الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي شريعتي المفكر الثائر2/ 2

داود السلمان

2021 / 1 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عدنان ابراهيم والرفاعي
أمر طبيعي أن يكون لكل إنسان، عالم او مفكر او اديب او مثقف، انصار وخصوم، رفقاء واعداء؛ وهذه سنة طبيعية في الحياة موجودة في كل المجتمعات البشرية، فالشخص الناجح تكثر خصومه والانسان المغمور لا احد يلتفت اليه، فالنجاح له ضريبة، وضريبة باهظة.
النقد امر مشروع، لكن لابد أن يكون على أُسس علمية ومنطقية ومعرفية، ومعايير يقيس بها نقده، لا أن ننتقد على اساس تقليدي كون أن نرى من نحبهم او نميل اليهم فكريًا او مذهبيًا، وهم ينتقدون حالة معينة او شخصية بارزة او نظرية بعينها؛ فهذا النقد بحد ذاته هو ليس نقد موضوعي، بل هو اشبه بلقلقة لسان. النقد لا يجب أن يكون لغرض النقد، وانما النقد يكون من اجل اظهار حقيقة او توضيح مشكل او القاء الضوء على التباس علمي او معرفي، فالذي ينتقد لغرض النقد فهو انسان مؤدلج مقلد لغيره، لا تهمه الحقيقة بقدر ما يهمه النقد ذاته؛ اما الناقد الآخر، اعني الذي ينتقد بموضوعية ودراية لكشف التباس، فهذا هو الناقد الحقيقي الذي يحترم منهج النقد.
فالنقد إذن هو مسؤولية تقع على عاتق الناقد الحقيقي غير الذي يرزح تحت اهواء ومسميات، الهدف منها طمس الحقائق.
فمن الذين وقفوا بجانب شريعتي وكانوا من مؤيديه وناصريه هو المفكر والناقد الكبير والمثقف المعروف عدنان ابراهيم، فقد اشاد بشريعتي وبفكره ومنهجه وتصديه للأفكار المنحرفة والايديولوجيات والنظريات الجامدة، واعتبره مفكرًا فذاً، حيث انتقد الافكار القديمة واراد نهوض الامة من سباتها وتثور، من خلال هذا النقد، لتقف بالتالي مع الشعوب الناهضة التي تسير مع التجديد جنبًا الى جنب في سبيل ارتقاء الامة نحو آفاق معرفية علمية تليق بإنسان العصر الذي يواكب الحضارة، والتقدم الذي يشهده العالم برمته.
اما الناقد او المنتقد الثاني، والذي ذكرنا صفاته واهدافه، فهو عبد الجبار الرفاعي حيث اشرنا اليه في مقدمة هذه المقالة، والرفاعي هو رجل تقليدي كان في بدايته رجل متحزبا لأحد الاحزاب الاسلامية، ثم هجر ذلك الحزب، لكن فكره ومنهجه لا زال باقيًا على نهج ذلك الحزب، فهو لم يستطع أن يفارقه روحيا فقط كونه غادره جسديًا.
كاتب آخر اسمه حيدر حب الله، وهو يُعد من انصار شريعتي ومن المتأثرين بفكره. كتب مقالاً يشيد في الاعمال التي انتجها فكر شريعتي، ومدى تأثيرها على المتجمع الاسلامي عمومًا وعلى المجتمع الايراني على وجه الخصوص.
يقول حب الله، وهو يحلل فكر شريعتي، إن هناك اتجاهين في فكر شريعتي:
(1)" الاتجاه النقدي الثائر ضدّ الطبقية والاستبداد، وهو اتجاه غذّته في العالم الإسلامي آنذاك الحركة الشيوعية واليسارية عموماً، لهذا وجدنا عند شريعتي مقولات تشبه اشتراكية أبي ذر الغفاري، وحضوراً لافتاً للاقتصاد في نتاجاته تمثل في رفض المنطق البورجوازي بتمظهراته في المجتمع.. فتحدّث عن زهد علي.. وفي سياق رفضه الشامل للطبقية، بلغ الحال بشريعتي أن طرح مقولة «إسلام بلا رجال دين أو بلا مؤسسة دينية» وهي المقولة التي أثارت غضباً عاماً ضدَّه في الأوساط الدينية في إيران، أي في مجتمع كانت تركيبته الاجتماعية قائمة على هرمية يقف المرجع الديني على رأسها."
(2): "الاتجاه النقدي الثائر ضدّ المقولات الدينية التي يعتقد أنها لعبت دوراً في تخلّف المسلمين، وهذه المادة النقدية التي قدّمها شريعتي في التشيع العلوي والتشيع الصفوي وغيره، شكّلت أحد المنطلقات التي صدرت على أساسها الفتاوى ضدّ كتبه التي اعتبرت كتب ضلال، حتى من بعض المرجعيات الكبيرة آنذاك، فطبيعة التشيّع السائد في إيران كانت ـ من وجهة نظر شريعتي ـ تاريخية، أي إنها من إفرازات ما يسمّيه شريعتي في بعض كتبه (الاستحمار) الذي تمارسه السلطة، إنه استخدام منطق الدين للتجهيل والاستغباء وتفريغ الوعي وتسطيحه.
شريعتي مفكر ثائر
هذا الإضافة الى ما ذكرناه في هذه المقالة، فأن شريعتي اعُتبر من طليعة المفكرين الثائرين على الاوضاع السياسية والاجتماعية والدينية، حيث نادى بتحرير الانسان من ربقة الانسان ذاته، المتمثلة برجل الدين الذي تحول الى سياسي، والسياسي الذي تحول الى رجل دين؛ لذلك حورب شريعتي من عدة اطراف وصبوا عليه جام غضبهم، واتهموه بتهم مختلفة ولا تزال بعض الكتابات تدينه وتتهمه بقضايا مختلفة، حتى إنهم اغتالوه في ظروف غامضة، اذ وجدوه مقتولاً في شقته وهو بعمر الثانية والاربعون من عمره.
وهكذا يغادر شريعتي العالم و الامل يحدوه في أن يحرر الفكر الانساني من القيود، لكن افكاره لم تغادر معه، فهذه كتبه تملأ الخافقين حاضرة لمن يريد أن يتنور بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى


.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة




.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا