الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تِلْكَ ٱلْكَاتِبَةُ ٱلْرِّوَائِيَّةُ: خَرَفُ ٱلْعِفَافِ سَهْوًا أَمْ خُلْفُ ٱلْإِرْدَافِ رَهْوًا؟ (2)

غياث المرزوق
(Ghiath El Marzouk)

2021 / 1 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


وَمِنْ بَيْنِ ٱلْغَضِيضِ مِنْ إِرْهَاصِ ٱلْعُصَابِ ٱلْنَّفْسِيِّ
أَنْ يَبِينَ ٱلْمَغِيضُ حَقًّا، أَوْ حَتَّى بَاطِلاً، بِتَسْيَارِهِ ٱلْعَكْسِيِّ
زيغموند فرويد

(2)

كما قلتُ إذَّاك باليقينِ الكاملِ (أو بالكادِ) في مستهلِّ القسمِ الأوَّلِ من هذا المقالِ، وكما يقتضي سياقُ التحليلِ السياسيِّ النفسيِّ (الاجتماعيِّ)، هَا هُنَا، إعادَةً بكلامٍ آخَرَ اقتضاءً، حينَ يأتي المَسَاقُ الصحافيُّ و/أو الإعلاميُّ «العربيُّ» عن ذكْرِ أيِّ شيءٍ تدليليٍّ مجرَّدٍ (عن الناصبِ والجازمِ) من مَحَلِّيَّةِ الموقفِ «العنصريِّ»، أو حتى ممَّا يُوازيهِ كذاك من مَحَلِّيَّةِ الموقفِ «العنصريِّ المضادِّ»، بنحوٍ أو بآخَرَ، لا بدَّ أن تلك الصحيفةَ «العربيةَ» و«الفلسطينيةَ» الشهيرةَ، صحيفةَ «القدس العربي» بالذاتِ (والمقصودُ، هُنَا، طاقمُ التحريرِ بذاتِ الذاتِ، بالطبع، تفاديًا لأيِّمَا لُبْسٍ أو أيِّمَا التباسٍ كان)، لا بدَّ أنها تَسْتَبِيءُ مكانَ الصَّدَارةِ بالشيءِ التمثيليِّ الملموسِ والفعليِّ، وحتى الدامغِ، في المقابل. فما إن يبينُ «ٱلْمَغِيضُ من ٱلْمَفِيضِ» على السطحِ الصحافيِّ و/أو الإعلاميِّ عن مجرَّدِ نبأٍ، أو خبرٍ، عابرٍ يبثُّ بثًّا دخولَ السلكِ السياسيِّ «الغربيِّ»، كما تبتغي الظروفُ أو تشتهي الأقدارُ، من طرفِ امرئٍ، أو امرأةٍ، متحدِّرَيْن من أصولٍ «فلسطينيةٍ» بعيدةٍ، أو حتى جدِّ بعيدةٍ، حتى يُسارعَ الكُلُّ أو الجُلُّ من طاقمِ تحريرِ الصحيفةِ «القدساويةِ» المعنيةِ في تصديعِ الرؤوسِ، قيامًا وقعودًا، عن مدى «أصالةِ» هذهِ الأصولِ «الفلسطينيةِ» ذاتِها، لاجئةً بذاك إلى كافَّةِ أشكالِ «الخَرْطِ» و«الضَّرْطِ» الصحافيَّيْنِ «الموضوعيَّيْنِ» الأعْجَفَيْنِ، وإلى سَائرِ أنواعِ التطبيلِ والتزميرِ الإعلاميَّيْنِ «الذاتيَّيْنِ» الأجوفَيْنِ، كما أَشارتِ الناقدةُ الصحافيةُ الإعلاميةُ، آصال أبسال، بالبرهانِ القطعيِّ مرارًا وتكرارًا إلى كلٍّ من هذينِ التوصيفَيْنِ المزدوجَيْنِ في عدَّةٍ من مقالاتِها الفَريدةِ مبنًى ومعنًى على حدٍّ سِوًى (انظرا، مثلاً، مقالَيْها الموثَّقَيْنِ في القسمِ الأوَّلِ من هذا المقالِ). هذا مع العلمِ البئيسِ أنَّ الأغلبَ السَّاحِقَ والمَاحِقَ من أولئك العربِ المغتربينَ المعنيِّنَ، أو حتى مُحَاذِيهِمْ من «المستغربينَ» Occidentalists ذواتِهِمْ، جلاءً أو خفاءً (في حذاءِ عَدِّ المُجَافينَ من «المستشرقينَ» Orientalists عَدًّا)، أولئك العربِ المتحدِّرينَ بعِتْرَةٍ أو بطفرةٍ (أو بأيَّةٍ مِمَّا بَيْنَ بَيْنَ) من أصولٍ «فلسطينيةٍ» في أصقاعٍ الغربِ «الآمنِ» ذاتِهِ، وعلى الأخصِّ في أصقاعِ أمريكا وبريطانيا من هذا الغربِ «الآمنِ»، إنما يعملونَ بذريعةٍ وضيعةٍ، أو بأُخرى، كعناصرِ «مخابراتٍ» و/أو «استخباراتٍ» حتى أشدَّ وضاعةً بكثيرٍ ضدَّ «صنوانِهِمْ» من العربِ الآخرينَ الهاربينَ من بلادِهِمْ (لأسبابٍ سياسيَّةٍ أو دينيَّةٍ أو اجتماعيَّةٍ أو غيرِها)، يعملونَ بـ«كدٍّ» و«تفانٍ» لصالحِ هذهِ الجهةِ السلطويةِ الرسميةِ، أو لصالحِ تلك الجهاتِ السلطويةِ اللارسميةِ، التي ينتمونَ، أو يرومونَ الانتماءَ، إليها في هكذا غربٍ «آمنٍ» (انظرا، أيضًا، التقريرَ السياسيَّ «التعريفيَّ» اللافتَ: «ماهر بيطار: الفلسطيني الأمريكي الذي عينه بايدن في منصب استخباراتي رفيع»، القدس العربي 25 كانون الثاني 2021). ولكنْ، ولكنْ، ومن جَرَّاءِ انسيابِ الكلامِ عن «أصلٍ» أو «فصلٍ» مُحَدَّدَيْنِ قرينةً كشفيَّةً جليَّةً كهذهِ، لا غَرْوَ في أن يتكشَّفَ، بينَ حينٍ وآخَرَ، صِنْفٌ من الاستثناءِ اللَّكِيعِ والوَكِيعِ الذي يَتَسَامَى بِهِ طاقمُ تحريرِ الصحيفةِ «القدساويةِ» المعنيةِ أيَّمَا تَسَامٍ لـ«حاجاتٍ أُخْرَيَاتٍ في أَنْفُسِ اليعاقبةِ»، أو حتى أنكى منها، إنِ انكشفَتْ بأنساقِ تقاليدهِمْ وأَعْرَافِهِمْ «لاأخلاقيَّاتُ» الشخصيَّةِ السياسيَّةِ «الغربيَّةِ» أَلاًّ و«الفلسطينيةِ» آلاً، كما هي الحالُ في عُدُولِهِمِ «الأخلاقيِّ» عن أيٍّ من أشكالِ التنفُّخِ والتباهِي المُعتادَيْنِ بأيِّ شيءٍ يخصُّ أصلَ أو فصلَ النائبةِ البريطانيةِ، ليلى ميشيل موران، حينَ أدركوا، ضِمْنَ حُدُودِ إدراكاتِهِمْ، قَبَسًا من «تحذيرِ» قارئٍ فطينٍ بأنَّ هذهِ الـ«ليلى» إنَّمَا تؤمنُ إيمانًا يقينيًّا بنوعٍ من السلوكِ الجنسيِّ الشُّمُوليِّ، أو الكونيِّ، المُسَمَّى بـ«كُلَّانِيَّةِ الجنسانيَّةِ» Pansexuality، وذاك من منظورِ اقتضائِهَا انجذابًا جنسيًّا كُلَّانِيًّا «شَاذًّا» متفرِّدًا كلَّ التفرُّدِ – على الخلافِ الكُلِّيِّ، على أدنى تخمينٍ هَا هُنا، من كلٍّ من «لاشُذُوذِ» ذلك السلوكِ الجنسيِّ اللاشُّمُوليِّ المَدْعُوِّ بـ«أحاديَّةِ الجنسانيَّةِ» Unisexuality، التي تقتضي الانجذابَ الجنسيَّ إلى الذكرِ أو الأنثى كُلٍّ على حِدَةٍ في المَآنِ، ومن «شُذُوذِ» ذلك السلوكِ الجنسيِّ اللاشُّمُوليِّ المَدْعُوِّ بـ«ثنائيَّةِ الجنسانيَّةِ» Bisexuality، التي تقتضي الانجذابَ الجنسيَّ إلى الذكرِ والأنثى معًا، في الآنِ أو الأوانِ.

وهكذا، في عصيبِ الزمانِ، واستنادًا إلى هكذا إدراكٍ على قَدْرِ مَا يمتلكونَ من مداركَ عقليَّةٍ في كِفَافِ المِيزانِ، لم نجدْ أيًّا من طاقمِ تحريرِ الصحيفةِ «القدساويةِ» المعنيةِ، من قريبٍ أو من بعيدٍ، «تُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ» نَشْرَ أيِّمَا إخبارٍ عُمُومِيٍّ، أو حتى إنباءٍ خُصُوصِيٍّ، لَهُ مِسَاسٌ بأصلِ أو فصلِ تلك الـ«ليلى موران»، لم نجدْهُ منذُ تاريخِ إصدارِ آخرِ تقريرٍ سياسيٍّ يمسُّها في أواخرِ الشهرِ الأوَّلِ من ذلك العامِ الفَارِطِ «المُدَانِ» (انظرا، على سبيلِ المثالِ، التقريرَ السياسيَّ اليتيمَ: «وزير بريطاني يرد بعدوانية على برلمانية من أصل فلسطيني بعد أن كشفت تناقض تصريحات بوريس جونسون بشأن حل الدولتين»، القدس العربي 30 كانون الثاني 2020). بيدَ أنَّ الكُلَّ من طاقمِ تحريرِ الصحيفةِ «القدساويةِ» المعنيةِ، إكمالاً ترديديًّا لذلك التَّسَامِي المَرْكُونِ إليهِ بالاستثناءِ وإجلالاً تعضيديًّا لكلٍّ من توصيفَيِ اللَّكَاعَةِ والوَكَاعَةِ الوَاصِفَيْنِ لهذا الاستثناءِ، إنما «تُسَوِّلُ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ»، على النقيضِ، نَشْرَ مَا «يُكَفِّرُ»، أو مَا «يُطَهِّرُ»، من ذينك الإخبارِ العُمُومِيِّ والإنباءِ الخُصُوصِيِّ إنْ مَسَّ أصلَ أو فصلَ شخصيَّةٍ سياسيَّةٍ «غربيَّةٍ» أَلاًّ و«لافلسطينيةٍ»، لكنْ «عربيَّةٌ»، آلاً، غيرِ تلك الـ«ليلى موران»، والعياذُ ثمَّ العياذُ باللهِ من «شَرِّها» جَرًّا على جَرٍّ، مثلما هي الحالُ كذاك في لاعُدُولِهِمِ «الأخلاقيِّ» و/أوِ «اللاأخلاقيِّ» عن شيءٍ من شكلٍ تنفُّخِيٍّ وتباهَوِيٍّ، أو حتى أقلَّ منهُ، بما يتعلَّقُ أصلاً أو فصلاً بالمُسَاعِدَةِ السيناتوريةِ الأمريكيةِ، دانا شباط (المتحدِّرَةِ من أصلٍ أردنيٍّ)، تلك المُسَاعِدَةِ السيناتوريةِ التي سَمَّاهَا جو بايدن في صَبيحةِ ذلك اليومِ (اليومِ الخامسَ عشرَ من شهرِ كانون الثاني عامَ 2021)، والتي عيَّنَهَا من ثَمَّ، من بينِ الكثيرِ مِمَّنْ عيَّنَهُمْ و عيَّنَهُنَّ، كـ«مستشارةٍ لشؤونِ التشريعِ» في البيتِ الأبيضِ – علمًا بأنَّ سيِّدَهَا السيناتورَ الأمريكيَّ، مايكل بينيت، إنما هو المسؤولُ المباشرُ، أو بالكادِ، عن شؤونِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا في هيئةِ التشريعِ العليا، أو «الكونغرس» نفسِهِ: فتأمَّلا مليًّا نوعَ المحلِّ الإعرابيِّ لهذهِ «المستشارةِ» المَسُودَةِ الجديدةِ بالعَيْنِ! – وعلمًا بأنَّ سيِّدَ سيِّدِهَا، جو بايدن بعَيْنِ العَيْنِ، لم يكنْ لهُ أن يستمرَّ في اتِّبَاعِ سياسةِ دونالد ترامب بإزاءِ «الكَرَمِ» الأمريكيِّ المَسْبُوغِ على إسرائيلَ بالجَهَارِ القَهَّارِ، إلاَّ أن مصدرًا استخباريًّا إسرائيليًّا كانَ قد أبَانَ عن رسائلَ بَايْدِنِيَّةٍ (نسبةً إلى بايدن) أُرْسِلَتْ إلى إسرائيلَ في الخَفَاءِ المُفَاءِ، رسائلَ بايدنيةٍ ليسَ لها إلاَّ أن تؤكِّدَ ذلك السَّعْيَ الحثيثَ إلى الاستمرارِ في التَّصَافُقِ بالتطبيعِ بينَ القَبُولِ للابتياعِ من حكومةِ الدولةِ «العبريةِ» ذاتِها وبينَ القابلاتِ للبَيْعِ من حكوماتِ الدولِ «العربيةِ» الخليجيةِ أو حتى اللاخليجيةِ، على النهج الترامبي ذاتِهِ: فتأمَّلا مليًّا أشدَّ نوعَ المحلِّ الاستعرابيِّ لسيِّدَ السيِّدِ الجديدِ هذا بعَيْنِ العَيْنِ! (انظرا، مثلاً، التقريرَيْنِ السياسيَّيْنِ اللَّطِيمَيْنِ: «من أصول أردنية: بايدن يختار ثاني أمريكية عربية ضمن إدارته»، القدس العربي 15 كانون الثاني 2021؛ «رسائل جديدة من بايدن لحكومة إسرائيل: سنواصل دعم اتفاقيات التطبيع التي بدأها ترامب»، القدس العربي 15 كانون الثاني 2021). وهكذا، مرَّةً ثانيةً، وفي لسانِ التجلِّي التنافَويِّ بينَ أحكامِ ما يُسَمَّى بـ«الإيسَادِ» في عَالَمِ اللاوَعْيِ تارةً وبين أحكامِ ما يُدْعَى بـ«السَّدَادِ» في عَالَمِ الوَعْيِ طورًا، وعلى الأخصِّ منظورًا إليهِ من منظارِ مفهومٍ مُسْتَمَدٍّ، بهيئةٍ أو بأُخرى، من وَصَائدِ ذلك الحُيُود التقديريِّ أو التخمينيِّ الذي يُحدِّدُهُ المُحَلِّلُ النفسانيُّ، جاك لاكان، اصطلاحًا بـ«سُوءِ الإدراكِ»، أو «سُوءِ التبيُّنِ» (إذْ كان قد حدَّده بالإفرادِ المعجميِّ، Méconnaissance، في اللغةِ الفرنسيةِ)، فإن أيَّ مثالٍ فعليٍّ ملموسٍ يمثِّلُ ذلك العُدُولَ «الأخلاقيَّ» دونَ النقيضِ «اللاأخلاقيِّ» عن ذينك التنفُّخِ والتباهِي المُعتادَيْنِ بأيِّ شيءٍ لهُ صِلةٌ وَصُولٌ بأصْلِ أو بفَصْلِ المَعْنِيِّ (أو المَعْنِيَّةِ) من شخصيَّاتٍ سياسيَّةٍ «غربيَّةٍ» أَلاًّ و«فلسطينيةٍ» آلاً، إنما هو مثالٌ فعليٌّ ملموسٌ يمثِّلُ بالفعلِ هذا الموقفَ «العنصريَّ المضادَّ» المُتَكَلَّمَ عنهُ هَا هُنَا بامتيازٍ، ولٰكِنَّهُ موقفٌ مُمَوَّهٌ تمويهًا «أخلاقيًّا» ظاهريًّا، ليسَ إلاَّ، بسببٍ من حالٍ لاسَوِيَّةٍ مُكْتَراةٍ اكترَاءً «لاأخلاقيًّا» باطنيًّا مِمَّا يُمْكِنُ أن نُسَمِّيَهُ الآنَ بـ«الارْتِكَاسِ التَّيْهَاوِيِّ» Aporetic Retroaction، هذهِ الحالِ اللاسَوِيَّةِ المُكْتَراةِ التي استحالتْ إلى حَوْلٍ «فاعليٍّ» بعدَ أن حَالتْ دونَ حَيْلِهَا المُحَالِ إلى حَوْلٍ «منفعليٍّ»، بحيلةٍ أو بأخرى.

مَا سَمَّيْنَاهُ الآنَ قصدًا في هذهِ القرينةِ النفسانيةِ بـ«الارْتِكَاسِ التَّيْهَاوِيِّ» (وذلك نسبًا مقصُودًا إلى «التَّيْهَاءِ» Aporia، وبالأخصِّ من حيثُ مفهومُهَا «التِّيهِيُّ» و«المُتَيِّهُ» في إطار ذلك الجَدَلِ الفلسفيِّ السقراطيِّ بالذات)، إنَّمَا سَمَّيْنَاهُ كذاك استئناسًا بمدلولِ مَا سَمَّيْنَاهُ في قرينةٍ نفسانيةٍ أُخرى، من قبلُ، بـ«الدَّالِّ التَّيْهَاوِيِّ» Aporetic Signifier، هذا الدَّالِّ الذي يعملُ في المحلِّ العقليِّ عامَّةً، أوِ في الحَيِّزِ الذِّهْنِيِّ خاصَّةً، بمثابةِ بقعةٍ مُثِيرَةٍ للحَيْرَةِ والذُّهُولِ خفيَّةِ «الدَّالِّ»، أو المبنى (لا «المدلولِ»، أو المعنى): إذْ تتبدَّى هكذا بقعةٌ شَمُوسٌ عُنُودٌ تبدِّيًا كنظيرةٍ جِدِّ شبيهةٍ بمَا يُعرفُ اصطلاحًا في علمِ البصرياتِ بـ«النقطةِ العمياءِ» Blind Spot، وعلى الأخصِّ كذاك من حيثُ مفهومُهَا «العَمَويُّ» و«المُعَمِّي» في مجالِ ذاك السَّجْلِ الإدراكِيِّ البصريِّ ومَا تقتضيهِ إواليَّاتُهُ التَّحْتِيَّةُ من تأويلٍ معرفيٍّ، أو عرفانيٍّ، تحديدًا. ذلك لأن الاستدلالَ المعنيَّ الذي يُسْتَدَلُّ بهِ في هكذا محلٍّ عقليٍّ، أو حَيِّزٍ ذِهْنِيٍّ، لا يتمُّ بناؤُهُ على أساسِ مَا يُرى فعليًّا رَأْيَ العَيْنِ في واقعِ الأمرِ، بلْ يتمُّ بناؤُهُ على أساسِ مَا لا يُرى بهذا الرَّأْيِ العَيْنِيِّ في حدِّ ذاتِهِ (إلاَّ أنَّهُ قدْ يُرى كُلَّ الرَّأْيِ القلبِيِّ، في المقابلِ). وهكذا، مرَّةً ثالثةً، وبالارتدادِ «اللاتَيْهَاوِيِّ» إلى بئيسِ الحَالِ من كاتبتِنَا الروائيَّةِ «اللاعنصريَّةِ» الغَضْبَى، غادة السمان، ومن خلالِ مَا تَمَّ تعيينُهُ في البَدْءِ في نَاصِيَةِ المقالِ من «خَرَفِ ٱلْعِفَافِ سَهْوًا أَمْ خُلْفِ ٱلْإِرْدَافِ رَهْوًا»، فإنَّ مجرَّدَ مَا تراهُ بالرَّأْيِ العَيْنِيِّ (دونَ الرَّأْيِ القلبِيِّ) من بياضِ الأديمِ من شخصيةِ «بابا نويل» (أو «سانتا كلوز») في تقريرِهَا، أو شبهِ تقريرِهَا، الصحافيِّ و/أو الإعلاميِّ المُشَارِ إليهِ في القسمِ الأوَّلِ، وإنَّ مجرَّدَ مَا تَتَّخِذُهُ من جرَّاءِ هذا الرَّأْيِ العَيْنِيِّ من موقفٍ «لاعنصريٍّ» غَضْبَانَ غَاضِبٍ مِمَّا تخالُهُ كُلَّ الخَيْلِ والخَيَلانِ موقفًا «عنصريًّا» نهائيًّا لا مِرَاءَ فيهِ مُتَّخَذًا من لدنْ أولئك «القوَّادينَ البيضَانِ» الذين لمْ يفتأوا ينفُثُونَ في نفوسِ الأطفالِ سُمُومَ تيك الأفكارِ التفوُّقيةِ الآنفةِ الذكرِ في القسمِ الأوَّلِ ذاتِهِ، إنَّمَا يُذَكِّرَانِ، قبلَ كُلِّ شيءٍ، بتيك «الدَّالِّيَّةِ التَّيْهَاوِيَّةِ» الظاهريَّةِ التي يُمْكِنُ اشتفافُهَا بسُهُولةٍ ويُسْرٍ من القولِ الشكسبيريِّ المأثورِ ذي الدَّلالةِ العميقةِ مَدًّا، «لَيْسَ كُلُّ مَا يَلْمَعُ ذَهَبًا» (ولكنْ، باتِّجَاهِهِ القَصْدِيِّ الخُلْفِيِّ)، أو حتى من قولِ المتنبي المأثورِ كذاك ذي الدَّلالةِ الأشدِّ عمقًا بكثيرٍ مَدًّا أمَدَّ هَا هُنَا، «أُعِيذُهَا نَظَرَاتٍ مِنْكِ صَادِقَةً / أَنْ تَحْسَبِي الشَّحْمَ فِيمَنْ شَحْمُهُ وَرَمُ» – والحَالُ المُخَاطَبُ، هَا هُنَا أيضًا، بالصَّوْغِ المُؤَنَّثِ مقصودٌ كُلَّ القَصْدِ، عندَ هكذا حَدٍّ، ومُوَجَّهٌ توجيهًا خاصًّا إلى كاتبتِنَا الروائيَّةِ «اللاعنصريَّةِ» الغَضْبَى، في حدِّ ذاتِهَا، لكي نُذَكِّرَهَا، بعدَ كُلِّ شيءٍ، بتيك «الدَّالِّيَّةِ التَّيْهَاوِيَّةِ» الباطنيَّةِ التي يُمْكِنُ اشتفافُهَا كذاك، ولكنْ ولكنْ بصُعُوبَةٍ وعُسْرٍ، من أقوالٍ مأثورَةٍ، أو لامأثورَةٍ، أُخرى غيرِ هذين القولَيْنِ المأثورَيَنِ، على النقيضِ!

[انتهى القسم الثاني من هذا المقال ويليه القسم الثالث]

*** *** ***

دبلن، 29 كانون الثاني 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة