اختصاص اللجنة بتقصي الحقائق واتخاذ ما ترى اتخاذه من إجراءات بشأن الأحداث التي وقعت على الساحة المصرية وواكبت الثورة منذ 25 يناير 2011 م حتى الآن (9 فبراير 2011 م)، ولها على الأخص :
- وضع إطار ونظام عمل لتنفيذ مهمتها.
- تقصى الحقائق بشأن الممارسات غير المشروعة التي خرجت بالأحداث المشار إليها عن الوجه الحضاري للمظاهرات السلمية للشباب.
- اتخاذ ما تراه لازماً، من سماع شهود واستيفاء معلومات، واستدعاء من ترى استدعائه ممن اتصل بالأحداث المشار إليها.
- الإطلاع على الأوراق والمستندات والمحاضر وغيرها التي ترى الإطلاع عليها.
- تلقى المكاتبات من المواطنين ومنظمات المجتمع الوطني وغيرها، التي تتضمن بيانات أو معلومات عن الأحداث المشار إليها.
• كما ألزم قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه في مادته الثالثة أجهزة الدولة والجهات المختصة بتزويد اللجنة بكافة المعلومات والبيانات التي تطلبها عن المهام المنوط بها.
• ونصت المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه على أن تقدم اللجنة تقريرها وما توصى به إلى النائب العام.
• ويمكن في عجالة بيان مقدمات وتطور الأحداث وفقا لتسلسلها الزمني خلال الفترة المعنية من 25 يناير 2011 إلى 11 فبراير 2011 م على النحو التالي : -
مقدمات الأحداث :
إن ثورة 25 يناير 2011 م ثورة اجتماعية كاملة بمعنى الكلمة إذ شكلت حدثا فاصلا بين عهدين ونقلة كبيرة بين نظامين. وكانت هناك عوامل بمثابة الوقود الذي أشعل هذه الثورة يمكن إيجازها في : الفساد السياسي وغياب شبه كامل للحريات العامة والأساسية وصنع ديمقراطية ديكورية فقط لم يتفاعل معها الشعب المصري، وغيبة العدالة الاجتماعية وبروز الفوارق الشاسعة بين الطبقات حتى صارت تقريبا طبقتين فقط وتخلى النظام السابق نهائيا عن مسئولياته السياسية والاجتماعية تجاه المواطنين، وانتشار الرشوة والمحسوبية حتى أصبحت لغة وثقافة متعارف عليها يوميا في حياة المصريين، والقمع الأمني الذي استخدمه النظام في تمرير مشاريعه وإسكات الأفواه المعارضة له، والتضليل الإعلامي وتفريغ الحقائق من مضمونها.
• وقرر الشباب الدعوة إلى التجمع والخروج للتعبير عن أمانيهم في التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية بشكل سلمي متحضر.
• وكان النداء إلى الاشتراك في مظاهرة احتجاجية يوم 25 يناير 2011 م بميدان التحرير على شبكة المعلومات الدولية معبراً عن رغبة شعبية جارفة لم يتوقعها أكثر الداعين إلى هذه المظاهرة تفاؤلا، وكان لافتا أنها تضم جميع الطبقات والطوائف والثقافات، وانتشارها في ربوع البلاد.
• اتسمت هذه المظاهرات بالسلمية والإصرار على إحداث التغيير، وتواصلت عبر الأيام من 25 يناير 2011 م إلى أن حققت هدفها يوم 11 فبراير 2011 م بتخلي رئيس النظام عن الحكم.
• لم يكن الطريق إلى تحقيق الهدف سهلا ميسوراً، ولكنه كان مفروشاً بالدماء والجروح والتضحيات :
- ففي يوم 25 يناير 2011 م سارت المظاهرات سلمية في جميع مواقع التظاهر، وقوبلت بالعنف في السويس حيث قتل ثلاثة وأصيب خمسة من المواطنين بإطلاق النار عليهم من قبل قوات الشرطة، فكان ذلك بمثابة وقود تأجيج الثورة.
- استمرت المظاهرات في اليومين التاليين 27، و26 يناير 2011 م رغم محاولات تفريقها من الشرطة.
- كان يوم الجمعة 28 يناير " جمعة الغضب " يوماً فارقاً في تاريخ مصر بعد أن احتشد المتظاهرون في إصرار على تغيير النظام، قابله عنف غير مسبوق من الشرطة، فسقط المئات من الشهداء، وأصيب الآلاف في جميع الأنحاء، وانسحبت الشرطة عصر ذلك اليوم أمام الإصرار الشعبي، ونزلت القوات المسلحة إلى الشارع، وفرضت حظر التجول بعد أن تمت عمليات حرق ونهب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.
- تواصلت المظاهرات أيام 29، و30، و31 يناير 2011 م وظهر الانفلات الأمني بصورة أوضح وعلى مدار أوسع.
- في يوم 1 فبراير 2011 م ظهرت دعوات لتأييد الرئيس مقابل المظاهرات التي تطالب برحيله.
- شهد يوم الأربعاء 2 فبراير 2011 م اعتداء مناصري الرئيس على معارضيه باستخدام الجمال والجياد وبعض الأسلحة البيضاء - فيما عرف إعلاميا بموقعة الجمل - فوقع العديد من الضحايا والمصابين، وكان لهذا الاعتداء نتيجة سلبية على دعم الرئيس، بينما زاد المناهضون له قوة وإصرارا على تحقيق هدفهم.
- سطعت شمس يوم 3 فبراير 2011 م كاشفة عن تماسك المتظاهرين في ميدان التحرير وطرد مؤيدي الرئيس منه.
- وجاء يوم الجمعة 4 فبراير 2011 م معبرا عن رغبة الشعب الجامحة في رحيل الرئيس وسميت " بجمعة الرحيل ".
- بدأ من السبت 5 فبراير 2011 م أسبوع الصمود لتحقيق المطالبة بالرحيل، وواصلت المظاهرات ليلها بنهارها طوال الأيام.
- في يوم الجمعة 11 فبراير 2011م التى سميت " جمعة الحسم " سارعت الجماهير إلى حسم الموقف وبدأ الآلاف في التوجه من ميدان التحرير إلى قصر الرئاسة بمصر الجديدة لإجبار الرئيس على الرحيل، فأعلن نائب الرئيس عمر سليمان تخلى الرئيس محمد حسنى مبارك عن الحكم وصار الرئيس السابق.
• وقد بلورت اللجنة الممارسات غير المشروعة التي أشار إليها قرار رئيس مجلس الوزراء في مادته الثانية في المحاور الآتية : -
1- الأحداث التي تتعلق بقتل وإصابة المتظاهرين وغيرهم من المواطنين ودهس بعضهم بالسيارات.
2- اقتحام ميدان التحرير لفض اعتصام المتظاهرين بالقوة فيما سمى إعلاميا بمعركة الجمل.
3- الحبس والاعتقالات غير القانونية.
4- انسحاب الشرطة والانفلات الأمني وما ترتب عليه من اقتحام وحرق ونهب بعض السجون والأقسام والنيابات والمحاكم وغيرها من المصالح الحكومية وغير الحكومية وسرقه الآثار من المتحف المصري.
5- دور الإعلام وقطع الاتصالات في الأحداث.
• وتطبيقا لقرار رئيس مجلس الوزراء سابق الإشارة إليه تتقدم لجنة التحقيق وتقصى الحقائق بتقريرها الماثل إلى السيد المستشار النائب العام.
ويتكون هذا التقرير فضلاً عن المقدمة والإجراءات من ستة أجزاء على النحو التالي :
أولاً : تحقيق وتقصى حقائق إطلاق النار والدهس بالسيارات وما نتج من وفيات وإصابات.
ثانيا ً : تحقيق وتقصى حقائق أعمال البلطجة (واقعة الجمل).
ثالثا : الاعتقالات غير القانونية.
رابعا : تحقيق وتقصى حقائق الانفلات الأمني وما ترتب عليه من أعمال حرق ونهب.
خامسا : الإعلام وقطع الاتصالات
سادسا : توصيات اللجنة.
إطلاق النـار والدهس بالسيارات
1 1 تبين للجنة أن رجال الشرطة –أطلقوا أعيرة مطاطية وخرطوش وذخيرة حية، في مواجهة المتظاهرين أو بالقنص من أسطح المباني المطلة على ميدان التحرير، خاصة من مبنى وزارة الداخلية ومن فوق فندق النيل هيلتون ومن فوق مبنى الجامعة الأمريكية، وقد دل على ذلك أقوال من سئلوا في اللجنة ومن مطالعة التقارير الطبية التي أفادت أن الوفاة جاءت غالبا من أعيرة نارية وطلقات خرطوش، في الرأس والرقبة والصدر علما أن إطلاق الأعيرة النارية لا يكون إلا بموجب إذن صادر من لجنة برئاسة وزير الداخلية وكبار ضباط وزارة الداخلية، يسلسل- بالتدرج الرئاسي إلى رجال الشرطة الذين يقومون بتنفيذه.
وقد بدأ إطلاق الأعيرة النارية يوم 25 فبراير 2011 م في مدينة السويس ثم تواصل إطلاق الأعيرة النارية والخرطوش في سائر محافظات القطر لاسيما في القاهرة والجيزة والإسكندرية والإسماعيلية والدقهلية والقليوبية والغربية والشرقية الفيوم وبني سويف وأسيوط وأسوان وشمال سيناء.
1 2 كما تبين للجنة – كذلك- أن سيارات مصفحة للشرطة كانت تصدم المتظاهرين عمدا، فتقتل وتصيب أعداداً منهم، فقد شوهدت في وسائل الإعلام المرئية وسجلت على شبكة التواصل الاجتماعي إحدى هذه السيارات تنحرف نحو احد المتظاهرين وتطرحه أرضا وأخرى تسير للخلف لتصدم متظاهرا أخر، وترديه قتيلا.
كما شوهدت أيضا سيارة حراسة مصفحة بيضاء عليها لوحة أرقام دبلوماسية، متجهة من شارع القصر العيني نحو ميدان التحرير، تسير بسرعة فائقة وسط حشود المتظاهرين، فصدمت من صادفته منهم وقتلت وأصابت العديد. وقد عثرت اللجنة على سيارتين من هذه السيارات وجدت إحداها خلف نقطة شرطة فم الخليج والأخرى عند نقطة شرطة ساحل الغلال حيث جرى تفكيكهما. وقد تمكنت اللجنة من رفع بصمة الشاسيه، وبالاستعلام من المرور ومن الجمارك لم يستدل على مالكهما، غير أن ضابط نوبتجى نقطة شرطة فم الخليج أفاد أن مندوب السفارة الأمريكية حضر إلى النقطة وذكر له أن هذه السيارة إحدى السيارات التي أبلغت السفارة المشار إليها عن سرقتها، وجارى تحقيق الواقعة بمعرفة النيابة العامة - التى طلبت ندب قاض للتحقيق فيها.
2- أعداد الوفيات والإصابات
أرسل رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة بيانا بأعداد الوفيات والإصابات المؤرخ 20 فبراير 2011 م ثابت به أن عدد الوفيات 384 حالة وعدد الإصابات 6467 حالة، بينما قدم احد مسئولي وزارة الصحة ما يفيد أن عدد حالات الوفيات 846 حالة حتى 16 فبراير 2011 م وفقا لما ورد من إحصائيات من المحافظات المختلفة والموقع عليها من رئيس القطاع المذكور بما يعنى أن العدد المقدم من رئيس قطاع الطب العلاجي غير صحيح رغم وجود البيان الحقيقي أمامه، وأما عدد حالات الإصابات فهو صحيح وفق الثابت في ذات البيان وقد اطلعت اللجنة على صور الكشوف التي قدمها الشاهد والصادرة من مديريات الصحة في المحافظات، ومن ثم ترى اللجنة أن الرقم الصحيح لحالات القتل حتى 16 فبراير 2011 م هو 846 حالة على الأقل.
• وردت مذكرة وزير الداخلية بشأن شهداء هيئة الشرطة ثابت بها استشهاد عدد 26 ضابط ومجند شرطة خلال الفترة من 25 يناير 2011 م وحتى 9 فبراير 2011 م.
• وقد أوضح كتاب مصلحة السجون المؤرخ 3 أبريل 2011 م أن عدد الوفيات من المساجين 189 سجينا وعدد الإصابات 263سجينا وعدد الوفيات بالقوات 4 حالات والإصابات 30 حالة.
3- استخلاص اللجنة
ويثار في شأن استعمال الشرطة القوة في مواجهة المتظاهرين ثلاثة أسئلة :
الأول : هل كان استعمال الشرطة للقوة لازما في مواجهه المتظاهرين؟
والثاني : هل استعملت الشرطة القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين؟
والثالث : هل صدر أمر من سلطة عليا باستعمال الأسلحة النارية لتفريق المتظاهرين؟
ونتناول – فيما يلي – الإجابة على هذه الأسئلة : -
أولا : هل كان استعمال الشرطة للقوة لازما في مواجهه المتظاهرين؟
يتعين بادئ الأمر أن نقرر أن حق التجمع السلمي يعتبر من الحريات الأساسية المعترف بها عالميا، حيث نصت المادة الخامسة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 53 144 بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1988 م الخاص بحماية الحريات الأساسية المعترف بها عالميا على ما يلي :
"لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية يكون لكل شخص الحق، بمفرده أو الاشتراك مع غيره على الصعيدين الوطني والدولي في :
أ - الالتقاء أو التجمع سلميا
ب - تشكيل منظمات غير حكومية أو رابطات أو جماعات أو الانضمام إليها والاشتراك فيها
جـ - الاتصال بالمنظمات غير الحكومية أو بالمنظمات الحكومية الدولية
و قد أرست المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق التجمع السلمي وضماناته والتزام الدول بالاعتراف به وبمراعاته، حيث نصت على أن " يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون، وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم " وكانت المادة 54 من دستور سنة 1971 م تؤكد ذلك إذ نصت على أن الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون وهو ذات ما نص علية الإعلان الدستوري الصادر- حاليا- من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ويوفر حق التجمع السلمي الحق في التعبير والحق في مواجهه الإفراط في استعمال القوة المسلحة لإجهاض التجمع السلمي، على نحو يضمن التزام الإطار الشرعي المقرر لممارسة هذا الحق، ويكفل في الآن ذاته عدم استعمال القوه في مواجهته بما يهدد حياة المتظاهرين وسلامتهم.
وقد نصت المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 م في شأن هيئة الشرطة على ان "لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبة إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب وواضح من العرض السابق أن المظاهرات كانت سلمية في أنحاء متفرقة من القطر وكان المتظاهرون يبدون ذلك في هتافاتهم، خاصة بميدان التحرير في أيام 25 حتى يوم 28 يناير 2011 م، إلا أن الشرطة بادرتهم بإطلاق خراطيم المياه، ولما لم تفلح في تفرقهم أطلقت عليهم وابلا من الأعيرة المطاطية والخرطوشة والذخيرة الحية، فأصابت وقتلت الكثيرين، بدءاً من محافظة السويس في 25 يناير 2011 م ثم في سائر المحافظات.
ثانيا : -إفراط الشرطة في استعمال القوة :
تحتوى المنظومة التشريعية واللائحية على عدة نصوص تتناول قواعد وأحكام حالات استعمال الشرطة القوة في تفريق المظاهرات وفض الشغب، خاصة قواعد استعمال الأسلحة النارية فقد وردت في القانون 109 لسنة 1971 م في شأن هيئة الشرطة قرار وزير الداخلية رقم 139 لسنة 1955 م بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق وقرار وزير الداخلية رقم 156 لسنة 1964 م في شأن تنظيم استعمال الأسلحة النارية وترسم المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 استعمال القوة بمعرفة رجال الشرطة وتنص على أن " لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لإجراء واجبه إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب ". وتذكر الفقرة ثالثا حالة " فض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق ويصدر أمر استعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته".
• وعلية فأن المادة المشار أليها تشترط أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الإغراض السالفة ويبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق النار ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار. ويحدد وزير الداخلية بقرار منه الإجراءات التي تتبع في جميع الحالات وكيفية توجيه الإنذار وإطلاق النار.
• وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 286 لسنة 1972 م بسريان قرار وزير الداخلية رقم156 لسنة 1964 م في شأن تنظيم استعمال الأسلحة النارية الذي يوجب أن يكون استعمال الأسلحة النارية بالقدر اللازم لتفريق المتجمهرين وان يكون هو الوسيلة الوحيدة، لذلك وبعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى كالنصح واستخدام العصي أو الغازات المسيلة للدموع وانه ينبغي عند إطلاق النار في الفضاء مراعاة الحيطة التامة حتى لا يصاب احد الأبرياء ويجب أن يكون التصويب عند إطلاق النار على الساقين.
• وغنى عن القول أن وقائع إطلاق النار وما نجم عنها من وفيات وإصابات خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011 م قد خلت من الالتزام بالضوابط المقررة قانونا على النحو المستفاد من العرض المتقدم لتلك الإحداث.
وقد دل على أن الشرطة استعملت القوة المفرطة في مواجهه المتظاهرين. ما يلي :
1- كثرة الوفيات والإصابات، إذ بلغ عدد القتلى حوالي 840 قتيلا وتعدت الإصابات عدة آلاف من المتظاهرين، وذلك جراء إطلاق الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع التي كانت تستعملها الشرطة.
2- أن أكثر الإصابات القاتلة جاءت في الرأس والصدر بما يدل أن بعضها تم بالتصويب وبالقنص، فأن لم تقتل الضحايا فقد شوهت الوجه وأتلفت العيون، فقد كشفت الزيارات وأقوال الشهود والأطباء- خاصة في مستشفى قصر العيني- أن المستشفيات قد استقبلت عددا هائلا من إصابات العيون خاصة في يومي 28 يناير، 2 فبراير 2011 م بلغ المئات وأن حالات كثيرة فقدت بصرها.
3- أصابت الطلقات النارية والخرطوش التي أطلقتها الشرطة أشخاصا كانوا يتابعون الأحداث من شرفات ونوافذ منازلهم المواجهة لأقسام الشرطة. وغالبا كان ذلك بسبب إطلاق النار عشوائيا أو لمنعهم من تصوير ما يحدث من اعتداءات على الأشخاص.
4- طالت الأعيرة النارية أطفالا وأشخاصا تواجدوا مصادفة في مكان الأحداث.
5- سحقت سيارات الشرطة المصفحة عمدا بعض المتظاهرين.
ثالثا : - صدور أمر باستعمال الأسلحة النارية من شخص تجب طاعته : --
نصت المادة 102 من القانون رقم 109 لسنة 1971 م في شأن هيئة الشرطة أن أمر استعمال الشرطة السلاح لفض التظاهر يجب أن يصدر من رئيس تجب طاعته متى تعرض الأمن العام للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق.
واللجنة – من جانبها- ترى أن أمرا صدر من وزير الداخلية وقيادات وزارة الداخلية إلى رجال الشرطة باستعمال السلاح الناري في تفريق المتظاهرين وقد أسلمه هذا الأمر- بالتدرج الرئاسي- إلى رجال الشرطة المسلحين، في موقع الأحداث. وقد دل على ذلك ما بلى :
1-أن إطلاق الأعيرة النارية من الشرطة على المتظاهرين عم معظم محافظات القطر بما ينبئ عن أن أمرا صدر لهم من سلطة مركزية بوزارة الداخلية تجب طاعتها وهو الأمر الذي لا يتسنى إلا لوزير الداخلية الذي يملك السلطة المركزية في الشرطة.
2- أن صرف الأسلحة النارية والذخيرة الحية لرجال الشرطة في كافة المحافظات لاستعمالها في فض المظاهرات لا يكون إلا بأمر من السلطة العليا في وزارة الداخلية.
3- ورد تقرير وزارة الداخلية المؤرخ 27 فبراير 2011 م أن اصدر التعليمات إلى قوات الشرطة بالتعامل مع إحداث الشغب تتم بالتنسيق بين قيادة الأمن المركزي ومديري الأمن في المحافظات ومدير الأمن العام ومدير مباحث امن الدولة.
4- ورد كتاب السيد اللواء مساعد أول وزير الداخلية، مدير الإدارة العامة للمكتب الفني بتاريخ 27 فبراير 2011 م متضمنا أن التعليمات الدائمة تحظر استخدام الأسلحة النارية والخرطوش أو حتى اصطحاب السلاح الشخصي وانه توجد لجنة الإدارة الأزمة لكل مديرية امن منوط بها إصدار أمر تعامل القوات بالقوة لفض المظاهرات.
5-قرر وكيل جهاز مباحث امن الدولة الأسبق أن استعمال الأسلحة النارية لا يكون إلا بناء على أمر صادر من وزير الداخلية وأن عليه إخطار القيادة السياسية. وانه إذا استمرت الشرطة في استعمال الأسلحة النارية لأكثر من يوم فلا بد أن تكون القيادة السياسية على علم بذلك.
6- قرر أحد مساعدي وزير الداخلية الأسبق أن استعمال الشرطة للقوة لا يكون إلا لفض الشغب والتجمهر وأن ذلك يتم على خطوات تدريجية ترفع أولا بأول من قواد التشكيلات إلى رؤسائهم حتى تصل إلى مساعد الوزير للأمن المركزي الذي كان اللواء احمد رمزي أثناء إحداث ثورة 25 يناير2011 م - الذي عليه أن ينقل هذه التقارير إلى الأقدم من مساعدي وزير الداخلية - وكان في القاهرة آنذاك اللواء إسماعيل الشاعر- ليقوم بعرضها على وزير الداخلية الذي يملك- وحده- إصدار أوامر باستخدام الرصاص الحي وكان على وزير الداخلية إصدار الأوامر إلى مساعديه بتسليم المواقع الشرطية إلى الجيش طالما تقرر نزوله وإجراء التنسيق اللازم معه، وهو ما لم يحدث.
7-أرسلت اللجنة كتابا إلى وزارة الداخلية لموافاتها بدفتر أحوال مخازن الأسلحة الموجودة بقطاعات قوات الأمن المركزي خلال الفترة من 25 يناير 2011 م حتى 31 يناير 2011 م للوقوف على كمية الذخيرة المستخدمة في الأحداث، وكذلك اطلاع اللجنة على محتوى جهاز تسجيل الإشارات الموجودة بالوزارة وبغرفة عمليات الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزي خلال ذات الفترة، غير أن اللجنة لم تتلق راد حتى تحرير هذا التقرير.
4- تصرفات النيابة العامة
• أرسلت اللجنة إلى النيابة العامة أولا بأول مذكرات متضمنة الوقائع التي تشكل جرائم جنائية للتحقيق فيها وذلك بتاريخ 23 فبراير 2011 م، و26 فبراير 2011 م، و5 مارس 2011 م، و7 مارس 2011 م و17 مارس 2011 م، و14 أبريل 2011 م.
• قدمت النيابة العامة وزير الداخلية الأسبق وكبار مساعديه وعدد من ضباط الشرطة إلى المحاكمة الجنائية في محافظات القاهرة والجيزة و6 أكتوبر والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبني سويف باتهامات : القتل العمد للمتظاهرين مع سبق الإصرار واقتران هذه القتل بجنايات أخرى والشروع في القتل والاشتراك في هذه الجرائم فضلا عن جريمة التسبب بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة بأن أهملوا في جمع المعلومات عن حجم المظاهرات وحقيقتها كثورة شعبية لا يتم التعامل معها امنيا والتصدي لها بالحشد والقوة والعنف لتفريقها، فأدى ذلك إلى إنهاك القوات وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها وحدوث فراغ أمنى، فشاعت الفوضى وتعرضت حياة الناس وصحتهم وأمنهم للخطر، مما الحق أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة، وترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد الاقتصادي.
البلطجة : واقعة الجمل
• في صباح يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير 2011 م وحتى فجر الخميس 3 فبراير 2011 م وقعت أحداث دامية في معظم محافظات مصر خاصةً في ميدان التحرير، الذي أصبح رمزاً لثورة 25 يناير، ومكاناً لتجمع الثوار من كافة أنحاء القطر، وقد أطلق على ذلك اليوم " الأربعاء الدامي " ونرصد في هذا الجزء ما حدث في ميدان التحرير. فمنذ الصباح تجمعت أعداد من مؤيدي النظام في ميدان مصطفى محمود بشارع الجامعة العربية، وذلك بناءً على توجيهات من بعض قادة الحزب الوطني حسبما جاء في مداخلة لقيادة من قيادته في أحد البرامج في قناة تلفزيونية، كما تجمع آخرون من مؤيدي الرئيس السابق، توافدوا من بعض أحياء القاهرة وتمركزوا في الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير يسدونها بهدف منع المتظاهرين المناهضين للنظام من الوصول إلى الميدان ومحاصرة المتظاهرين داخله، بينما أندس بعض مؤيدي النظام من الشرطة السرية بين المتظاهرين داخل الميدان، واعتلت طائفة أسطح المنازل المطلة على الميدان وفي منتصف اليوم بدأت أعداد غفيرة منهم في اقتحام الميدان خاصةً من ناحية ميدان عبد المنعم رياض وكوبري 6 أكتوبر ومن مدخل ميدان التحرر من شارع طلعت حرب، وألقوا الحجارة وقطع الرخام وزجاجات حارقة (المولوتوف) على المتظاهرين وفي ذات الوقت أطلقت الشرطة الأعيرة النارية والمطاطية والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين وقام بعض القناصة بإطلاق الأعيرة النارية من أعلى الأبنية المطلة على الميدان وبعدها هجم على الميدان مجموعة من الرجال يركبون الجياد والجمال ومعهم العصي وقطع الحديد والتي حضرت معظمها من منطقة نزلة السمان واجتمعت في ميدان مصطفى محمود واتجهت إلى ميدان التحرير واخترقوا الحواجز الحديدية التي وضعها الجيش لتأمين المتظاهرين وانهالوا ضرباً في جموع المتظاهرين، فأحدثوا بهم إصابات أدت بعضها إلى الوفاة وظل هجوم المؤيدين للنظام بإلقاء الأجسام الصلبة وقطع الحجارة والرخام على المتظاهرين. ولم يجد المتظاهرون سوى الدفاع عن أنفسهم بتكسير أرصفة الميدان وتبادل قذف الحجارة مع المعتدين، وظل الوضع على هذا النحو حتى الصباح الباكر من يوم 3 فبراير 2011 م.
• وقد تمكن المتظاهرون من التحفظ على بعض راكبي الجمال ومن المندسين بينهم من مؤيدي النظام السابق – الذين كانوا يعتدون على المتظاهرين – وتبين من الإطلاع على هوياتهم الشخصية أنهم من رجال الشرطة بالزى المدني ومن المنتمين للحزب الوطني، وتم تسليمهم للقوات المسلحة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. وقد خاطبت اللجنة القوات المسلحة للاستعلام عن هوياتهم وعن الإجراءات التي اتخذت قبلهم، ولم تستقبل اللجنة رداً.
• ولما كانت اللجنة قد حققت في الأجزاء السابقة لوقائع اعتداء الشرطة على المتظاهرين بالأسلحة النارية والمطاطية والخرطوشة والقنابل المسيلة للدموع وبالقنابل، وبالدهس بالسيارات، فقد رئي أن يقتصر البحث في هذا الجزء على أعمال البلطجة بما فيها من استعمال الخيول والحجارة في إرهاب المتظاهرين والاعتداء عليهم.
• وقد سمعت اللجنة عدداً من الشهود يكفي للقول بأن بعضاً من رموز الحزب الوطني وأعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتمين للحزب وبعض رجال الشرطة – خاصةً من المباحث الجنائية – وبعض رجال الإدارة المحلية قد دبروا للمظاهرات المؤيدة للرئيس السابق في 2 فبراير 2011 م والتي انطلقت من أحياء القاهرة والجيزة صوب ميدان التحرير، وهي مزودة بالعصي والحجارة والمواد المشتعلة والأسلحة البيضاء، وأن عدداً من أعضاء الحزب الوطني ورجال الشرطة بالزى المدني قد شارك مع البلطجية المأجورين وراكبي الجياد والجمال في الاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير، على النحو المبين سلفاً.
• تلقى البريد الالكتروني الخاص بلجنة التحقيق وتقصى الحقائق رسالة من شخص يدعى محمد سقا من البريد الالكتروني خاصته والذي يحمل عنوانه [email protected] تفيد أنه قد استلم رسالة نصية على الموبايل خاصته موقعة باسم أحباء مصر (Egypt lovers) تضمنت دعوة المصريين لتنظيم مظاهرات تأييد لمبارك تنطلق من ميدان مصطفى محمود وتم استلام هذه الرسالة في تمام الساعة الحادية عشر مساء يوم الثلاثاء 1 فبراير 2011 م كما قررت تليفونيا سلوى أبو النجا، من تليفون رقم 011004802، أنها تلقت ذات الرسالة في ذات التاريخ علما بأن خدمة الرسائل النصية كانت مقطوعة عن مصر كلها حتى ذلك الوقت، وأرسل الشاهد المذكور مع تلك الرسالة فيديو بمطالعة ما تضمنه من أحداث تبين انه مصور أمام البنك الوطني المصري في ميدان مصطفى محمود المهندسين وذلك يوم 2 فبراير 2011 م حيث ظهر حشود من المتظاهرين المؤيدين للرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك ملتفين حول أحد الشخصيات المعروفة الذي تحدث إليهم من خلال مكبر صوت مقررا لهم أن المأجورين أمثال البرادعى والمزور أيمن نور هم الذين افسدوا البلد وأن المتظاهرين المتواجدين بميدان التحرير غير محترمين وخونه وأنهى حديثه إلى المتظاهرين في ميدان لبنان طالبا منهم التوجه فورا إلى ميدان التحرير لان ميدان التحرير للشرفاء وليس للمرتزقة محرضا المتظاهرين على ضرورة تحرير الميدان من الخونة الذين يريدون الخراب لمصر.
• أرسل إلى الصفحة الرئيسية للجنة التحقيق وتقصى الحقائق بموقع face book فيديو بمشاهدته تبين انه يتضمن قيام بعض الأشخاص بالتعدي على آخرين بالأسلحة البيضاء أمام بوابة أحد القصور ويبين من الحوار الذي دار بين هؤلاء الأشخاص أن سبب التعدي عليهم هو تحذيرهم من ذكر واقعة استئجارهم من قبل أحد الأشخاص والذي ظهرت صورته بنهاية التسجيل للتعدي على المتظاهرين في ميدان التحرير وورد بالتعليق على ذلك الفيديو أن الشخص الذي ظهر بنهايته أحد أعضاء مجلس الشعب السابق.
• مرفق بالمذكرة تسجيلات لبعض أحداث 2 فبراير 2011 م والمقدمة إلى اللجنة على اسطوانة (CD)، تبين من خلال مشاهدتها أنها تحتوى على ستة أفلام فيديو الأول يبدأ بتصوير مجموعة من المتظاهرين المؤيدين للحزب الوطني بجوار مركز التجارة العالمي وفندق كونراد متجهين إلى ميدان التحرير بعضهم يستقل سيارات والبعض مترجل وهم يحملون عصى وأسلحة بيضاء. الفيديو الثاني يبدأ بتصوير لمجموعة من المتظاهرين المؤيدين للحزب الوطني الديمقراطي أسفل تمثال عبد المنعم رياض وفي مواجهتهم سيارة مصفحة محترقة يعتليها احد الأشخاص ويقومون بإلقاء الحجارة على المتظاهرين مما أدى إلى انسحاب عدد من المتظاهرين. الفيديو الثالث والرابع يظهر فيهما تبادل إلقاء الحجارة بين المتظاهرين بميدان التحرير والموجودين بميدان عبد المنعم رياض. الفيديو الخامس والسادس للمتظاهرين المؤيدين للحزب الوطني والمتواجدين بميدان عبد المنعم رياض يحثون بعضهم على البقاء بالميدان وصورة لعدد من الأشخاص اعلي العقارات المواجهة للمتحف المصري يلقون بالحجارة على المتظاهرين بميدان التحرير.
• مرفق بالمذكرة صور لبعض أحداث 2 فبراير 2011 م والمقدمة إلى اللجنة على اسطوانة (CD) بمشاهدتها تبين أنها تحتوى على صور لبعض أنصار الرئيس السابق محمد حسنى مبارك يقومون بإلقاء كميات كبيرة من الطوب تجاه المتظاهرين بالتحرير وصور أخرى لسالفي الذكر يحملون عصى وأسلحة بيضاء وسيوف وصور لاشتباكات ما بين أنصار الرئيس السابق القادمين من ميدان عبد المنعم رياض في اتجاه ميدان التحرير وبين المتظاهرين المتجهين من ميدان التحرير في الاتجاه المعاكس.
انتقل فريق من الأمانة الفنية للجنة التحقيق وتقصى الحقائق من المنتدبين من المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى منطقة نزلة السمان للتقصي عن حقيقة الأحداث التي وقعت يوم 2 فبراير 2011 م وذلك في ضوء امتناع العديد من أهالي نزله السمان من الإدلاء بشهادتهم خشيه إيذائهم.
• قدم للجنة صورة ضوئية لوثيقة – لم يتسن للجنة التحقق من صحتها – معنونه"وزارة الداخلية مكتب الوزير " وعليها الشعار الخاص بوزارة الداخلية، ثابت بها عبارة سرى وهام للغاية تحمل رقم تعميم 1-60 ب م ت، تضمنت أمرا بتوظيف عدد من البلطجية، وإعطائهم مبالغ مجزية، مع إبلاغهم بوقت التحرك لإشاعة الفوضى.
• كانت اللجنة قد أرسلت في 13 مارس 2011 م مذكرة إلى النيابة العامة للتحقيق في هذه الوقائع، ثم جرى انتداب مستشارين للتحقيق فيها.
حالات الاحتجاز
• قامت الشرطة بالقبض على بعض المتظاهرين والإعلاميين وحجزتهم في عدد من أماكن الاحتجاز دون وجه حق، ورصدت اللجنة بعض من هذه الحالات.
الانفلات الأمني
حدث الانفلات الأمني نتيجة إطلاق البلطجية على المتظاهرين لإخراجهم بالقوة من ميدان التحرير – على النحو السابق بيانه- وانتشارهم في كافة أنحاء القاهرة والجيزة يدمرون ويسلبون ويحرقون خاصة بعد انسحاب الشرطة وحرق مقارها بمعرفه هؤلاء البلطجية وبعض الأهالي الغاضبين.
وقال أحد قيادات الشرطة السابقين أن أمرا صدر لقوات الأمن المركزي بالقاهرة من احد قيادات الشرطة في 28 يناير 2011 م بالانسحاب وصدرت أوامر للضباط بارتداء الزى المدني والانصراف ثم انقطعت الاتصالات بهم عقب صدور هذا الأمر، وقد تأيد ذلك بما قرره بأحد أطباء قصر العيني من انه في حوالي الساعة الخامسة مساء لاحظ حرس المستشفى يخلعون ملابسهم الرسمية ويرتدون ملابس مدنية، وذلك بناء على أوامر صادره إليهم بذلك.كما شوهد في احد شرائط الفيديو المذاعة في القنوات الفضائية انسحاب قوات الأمن المركزي بشكل منتظم يومي بصدور أمر بالانسحاب.
وقد رصدت اللجنة- سرقة وإتلاف بعض القطع الأثرية من المتحف المصري وسرقة محتويات بعض المحال، كما تم رصد سيارة رقم (ف و8516) بها بعض البلطجية وشخص ظهرت صورته جليا يشتبه أنهم هم الذين احرقوا مبنى الحزب الوطني الذي كانت تلتهمه النيران حينئذ.
وزاد من الانفلات الأمني خروج أو هروب بعض المسجونين من الليمانات والسجون المتاخمة للقاهرة، قامت الأمانة العامة للجنة بزيارة السجون الآتية : -
1- منطقة سجون وادي النطرون 2- منطقة سجون طرة
3-منطقة سجون أبو زعبل 4- سجن المرج
5- سجن القطا الجديد
وبعد أن قامت اللجنة بالزيارات الميدانية وسؤال إدارات هذه السجون وبعض المساجين وبعض الأهالي المجاورين للسجون انتهت إلى احتمال تصورين : -
وقد ذهب أصحاب التصور الأول إلى أن ذلك يدخل في نطاق ما حدث من انهيار في أداء الشرطة في كافة القطاعات، ورغبة البعض في ترويع المواطنين، ويستند هذا التصور على الدلالات الآتية :
1 ـ ظهر في أحد أشرطة الفيديو – التي أطلعت عليها اللجنة – مجموعة من الأشخاص يرتدون زياً أسود اللون متشابه الشكل يماثل الزى الذي يرتديه أفراد الأمن المركزي ويقومون بفتح غرف السجن التابع لأحد مراكز مديرية أمن الفيوم ويطلبون من نزلاء تلك الغرف سرعة الخروج والعودة إلى منازلهم.
2 ـ مشاهد شريط فيديو أخر يظهر فيه المساجين – الهاربين من أحد سجون وادي النطرون ويحملون أغراضهم الشخصية تحت تواجد أفراد من قوات الأمن المتمركزين بالزى الرسمي وهم يحثون المساجين على سرعة الخروج من السجن. وخروجهم من السجن وهم يحملون أغراضهم الشخصية وفي حضرة رجال الشرطة يدل أنهم خرجوا نتيجة ترتيب أفسح لهم الوقت لجمع أغراضهم الشخصية، وذلك أن هروب السجين في حاله العصيان الجماعي واحتمال إصابته بعيار ناري يثير لدية حالة من الفزع تجعله يسرع لينجو بنفسه دون أن يلتفت لجمع أغراضه.
3 ـ شهادة عدد من المساجين في سجن وادي النطرون وسجن طره من أن إدارة السجن قطعت المياه والكهرباء عنهم قبل تمرد المساجين بعدة أيام وهو ما يؤدي – بطبيعة الحال – إلى هياجهم وتذمرهم، ويعطى المبرر الكافي لاصطناع الاضطراب والمقاومة الظاهرية ثم الانفلات الأمني.
4 ـ قرر بعض المساجين – في سجون لم يهرب منها أحد – أن الشرطة أطلقت الأعيرة النارية والخرطوش في اتجاه العنابر والزنازين بالرغم من عدم وجود تمرد، وأن عدداً من المساجين قتلوا أو أصيبوا أثناء وجودهم داخلها.
5-كما قرر عدد من المساجين - في سجون مختلفة- أن رجال الشرطة العاملين في السجن أطلقوا في اتجاه العنابر والحجرات قنابل مسيلة للدموع مما اشعر نزلاء السجن بالاختناق ومحاولة الخروج من العنابر، وهو ما يشير إلى تعمد إثارة المسجونين ودفعهم إلى التمرد والظهور بمقاومة التمرد حتى تبدو الصورة بأن خروجهم كان نتيجة إخفاق الحراسة في منعهم.
6- قرر العميد عصام القوصى وسائر رجال الشرطة القائمين على إدارة السجن انه في يوم 29 يناير 2011 م حدث تمرد داخل السجن واكبه هجوم عدد من الأشخاص المسلحين على السجن، أطلقوا أعيرة نارية من مدافع جرينوف وغيره من الأسلحة النارية في اتجاه السجن وأن الحراسة المعينة على الأبراج بادلوهم إطلاق الأعيرة النارية حتى نفذت الأخيرة غير انه بمعاينة سور السجن تبين عدم وجود أية أثار لطلقات نارية على السور أو الأبراج، مما يدل على عدم صحة ما قرره رجال الشرطة المشار إليهم.
7- قرر سجين بليمان وادي النطرون أن سيدة اتصلت بأحد البرامج التليفزيونية وقالت أنها تسكن بجوار سجن وادي النطرون، وان السجن تم اقتحامه وإخراج المساجين، وبعد وقت قصير قامت قوات السجن بإطلاق قنابل مسيلة للدموع في اتجاه العنابر دون مبرر ثم في الساعة الثالثة سمع صوت أعيرة نارية لمدة عشرين دقيقة أعقبها خروج المساجين، وقد دل ذلك أن ما أذيع في التليفزيون كان سابقا على ادعاء الاعتداء على السجن بما يثير شبهه وجود تخطيط مسبق لإخراج المساجين من سجن وادي النطرون.
8- ثبت من المعاينة بسجن وادي النطرون أن أعمال التخريب ونزع الأقفال ونشر حديد الهوايات بالغرف يستغرق وقتا أطول كثيرا مما قرره ضباط السجن.
9- قرر وليد حسن حسين المسجون بسجن المرج انه في يوم 29 يناير 2011 م توجه إلى العيادة الطبية بصحبه الحراسة رأى المخبر عبد الفتاح الشهير يـ"أبو عميرة" يتجه صوب الغرفة رقم (6) المتواجد فيها المساجين المتهمين في قضايا إعلامية ويخرجهم من حجرهم إلى ممر العنبر، وسمع بعض ضباط السجن يتبادلون الحديث، واحدهم يقول "يظهر أنها بدأت " ثم فوجئ بإطلاق قنابل مسيلة للدموع داخل ممرات العنابر دون داع، مما أصاب السجناء بحاله اختناق أدت إلى هياجهم، وتناهى إلى سمعه قول احد المخبرين عبارة "حرام الضباط يفتحوا لهم وبعد كده يضربوا عليهم النار".
10- قررت الدكتورة منال البطران أن شقيقها المرحوم اللواء محمد البطران حادثها تليفونيا قبل مقتله وقال "حبيب العادلى احرق البلد وأن هناك ثمانية عشر قسم شرطة تم فتحها وخرج منها المساجين وإن تكرر الأمر في السجون فستكون كارثة، وانه لن يسمح بذلك".
11- أن السجون التي خرج منها المسجونون هي السجون المتاخمة للقاهرة والتي بها عتاة المجرمين بما يشير أي أن ذلك تم عن قصد ليثيروا الذعر والفزع لدى المواطنين في العاصمة وما حولها، ضمن خطة الفراغ الأمني.
وذهب أصحاب التصور الثاني إلى انه تم تهريب المساجين بعد اعتداءات مسلحة على السجون واستندوا في ذلك على الدلائل الآتية :
1- عدد السجون في جميع ربوع الدولة 41 سجنا وهرب السجناء من 11 سجنا فقط بنسبة 26 % هي سجون أبو زعبل (4 سجون) ووادي النطرون (4 سجون) والمرج والفيوم وقنا.
2- لم يهرب مسجون واحد من سجون القاهرة (طره 4 سجون وسجن الاستئناف بباب الخلق) وهى الأقرب إلى موقع الأحداث في ميدان التحرير.
3- ثبت بمعاينة منطقة سجون أبو زعبل (تضم أربع سجون) تعرضها لهجوم خارجي مسلح تظهر آثاره واضحة في الأعيرة النارية المطلقة على ببوابة السجن الرئيسية وعلى السور الشرقي المجاور لسجني ابوزعبل 1، 2 كما تظهر على هذا السور وجود أثار لإطلاق أعيرة ثقيلة (جرينوف أو متعدد).
4- ثبت استعمال نوع من الذخيرة لا يتداول في محيط قوات الشرطة والجيش في الهجوم على سجن أبو زعبل (طلقات سلاح آلي خضراء اللون) تم التحفظ على بعض فوارغها أثناء المعاينة وكذا على فوارغ طلقات أعلى من عيار الأسلحة الآلية.
5- شهد الدكتور سعيد محمد عبد الغفار المقيم بالاستراحة المجاورة للسجن بوجود هجوم مسلح من الناحية الشرقية باستخدام أسلحة آلية بمعرفة مجموعات من البدو وصياح بعضهم بالدعاء لحماس.
6- ثبت وجود هدم بسور السجن من الناحية الشرقية وهدم بعض أجزائه من الخارج باستخدام معدة بناء (لودر).
7- ثبت أن سجون أبو زعبل تضم المحكوم عليهم بأحكام جنائية من أهالي منطقة شمال وجنوب سيناء.
8- ثبت بأقوال ضباط منطقة سجون أبو زعبل تعرضهم لهجوم مسلح خارجي واكبه حالة هياج داخلي من السجناء وتحطيم أبواب وحوائط السجن باستخدام طفايات الحريق الكائنة بداخل كل زنزانة وهو ما تم معاينته من أثار للتلفيات يتصور حدوثها وفقا لهذه الرواية.
9- ثبت وجود عدد خمس مسجونين من حركة حماس بسجن أبو زعبل 1، إضافة إلى عدد 24 آخرين من ذات الحركة ومن خلية حزب الله بالسجون التي تم اقتحامها والذين أبانت وسائل الأعلام سرعه وصولهم إلى ديارهم خارج البلاد بعد الهرب بساعات قليلة بما يؤكد التخطيط لتهريبهم عن طريق الهجمات الخارجية على السجون.
10- بسؤال عينات عشوائية من مساجين سجن القطا " لم يهرب منه احد " أجمعت أقوالهم على أن هناك حالة هياج داخلي انتابتهم نتيجة متابعتهم أحداث الثورة بوسائل الإعلام حيث رغب بعضهم في المشاركة في أحداث الثورة، كما أن تواتر الأخبار عن هروب المساجين من سجن أبو زعبل أدى إلى رغبتهم في الهرب.
11- ثبت بأقوال ضابط القوات المسلحة المكلف بتأمين سجن القطا أن السجن تعرض لهجوم خارجي وتعاملت معه القوات المسلحة ونجحت في صده كما شهد ثلاثة من اصطحاب المزارع المجاورة للسجن أنهم نجحوا في رد مجموعات مسلحة حاولت التوجه للسجن واقتحامه لتهريب أبناءهم المسجونين.
12- أن الوضع الذي شاهدته اللجنة من حالة الانفلات الامنى بسجن القطا وهياج المساجين وعدم انصياعهم للتعليمات الأمنية يتنافى مع وجود مخطط لتهريب المساجين في هذا السجن لاسيما وأن الثابت عدم هروب أي مسجون منه بل وفاه قيادة أمنية بداخله أثناء أحداث تمرد المساجين - وهو اللواء محمد البطران رئيس مباحث السجون - الذي شهد زملاؤه وممثلان عن السجناء أنه توفى أثناء محاولة خروج المساجين وراءه للهرب فتم إطلاق النار نحوهم فقتل عدد منهم كان من بينهم اللواء محمد البطران الذى ذكر لهم عدم صدور أمر له بإخراج السجناء وأصيب آخرون من بينهم المقدم سيد جلال، وهذا ما يؤكد عدم وجود مخطط مسبق لتلك الأحداث.
13- أن شهادة المسجون بشأن إطلاق غازات مسيلة للدموع علية بالزنزانة دون مبرر يتعين أخذها وتقديرها في نطاق اعتبارين احدهما هو أن السجين لا يرى خارج الباب المغلق وبالتالي تقييمه للحالة في محيط السجن هو تقييم قاصر والثاني أن الغاز بطبيعته ينتشر دون توجيه وتبعا لاتجاه الهواء ومن ثم فيمكن أن ينتشر في محيط يجاور مكان الإطلاق أو التصويب.
14- عدم ثبوت صدور أي تعليمات بشأن تخفيف الاحتياطات الأمنية في غضون فترة لأحداث على السجون بل صدرت تعليمات بتكثيف إجراءات الحراسة وأن الثابت فقط هو تحقق واقعات هروب جماعي من السجون وهو ما لا يستدل به - كنتيجة - على السبب.
15- إنه من غير المتصور إقرار السجين بالهرب دون أن يورد تعليلا لذلك يلقى فيه بالمسئولية على غيره إذ هو معرض للعقوبة وفقا لنص المادة 138 من قانون العقوبات. كما انه من غير المتصور إجماع جميع ضباط السجون التي تم الانتقال إليها على عدم صدور تعليمات بفتح السجون، وعدم تخفيف الإجراءات الأمنية أثناء الأحداث.
16- نجحت الشرطة في إجهاض محاولات هروب السجناء في 15 سجن (القطا، دمنهور، طره، الزقازيق، شبين الكوم).
نخلص مما تقدم إلى تعرض بعض السجون لهجمات مسلحة من خارجه أدت إلى هروب بعض المساجين، وإشاعة حالة من الفوضى بين المساجين في السجون الأخرى، اقترنت بهياج داخلي اثر متابعتهم لأحداث الثورة عبر وسائل الإعلام طمعا في الخروج.
إلا انه يجب التوقف عند منطقة سجون وادي النطرون إذ أن الآثار التي رصدتها اللجنة عند المعاينة لا تنم عن حدوث اعتداء تعجز أمامه الشرطة عن المواجهة ومن ثم لا يوجد مبرر قوي لحدوث الانفلات وهروب السجناء من سجون وادي النطرون.
وإزاء وجود هذين التصورين للانفلات الأمني في السجون فإن اللجنة ترى أن الأمر في حاجة إلى مزيد من التحقيق القضائي لتحديد المسئولية في كل حالة من حالات الانفلات داخل السجون المعنية.
الجزء الخامس
الإعلام وقطع الاتصالات
الإعلام
لم تكن أحداث ثورة 25 يناير وتفجر طاقات الغضب المصري هى المسيطر الوحيد في المجال العام المصري، وإنما وضح جلياً أن ظاهرة الانفلات الأمني وما ارتبط بها من تداعيات ودلالات قد أحدث واقعاً مخيفاً بافتقار الأمن والأمان للأسرة المصرية بخاصة، والوطن بعامة.
• وازداد الإحساس العام بالخوف وعدم الأمان – سواء للمصري المقيم على أرض الوطن أو المغترب عندما تقطعت سبل معرفة أخبار البلاد والأهل، وبخاصة حين تم عزل مصر من 28 يناير إلى 1 فبراير 2011 م، بقطع خدمات الاتصالات الهاتفية الخلوية (الهواتف المحمولة)، بالإضافة إلى خدمات الانترنت.
• وقد نتج عن منع الاتصالات وقطعها عن مصر والمصريين، اندفاع الكافة نحو الإعلام ووسائله الجماهيرية كفاعل أساسي يعكس أحداث الثورة وأحوال البلاد.
هذا بدوره دفعنا إلى تحليل موقف الإعلام المصري ممثلاً في : الإعلام الجماهيري (صحافة وتليفزيون)، والإعلام البديل (باستخدام شبكة الانترنت)، وتحديد دوره السلبي والإيجابي دون إغفال أو مواربة، من خلال التركيز على محورين رئيسيين، هما :
• المحور الأول : مدى اهتمام الإعلام المصري بأحداث الثورة والانفلات الأمني الذي صاحبها.
• المحور الثاني : الأدوار الإعلامية التي مارسها الإعلام المصري.
أولاً : مدى الاهتمام بظاهرة الانفلات الأمني خلال ثورة 25 يناير
يأتي اهتمام الإعلام بظاهرة الانفلات الأمني مرتبطاً بأهمية الحدث من ناحية، وأهمية الدور الإعلامي في المجتمع من ناحية أخرى. وقد تقاربت معدلات الاهتمام بطرح ظاهرة الانفلات الأمني وأسبابها، والآثار المترتبة عليها، وطرح مجموعة من الحلول لها، ما بين الإعلام الرسمي، والإعلام المصري الخاص ممثلاً في القنوات الفضائية. كما تقاربت معدلات الاهتمام بطرح الظاهرة بين برامج القنوات الفضائية محل الرصد.
وقد ساد التنوع والتعدد في الأبعاد التي طرحت من خلال المعالجة الإعلامية الصحفية والتليفزيونية، وتم رصدها على النحو التالي :
البعد الأمني : ممثلاً في تركيز المعالجات الإعلامية على غياب الأمن في ظل اختفاء الشرطة من مواقعهم، وهروب العديد من المساجين، وترويع المواطنين، وانتشار الشغب والجرائم والبلطجة، إضافة إلى بعض الحلول التى تم تفعيلها والمقترحة لإعادة الأمن بالشوارع المصرية.
الأبعاد السياسية : ممثلة في حالات الصدام والبلطجة بين مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق، وعلاقة فلول النظام الحاكم ورموز الفساد بالتدبير لحالة الانفلات الأمني.
البعد الاجتماعي : والذي ارتبط بالآثار المجتمعية لظاهرة الانفلات الأمني، وبعض الحلول التى تم تنفيذها لمواجهة الانفلات الأمني، ومنها على سبيل المثال : تكوين اللجان الشعبية.
البعد الاقتصادي : ممثلاً في التركيز على رصد الخسائر الاقتصادية التي وقعت جراء أحداث الانفلات الأمني.
البعد الإعلامي : من خلال استعراض صور العنف ضد الإعلاميين الذين حاولوا تغطية أحداث العنف والشغب في المظاهرات.
وبالمثل برز اهتمام صحافة المواطن بظاهرة الانفلات الأمني، ممثلاً في تناول الظاهرة بأبعادها وتداعياتها عبر أطروحات حركات الاحتجاج الاجتماعي "جماعة كلنا خالد سعيد"، "حركة 25 يناير"، إضافة إلى أطروحات الشبكات الإخبارية على موقع Face book مثل : أطروحات "شبكة رصد الإخبارية"، وأطروحات "وكالة أنباء تحركات الشارع المصري"، إضافة إلى أطروحات أعضاء صفحة "ضباط الشرطة المصرية". كما ظهر الاهتمام برصد الظاهرة وتتبعها ونشرها على مستوى عالمي عبر مواد الفيديو التي سجلها المواطنون، وانهالت على مواقع الفيديو التشاركي على شبكة الانترنت، وأبرزها موقع YouTube، إضافة إلى مواقع الصحف المصرية التي استضافت أقسام خاصة لصحافة المواطن، مثل : "موقع صحيفة المصري اليوم على الانترنت ". إلا أن مراكز الاهتمام بظاهرة الانفلات الأمني تنوعت في صحافة المواطن ما بين التركيز على طرح أحداث ووقائع محددة ترصد حالة الانفلات الأمني ومظاهرها، وتصدرت هذه الفئة المركز المتقدم في خريطة اهتمام صحافة المواطن بالانفلات الأمني، تلاها الاهتمام بطرح أفكار ورؤى معينة بشأن ظاهرة الانفلات الأمني، وظهر ذلك بشكل رئيسي في تبنى منطق تدبير خطة الانفلات الأمني لإجهاض الثورة المصرية، أما المركز الثالث فكان للاهتمام بالتركيز على شخصيات بعينها أو جهات محددة رأت الأطروحات تورطها في ظاهرة الانفلات الأمني.
ثانياً : الأدوار الإعلامية التي مارسها الإعلام المصري في تناوله لظاهرة الانفلات الأمني :
أظهرت نتائج الرصد الإعلامي لظاهرة الانفلات الأمني في الإعلام المصري – الجماهيري والبديل - تنوع الأدوار الإعلامية التي مارسها الإعلام المصري في طرحه للظاهرة. وتمثلت هذه الأدوار
فيما يلى :
- الدور الراصد والواصف للظاهرة.
- الدور الشارح والمفسر للظاهرة.
- الدور التعبـوى.
وهنا تجدر الإشارة إلى أمرين على قدر كبير من الأهمية عند استعراض مستويات الأدوار الإعلامية التي مارسها الإعلام المصري.
أولهما : أن تنوع هذه الأدوار الإعلامية حقق نوعاً من التكامل في طرح ظاهرة الانفلات الأمني على الجمهور العام، وهو ما يعبر حالة اللهاث الإعلامي في محاولة التواكب مع أحداث الثورة المتلاحقة وما ارتبط بها من ظاهرة الانفلات الأمني وغيرها من الظواهر الاجتماعية والسياسية التي مثلت عناصر جذب إعلامي بدرجة كبيرة جداً.
ثانيهما : أن تنوع الأدوار الإعلامية لا يشير بالضرورة إلى إيجابية أداء الإعلام المصري لهذه الأدوار. ذلك أن رصد المعالجة الإعلامية لظاهرة الانفلات الأمني كشف عن وجود أوجه سلبيات مختلفة في الأداء الإعلامي أثناء الثورة جنباً إلى جنب مع أوجه التميز والكفاءة التى نجح الإعلام المصري فيها.
قطع الاتصالات
كان لافتا قطع خدمة الاتصالات من شركات المحمول الثلاثة في وقت واحد، مما ينم عن وجود تنسيق سابق ومتفق عليه مع الجهات الأمنية. وقد لعب قطع الاتصالات دورا مهما في الأحداث فهو من ناحية دفع الكثيرين إلى النزول للشارع، ورفع أعداد المتظاهرين لافتقاد وسيلة التواصل مع غيرهم، ومن ناحية أخرى قد يقال بأن هذا القطع أثر على الاتصالات بين رجال الشرطة والقيادات وأدى ذلك إلى انفرادية القرارات وعشوائية التصرفات، وكثرة الانسحابات، فحدث الفراغ الأمني وشاعت الفوضى، إلا أن ذلك ليس مؤكدا :
• بسؤال الدكتور عمرو بدوى محمود الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قرر أن يوم 23 يناير 2011 م دعاه ممثلو الجهات الأمنية لاجتماع ضم ممثلي شركات المحمول الثلاثة وتم تشكيل غرفه طوارئ لإعطاء الأوامر الخاصة بتشغيل وقطع خدمات الاتصالات تطبيقا للمادة 67 من قانون الاتصالات لوجود حالة ضرورة قصوى تمس الأمن القومي، وأصدرت الغرفة أمرا بقطع خدمات الاتصال يوم 27 يناير في الساعة العاشرة صباحا وإعادتها يوم 29 يناير 2011 في حوالي الساعة 9.30 صباحا أما خدمة الانترنت فتم وقفها يوم الجمعة 28 يناير وعادت صباح يوم 5 فبراير 2011 م وأوضح أن هذا القطع لا يؤثر على الاتصالات الخاصة بالشرطة لان لها تردد ونظام مستقل خاص بها، وأضاف انه تحت الضغط الشعبي أعيدت الخدمات إلى وضعها الطبيعي ومؤكدا أن هذا القطع لم يسبق حدوثه في أية دولة في العالم وكان له تأثير سلبي على سمعه مصر الدولية، وأضيرت شركات المحمول من جراء ذلك.
وورد للجنة خطاب رئيس مجلس إدارة شركة اتصالات للتليفون المحمول ثابت به :
أن خدمة الاتصالات بالشركة قد تأثرت بعاملين خارج سيطرتها خلال الفترة من 25 يناير وحتى 9 فبراير 2011 م هما :
1-صدور تعليمات للشركة من غرفة الطوارئ(لجنة الأمن القومي) بالاستعداد لتنفيذ خطة الطوارئ بقطع الخدمة بحسب تعليمات غرفة الطوارئ وذلك لدواعي أمنية وقد كان ذلك في الاجتماع الذي عقد بتاريخ 23 يناير 2011 م في مقر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وقد صدرت التعليمات المذكورة بحضور ممثلي شركات المحمول الثلاثة والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وممثل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وممثلي الجهات السيادية وممثلي الجهات الأمنية وقد صدرت التعليمات للشركة من غرفة الطوارئ بتنفيذ تلك الخطة بقطع خدمة الاتصالات في بعض محافظات الجمهورية وقد انصاعت الشركة لتلك التعليمات بموجب التزاماتها بموجب أحكام الباب السادس عشر وخاصة المادة (67) من القانون رقم 10 لسنة 2003 م والترخيص رقم (3) لسنة 2006 م الصادر لها من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
2- تعرض العديد من محطات شبكة التليفون المحمول الخاصة بالشركة للتحطيم والسرقة والحريق أثناء الأحداث في تلك الفترة.
كما ورد خطاب العضو المنتدب والمدير التنفيذي لشركة فودافون مصر ثابت به :
أ‌- الفترة من 25 يناير وحتى 31 يناير 2011 م
فان خدمة الاتصالات بالشبكة كانت تعمل بشكل متوسط بسبب انقطاع الخدمة جزئيا عن بعض مناطق الجمهورية تنفيذا للتعليمات والأوامر المتعددة والمتعاقبة التي صدرت إلى إدارة الشركة من غرفة العمليات المكلفة بإدارة الأزمة استنادا لنص المادة 67 من القانون رقم 10 لسنة 2003 م بتنظيم الاتصالات بأن "للسلطة المختصة في الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أي مشغل أو مقدم خدمه وأن تستدعى العاملين لديه القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات وذلك في حالة حدوث كارثة طبيعيه أو بيئية أو في الحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 م المشار إليه وأيه حالات أخرى تتعلق بالأمن القومي".وكذلك بسبب أعطال ناتجة عن أعمال السلب والحريق وعدم توافر الوقود لتزويد المولدات في بعض المحطات.
ب‌- الفترة من 1 فبراير 2011 م حتي يوم 9 فبراير 2011 م
يمكن القول أن خدمة الاتصالات بالشركة كانت تعمل خلال هذه الفترة بكفاءة عالية تقترب من التشغيل في الظروف العادية.
ونوه الخطاب أن غرفة العمليات بما توافر لديها من معلومات كانت قد استبقت الأحداث ووجهت الدعوة لاجتماع على مستوى عال عقد بتاريخ 23 يناير 2011 م بمبنى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات برئاسة السيد الدكتور رئيس الجهاز المذكور وبحضور السادة ممثلي أجهزة الأمن القومي المشار إليهم في المادة الأولى من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 م، كما حضر أيضا ممثلون لجميع شركات التليفون الثابت والمحمول وشركات الانترنت العاملة في مصر. وفي هذا الاجتماع قام السادة ممثلو أجهزة الأمن القومي باستعراض الظروف التي تمر بها البلاد في ذلك الوقت، وركزوا على الدور الذي يتعين على شركات الاتصالات والانترنت أن تضطلع بها خلال تلك الأزمة وفقا لأحكام الباب السادس من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 م.
كما ورد بالخطاب انه قبل انتهاء الاجتماع حرص السادة ممثلو الأمن القومي على التأكيد على الأمور الآتية :
1- أن الأجهزة والهيئات الممثلة في الاجتماع هي الأجهزة المكلفة بإدارة ما أسموه بـ "الأزمة" وإنها لهذا الغرض قد شكلت من بين أعضائها غرفة عمليات اتخذت من مبنى وزارة الاتصالات مقرا لها، وشددت على أن كافة الأوامر والتعليمات سوف تصدر للشركات من هذه الغرفة دون غيرها من خلال آليات ووسائل محددة.
2- ضرورة التزام جميع الشركات العاملة في مجال الاتصالات والانترنت بتنفيذ كل ما قد يصدر عن غرفة العمليات من تعليمات وأوامر بكل دقة وبطريقة فورية تطبيقا لأحكام الباب السادس من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 م.
3- أن الأجهزة الممثلة في الاجتماع، إذ تضطلع بمهمة إدارة " الأزمة " فأنها تستمد سلطاتها من قانون الطوارئ ومن قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 م وعلى الأخص أحكام الباب السادس من ذلك القانون الأخير "الأمن القومي والتعبئة العامة".
4- حرص السادة ممثلو أجهزة الأمن القومي على التأكيد على أن أي مخالفة لأي من الأوامر أو التعليمات التي قد تصدر من غرفة العمليات في شأن إدارة الأزمة سوف يعد مخالفة قانونية جسيمة من شأنها أن توقع من يرتكبها تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 م.
وورد إلى اللجنة كتاب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل) ثابت به :
انه بالنسبة لأسباب انقطاع الخدمة عن أربعة محافظات بعض الفترات من المدة 28 1 وحتى 31 يناير 2011 م فإن ذلك يرجع إلى سببين هما :
1- صدور تعليمات وأوامر من غرفة العمليات " لجنة الأمن القومي" بقطع الخدمة لحوالي 24 ساعة عن بعض محافظات الجمهورية، وقد قامت الشركة شأنها شأن الشركات الأخرى بقطع الخدمة بناء على التعليمات المذكورة، وفي إطار الترخيص الممنوح للشركة والتزامها بالمادة 67 من القانون 10 لسنة 2003 م بشأن تنظيم الاتصالات.
2- تعطيل العديد من المحطات بسبب أعمال الحرق أو التخريب بدء من يوم 28 يناير 2011 م وتعذر سرعة إصلاحها.
ويبدو للجنة أن قطع الاتصال عن طريق المحمول والانترنت، والتشويش على القنوات التي كانت تبث من قلب الأحداث أنباء وأقوالاً تشجع الثائرين وتحفز المتابعين، كان مقصودا لحجب الأخبار عن المواطنين وعن العالم، ولإعاقة التواصل بين المتظاهرين حتى يحد من توافدهم على أماكن التجمهر ويقلص التنسيق فيما بينهم.
الجزء السادس
التوصيـات
بعد نجاح الشعب المصري في تغيير نظام الحكم الذي استمر أكثر من ثلاثين عاماً وبعد قيام لجنة التحقيق وتقصى الحقائق بإتمام أعمالها، تجيء لحظات الحساب مع النفس، لمعرفة، كيف يمكن لمصرنا الحبيبة أن تسمو فوق جراحها وأن تجنى من تضحيات أبنائها، مستقبلا عريضا مليئا بالآمال والطموحات. وهناك سؤالان أساسيان ستدور إجابة وتوصيات لجنة تقصى الحقائق حولهما وهما، لماذا حدث ما حدث، وما هي التوصيات المقترحة.
وقبل سرد مرئيات اللجنة القومية لتقصى الحقائق تود اللجنة التنويه أن ثورة 25 يناير 211 م أعطت الأمل لكافة المصريين في المستقبل وبأن الآتي أفضل من الفائت وأن بإمكان شباب مصر النهوض بها إلى أعلي عليين. ولقد تبدى ذلك في السلوك المتحضر للمتظاهرين في ميدان التحرير، من شباب وشيوخ ورجال ونساء، في تحمل الصعاب والإصرار على تحقيق مطالبهم وإسقاط النظام وذلك بعزم لا يكل وبشكل سلمى وفى تلاحم الجميع مسلمين ومسيحيين وكذلك في تنظيم المعيشة وتنظيف المكان والعمل على إزالة المخلفات وفي علاج المصابين وإنشاء المستشفيات الميدانية التي تطوع لها خيرة أطباء مصر أكد كل ذلك على أننا قادرون على فعل الأفضل. لقد كانت ثورة 25 يناير 2011 م في ميدان التحرير وطنا مصغرا يسير إلى الأمام حاملا تراث هذه الأمة الحضاري والثقافي والروحي ومداعبا آمال المصريين في النهوض مرة ثانية كما فعلوها في السابق.
لقد أكد هؤلاء الثائرون تلاحم عنصري الأمة وأرسوا المواطنة فكرة وتطبيقاً في أرقي درجاتها بحيث يكون الولاء مؤسسا على الوطن. ولقد ابرز من تواجدوا مع الثوار في ميدان التحرير كيف كان الأقباط المسيحيون يشكلون سياجا حول المسلمين، ليتمكنوا من تأدية الصلاة في هدوء نظرا لشدة الزحام وروى البعض أنهم رأوا شابا يصب الماء على ذراع آخر يتوضأ، وتكون المصادفة التي لم تكن مفاجأة للراوي أن يلاحظ صليبا طبع على رسغ الشاب الذي يصب الماء.
ولقد جاءت ثورة الشباب في لحظة استرخاء كانت الدولة تتحسب إلى أن بعض الممانعة من الممكن أن تعلن عن نفسها لو أن النظام طبق التوريث كما كان متوقعا في شهر نوفمبر القادم، ورغم ذلك فلم يكن احد يتوقع هذه المساحة من الغضب الشعبي الكامن في قلوب الجماهير. ولا شك أن القراءة الخاطئة للرأي العام وعدم الاستجابة له في الوقت الملائم من الأسباب الهامة لثورة 25 يناير 2011 م ومن هنا تبرز أهمية الرأي العام في إرشاد القيادة السياسية إلى مطالب الجماهير المشروعة.
إن من أبرز الأسباب المتراكمة التي أدت لثورة 25 يناير 2011 م، إهمال الحكومات المصرية المتعاقبة الرأي العام وقراءة منحنياته وقياسه واتخاذه هاديا ومرشدا لها في وضع سياساتها العامة وتحديد القواعد الدستورية التي تتسم والروح السائدة للنظام السياسي، وكيفية مشاركة الجماهير في العملية السياسية، إذ أن نتائج تلك المشاركة تعكس - عادة - آراء شرائح المواطنين الذين لديهم الرغبة والقدرة على المشاركة الفعلية، ويكون الرأي العام مرشداً للقيادة السياسية، ومؤشراً للتأييد الشعبي أو الرفض الشعبي، وهاديا للساسة نحو الطريق الذي يحقق للشعب السعادة والرفاه. ولذلك تعمل الأنظمة الديمقراطية المعاصرة على تمكين الجمهور من الاطلاع على الوثائق والمستندات الحكومية وقواعد البيانات والمعلومات المتاحة لديها، ما لم تكن في ذلك خطورة على الأمن القومي للدولة. ويعانى النظام المصري من حجب المعلومات بدون سبب واضح، مما أدى إلى عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية، وتعرض الدولة لحركات سياسية مفاجئة كالذي حدث في 25 يناير.
ومع ارتفاع الأسعار وضعف الأجور زادت الوقفات الاجتماعية والمطالبة بزيادة الأجور لمواجهه المتطلبات الضرورية للحياة، فكانت مؤشرا صادقا لسخط الجماهير التي سارعت إلى المشاركة في الثورة حتى وأن كانت قد بدأت لأسباب سياسية.
و يمكن تقسيم الأسباب الدافعة إلى ثورة 25 يناير 2011 م - حسبما تداولت وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة - إلى أسباب اجتماعية اقتصادية وأخرى سياسية إعلامية.
أولا : الأسباب الاجتماعية - الاقتصادية لثورة 25 يناير 2011 م :
لا شك أن الجماهير المصرية لم تتحرك بوحي من مطالب التغيير السياسي فقط ولكن بإلحاح من ظروفها المعيشية ووضعها الاقتصادي الصعب أيضا. ويرجع الاقتصاديون أسباب تنامي الفجوة بين الأغنياء والفقراء إلى التوزيع غير العادل للناتج القومي فقد توسع دور القطاع الخاص كبديل عن القطاع العام، لكن الملاحظ أن القطاع الخاص أهمل تماما البعد الاجتماعي للتنمية وقصر نشاطه على القطاعات الخدمية والتسويقية وأنشطة الاستيراد وظهرت طبقة اجتماعية مصالحها تتعارض مع وجود صناعات وطنية، ولقد حصل القطاع الخاص على ما يعادل 75 % من إجمالي إقراض البنوك المصرية علاوة على الاستثناءات والإعفاءات الضريبية. وانحسر دور القطاع الحكومي في أن يكون دورا تكميليا أو تسهيليا أو تخديمياً للقطاع الخاص، إذ لم يزد الإنفاق الاستثماري الحكومي عن 10 % من إنفاق الموازنة.
بخصوص هذه الطائفة من الأسباب يلاحظ أن الاقتصاد المصري نما بشكل جيد إلا أن أغلب المصريين لم يشعروا بأنهم قد نالوا حصتهم العادلة من نتيجة هذه النمو. بدلا من ذلك رأوا رجال أعمال أثرياء لهم علاقات بالحزب الحاكم تخولهم اغتراف ثروات البلاد وساد الفساد الحياة المصرية فقضى على كل بارقة أمل. ولا ينكر منصف انه في عهد الرئيس الأسبق اتسعت الهوة أو الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون اتساعا مهولا. ولو أن أموال الأثرياء صرفت في داخل مصر لخلق وظائف جديدة أو منتجات جديدة لهان الأمر. لكنها للأسف كانت تنفق على المظاهر والأبهة في الوقت الذي يقف المواطن الشريف في طابور الخبز، وفي الوقت الذي يجنى فيه عدد كبير من النخبة الرأسمالية دخولاً ضخمة دون عنت، لا يجد الموظف العام أو العامل العادي قوت يومه أو قوت عياله فهل هناك ما يبعث على الثورة أكثر من ذلك؟ فضلا عن أن معظم هذه الأموال قد هربت إلى بنوك أوروبا والشرق الأوسط، فحرمت الجماهير من فرصة عمل تقيم أودهم، بإعادة استثمار هذه الأموال داخل الدولة.
و قد ساعد على اتساع الهوة بين من يملكون ومن لا يملكون عدة عوامل أهمها :
1- سوء توزيع الناتج القومي.
2-انتشار الفساد الاقتصادي والإداري.
3- بيع القطاع العام وما صاحبه من إهدار المال العام.
4-البطالة التي تزايدت بتزايد عدد السكان وضعف الاستثمار.
5-ضعف التعليم وانخفاض إعداد العمالة المهنية المدربة واستبدال عماله مدربة غير مصرية بالمصريين.
و في تقدير اللجنة أن ثورة 25 يناير لها أسباب ترتبط بمظالم حقيقية يعيشها قطاع عريض من الشباب بسبب البطالة والفساد والتفاوت الحاد في الدخول والثروات ولم تكن تلك الأسباب بحاجة إلى سبب مباشر وهو أن يعرف الشعب أن النظام – أي نظام - لن يستطيع قتل كل مواطنيه وانه ليس مجديا في شئ قتل معارض أو أكثر لأن خلفهم الآلاف من المتظاهرين الذين سيزدادون شراسة لو قتل أحد منهم، وهذه القاعدة البسيطة هي جوهر انتصار أي حركة شعبية تسعى للتغيير على أرض ٍالواقع(لأنها تحمل عدة دلالات) : فالعنف له حدود ولم يعد يصلح أداة لقهر الشعوب.
ثانيا : الأسباب السياسية - الإعلامية لثورة 25 يناير 2011 م :
أما عن المجموعة الثانية من الأسباب وهي الأسباب السياسية والإعلامية لثورة 25 يناير، فأبرزها :
1- قانون الطوارئ وانتهاك حقوق الإنسان والمواطن
دأبت الحكومة على مد العمل بقانون الطوارئ. فكل عامين يأتي الموعد السنوي المحدد بتمديد حالة الطوارئ وتخرج مصر إلى الشوارع لتقول لا لمد حاله الطوارئ ومع ذلك يصر الرئيس ونظامه ومجلس شعبه على مخالفة رأى الشعب وتمديد حالة الطوارئ وكأن شعبا بأكمله لم يعترض أو لا وجود له. وربما يكون قانون الطوارئ هو السبب الأكبر لسخط الناس. فعلى أساسه تتم الاعتقالات ويشعر المواطن المصري دائما بأنه تحت رحمة ضباط أمن الدولة، وأباطرة الحكم وحملة مباخره. فلقد عاشت مصر تحت قانون الطوارئ رقم 162 لعام 1958 م منذ عام 1967 م، باستثناء فترة انقطاع لمدة 18 شهرا في أوائل الثمانينات. وبموجب هذا القانون توسعت سلطة الشرطة، وعلقت الحقوق الدستورية، وفرضت الرقابة. وقيد القانون بشدة أي نشاط سياسي غير حكومي مثل : تنظيم المظاهرات والتجمعات السياسية (غير المرخص بها)، وحظر رسميا أي تبرعات غير مسجلة. وبموجب هذا القانون احتجز كثير من المواطنين ولفترة غير محددة لسبب أو بدون سبب واضح، وبمقتضى هذا القانون أيضا لا يمكن للمواطن الدفاع عن نفسه وتستطيع الحكومة أن تبقيه في السجن دون محاكمة.و تعمل الحكومة على بقاء قانون الطوارئ بحجة الأمن القومي، وتستمر الحكومة في ادعائها بأنه بدون قانون الطوارئ فإن جماعات المعارضة يمكن أن يصلوا إلى السلطة في مصر. ويرى مؤيدو الديمقراطية في مصر أن هذا يتعارض مع مبادئ وأسس الديمقراطية والتي تشمل حق المواطنين في محاكمة عادلة وحقهم في التصويت لصالح أي مرشح أو الطرف الذي يرونه مناسبا لخدمة بلدهم.
2- ضعف الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وسيطرة الدولة عليها
تعد الأحزاب السياسية الحقيقية – لا الورقية- خير معبر عن اتجاهات الرأي العام فالأحزاب السياسية تعمل جاهدة على تكوين قاعدة للمعلومات الصحيحة عن القضايا الجماهيرية المثارة. ولا شك أن تنافس الأحزاب السياسية، يؤدى إلى كشف الحقائق، حتى ولو حاول المسئولون إخفائها. ومن ثم فان النظم السياسية التي لا تسمح بتكوين الأحزاب السياسية –أو تسمح بتكوين أحزاب صورية - تفقد كثيراً من حيوية وفعالية المنافسة، وبذلك يتكون فيها رأى عام مضلل، أو مغرر به، يكون في المحصلة النهائية وبالا على النظام السياسي نفسه. وإذا كان للأحزاب السياسية هذا الدور المؤثر في تكوين الرأي العام وتحديد اتجاهاته فلا شك أن هناك منظمات أخرى لها تأثير كبير أيضا في تشكيل الرأي العام من بينها النقابات على شتى أنواعها وقد نالها الوهن هي الأخرى فالنقابات العمالية سيطرت عليها الحكومة والحزب الحاكم بكافة الوسائل، والنقابات المهنية أضعفها القانون رقم 100 لسنة 2000 م - الذي قضى بعدم دستوريته مؤخراً- كما أضعفها التشاحن بين قياداتها فتقلص أداء بعضها ووضع البعض الآخر تحت الحراسة، وأصبحنا لا نسمع إلا صوت الحزب الوطني. وبعد الانتخابات الأخيرة لمجلسي الشعب والشورى واستبعاد القوى المعارضة - مهما كانت شكلية أو رمزية - تحولت مصر- واقعيا - إلى نظام الحزب الواحد كما أصاب الضعف أيضا منظمات المجتمع المدني بالتضييق عليها ووصمها بالعمالة للخارج والحيلولة بينها وبين رصد الحقائق عن النظام السياسي المصري.
لقد قامت هذه الثورة بسبب انسداد القنوات الشرعية للتعبير عن الرأي الأمر الذي يعنى ببساطة أن أي غضب على أوضاع مصر لا مجال أمامه إلا أن تخرج الناس إلى الشارع للتعبير عن غضبها لان جميع آليات التعبير السياسي الفاعلة الأخرى لم تعد مجدية، كل ذلك في ظل ثورة المعلومات ووسائل الاتصال التي أصبح بإمكان هذه الجماهير الغفيرة أن تجيش أعدادا هائلة من الشباب عن طريق" الفيس بوك" شبكة التواصل الاجتماعي ومن ثم أصبحت هي البديل عن الأحزاب السياسية وهى المكون الفاعل في تكوين الرأي العام خاصة المنصف منهم. وهو ما قاد إلى التقاء الرؤى وتوحدها في ثورة 25 يناير 2011 م.
3- التوريث
يعد هذا السبب من أهم أسباب ثورة 25 يناير 2011 م فلقد قامت هذه الثورة في وقت كان التحضير فيه لتوريث منصب رئاسة الجمهورية على قدم وساق والظروف كانت تنبئ بتمرير تلك الخطة ببساطة ويسر لكون مفاتيح التشريع مضمونة وكلها تدين بالولاء لأسرة الرئيس. فالأغلبية الكاسحة لمجلسي الشعب والشورى بتكوينيهما قبل الانتخابات بيد الحزب الوطني. والرأي العام العالمي يبدو انه لا يعارضه، إذن فقضية التوريث محسومة إلى حد كبير ولم يكن يبقى عليها سوى الخطوة الأخيرة وهي تعيين الابن رئيسا الجمهورية خلفا لوالده في انتخابات شكلية كتلك التي دأبت عليها مصر في الحقب الفائتة.
و المشكلة الأساسية كانت هي أن مشروع التوريث مرفوض جماهيريا ومن النخبة المثقفة والمهتمة بالشأن العام بالإضافة إلى أن مشروع التوريث لا يلق ترحيبا من المؤسسة العسكرية لعلمها اليقيني بحالة الفساد المذهلة التي استشرت في جميع أوصال الوطن كناتج لزواج السلطة مع الثروة وهو إفراز طبيعي لوزارة غالبية وزرائها من رجال الأعمال قام رئيس لجنة السياسات بنفسه باختيارهم ووضع كل منهم في منصبه المناسب، فدانت له الحكومة باعتباره صاحب الفضل في اختيار معظم أعضائها.
و الملفت للنظر أن النظام المصري الحاكم بدأ يفقد توازنه ورشده حينما تم تفويض الكثير من صلاحيات الرئيس إلى أمانة السياسات بالحزب الوطني التي يقف على قمتها نجل الرئيس.ثم بدأت مقولات الفكر الجديد تزدهر ليدير شئون مصر أشخاص عاشوا حياتهم كرجال أعمال، طبيعتهم وطريقة تفكيرهم وليدة السوق وليست وليدة إرضاء الجماهير. ولقد وفر ذلك المناخ فرصة واعدة للاحتكار الاقتصادي إلى جانب الاحتكار السياسي في انتخابات مجلس الشعب الماضية فضلا عن احتكار اتحاد الطلبة ولم يكن هناك بد من كسر هذه الحلقة الجهنمية بالقوة لأنها كانت الخيار الوحيد والأخير أمام شعب محبط، لم يقدر رجال الحكم نتائج غضبه ورد الفعل لأهانته بتوريث الحكم من رئيس اقسم أمام شعبه على الحفاظ على النظام الجمهوري.
وزاد الأمر سوءً، تنامي خطة توريث الحكم وما تطلبه من تعديل دستور 1971 م مرتين الأولى في سنة 2005 م بتعديل المادة 76 ووضع شروط تعجيز، تحول دون منافسة احد لأبن الرئيس في تولى رئاسة الجمهورية، والثانية في سنة 2007 م لإلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات بما يمكن النظام من التحكم في الانتخابات التشريعية وهو ما أدى إلى تزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة بشكل فاضح افقد المواطنين الثقة في جدوى إبداء رأيهم في الانتخابات وقاد المجتمع إلى مجالس نيابية لا تمثل إرادة المواطنين وإنما تحقق رغبة النظام وتضعف رقابته على الحكومة.
4- السلطة التي لا تقابلها مسئولية
يعطى دستور 1971 م رئيس الجمهورية سلطات واسعة وفضفاضة أدت إلى ضعف سائر سلطات الدولة أمام الرئيس، بل وألقت عليه أمام الرأي العام عبأ مضاعفا بحيث بدا كأنه الأمر الناهي، المعز المذل المانح المانع بيده وحده حل المشاكل التي عجزت الحكومة عن حلها فاختزلت مؤسسات الدولة في شخصه، وأصبح اللجوء إلى شخصه لدى الجمهور يمثل الملاذ الأخير لتحقيق طلباتهم. كل ذلك بغير أن يكون الرئيس مسئولا أمام احد. فإذا كان الرئيس الأمريكي يمارس صلاحيات دستورية واسعة، فأنه مقيد بالانتخابات التي تجرى كل أربع سنوات وبرأي عام وبقضاء لا يتدخل فيه احد، وبمجلس نواب ومجلس شيوخ قد لا يكون من حزبه، فان الرئيس المصري قد اختزل نظام الحكم في شخصه. فهو يسود ويحكم على عكس نظرائه في العالم المتقدم والرئيس المصري ذاته مصونة لا تمس، ولا يجوز محاكمته ألا بإجراءات خاصة أمام محكمة خاصة لم ينظمها القانون حتى تاريخه فمن ذا الذي يقاوم كل هذه السلطات لكي لا يكون دكتاتورا؟ إن دستورنا المصري يدفع رؤساء مصر دفعا نحو الاستبداد. وإذا كانت السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فيجب مراعاة هذه المبادئ عند وضع الدستور الجديد ليأخذ بمبدأ لا سلطة بدون مسئولية ولا حصانة لأحد ارتكب جرما ما، مهما كانت صفته أو وظيفته.
5- تزوير الانتخابات وإهدار كل من أحكام القضاء ورأى محكمة النقض.
أجريت انتخابات مجلس الشعب قبل شهرين من اندلاع الاحتجاجات وحصل الحزب الوطني الحاكم على 97 % من مقاعد المجلس أي أن المجلس خلا من أي معارضة تذكر، مما أصاب المواطنين بالإحباط. وتم وصف تلك الانتخابات بالمزورة نظراً لأنها تناقض الواقع في الشارع المصري. بالإضافة إلى انتهاك حقوق القضاء المصري في بسط الرقابة على إجراءات الانتخابات من خلال الدعاوى إلا أن النظام أطاح بأحكام القضاء في عدم شرعية الانتخابات في بعض الدوائر الانتخابية ومنعت القوى السياسية المختلفة بأطيافها المتنوعة من المشاركة في هذه الانتخابات بشكل غير قانوني ولم ينجح مرشح لها.
ولم تتم هذه الانتخابات تحت الإشراف القضائي الكامل على عكس ما حدث في انتخابات عام 2005 كما رفض الحزب الحاكم والحكومة فكرة الإشراف الدولي على الانتخابات بحجة أنها مهينة للدولة ذات السيادة وبأن الدول التي تسمح بذلك بها دول غير مستقرة وناقصة السيادة ونظامها الدستوري والأمني قلق وأن بلدا مثل مصر لها سيادتها التي لا تسمح أبدا بالرقابة الدولية على الانتخابات.
وقبل إجراء الانتخابات أبدت المنظمات الحقوقية التي تتولى مراقبة الانتخابات قلقها من عدم وجود نوايا لدى الحزب الوطني لإجراء انتخابات نزيهة وأشارت إلى وجود مؤشرات تؤكد أن الحزب الحاكم يعد العدة لتزويرها وقد صدق ظنهم. فقد أصبح تزوير الانتخابات واقعا تدركه الأبصار وبالرغم من ذلك دأب الإعلام الرسمي وقادة الحزب الوطني على الترويج لنزاهة الانتخابات.
أن تزوير الانتخابات وإهدار أحكام القضاء الخاصة ببطلان الترشيح لبعض الدوائر أدى إلى أن يتولى المؤسسة التشريعية أشخاص مطعون في عضويتهم بغير أن يكون هناك أمل في تصحيح هذه الأوضاع. لقد أغلقت الاستهانة بأحكام القضاء الأمل الوحيد للإصلاح السياسي في مصر خلال تلك الفترة مما جعل المواطن يفقد الثقة في إقدام قيادات الحزب الوطني الحاكم على إصلاح سياسي من أي نوع ومن ثم فقد تلاشت فرص التطور السلمي في مصر. في الوقت الذي كان فيه الشعب يتطلع إلى نقله ديمقراطية حقيقية. وتعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة القشة التي قصمت ظهر البعير.فقد بينت أن الحزب الحاكم يستأثر بـ أكثر من 97 % من مقاعد مجلس الشعب الأمر الذي قضى على ما تبقى من أمل لدى المعارضين للنظام في أن يتم هذا الإصلاح تدريجيا وبطريقة سلمية من خلال انتخابات نزيهة. ولقد ترتب على خروج المعارضة من اللعبة السياسية أن انتفى عن البرلمان أي صفة سياسية شعبية وحوله إلى مجرد منتدى يلتقي فيه أعضاء الحزب الوطني. ومن ثم لم يعد أمام الشعب إلا اللجوء إلى العمل السري أو مناشدة الجيش للتدخل أو النزول إلى الشارع وهو ما حدث بالفعل وأصبح ميدان التحرير بديلا عن مجلسي الشعب والشورى.
6- الفساد السياسي والمـالي :
أعلنت منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة دولية لرصد جميع أنواع الفساد بما في ذلك الفساد السياسي مؤشر الفساد لسنة 2010و تبين أن مصر تحتل المرتبة 98 من أصل 178 بلدا مدرجا في التقرير. وبحلول أواخر 2010 كان حوالي 40 % من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أي يعتمدون على دخل قومي يعادل حوالي 2 دولار في اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السكان على السلع المدعومة.
كما أثير في وسائل الإعلام قضايا أثارت الرأي العام مثل قضية الانحرافات التي شابت قرارات العلاج على نفقة الدولة والمبيدات الزراعية المسرطنة وما نشر في خلال نظر قضية مقتل إحدى الفنانات وما نشر عن بذخ في الإنفاق عليها تجاوز عدة ملايين، من رجل أعمال شهير وأخيرا قضية " مدينتي" التي فجرت هي وغيرها استيلاء رجال الأعمال على أراضى الدولة بدون وجه حق وبالتواطؤ مع الحكومة في كثير من الأحيان.
وبخصوص اغتصاب أراضى الدولة وإحساس المصريين بأن أراضيهم قد تناهبها الانتهازيون والمحيطون بالنظام فحدث عنها ولا حرج، إذ لم يحدث في تاريخ الدول الحديثة من يشترى أراضى الدولة بأبخس الأثمان ليعيد تدويرها وبيعها بعد ذلك بأسبوع أو بشهر بثمن يعادل ألف ضعف؟ لم يحدث ذلك إلا في مصر. ومن ثم فان سرقة أراضى الدولة باعتبارها أحد أسباب ثورة 25 يناير في حاجة إلى تشكيل لجنة لتقصى الحقائق لتضع الأمور في نصابها وتقترح الحلول التي تضمن حق الدولة وحق المواطن حسن النية ولتضع حدا فاصلا بين زواج السلطة والمال. ففي النظم المقارنة، حينما يتولى رجل أعمال منصبا سياسيا، فان عليه أن يترك أعماله الخاصة تماماً، لشركة أخرى تديرها، وفي كل الأحوال لا تتعامل شركات هذا السياسي مع الدولة طوال بقاء رجل الأعمال في السلطة ويا حبذا لو أخذت مصر بهذا الحل، مع تفعيل مواد الدستور التي تمنع أعضاء الحكومة أو مجلسي الشعب أو الشورى خلال مدة عضويتهم أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولا.
7- التضليل الإعلامي
ظل الإعلام الرسمي يروج لديمقراطية النظام الحاكم، وانحيازه إلى الفقراء ومحدودي الدخل، على الرغم مما يشهد به الواقع من مظاهر وإجراءات تقييد الحياة السياسية، وتدهور في الحياة الاجتماعية.يضاف إلى ذلك ضعفه في الأداء المهني، وإقصاء الكفاءات وذوى الرأي من العمل أو الظهور فيه لأسباب سياسية قد يكون أهمها أنهم لا يمالئون النظام واختارت من يغالون في الثناء عليه وتمجيده، مما افقده مصداقية، وأصبح عاجزا عن تكوين رأي عام صحيح، وانقلب إلى بوق للنظام. كما كان للإعلام الرسمي اثر في إذكاء الانفلات الأمني ببث رسائل الفزع والتخويف ونشر حالة الذعر خاصة مع التعتيم الإعلامي على الأحداث وقطع الاتصالات، لذلك يمكن القول أن أداء الإعلام القومي كان احد العوامل التي ساعدت في إشعال نار السخط في صدور المصريين ضد نظام مبارك. فقد تقدم عدد من أعضاء نقابة الصحفيين المصريين ببلاغ إلى النائب العام مطالبين بفتح ملف الفساد في المؤسسات الصحفية المصرية وخاصة الصحافة القومية بجانب الدعوة لعقد جمعية عامة لنقابة الصحفيين لإسقاط المجلس الحالي للنقابة وطالب البيان النائب العام بفتح ملف الفساد وإهدار المال العام في الصحافة المصرية وخصوصا القومية منها والتي يتولى أعضاء الحزب الوطني الحاكم غالبية المواقع القيادية فيها وتابع البيان أن الصحفيين الذين تقدموا في البلاغ لاحظوا مخالفة هذه الصحف نص القانون بالامتناع عن نشر ميزانيات الصحف والمؤسسات الصحفية خلال ستة أشهر من انتهاء السنة المالية.
كما تعرض المسئولون بالتليفزيون المصري لانتقادات مريرة بسبب تغطيته المنحازة للنظام خلال ثورة 25 يناير والتي دفعت المتظاهرين لمحاصرة مبنى التليفزيون المصري في ماسبيرو وشجعت عددا كبيراً من العاملين فيه على إعلان التمرد، وأدى ذلك في النهاية إلى إقالة وزير الإعلام بينما استمرت الدعوات لتطهير الإعلام المصري من كل العناصر التي تتهمها الجماهير المصرية بالنفاق والفساد.
وقد كشفت الأيام القليلة التي أعقبت تنحى رئيس الجمهورية عن الكثير من أوجه التردي والانهيار في الإعلام الحكومي المصري.
التوصيـات
وإذا كان الأمر كذلك فما هي معالم الطريق وما هي توصيات اللجنة؟
ترى لجنة التحقيق وتقصى الحقائق أن المشكلات التي يعانى منها الشباب المصري والمجتمع بصفة عامة لن تحل بالأساليب الأمنية وحدها فالعنف لا يولد إلا عنفا، ولا يجوز استخدام صلاحيات الشرطة إلا في حماية الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة.
و السبيل الواضح لحل هذه المشكلات يعلمه الجميع. فهناك الكثير من وثائق الإصلاح التي وضعتها النخبة المصرية في السنوات الأخيرة بدءاً من وثيقة الإسكندرية حتى تقارير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية في المنطقة العربية. وأهم مفرداتها :
1- وضع دستور جديد يقيم بنيان حكم ديمقراطي عن طريق لجنة تأسيسية.
2- إعادة النظر في كافة القوانين المقيدة للحريات في مصر بما يشمل
قانون مباشرة الحقوق السياسية لضمان انتخابات نزيهة وحقيقية يشرف عليها
القضاء إشرافا فعليا، كما يعاد النظر في قانون الأحزاب وجميع القوانين
المنظمة للحقوق والحريات العامة.
3- إعادة النظر في الإعفاءات الضريبية المقررة لرجال الأعمال مع فرض ضرائب
تصاعدية على الدخل تلزم الأغنياء أن يؤدوا ما عليهم من فروض لصالح تنمية الوطن.
4- أن يعاد النظر في النظام التعليمي لصالح نظام كفء يخرج أجيالا يطلبها
سوق العمل وجديرة بالنهوض بالوطن.
5- أن يصدر قانون لمكافحة جميع صور التمييز الديني أو العرقي أو الاقتصادي
أو الاجتماعي بين المواطنين.
6- تأمين استقلال القضاء استقلالا حقيقيا وإلغاء جميع صور تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء وإلغاء جميع صور القضاء الاستثنائي، وتيسير وصول العدالة الناجزة الفعالة إلى مستحقيها.
7- تحديث الجهاز الأمني بما يضمن كفاءته المهنية واحترامه للقانون وحقوق الإنسان. كما يجب ألا يترك الأمر بيد الأمن وحده لحل مشاكل المواطنين ويجب تأهيله مهنيا ونفسيا.
8- تحديث الجهاز الإداري للدولة لزيادة كفاءته والقضاء على الفساد فيه وفتح منافذ الشفافية للحفاظ على المال العام.
9- وضع نظام التامين الصحي بمد الرعاية الصحية المجانية لكل أبناء الوطن، وربط السياسة التنموية بالعدالة الاجتماعية.
10- أن تتسع مؤسسات المشاركة بجميع أشكالها وصورها لاستيعاب الشباب.
11-أن يتم الفصل بين منصب رئيس الجمهورية وقيادة الأحزاب السياسية.
12- إنشاء جهاز قومي لمكافحة الفساد يتمتع بالحصانة.
13- تأكيد مبدأ احترام القانون وإخضاع كل المواطنين لأحكامه واحترام أحكام القضاء خصوصا من الحكومة.
14-إطلاق حرية تكوين الأحزاب وفتح الأبواب على مصراعيها أمام هذا الحق. والحكم في النهاية للمواطنين أمام صناديق الاقتراع. فالأحزاب تستمد قوتها وشرعيتها منهم بالأصوات التي تحصل عليها تلك الأحزاب.
وتنوه اللجنة إلى ضرورة الاهتمام بالمسائل الآتية على وجه الخصوص : -
1- تطوير علاقة الشرطة والشعب : -
من المسلم به أنه لا توجد دولة بدون شعب ولا يتصور دولة بدون شرطة، فالعلاقة متلازمة بين الاثنين. وقد تمر هذه العلاقة بفترة جفاء تصل إلى العداء أحياناً، ومع ذلك فلا يمكن الاستغناء عن وجود الشرطة كمؤسسة من مؤسسات الدولة. وينبغي التفرقة في هذا المقام بين الشرطة كمؤسسة والشرطة كأفراد : فالشرطة كمؤسسة لا غنى عنها وهي ركن أصيل من أركان الدولة أما الشرطة كأفراد ففيها الصالح والطالح، فالصالح نأخذ بيده والطالح نأخذ على يده ونبعده عن شرف الانتساب إليها، فلا يؤخذ أحد بجريرة الآخر.
وإذا كانت هناك خطايا وأخطاء من بعض رجال الشرطة في الحقبة الماضية فهذا يحتم مجازاتهم، وأن يقول القضاء فيهم قولته، إلا أنه لا يجوز تعميم الانطباع السلبي الذي خلفه سلوك هؤلاء على جميع رجال الشرطة، فمنهم قطاع كبير من الشرفاء الذين أحسنوا العمل والمعاملة مع المواطنين.
وينتظر من الشرطة المصرية في العهد الجديد تطبيق شعار (الشرطة في خدمة الشعب) تطبيقاً واقعياً ملموساً تعيشه الجماهير العريضة من الشعب المصري، وإعادة هيكلة أجهزتها لملء الفراغ الأمني الذي حدث أثناء ثورة 25 يناير، والتطلع إلى تحديث أساليب العمل
البشرية والتقنية.
ومطلوب من الشرطة المصرية أيضاً إدراك التفرقة بين حماية النظام وحماية الدولة أو أمن النظام وأمن الدولة إذ ما زال الكثير لا يميز بين الدولة والحكومة، ويستخدم مصطلحات كثيرة
على غير مقتضاها. فأمن الدولة في عهده السابق لم يكن أمن دولة بل أمن نظام
حكم، وينبغي دائماً على الأجهزة الرسمية أن تتحرى مشروعية السلوك وألا تبرر التجاوزات بدعوى لزوميتها للمهمة الموكولة إليها.
وهذا يتطلب إعادة تأهيل رجال الشرطة وزيادة معلوماتهم الثقافية والقانونية والاجتماعية وأن تتفرغ لعملها الأصيل وهو الأمن بمعنى منع ارتكاب الجريمة وكشف الجرائم وملاحقة المجرمين وكذلك الحفاظ على السكينة العامة والصحة العامة، والعناية بالتدريب والتحديث ومن ثم يجب أن تتصدى الشرطة أولاً قبل أي جهة أخرى لمحاولات إقحامها في أعمال ليست من صميم اختصاصها حتى لا تتحمل أوزار غيرها.
ومن ناحية أخرى ينبغي أن تعود الثقة لتحكم العلاقة بين الشرطة والشعب. فالشرطة لن تستطيع أن تقوم بمهامها في صيانة أمن المجتمع إلا إذا سادت الثقة في العلاقة بينهما وهو الأمر الذي لن يتأتى إلا بإعادة النظر في الممارسات غير المشروعة التي كانت ترتكب في بعض مقار وأقسام ومراكز الشرطة قبل المواطنين من تعذيب واعتقال بدون سند قانوني.
صحيح أن القانون يجرم استعمال القسوة والتعذيب في المادتين 126، 129 من قانون العقوبات فقد نصت المادة 126 على عقوبة السجن المشدد أو السجن ثلاث سنوات إلى عشر سنوات لكل موظف أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك لحمله على الاعتراف فإذا
مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد. ونصت المادة 129 على معاقبة كل موظف استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفته "بحيث اخل بشرفهم أو احدث إيلاما بأبدانهم وذلك " بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه" غير أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في هاتين المادتين بتوسيع نطاق " النموذج التشريعي للجريمة المنصوص
عليها في المادة 126 لتشمل الموظف الذي يقبض على أحد غير المشتبه فيه ويقوم بتعذيبه للإدلاء بمعلومات عن المشتبه فيه الهارب للقبض عليه أو لإجباره على الاعتراف على نفسه أو تعذيب شاهد لإجباره على الشهادة على نحو معين. فتلك لا تقل جسامه عن النموذج التشريعي المنصوص عليه في المادة 126 وتتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
ومن ناحية أخرى تشديد العقوبة لجريمة استعمال القسوة سالفة الذكر.
وكذلك من المعلوم انه لا يجوز احتجاز أو حبس أي إنسان إلا بإذن قضائي وفى الأماكن المحددة قانونا لذلك إلا انه تردد انه توجد أماكن غير تلك المحددة قانونا |
يسجن فيها مواطنون خاصة في مقار جهاز مباحث امن الدولة ويتعين بكل حزم احتراما لحقوق الإنسان وحتى تعود ثقة المواطنين في جهاز الشرطة أن تزول هذه الممارسات
غير القانونية من عمل الشرطة.
2- الانتخابات بالقائمة :
تهيب اللجنة الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة وهذا ما قاله المجلس القومي لحقوق
الإنسان في توصياته ففي المفاضلة بين نظامي الانتخاب الفردي والانتخاب
بالقائمة يلاحظ أن لكل من النظامين ميزاته وعيوبه، فنظام الانتخاب الفردي
يتميز بسهولة تطبيقه حيث لا يختار الناخب إلا مرشحا واحدا ثم أن الناخب
– نظرا لصغر الدوائر الانتخابية – يمكنه معرفة المرشحين وتقدير
كفاءتهم وبسبب صغر الدائرة أيضا يكون النائب اقدر على معرفة رغبات الناخبين وتحقيق مصالحهم وفضلا عن ذلك يتيح نظام الانتخاب الفردي الفرصة لتمثيل أحزاب الأقليات التي قد يكون لها أغلبية في دائرة معينة ومن ثم يتسنى لمرشحها الفوز أما لو كان الانتخاب بالقائمة فان فرص تمثيل أحزاب الأقلية في المجلس النيابي تكون ضئيلة في هذه الحالة وأخيرا في ظل الانتخاب الفردي يتقلص دور الأحزاب السياسية في اختيار المرشحين ومن ثم تتاح الفرصة لتمثيل المستقلين والشخصيات ذات الثقل الجماهيري التي لا تنتمي لحزب معين وعلى العكس من ذلك في نظام القائمة يجهل شخصية المرشحين بسبب ضخامة الدائرة الانتخابية وكثرة عدد المرشحين في كل قائمة الأمر الذي يصعب معه المفاضلة بين المرشحين في القوائم المختلفة ويؤخذ على نظام الانتخاب بالقائمة أن الأحزاب السياسية هي التي تضع القوائم وكثيرا ما تلجأ وضع ابرز مرشحيها على رأس القائمة لجذب الناخبين وتعقبه بأسماء لمرشحين اقل منه كفاءة أو معدومي الكفاءة الأمر الذي يترتب عليه خداع الناخبين فضلا عن أحكام الأحزاب السياسية رقابتها على المرشحين والتقلقل من فرص المستقلين في الفوز في الانتخابات بالقائمة.
والحقيقة أن نظام الانتخابات بالقائمة هو الذي له الغلبة في النظم الانتخابية المعاصرة ويرجع ذلك إلى عدة أسباب فنظام الانتخاب بالقائمة يعمل على تقوية الأحزاب السياسية وتأكيد دورها في المعترك السياسي فالمفاضلة في الانتخابات بالقائمة ليست بين أشخاص بل بين البرامج الحزبية وفضلا عن ذلك فالانتخاب بالقائمة يحرر النائب من قيود المجاملة والخدمات الشخصية للناخبين ويمنح النواب حرية أكبر في التركيز على كبريات الأمور ثم أن نظام الانتخاب بالقائمة يعطى الفرصة للأحزاب السياسية في أن تضع على قوائمها الكفاءات الفنية التي لا يمكن أن تفوز في الانتخابات الفردية رغم كفاءتها العالية وأخيرا يضاعف نظام القائمة من أهمية الناخب إذ يشركه في اختيار عدد من النواب بدلا من نائب واحد والحقيقة أن المفاضلة بين هذين النظامين تتوقف على طبيعة كل دولة وطبيعة شعبها ففي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية مازال النظام الفردي هو المطبق فيهما وما ذلك إلا لان المواطنين قد تعودوا عليه وألفوه وفهموا آلياته وفى مصر توصى لجنة تقصى الحقائق بالأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة لأنه أقدر الأنظمة على تمثيل الرأي العام المصري.
3- الحق في التجمع السلمي
الحق في التجمع السلمي هو حق الإفراد في اجتماعهم حول رأى أو تيار فكرى أو سياسي يتبادلون في إطاره أفكارهم وإعلانها للغير مهما كانت طالما لم تمثل تهديدا أو إرهابا للمجتمع أو أمنه أو خطرا على سلامه أفراده أو مؤسساته.
وتكرس المادة 54 من الدستور المصري لعام 1971 م هذا الحق حيث تقضى بأن " للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا دون حاجة إلى إخطار سابق ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون " وتكرر النص ذاته في المادة 16 من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويوفر حق التجمع السلمي الساحة لممارسة العديد من الحقوق السياسية الأخرى منها حرية التعبير والحق في الانتماء إلى الجمعيات وحق المشاركة في تسيير الشأن العام فضلا عن امتداده إلى الحق في الحياة في حالة مواجهة الإفراط في استعمال القوة المسلحة لإجهاض التجمع السلمي
وبمراجعة قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية رقم 14 لسنة 1923 م الذي وضع إبان الاحتلال البريطاني ومازال ساريا حتى الآن نجد أن المشرع المصري انحاز تماما لنظام الترخيص وهو ما يخالف طبيعة حرية التظاهر التي تستلزم الأخطار وليس الترخيص فضلا عن أن الاعتبارات التاريخية التي قام عليها هذا القانون لم تعد قائمة في الوقت الحالي إذا أن البلاد تحررت من الاستعمار البريطاني منذ زمن بعيد فضلا عن أن مطالعة الدستور المصري القائم تفيد عدم مناسبة آلية الترخيص لتنظيم حرية التظاهر.
وبتأمل قانون الاجتماعات العامة – السابق ذكره - يلاحظ أن المشرع المصري لم يكتف بالإذن السابق قيدا على ممارسة حق التظاهر ولكنه أوجد رقابة محكمة ذات بعدين (سابقة ومعاصرة) على المظاهرة المزمع قيامها بل أن محاكمة المتظاهرين تفتقد إلى الضمانات المعروفة في المحاكمات الجنائية فبمقتضى المادة 11 من قانون الاجتماعات العامة المصري فأن الاجتماعات أو المواكب أو المظاهرات التي تقام أو تسير بغير إخطار عنها أو رغم الأمر الصادر بمنعها يعاقب الداعون إليها أو المنظمون لها بالحبس لمدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تتجاوز مائة جنية مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم بهذه العقوبات أيضا إذا كان الداعون أو المنظمون لاجتماع أو لموكب أو لمظاهرة سواء أخطر عنها أو صدر الأمر بمنعها أو يعصى الأمر الصادر إلى المجتمعين بالتفرق بالحبس مدة لا تزيد عن شهر وبغرامة لا تزيد على عشرين جنيها مصريا أو بإحدى هاتين العقوبتين وفى الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من هذه المادة يحكم بالعقوبات المذكورة في الفقرة السابقة على الأشخاص الذين يشرعون في الاشتراك في تلك الاجتماعات أو المواكب أو المظاهرات أما المخالفات الأخرى لهذا القانون فيعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد عن سبعة أيام وبغرامة لا تزيد على مائة قرش أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يحول تطبيق أحكام هذه المادة دون توقيع عقوبة أشد من الأعمال ذاتها مما يكون منصوصا عليه في قانون العقوبات.
وبمقتضى المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية الصادر في 22 أكتوبر سنة 1981 تحيل النيابة العامة إلى محاكم امن الدولة طوارئ المشكلة طبقا لقانون الطوارئ الجرائم الآتية : (رابعا)الجرائم المنصوص علنها في القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر وفى القانون رقم 14 لسنة 1923 بشأن الاجتماعات العامة المظاهرات.

وفى ضوء هاتين المادتين يمكن القول بأن المتظاهرين حرموا من بعض الضمانات التي كان يتعين أن يأخذ بها القانون المصري وذلك للأسباب الآتية :
(ا) ساوى المشرع – بدون سند من المنطق – في العقوبة بين الاشتراك في مظاهرات لم يخطر عنها أو صدر الأمر بمنعها وبين مجرد الشروع في الاشتراك فيها.
(ب) أحال القانون المتهمين في الجرائم المتعلقة بالتظاهر إلى محكمة امن الدولة "طوارئ دون المحاكم العادية الأمر الذي من شأنه أن ينقص من الضمانات التي يتمتع بها الفرد أمام المحاكم العادية لأسباب عديدة أبرزها :
- دور السلطة التنفيذية في تشكيل محاكم امن الدولة طوارئ وإمكانية اشتراك عنصر عسكري في دوائرها يولد الشك في افتقادها للحياد كضمانة أسياسية ولصيقة بالسلطة القضائية.
- ومن اغرب الأحكام التي تضمنها قانون الطوارئ المادة 12 والتي قضت بأنه " لا تكون هذه الأحكام (أي الأحكام الصادرة من محاكم امن الدولة طوارئ) نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية " فأين هي ضمانة الحجية المقررة للأحكام القضائية الصادرة من القضاء العادي إذا كانت السلطة التنفيذية ممثلة في رئيسا الجمهورية تملك من خلال التصديق على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ عرقلة تنفيذها؟ زد على ذلك أن القانون لم يتعرض لفرض صدور حكم بالبراءة ورفض رئيس الجمهورية التصديق عليه وهذه الحالة على فرض حدوثها تفرغ حق التقاضي من مضمونة وتجعل النص الدستوري المقرر له مجرد كلمات جوفاء لا معنى لها
- بمقتضى المادة 12 من قانون الطوارئ " لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم امن الدولة" هذا يحرم المتظاهر الذي عاقبته محكمة امن الدولة طوارئ من الطعن أمام محكمة أعلى درجة ومن ثم يفقد حقا من حقوقه المستمدة من المبادئ العامة وهو حق التقاضي على درجتين.
ومن مجمل ما سبق يتضح إصرار المشرع المصري على احتفاظ السلطة التنفيذية باليد الطولي لرسم السياسة الجزائية لمعاقبة المتظاهرين بالرغم من مثالبها المنوه عنها سلفا وهو ما يخالف المبادئ العامة لحقوق الإنسان وتنادى لجنة تقصى الحقائق بالأخذ بنظام الأخطار سبيلا لممارسة حرية التظاهر التي تبين أنها تضاهي كثيرا من الحريات المعهودة كحرية الصحافة أو الإعلام وغيرها.
4- تأمين الآثـار :
ولعل أسوأ النتائج السلبية للانفلات الأمني هو سرقة تاريخ مصر الحضاري فلا نظير للتاريخ المصري في فراداته وتنوع مكوناته من عناصر حضارية وثقافية.
ولقد تعارضت تصريحات المسئولين عن القطع الأثرية التي سرقت أثناء هجوم قوات الأمن على المتظاهرين في يوم 28 يناير 2011 فاختلف عدد القطع في البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية وعن وزارة الآثار وأيا كانت حقيقة العدد المسروق من القطع الأثرية فلقد ظهر جليا أن هذا المتحف في حاجة إلى تأمين إضافي فضلا عن ضرورة التأمين على مقتنياته الثمينة ويمكن تمويل هذا التأمين من عائد الرسوم المفروضة على زيادة المتحف ولا يجوز أن يظل المتحف عرضة لمثل هذه الاعتداءات في المستقبل.
وذكر تقرير رسمي أن 54 قطعة أثرية سرقت من المتحف المصري يوم 28 يناير الماضي حينما اقتحمه مجموعة من اللصوص والبلطجة عقب الانفلات الأمني وانسحاب قوات الشرطة من مواقعها يوم (جمعة الغضب) وأشار التقرير الذي أعدته اللجنة المسئولة عن جرد محتويات المتحف إلى أن معظم القطع المسروقة تماثيل صغيرة من البرونز وانه تمت استعادة أربع قطع منها من بينها تمثال الملك اخناتون يحمل مائدة قرابين وهو من أهم القطع التي سرقت من المتحف الذي يضم 160 قطعة كما عثر على جعران القلب للمدعو "يويا" وجزء من تمثال المعبودة "منكريت" تحمل تمثالا صغيرا للملك توت عنخ أمون في حديقة المتحف بالقرب من بازار المتحف وتمثال "شاوبتى" للمدعو "يويا" أسفل إحدى فتارين العرض.
وصرح مدير المتحف المصري بأنه تم إرسال قائمة بالقطع المسروقة إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو " وكذلك إلى المتاحف العالمية والأنتربول. وأبدى مدير المتحف اعتقاده بأن هذه القطع لم تخرج من مصر وانه يصعب التصرف فيها لأنها مسجلة وسيتم إبلاغ المتحف المصري إذا ظهرت أي منها في أي مكان في العالم مؤكدا أن المصريين أحرص ما يكونون على الحفاظ على تراثهم وأضاف أن ما يحدث حالياً من سرقات للآثار الموجودة بسقارة وأبيدوس والهرم والمناطق الأثرية الأخرى بشكل ممنهج وخطير ويجب التصدي له فضلا عن نشر ثقافة المحافظة على الآثار بين المواطنين.
5- محاربة البلطجة
تظهر أقوال الشهود الدور السلبي لما سمى بالبلطجة في أحداث الثورة منذ اليوم الأول لاندلاعها، وذلك باستخدامها من قبل عناصر من الحزب الوطني وقوات الشرطة لمواجهه المتظاهرين بالجنازير والعصي الكهربائية والشوم وزجاجات المياه الغازية والحجارة، وهو ما يظهر في ميدان التحرير، وفى منطقة العتبة بجوار سنترال الأوبرا مع قوات شرطة قسم الموسكى، كما يظهر دورهم في اعتقال المارة والمتظاهرين في منطقة وسط القاهرة وخاصة بجوار نقابة الصحفيين وكذلك دورهم في إرهاب المصابين والتعدي على المستشفيات القريبة من ميدان التحرير وفى تحطيم سيارات الإسعاف للحد من نجدة الجرحى، وبعد نزول القوات المسلحة إلى الشارع مساء يوم 28 يناير 2011 م بعد انسحاب قوات الشرطة جرى إحراق 18 قسم شرطة في وقت واحد، وعاصر ذلك إحراق العديد من مقار الحزب الوطني والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة.
ويتصدر البلطجية المشهد وبأعداد كثيفة يوم الأربعاء الدامي 2 فبراير المعروف بواقعة الجمل ليظهر بوضوح مخطط تآمري لتجميع هؤلاء البلطجية من عدة محافظات للهجوم على المتظاهرين بميدان التحرير اشترك فيه رموز من الحزب الوطني مع بعض قيادات من الأمن ومن أعضاء مجلس الشعب والشخصيات العامة.
وهناك صدى لمشهد البلطجة فيما ورد من الورقة المتداولة والمنسوبة لوزارة الداخلية مكتب الوزير" سرى وهام للغاية " التي تضمنت أمراً بتوظيف عدد من البلطجية والدفع لهم بمبالغ مجزية لإشاعة الفوضى.
كما كانت الصحف قد نشرت تحقيقات صحفية تفيد استخدام بعض المرشحين في الانتخابات التشريعية لمجموعات من البلطجية في جولاتهم الانتخابية وفى يوم الاقتراع نظير مبالغ مالية نقدية وإذا كانت هذه الظاهرة قد تفشت في العمل السياسي وأفسدت الحياة الديمقراطية وكانت المادة 44 من القانون رقم 73 لسنة 1956 م بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتنص على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين كل من استخدم أيا من وسائل الترويع أو التخويف بقصد التأثير في سلامة سير إجراءات الانتخاب أو الاستفتاء ولم يبلغ مقصده فإذا بلغ مقصده تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنسن " ونصت المادة 45 منه على أن " يعاقب بالحبس مدة لأتقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدم أو أتلف عمداً شيئا من المباني أو المنشات وسائل النقل أو الانتقال المستخدمة أو المعدة للاستخدام في الانتخابات أو الاستفتاء بقصد عرقلة سيرة وذلك فضلا عن الحكم بدفع قيمة ما هدمه أو أتلفه ".. وفى هذا الصدد تقترح اللجنة ما يلي :
1- تشديد العقوبة على أعمال البلطجة المنصوص عليها في المادتين المشار إليها.
2- إذا ثبت أن المرشح لعضوية المجالس النيابية قد دعا أشخاصا أو دفع بهم للقيام بالأعمال المبينة في المادتين المشار إليها يشطب أسمه من كشوف المرشحين أو تبطل عضويته، حسب الأحوال على النحو الذي ينظمه القانون.
6- قانون لتقصى الحقائق :
في كثير من الدول المتقدمة، تتم صياغة قانون ينظم تقصى الحقائق Public Inquiries ويستهدف هذا القانون دراسة الحوادث أو الجرائم أو أوجه التقصير ذات الآثار العامة من الناحية الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية التي تقع، وتنبئ عن وجود مشكلة تجب معالجة أسبابها، والحيلولة دون تكرارها مستقبلا.
و يتناول مثل هذا القانون في النظم المقارنة : الجهة التي تملك إصدار الأمر بتقصي الحقائق بخصوص واقعة معينة، وكيفية اختيار أعضاء اللجنة والمؤهلات والخبرة المطلوبة فيهم، ونوعية الوقائع التي يجوز تقصيها، وسلطات اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق، وطرق جمعها للمعلومات، وحقها في الاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة في عملها، وحقها في سماع أقوال أصحاب الشأن والشهود وحمايتهم وطرق تلقى الشهادة ومدى جواز الشهادات الخطية والجهة المختصة بدراسة نتائج الدراسة، والتزام الجهات المعنية بتزويدها بالمعلومات المطلوبة.
كما تلجأ الدول التي تأخذ بهذا النظام إلى لجان تقصى الحقائق لدراسة الظواهر الاجتماعية والاقتصادية عندما يراد وضع قانون بشأنها حيث تتاح الفرصة لكل ذي شأن لإبداء رأيه، حتى تتم صياغة القانون على أساس ومعلومات صحيحة.
وتوصى اللجنة بصياغة وسن قانون لتنظيم تقصى الحقائق في هذا العهد الجديد.
7-كفالة حقوق الضحايا وذويهم في الحصول على تعويض عادل :
تقترح اللجنة سن قانون لتعويض ورثة المتوفين ومن أصيبوا في أحداث 25 يناير حتى 11 فبراير 2011 م، تعويضا عادلا. وذلك على سند من القول بأن هؤلاء الأفراد قد الحق بهم أو بورثتهم ضرر من جراء أحداث عامة يجب أن يتحمل المجتمع ككل تبعاتها، ولا يجوز أن تقع تلك التبعات على عاتق من تحملوها دون غيرهم من المواطنين.
إن احترام كرامة الإنسان وحماية حقوقه يجعلان من الضروري الاهتمام بضحايا الانتهاكات الجسيمة لتلك الحقوق، والتي تشكل بدورها أفعالا مؤثمة بموجب القانون الجنائي الوطني والمواثيق الدولية النافذة في مصر. وقد تضمن الإعلان الأول الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة التزام مصر باحترام تلك المواثيق، كما أعلنت السلطات المصرية عن اتخاذها الخطوات اللازمة لجبر الأضرار الناشئة عن الأفعال التي شهدتها أحداث 25 يناير والتي انطوت على انتهاكات جسيمة لحقوق الضحايا من المواطنين.
و تنوه اللجنة في هذا السياق، بالجهود الدولية المبذولة في مجال تعويض ضحايا الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي توجت بصدور الإعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (40 34) بتاريخ 29 نوفمبر 1985 م.. ويهدف هذا الإعلان إلى تفعيل ما تنص عليه المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من تعهد الدول الأطراف (ومنها مصر) بأن تكفل التعويض المناسب في حالة وقوع اعتداء على الحقوق والحريات المقررة في هذا العهد حتى لو ارتكب هذا الاعتداء من أشخاص يعملون بصفة رسمية.
وطبقا للقواعد المتقدمة ينشأ التزام على الدولة بكفالة المعاملة المنصفة للضحايا وذويهم، ويكون متعينا معاملة الضحايا برأفة واحترام لكرامتهم وتمكينهم من الوصول إلى آليات العدالة والحصول على الإنصاف الفوري عن الضرر الذي أصابهم وسن التشريعات واللوائح اللازمة لذلك، إذا لزم الأمر.
وتوصى اللجنة بتمكين ضحايا ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 م وذويهم من الحصول على تعويض عادل من خلال إجراءات عاجلة وميسرة، والعمل على تعريف الضحايا بهذه الحقوق وتلك الآليات.
ويكون لزاما أن يتلقى الضحايا ما يلزم من مساعدة مادية وطبية ونفسية واجتماعية من خلال القنوات الحكومية والتطوعية والمجتمعية وإبلاغ الضحايا بمدى توفر الخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها من المساعدات ذات الصلة، وان يتاح لهم الحصول على هذه الخدمات بسهولة، وتشجيع إنشاء وتعزيز الصناديق الوطنية المخصصة لتعويض الضحايا.
إحصائية عن عدد الزائرين للموقع الخاص بلجنة التحقيق وتقصى الحقائق http : www.ffnc-eg.org وعلى شبكة التواصل الاجتماعي face book وtwitter على موقع اللجنة والبريد الخاص به :
1- عدد الزوار خلال فترة أربعة أسابيع من بداية تشغيل الموقع : 9942.
2- عدد الزوار من جميع دول العالم :
- اكبر عدد من الزائرين وجد في الولايات المتحدة وهو : 3363.
- ومن مصر : 3321.
- وباقي الدول التي قامت بزيارة الموقع خلال أربعة أسابيع : السعودية، الأمارات، بريطانيا، شمال أفريقيا، كويت، كندا، قطر، فرنسا، الأردن، عمان، بنان، كوريا، بولندا، برازيل، يونان، سودان، نيوزلاندا، يمن، الصين، ايطاليا، ودول أخرى.
3- البريد الاليكتروني الخاص باللجنة : 477 بريد اليكتروني
على الـ face book :
1- عدد المشتركين في الموقع من 1 مارس 2011 وحتى الآن 6853 مشتركا.
2- عدد الصور التي تم وضعها على الموقع 62 صورة.
3- عدد الفيديوهات التي وضعت على الموقع 43 فيديو.
على الـ twitter :
1- عدد المشتركين في الموقع 263








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل