الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع الطبقي للمجتمع العراقي والموقف من مفهوم الطبقة الوسطى

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

2021 / 1 / 28
الادارة و الاقتصاد


ب‌. تغيير البنية الأحادية للاقتصاد العراقي وتقليص اعتماده على النفط الخام وتقليص انكشافه على الخارج.
ت‌. التوجيه الواعي والهادف لموارد النفط المالية لصالح عملية التنمية وتغيير بنية الاقتصاد، بما في ذلك البنية التحتية وتحديثها بما يسهم في تعجيل عملية التنمية والتحديث للاقتصاد والمجتمع.
ث‌. تغيير البنية الطبقية في المجتمع لصالح الطبقة البرجوازية الصناعية المتوسطة والصغيرة والطبقة العاملة وفئة المثقفات والمثقفين باعتبارها الطبقات الوطنية الحاملة للدولة المدنية الديمقراطية والمجتمع المدني الديمقراطي الحديث، وما يرتبط بذلك من تغيير للوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنوير الديني.
ج‌. توفير فرص عمل للأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل في دولة يشكل الأطفال والشباب نسبة عالية من السكان. ح‌. تحسين مستوى معيشة الأفراد، وخاصة المنتجين والطبقة الوسطى والتخفيف من حجم الجهاز الخدمي، وخاصة الإداري والعسكري، لصالح القطاع الإنتاجي.
خ‌. المساهمة في توفير الأمن الاقتصادي للعراق، بما في ذلك مشكلة شحة المياه، الذي يمكن أن يتعرض في كل لحظة لمخاطر جدية عرفها العراق خلال العقود الثلاثة المنصرمة.
د‌. تغيير البنية النوعية للتربية والتعليم المهني والتعليم العالي بمختلف مستوياته والبحث العلمي النظري والتطبيقي بما يسهم في توفير مستلزمات النهوض بالتنمية الوطنية الشاملة والممنهجة والموزعة على برامج وخطط اقتصادي واجتماعية مستندة إلى الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وآفاق تطوره. 1/5/2014 كاظم حبيب نشر الزميل الفاضل الأستاذ الدكتور مظهر محمد صالح دراسة جادة، كما في كتاباته الأخرى، عن "الطبقة الوسطى في العراق" وعن تطورها التاريخي منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة وعن التغيرات التي طرأت عليها وواقعها الراهن ودورها في التحولات المنشودة بالعراق. كما عرض تحليلاً لبنيتها الداخلية بالارتباط مع طبيعة النشاطات التي تمارسها ومستوى دخلها ونوعية حياتها. وهنا أدلو بدلوي المتواضع في هذا الصدد. ** يدور نقاش واسع بين اقتصاديين وسياسيين عراقيين وفي أوساط المجتمع بحدود ضيقة جداً حتى الآن حول دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وبالتالي عن دور القطاعين الخاص والعام ودورهما في العملية الاقتصادية والاجتماعية. لقد بدأ هذا النقاش والتباين في وجهات النظر منذ العقد الرابع من القرن الماضي خاصة بعد أن بدأ العراق يجني جزءاً من إيرادات النفط الخام المصدر من قبل شركات النفط الاحتكارية (أربع شلنات ذهب عن كل برميل يصدر)، ومن ثم في أعقاب الحرب العالمية الثانية واتسع بعد أن بدأ العراق يجني مناصفة مع شركات النفط الأجنبية من عوائد النفط الخام المصدر. لقد كان هناك موقفان مختلفان: الأول يرفض أي تدخل للدولة في الشؤون الاقتصادية، والثاني يرى ضرورة ولزوم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. وإذا كان الأول يدعو لأن يلعب القطاع الخاص الدول الأول والقيادي في مجمل العملية الاقتصادية، في حين كان الثاني يرى أن يلعب قطاع الدولة الاقتصاد الدول الأول والقيادي في مجمل العملية الاقتصادية، في حين كان الاتجاه الثاني يدعو إلى أن يلعب القطاع العام الدور الأول والقيادي في عملية التنمية والتطور الاقتصادي. وإذ استند الاتجاه الأول إلى الفكر البرجوازي اللبرالي واعتمد الأخذ بفكر وتجارب الدول الرأسمالية المتقدمة في عملية التنمية والبناء الاقتصادي، فأن الاتجاه الثاني استند إلى الفكر اليساري والاشتراكي والشيوعي واعتمد الأخذ بفكر وتجارب الدول الاشتراكية، وخاصة الاتحاد السوفييتي، في التنمية الاقتصادية والبناء الاقتصادي. ولعبت سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين دورها البارز والحاسم في تشديد هذا الاختلاف في الفكر أو الرؤية لعملية التنمية ودور القطاعين في اقتصاديات الدول النامية. إلا إن الحياة قد برهنت بما لا يقبل الشك بأن تجارب المعسكرين لا يمكن أن تكون إلا في إطارها العام مفيدة للطرفين وليس في تفاصيلها ووجهتها وفي حركة القوانين الاقتصادية الفاعلة والواقع الملموس في كل بلد من هذه البلدان. فلا النماذج الرأسمالية ولا الاشتراكية كانت تتناغم مع حاجات وواقع ومستوى تطور الدول النامية وضرورات التنمية فيها. لقد فشلت الدول النامية بشكل عام، ومنها العراق والدول العربية، في تحقيق التنمية المنشودة وتغيير بنية الاقتصاد الوطني والبنية الاجتماعية وحياة ومعيشة السكان، سواء أكان من دعا إلى اللبرالية أو إلى الفكر الاشتراكي. وإذ ساد الفكر البرجوازي العام في الدول النامية، ومنها العربية وبشكل مشوه، فأن هذه البلدان لم تجد أي تطبيق اشتراكي لها فيها رغم إدعاء البعض بذلك. وما جرى بالعراق في فترة حكم حزب البعث العربي الاشتراكي لم يكن سوى رأسمالية دولة خاضعة لاستبداد النخبة الحاكمة وفاشلة، ولم يكن فيها أي ملمح من ملامح الاشتراكية العلمية. ولهذا يرتكب البعض خطأً فاحشاً حين يشير إلى فشل تجربة الاشتراكية بالعراق، إلا إذا كان يقصد الاشتراكية الوطنية بمفهوم الحزب النازي الهتلري الألماني، وهو حزب عنصري وفاشي مريع ولا علاقة له بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وكان قطاعها الحكومي خاضع للاحتكارات الرأسمالية والنهج العسكري العدواني للرايخ الألماني الثالث بقيادة هتلر وحزبه النازي الفاشي. إن اقتصاديات الدول النامية المتخلفة بحاجة إلى رؤية اقتصادية جديدة، إلى رؤية واقعية ملموسة وإلى اقتصاد سياسي يعي طبيعة المرحلة وواقع الحال ومستوى تطور القوى المنتجة وطبيعة علاقات الإنتاج السائدة والمهمات الراهنة والمستقبلية التي تواجه هذه المجتمعات وتستخدم المنهجية والأدوات العلمية في تحليلها ورسم لوحة المستقبل لهذا البلد النامي أو ذاك، والذي تختلف تجربة هذا البلد عن تجربة البلد الثاني بشكلها الملموس، رغم إن أوضاعها متقاربة ولكنها ليست بالضرورة متماثلة ويمكن أن تكون الحلول المطلوبة متقاربة ولكن ليست بالضرورة متماثلة. وفي الوقت الذي يجد المتتبع اتفاقاً عاماً بين جمهرة من الاقتصاديين الديمقراطيين بأهمية وضرورة مشاركة قطاع الدولة والقطاع الخاص، إضافة إلى القطاع المختلط في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإن المرحلة التي يمر بها العراق تستوجب تضافر جهود الدولة والمجتمع لبناء الاقتصاد العراقي وتطويره وتقدمه وتغيير بنية المجتمع، يبرز في الوقت نفسه تباين في مدى رؤيتهم للوزن النوعي لكل من القطاعين العام والخاص في العملية التنموية. كما أن هناك موقفاً واضحاً لجمهرة من الاقتصاديين العراقيين التي يتناغم موقفها مع موقف اللبرالية الجديدة والتي ترفض تماماً حتى الآن دور الدولة وتدخلها في الشأن الاقتصادي، بما في ذلك قطاع النفط الاستخراجي، إذ يرون ضرورة خصخصته وخصخصة بقية قطاعات الاقتصاد الوطني. وإذ اختلف كلية مع هذا الاتجاه المغالي، كما أرى، اتفق مع الرأي القائل بعدم إمكانية الاستغناء عن أي من القطاعين أو إضعافهما، كما لا بد من بناء وتطوير قطاع اقتصادي مختلط بين القطاعين العام والخاص. كما لا بد من الاستفادة من القطاع الخاص الأجنبي حيث تبرز الحاجة الفعلية إلى استثماراته ومعارفه وخبراته والتقنيات الحديثة التي بحوزته. وعلى الاقتصادي الَّا ينسى بأن العراق يشكل جزءاً من هذا العالم المعولم، أي من الاقتصاد الدولي وأن احتل موقعاً متخلفاً وتابعاً ومكشوفاً عليه، وأن من واجبنا الاستفادة القصوى والموضوعية من العولمة الرأسمالية، على أن نسعى قدر الإمكان تجنب تأثيراتها السلبية الحادة على الاقتصاد الوطني ومهمات التنمية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وفي المرحلة الراهنة أتابع بوجع كبير تخلي الدولة الريعية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، وغياب انشغالها التام عن عم القطاعين العام والخاص من جهة ثانية، ليمارسا دورهما واستثماراتهما في عملية التنمية الوطنية. وهي سياسة حازمة ومقصودة من جانب النخب الحاكمة تستهدف الإبقاء على التخلف واستنزاف موارد البلاد المالية في غير صالح الاقتصاد الوطني. إذ أن عملية التنمية الاقتصادية تعني التصنيع الحديث والزراعة الحديثة واستخدام التقنيات الحديثة التي ترفع من مستوى كفاءة ومهارة القوى المنتجة البشرية ووعيها الاجتماعي والذي يهدد بدوره حكم القوى الإسلامية السياسية بالصميم التي وقفت حتى الآن بوجه التقدم المنشود وعلى المستويات والمجالات كافة، فيما عدا اقتصاد النفط الاستخراجي لما يدره من أموال عليها وينسيها الشعب ومصالحه وإرادته. إذا كان العراق في فترة حكم صدام حسين قد ابتلى بالاستبداد القومي الشوفيني المطعم بطائفية سنية تجلت في قوام مجلس قيادة الثورة وبنية الحكومة، ولم يكن فاعلاً على مستوى الشعب، فأن العراق في المرحلة ما بعد السقوط وفي ظل حكم نوري المالكي ومن جاء من بعده، يعاني من الاستبداد الديني الطائفي السياسي غير المطعم حتى الآن بالقومية الشوفينية، إلّا إن المشكلة في الواقع الجديد تبرز في استفادة الأحزاب السنية من هذا الوضع الخطير على حساب مصالح الجماهير وليس لصالحها، في حين انتقل الصراع الشيعي السني الذي يصعده الطائفيون بين فترة وأخرى. إن الأحزاب الإسلامية السياسية، شيعة أم سنية، تمارس سياسات خاطئة جداً تلحق أفدح الأضرار بالدولة والمجتمع والعلاقات اليومية بين الناس، كما تلحق أفدح الأضرار بالتعليم والعلم والمعرفة لصالح المزيد من الخرافات والخرافيين والشعوذات والمشعوذين وأعمال السحر والأساطير غير العقلانية.. إننا نبتعد يوماً بعد أخر عن العلم ونقع في كماشة إخطبوط من السياسات والمواقف التي تعزى إلى الدين لتكافح العقل والعقلانية، والعلم والعلماء، التي بدأت مع "أبو حامد محمد الغزالي 450-505 هجرية/ 1058-1111 ميلادية بمحاربة العلم والفلسفة وكل ما كان يمت بصلة إلى التقدم، واعتبار العلم والفلسفة ضد الدين، وبالتالي دفع بالحضارة العربية، التي كانت قد انتعشت بشكل خاص في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، إلى التراجع والتدهور والوقوع في مستنقع الخرافات والشعوذة والسقوط المتسارع في الحضيض الفكري الثقافي والحضاري وتراجع العلم والفلسفة والطب وغيرها والذي عمقه احتلال العراق في العام 1258 ميلادية، والتي يعيش تحت وطأتها العالمين العربي والإسلامي، ومنهما العراق حتى الآن. (راجع: الدكتور عبد العزيز الدوري. تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت طبعة ثالثة 1995). إن العراق بحاجة ماسة إلى استخدام موارد النفط المالية الحالية، وهي موارد الشعب كله. إلا إن هذه الموارد المالية بيد الدولة والمفروض دستورياً إنها مؤتمنة عليها وأقسمت اليمين على حمايتها وتطوير الاقتصاد الوطني وإغناء الثروة الاجتماعية، ولكن الواقع يشير إلى التجاوزات الفظة وغير المنقطعة على هذه الأمانة والشعب بشكل مريع. والشعب بحاجة إلى هذه الموارد المالية لتطوير البنية التحتية، وخاصة الطاقة الكهربائية والماء وطرق المواصلات والاتصالات الحديثة والتخزين والري والبزل...الخ من جهة، وتحقيق التنمية الصناعية التحويلية والزراعة الحديثة وتنويعهما عبر خطط اقتصادية يشارك فيها القطاع الخاص والقطاع العام والقطاع المختلط، إضافة إلى مشاريع الصناعات الصغيرة في آن واحد من جهة أخرى. ويمكن للقطاع العام بقدراته الدولة الاستثمارية أن يوسع ويعجل في توفير مستلزمات تنشيط القطاع الخاص ومشاركته في التنمية الوطنية ويرفع من وتيرة النمو الاقتصادي. ولهذا فإن العراق الراهن بعيد كل البعد عن التفكير بالاستغناء عن هذا القطاع أو ذاك من القطاعات الثلاثة. وليس في مقدور القطاع الخاص، من النواحي الاستثمارية والفنية والظروف المحيطة به، أن يلعب في المرحلة الراهنة الدور القيادي في عملية التنمية الاقتصادية، وخاصة التصنيع والتحديث الواسع للزراعة وتنويعهما وإنجاز مشاريع البنية التحتية، بل هذه المهمة يفترض أن يشارك بها القطاع العام وكذلك القطاع المختلط لدعم القطاع الخاص وتوفير الاستثمارات المناسبة له عبر المصرفين الصناعي والزراعي والمصارف الحكومية والأهلية الأخرى بقروض ميسرة وبمشاركة 50% مثلاً بينهما. إن العيوب التي عرفناها حتى الآن في نشاط قطاع الدولة الاقتصادي ليست ناجمة من طبيعة هذا القطاع، بل كانت العيوب وما تزال في الدولة الريعية والاستبدادية وغياب الديمقراطية عن الحياة العامة والحياة الاقتصادية، وكذلك في نهجها في تبديد الموارد المالية المتأتية من اقتصاد النفط الاستخراجي المصدر، وفي عدم وعيها واعتمادها للمعايير والجدوى الاقتصادية في إقامة هذه المشاريع الصناعية والزراعية أو تلك وفي مدى تأثيرها على المجتمع وتحديثه حضارياً ومدى ملائمتها للبيئة لمواجهة التلوث الذي يعاني منه العراق كثيراً، إضافة إلى سوء اختيار النظم الإدارية المناسبة والابتعاد عن الإدارة والتنظيم العلميين من جهة، وسوء اختيار العاملين القائم على العلاقات المريبة في هذا القطاع الاقتصادي المهم من جهة أخرى، وبسبب سيادة الفساد المالي والإداري بما في ذلك المحسوبية والمنسوبية في التوظيف في قطاع الدولة، إضافة إلى سياسة عسكرة المجتمع والاقتصاد الوطني من جهة ثالثة. إن وجود مثل هذه الظواهر السلبية في هذا البلد أو ذاك لا يتطلب رفض وجود قطاع الدولة الاقتصادي، كما يسعى إلى ذلك بشكل خاص اللبراليون الجدد والمحافظون في آن، بل لا بد من وجود هذا القطاع مع ضرورة توفير نظام إداري علمي مناسب وكوادر إدارية وتنظيمية وفنية واقتصادية واعية ومتقدمة وذات خبرة مناسبة ومدركة لمهماتها من الناحيتين الاقتصادية الاجتماعية. إن الخلل في آليات العمل وليس في أداة العمل. فالقطاع العام هو أداة بيد الدولة والمجتمع لتنمية الاقتصاد الوطني، ويقع على عاتقها استخدام هذه الأداة بفعالية عالية وعلى أسس الجدوى الاقتصادية والاجتماعية المتقدمة. والقطاع العام الاقتصادي ليس هدفاً بل أداة أو وسيلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وإغناء الثروة الوطنية. والقطاع الخاص هو الآخر أداة بيد الرأسماليين لتحقيق التنمية وتحقيق الربح لهم. يواجه العراق في هذه المرحلة نموذجين من الاقتصاديين في المرحلة الراهنة. بعضهم يدعو إلى القطاع الخاص والأخذ بما يمليه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويتجلى ذلك في تصريحات بعض الاقتصاديين والمستشارين وفي كتاباتهم والبعض العامل في أجهزة الدولة، في حين يؤكد البعض الآخر على ضرورة وجود قطاع دولة اقتصادي مع الاهتمام بالقطاع الخاص. ويتجلى ذلك في كتابات الدكتور مظهر محمد صالح والدكتور ماجد الصوري أو في كتابات الدكتور كامل العضاض والدكتور صالح حسن ياسر والدكتور عباس كاظم الفياض أو في كتاباتي، كما نجده في الرؤية الموضوعية لبعض العاملين في اتحاد أصحاب الأعمال بالعراق الذين يدركون أهمية القطاعين في المرحلة الراهنة للنهوض بعملية التنمية وتوفير فرص التشغيل للعاطلين عن العمل، ومنهم الأستاذ باسم جميل أنطوان أو السيد حسام الساموك. إن موقفي لا يمس تأكيد ضرورة وجود قطاع الدولة في الاقتصاد الاستخراجي ودوره في اقتصاد النفط والغاز الطبيعي فحسب، بل وأهمية وضرورة وجوده في بعض أهم الفروع الصناعية الضرورية ودوره الفاعل فيها، وكذلك في مجال التأمين والبنوك لتقديم القروض وتنشيط دور الدولة والقطاع الخاص في آن واحد. إذ لا يمكن الاستغناء عن أي منهما ولا عن القطاع المختلط أو القطاع الأجنبي في المرحلة الراهنة ولعشرين أو حتى ثلاثين سنة قادمة. كتب الدكتور مظهر محمد صالح بصواب في دراسته الموسومة "الطبقة الوسطى في العراق" ما يلي: " إن الاقتصاد العراقي في ظروفه الريعية الراهنة هو أحوج ما يكون إلى دور اقتصادي للدولة، يسهل الشراكة واندماج الدولة مع النشاط الإنتاجي الخاص، وعلى وفق إيديولوجية أو منهجية اقتصادية منافية للمنهج الليبرالي الاستهلاكي السائد، وتمثل عودة متجددة لمفهوم الماركنتالية الاقتصادية والترويج لأيدولوجيا النشاطات الخالقة للسوق ذات النمط المنتج المتمثل بالشركات المساهمة المختلطة التي تعمل على وفق مبادئ الحوكمة الإدارية الجيدة والانتقال إلى النظام الريعي-الماركنتالي المنتج (كبديل للنظام الريعي-الليبرالي(المستهلك) الحالي والعمل على تشييد نظام سياسي ديمقراطي يبتعد عن (الدولة-المكونات) الراهن ويقترب من مفهوم (الدولة-الأمة) ويتخطاها بإحلال( الدولة- المواطنة العراقية)من منطلق ان الولاء للعراق. (راجع/مظهر محمد صالح/متلازمة السياسة الاقتصادية في الأنموذج الريعي –الليبرالي في العراق/بغداد 2013."). من هنا يتبين لنا ومن خلال شخصية اقتصادية كانت في موقع المسؤولية عن السياسة النقدية في الاقتصاد العراقي، وأعني به الدكتور مظهر محمد صالح، إلى أهمية وضرورة الاعتماد وفي هذه المرحلة الراهنة على نحو خاص على ثلاثة قطاعات اقتصادية أساسية من حيث الملكية، هي القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المختلط من جهة، والاهتمام بالفروع الاقتصادية الإنتاجية، "على أولوية الجانب الإنتاجي في العملية الاقتصادية" من جهة أخرى (ص 17)، وبشكل خاص على قطاعي الصناعة والزراعة المهملين كلية من جانب الحكومات الثلاث التي تعاقبت على الحكم، ولكن وبشكل خاص حكومة المالكي التي تسلمت الحكم بعد إقرار الدستور العراقي في العام 2005، أي منذ العام 2006 حتى الوقت الحاضر من جهة ثانية. إننا وفي المرحلة الراهنة ولسنوات طويلة بحاجة ماسة إلى دور الدولة في العملية الاقتصادية مع الاستفادة القصوى والابتعاد عن الأخطاء التي ارتكبت من جانب الدولة الريعية في نشاط قطاع الدولة الاقتصادي والإدارة الاقتصادية والمفاهيم الخاطئة في هذا المجال والذي أدى إلى الاعتقاد بعدم الحاجة إلى قطاع الدولة الاقتصادي. ولكني مدرك تماماً بأن النظام السياسي الطائفي الراهن عاجز عن وعي وغير راغب أصلاً بوضع إستراتيجية تنموية وتنمية القطاعين العام والخاص والقطاعين الإنتاجيين الصناعة والزراعة، بسبب سيره على نهج السلف الطالح في تعميق الطابع الريعي للدولة العراقية والطابع الاستبدادي للحكم والنخبة الحاكمة والحاكم بأمره.
حول معدل حصة الفرد الواحد من الدخل القومي السنوي بالعراق
** كتب الدكتور مظهر محمد صالح حول التصنيف الاقتصادي للطبقة الوسطى في العراق ما يلي:
" قد يكون من الصعب تصنيف الطبقة الوسطى العراقية على وفق الدخل السنوي لتحديد شرائح الطبقة الوسطى في اقتصاد ريعي شديد الأحادية إلى حدِ ما. إذ ما زال إنتاج الثروة النفطية يتقاسم نصف الدخل القومي السنوي، كما إن 95% من الموازنة العامة للبلاد تعتمد على موارد الريع النفطي في إدامة التشغيل والاستثمار. فهناك 5-6 ملايين أسرة عراقية يمثلون 20 مليون نسمة تعتمد بشكل مباشر على المرتبات الحكومية الشهرية، سواء من الموظفين أو المتعاقدين مع الدولة الذين يبلغ عددهم جميعاً بنحو 4 ملايين منتسب حكومي عدا شريحة المتقاعدين وغيرهم." (ص 4 من المقال المشار إليه سابقاً).
هنا أود أن أشير إلى ملاحظة حول النص السابق الذي يشير إلى "اقتصاد ريعي شديد الأحادية إلى حد ما". إنه في الوقت الذي يكون شديد الأحادية لا يمكن أن يكون إلى حد ما. والتقي معه في صعوبة تصنيف الطبقة الوسطى على وفق الدخل السنوي لتحديد شرائح هذه الطبقة على وفق ما جاء في القسم الأول من مقالي هذا. وإذ أشار بصواب إلى التطور الحاصل في حجم الإنتاج الإجمالي ومعدل حصة الفرد الواحد منه وانعكاس ذلك على الدخل القومي أيضا، استكمل اللوحة بما يلي:
" وعلى الرغم من ذلك، فقد صُنف العراق من قبل البنك الدولي مؤخراً بكونه واحد من مجموعة البلدان التي تقع في الجزء العلوي من المجموعة الدولية المتوسطة الدخل. فمتوسط دخل الفرد العراقي السنوي يلامس 7000 دولار في الوقت الحاضر مرتفعاً من متوسط بلغ 750 دولار سنوياً في مطلع الألفية الثالثة ذلك إبان فرض العقوبات الدولية على العراق. وإذا ما أخذنا معيار متوسط الدخل السنوي للفرد العراقي، فان الواقع يقتضي التعرف على شرائح الطبقة الوسطى ومقدار اقترابها أو تشتتها عن المتوسط العام لدخل الفرد السنوي." (ص 4)
وإذ أتفق مع الدكتور مظهر محمد صالح في إبراز التمايز الموجود في الدخل السنوي لمختلف شرائح الطبقة الوسطى، فإن الصورة تبدو أكثر قتامة وأشد قسوة حين نقارنها مع الدخل السنوي لفئات من الشعب الكادح. إذ إن المشكلة لا تكمن في هذه الأرقام العامة بل في تفاصيلها والتي تطرق إليها الدكتور صالح بوضوح أيضا. لقد أشرت مرة إلى الملاحظة التي يثيرها الاقتصاديون حول المؤشرات الإحصائية التي تشبه "المايوه البكيني، فهي تكشف عن جسم المرأة، ولكنها تخفي الأماكن الحساسة والأكثر أهمية من الجسم". فمعدل حصة الفرد الواحد من حجم الإنتاج الإجمالي، أو لنأخذ الدخل القومي، يخفي الحقائق التالية:
*** التشوه والتخلف والانكشاف على الخارج في بنية الاقتصاد والإنتاج المحلي الإجمالي أو الدخل القومي الذي يعتمد على النفط الخام في تشكيل النسبة الأكبر منهما وأكثر من 95 من الميزانية الاعتيادية السنوية، وأكثر من ذلك من صادرات العراق
*** التوزيع غير العادل للدخل القومي بين أبناء المجتمع. فهذا التوزيع لا يقوم بأي حال على العدالة الاجتماعية، وهو أشبه بالمثل الذي أوردته عن راتب المدير العام وراتب الفراش. فالفجوة بين الفئات الفقيرة والفئات الغنية تزداد سعة وعمقاً في غير صالح الفقراء والمعوزين في المجتمع. ومعدل حصة الفرد الواحد من الدخل القومي السنوي يغطي ويتستر على هذا التمايز الطبقي المتفاقم. ويزيد في الطين بلة ذلك الفساد المالي السائد بالبلاد
*** كما يبرز التمايز لا في توزيع الدخل القومي فحسب، بل وفي إعادة توزيعه في المجتمع من خلال التعرف على واقع توزيع حصة الاستهلاك الاجتماعي، أي من يستفيد من نفقات الخدمات العامة والاجتماعية التي يفترض أن تقدمها الدولة بما يسهم في تحسين مستوى التوزيع لصالح الفئات الفقيرة، في حين ما يجري هو عكس ذلك تماماً والمستفيد الأكبر هم الأغنياء والميسورين وكبار موظفي الدولة، إذ يمكن ملاحظة ذلك في مجالات التعليم والصحة على سبيل المثال لا الحصر.
لأهمية هذا الموضوع وبروزه على سطح الأحداث الجارية أعيد نشر المقال الذي ظهر قبل ذاك حول الطبقة الوسطى والواقع الطبقي في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اذا كانت الدولة رأسمالية فما الفرق؟
طلال الربيعي ( 2021 / 1 / 29 - 19:13 )
اذا كانت الدولة رأسمالية فما الفرق بين العمل الحر والعمل الحكومي ؟


2 - الطبقة الوسطى
سعيد زارا ( 2021 / 1 / 29 - 23:17 )

لا تحدد الطبقات بالدخل و انما بالطريقة التي يتم بها انتاج وسائل العيش و الا اعتبرنا قارون من الشريحة العليا للبورجوازية الراسمالية
.

عدم رؤية انكماش الطبقتين الراسمالية و البروليتاريا في العالم و خصوصا مراكز الراسمالية سابقا حال دون الاعتراف بسيادة الطبقة الوسطى و المازق البنيوي الذي تواجهه كونها لا تملك مشروعا مجتمعيا بديلا و من لا مشروع مجتمعي بديل له كل مشاريعه التنموية مسدودة الافاق


تحياتي

اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة