الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن دور الاستخبارات السوفياتية في تدمير الاتحاد السوفياتي والاشتراكية

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2021 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


================
كتب ألكسندر بروخانوف صاحب ورئيس تحرير جريدة "زافترا" الروسية القومية اليسارية المعارضة للتحول الرأسمالي في روسيا في العدد الأول من الجريدة للعام 2021 في استذكار للعلاقة التي نشأت بينه وبين آخر رئيس للاستخبارات السوفياتية "كا جي بي" فلاديمير كريوتشكوف عن الدور الغامض الذي لعبته هذه الاستخبارات المسماة رسميا "لجنة أمن الدولة" (الاختصار الروسي كا جي بي) في زمن البيريسترويكا: أنا مقتنع بأن البيريسترويكا نفسها حدثت تحت سيطرة وإشراف لجنة أمن الدولة.
فقد أثيرت مشكلة البيريسترويكا، وربما مشكلة انهيار الاتحاد السوفيتي، لأول مرة، من قبل يوري أندروبوف الذي تحدث عن هذا الأمر في البداية كرئيس للـ"كا جي بي"، ثم بصفته الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي. وقد جمع أندروبوف حوله مجموعة مرجعية ضيقة، نظرت في "ربحية" الاتحاد السوفياتي أي الفائدة منه، وناقشت قضية انهيار هذه "الإمبراطورية"، وتقسيمها إلى أجزاء مع انفصال الجمهوريات السوفياتية في آسيا والجمهوريات الأخرى عن روسيا الرئيسية - الأصلية. وفي وقت لاحق، تم تنفيذ هذه الخطة من قبل غورباتشوف ويلتسين، وقد كان غورباتشوف من أتباع أندروبوف، وصنيعته المفضلة.
خلال البيريسترويكا، تم إنشاء الجبهات الشعبية في دول البلطيق، وفي جمهوريات آسيا الوسطى، وفي موسكو بمساعدة أمن الدولة. كان هذا بحجة الضرورة الماسة إلى تحريك الجماهير الشعبية الجامدة المتحجرة. وشارك الـ"كي جي بي" في عملية مذهلة كإنشاء هيكلية تعدد الأحزاب، حيث كان كروتشكوف، كما أخبرني هو نفسه، في أساس بناء حزب جيرينوفسكي الليبرالي الديمقراطي (المناهض للشيوعية).
عندما كنت أنا وأوليغ باكلانوف في ألمانيا، عبرنا بوابة براندنبورغ إلى برلين الغربية وشاهدنا كيف كانت الحشود المبتهجة تعيد توحيد شطري ألمانيا الشرقي والغربي. عقدنا اجتماعات مع جهاز الأمن الألماني الشرقي "شتازي". وقد اشتكى ضباط "شتازي" من أن القيمين على الـ”كي جي بي” يجبرونهم على نزع سلاحهم وعدم التدخل في التقارب الحاصل، ثم على إعادة توحيد ألمانيا. وهكذا تمت إعادة توحيد ألمانيا تحت رقابة أمن الدولة: وُلد مشروع توحيد ألمانيا في مقر الكا جي بي "لوبيانكا" بوسط موسكو.
لا يمكن أن يكون حل حلف وارسو وتوحيد ألمانيا عمليتين عفويتين – فقد تم التحكم في هاتين العمليتين. كانت هذه المشاريع الضخمة تنفذ من ضمن سلطة أمن الدولة السوفياتية. وهناك افتراض يقول أن الزوجين تشاوشيسكو قُتلا من قبل عملاء رومانيين للـ”كي جي بي” السوفيتي باعتبار تشاوشسكو آخر قادة أوروبا الشرقية الذين أعاقلوا تنفيذ هذا المشروع الضخم.
لجنة الطوارئ (GKChP) (التي لجأت بالمناسبة إلى شبه انقلاب تلفزيوني على ما يجري من تحضير لتدمير الدولة السوفياتية – م.ي.) كانت ظاهرة لم يتم فك رموزها وتفسيرها بعد وهي المخفية تحت ستار العديد من الأحكام السطحية. لقد كانت” لجنة الطوارئ" هذه في الواقع هي النوتة الأخيرة في معزوفة البيريسترويكا التي تم عزفها بقيادة غورباتشوف، وهي العملية الخاصة التي أنهت حملة طويلة خيضت لتدمير وإبادة جميع القيم السوفيتية.
لدى تحليلي الوقائع الكاملة لأحداث تلك الأيام الأخيرة المنهية لوجود الاتحاد السوفيتي - أيام تحرك "لجنة الطوارئ"، توصلت أكثر فأكثر إلى قناعة بأن كريوتشكوف كان يقف في قلب مشروع "لجنة الطوارئ". فقد كلفه أعضاء "لجنة الطوارئ" الحكومية بالمهمة الرئيسية – مهمة اعتقال يلتسين وعشرات السياسيين المقربين من يلتسين. وقد كان غورباتشوف يعلم بهذا المشروع، وباركه، حيث أراد القضاء على التناقضات الرهيبة المتراكمة في خلال البيريسترويكا بمساعدة لجنة الطوارئ هذه، على أن يعود بعد قيام غيره بهذا العمل التحضيري من فوروس إلى موسكو ويتولى منصبه السابق في الكرملين.
كان من المفترض أن يعتقل كريوتشكوف يلتسين الذي كان عائدًا من قرغيزستان إلى موسكو. فنصبت مجموعة برئاسة كاربوخين كميناً على طريق المطار، في انتظار أمر اعتقال يفترض أن يصدر عن كريوتشكوف. غير أن مثل هذا الأمر لم يُعط للمجموعة. فتوجه يلتسين إلى موسكو وصعد إلى ظهر الدبابة معلنا أن لجنة الطوارئ الحكومية خارج القانون.
انتظر أعضاء لجنة الطوارئ المذعورون توقيف يلتسين، لكنه لم يحصل، فذهبوا إلى فوروس في شبه جزيرة القرم حيث غورباتشوف، وأقنعوه بالعودة إلى الكرملين، فطردهم غورباتشوف شر طردة. هكذا تمت تصفية آخر رعيل من القادة السوفييت، وانتقلت السلطة إلى يلتسين، وكان كريوتشكوف، الذي لم يصدر هذا الأمر، هو المفصل الرئيسي الذي كانت تدور حول شخصه هذه المأساة.
هناك معلومات تفيد بأن كريوتشكوف لم يتم القبض عليه بعد انهيار حركة لجنة الطوارئ الحكومية، ، بل عاش في منزله الريفي، ولم يكن يأتي إلا من حين لآخر إلى موسكو للإدلاء بشهادته أمام المحققين.
العديد من الأسرار ذهبت مع رحيل أركان لجنة الطوارئ إلى عالم الآخرة. وعندما رحت أطرح عليهم الأسئلة وهم أحياء، كانوا جميعًا يقولون لي: "ليس هذا وقتها الآن، ليس وقتها". لكن الوقت كان يلتهمهم واحدًا تلو الآخر. ألكسندر تيزياكوف، الذي وعدته لجنة الطوارئ بمنصب رئيس الوزراء، أخبرني أن غورباتشوف نفسه وافق على قوائم لجنة الطوارئ، وأضاف أسماء جديدة إلى هذه القوائم مضيفاً إليها مثلا ستارودوبتسيف.
ما هي حقيقة ما حصل؟ وكيف ظهر هذا المشروع الضخم الرهيب لسحق الاتحاد السوفيتي على يد أمن الدولة؟ من المحتمل أن يكتشف المؤرخون هذا الأمر بعد سنوات عديدة، من خلال فتح أرشيفات سرية. الآن، أتذكر كريوتشكوف، وأعجب للدور الغريب والفظيع الذي لعبته لجنة أمن الدولة في مصير الاتحاد السوفيتي! يا له من خيط دموي، درامي، فولاذي وناري امتد من دزرجينسكي إلى منجينسكي، ثم ياغودا، فـ بيريا، و سيميشاستني، و أندروبوف، و تشبريكوف وأخيراً فلاديمير كريوتشكوف. وقد أتيحت لي فرصة عابرة ودون وعي لتلمس هذا الخيط الناري. وما زلت أشعر بحُرق من تلك اللمسة حتى اللحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستخبارات السوفياتية
سعيد زارا ( 2021 / 1 / 24 - 10:45 )
الرفيق مشعل يسار

الدور التخريبي الذي لعبته الاستخبارات السوفياتية لدولة الاشتراكية يعود الى عام 1934 عندما تولى ياغودا جانرخ ادارتها حيث افادت التحقيقات تورطه في تسميم البولشفي مينجانسكي الذي ابان عن وفائه و اخلاصه لمشروع لينين حيث احبط العديد من مؤامرات الكولاك و كشف غدر العصابات التروتسكية في تخريب المصانع و اضعاف وحدة العمال. كما افادت التحقيقات تورط ياغودا في عملية اغتيال كيروف التي كتن وراءها الثنائي زينوفيف و كامينيف. و بعد ياغودا خلفه من هما اكثر عداءا للاشاتراكية نيكولا ايزوف و بيريا. الاول و هو من كتن يدير حمل التهير و في الحقيقة هي كانت صد البلاشفة و الخلص و الثاني كان و راء اغتيال ستالين.

اما ماحدث اثناء البرسترويكا فقد كان تحصيل حاصل لانه لم يعد من الاشتراكية انذاك الا الاسم بعد ان اغتيل ستالين و خيرة البلاشفة و الغيت دكتاتورية البروليتاريا عام 61


تحياتي البولشفية

و احيلك الى مقال الرفيق فؤاد النمري على صفحات ايلاف بعنوان -المخابرات السوفياتية ضد السوفييت-

اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو