الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الفايروسات الألكترونية ...... فوز بدون نزال

صباح راهي العبود

2021 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


حرب الفايروسات الالكترونية .... فوز بدون نزال.
في أربيعينيات القرن الماضي , وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في أعقاب تفجيرأول سلاح نووي من قبل أمريكا عام 1945 تم به مسح مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين من الوجود , علق أنشتاين بقوله ( لا أعرف أية أسلحة ستستعمل في الحرب العالمية الثالثة ,لكن الحرب العالمية العالمية الرابعة سيكون سلاحها العصي والحجارة ). وعلى الرغم مما عُرف عنه من ذكاء مميز وتوقعات أثبتت حدوثها في نطاق العلم لكن أنشتاين لم يستطع لا هو ولا غيره من التنبؤ بظهور أسلحة لم تكن بالحسبان في حرب تكنولوجية باردة أساسها فيروسات الكترونية خبيثة تعمل بضغطة أزرار على جهاز الكومبيوتر لتبدأ هجماتها الضخمة ( حرب الكترونية بدون نزال) لا يستطيع أحد التنبؤ بما تؤول إليه من نتائج , ولا يمكن تجنبها أو تفاديها كما هو عليه في الحرب العسكرية التقليدية. فهي حرب بلا جيوش ولا إطلاق نار أو قنابل ذرية ولا صواريخ وقاذفات وطائرات مسيرة أو مقاتلة, ولا تستخدم فيها دبابات أو مدرعات أو ناقلات جنود, إنما هي حرب ميدانها الفضاء, يكون سلاحها الكترونات يطلقها من أية مسافة جهاز حاسوب غير تقليدي يكون بمقدوره تحويل أي جهاز كومبيوتر إلى جاسوس مطيع يسجل المحادثات ,ويلتقط الصور التي تظهر على شاشات الأجهزة ,و يجمع البيانات ويمكنه تغيير برامج الأجهزة من خلال استخدام ما يُسمى (فايروس الحاسوب). ترى ماذا يعنى هذا الاصطلاح وكيف يتم إنتاج هذا الفايروس ؟!.
مصطلح (فايروس الحاسوب) تم تعريفه لأول مرة عام 1985 من قبل مهندس الحاسوب فرد كوهين.وهو نوع من البرمجيات التخريبية الخارجية الضارة. صُنعت بقصد تغيير خصائص نظام أو حاسوب أو موقع الكتروني وغير ذلك, ,ويُعد أول إشارة تحذيرية تعلن بداية عصر الحروب الألكترونية. والفيروسات الرقمية هذه تتكاثرعن طريق إصابة برنامج حاسوبي بتعديل خصائصه. ويمكن لصاحب البرنامج المطور أن ينقل برنامجه من خلال شبكة الأنترنيت عن طريق تحميلها إلى جهاز المستخدِم ( الهدف) دون علمه أو إذنه, أو ربما يتم ذلك عن طريق زيارة المستخدم لمواقع الكترونية زائفة , أو فتح بريد الكتروني يحتوي على فايروسات .. ألخ. يتكاثر هذا الفيروس عن طريق نسخ نفسه في برامج أخرى أو عن طريق الدخول على برنامج حاسوبي وإصابته بتعديل خصائصه أو في ملفات وثائقية فيقوم بتغيير آلية عمل الحاسوب المستهدف ( الكومبيوتر ) أو تعطيل عمله بحذف أو تشفير الملفات والبيانات الموجودة على الجهاز, أو الحصول على بيانات أو إمتيازات تخص المسئول عنه .
والفايروسات الالكترونية على أنواع حسب الغاية المطلوبة كأن تكون إصابة الملفات المسئولة عن تحميل نظام التشغيل ,أو لتدمير الملفات ,أو تصيب ذاكرة الحاسوب , أو تغير شكل الكود باستمرار, أو مهاجمة الأوامر المكتوبة بلغة الماكرو باضافة تعليمات برمجية ضارة , ومنها ما يصيب ذاكرة الحاسوب المستهدف ... ألخ.
مشروع ستوكس نت ( الألعاب الأولمبية )
عام 2005 تم تطوير فيروس الكتروني بمواصفات خاصة من خلال إتفاق بين الولايات المتحدة زمن الرئيس بوش , وإدارة نتياهو في إسرائيل على تنفيذ مشروع لفايروس عسكري داخل أروقة المخابرات الأمريكية أطلق عليه للتمويه إسم ( الألعاب الأولمبية) وهو الأخطر في التاريخ, ليتمكنوا من خلاله إستهداف نظام الويندوز وأنظمة التحكم والإشراف وتحصيل البيانات تم تجريبه بهجوم تمثل بإدخال هذا الفيروس التخريبي إلى أجهزة حاسوب المنشأ في إيران التي لم تدرك سببها لكنها تمكنت من تخطي العقبة وإعادة الأمور إلى نصابها . وبعد أن تم ذلك ظل الأمر سراً حتى حزيران 2010 ليكتشف من قبل شركة أمنية مقرها روسيا البيضاء. ولقد تمكنت روسيا من الكشف عن شفرة السلاح الجديد دون إستخدامها أو تدميرها لكنها خزنته إلى حين.
في تقرير لوكالة الطاقة الذرية في أغسطس 2012 جاء فيه أن إيران بدأت باستخدام 96 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 % المستعمل لانتاج الوقود الخاص بمفاعل الوقود.وأظهرت صور للأقمار الصناعية أن إيران صنعت حاوية تفجير ضخمة لإجراء التجارب الهيدروديناميكية مما له صلة بتطوير الأسلحة النووية . ولغاية 12 فبراير 2013 كانت إيران قد شغلت 12699 جهازطرد مركزي في موقع نطنز لوحده.
بعد خلافات حادة بين إيران ومجموعة الدول (5 + 1) أي الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن + ألمانيا ,بسبب العقوبات على إيران إستمرت عشر سنوات ,تم الإعلان في 14 يوليو (تموز) 2015 عن إتفاق نووي يلزم إيران بتقليص النشاطات النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران تدريجيا. غير أن الرئيس الأمريكي ترامب إنسحب من هذا الإتفاق بشكل أحادي الجانب في 8 يونيو (مايس) 2018 لتبدأ عقوبات قاسية على طهران جعلت التوترات تتصاعدت ودفعت بايران إلى رفع طاقة المفاعل الانتاجية ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم كثيرا. أعطت العملية ثمارها من مراحلها الأولى مطلع عام 2016 في وقت إبرام الإتفاق النووي مع إيران بعد جهود مضنية من مجموعة ( 5+ 1 ) إذ رفعت أمريكا العقوبات التي فرضتها على إيران بسبب برنامجها النووي بشرط تنفيذ إلتزاماتها التي وردت في إتفاقية 2015 ,وفي حال رفض إيران لها فسوف يتم إختراق المرافق العامة في إيران من قبل أمريكا وغيرها. وسيشمل الإختراق محطات الكهرباء , ومحطات المياه ,والسدود , والبنوك وغير ذلك مما سيسبب خسائر في الأموال والأرواح. وللعلم فإن إيران تعرضت لما يقارب ( 50 ) ألف هجمة إلكترونية . أما الرد الإيراني على هذه الهجمات فكان بمحاولات إختراق برامج وأنظمة الحواسيب لبعض المؤسسات في دولة مجاورة وخاصة بعد عملية إغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني . كما أنها متهمة بالهجوم على آرامكو في السعودية عام 2012, بتنفيذ آلاف المحاولات لرصد حسابات البريد الالكتروني ومهاجمة الكثير منها بضمنها ما يتعلق بحملة إنتخاب دونالد ترامب الأخيرة وشن هجمات سيبريانية على البنوك الأمريكية. ويتوقع المراقبون أن الأمر ربما سيطال البنية التحتية الحساسة في أمريكا كالكهرباء مثلاً. ولعل الرد الإيراني السيبراني المثير لقلق أمريكا هو إحتمال إستهداف اشخاص بتقنيات التجسس الالكتروني بعد جمع البيانات بأدوات ووسائل إستخبارية متنوعة التي تخص أشخاص يمكن تصفيتهم في أية لحظة. ولمراقبة السفن والطائرات في منطقة الشرق الأوسط .
وعودة إلى مشروع (فايروس ستوكس نت) الذي بدأت أمريكا بتجربته عام 2010 بعد فشل أجهزة الكومبيوتر من السيطرة على أجهزة ا لتخصيب في إيران , بدأت مجموعات العمل الأمريكية تطوير الفيروس وتحديد مهماته استعداداً للخطوات التي تلي . وبعد نجاح البرنامج الالكتروني استأنفت الولايات المتحدة إجراء تجاربها على وحدات الطرد المركزي الخاصة بالمفاعلات النووية فيها من الطراز نفسه المستخدم في مفاعل (نطنز) الإيراني لتخصيب اليورانيوم والذي يقع بالقرب من مدينة أصفهان.وكانت النتيجة مشجعة للغاية, لذا قرر بوش رئيس الولايات المتحدة حينذاك الموافقة على الهجوم الالكتروني (الهجوم السيبراني) . ولقد وجدت أمريكا أن وصول الفيروس إلى الحواسيب المركزية الموجودة داخل المفاعل النووي الإيراني صعب جداً لأن جميع العاملين داخل المفاعل هم من الموالين والمخلصين للنظام الإيراني ,ولأنها كانت معزولة تماماُ ولم تكن متصلة بالأنترنت. لذا وضعت خطة خاصة للهجوم الالكتروني لضرب حواسيب منشئات الدعم بالمفاعل بفايروسات الكترونية مسربة إلى محطة (نطنز) من خلال وسيلة التخزين (فلاش) . ومن ثم ضرب وحدات الطرد المركزي في منشأة (نطنز). وفعلاً تم ذلك فجر الخميس الثاني من تموز عام 2020 مما نتج عنه رفع معدلات عمل وحدات الطرد المركزي في المفاعل ومضاعفة معدل عمله مما تسبب في إرتفاع كبير جداً في درجات الحرارة وإنبعاث صوت يشبه صوت الطائرة النفاثة لفترة طويلة مع إنفجار كامل في وحداته وأجهزته سريعة الدوران وتمزيقها رغم أن برنامج المراقبة في المفاعل يشير إلى أن العمل يسير بصورة دقيقة ,وسجلت الأقمار الصناعية حريقاً هائلاً في المركز . هذه الكارثة أوقعت الخبراء الايرانيين في حيرة ,ولم يهتدوا إلى أي أثر أو تفسير منطقي لما حدث. وتولد ظن بأن سبب الانفجار هو عمل تخريبي بشري .وهكذا تم طرد الكثير من المهندسين المسؤولين عن المشروع النووي الإيراني. وبذلك تم هدم أكبر منشأة في إيران لتصنيع أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم بالكامل. وإن محاولة إعادة بنائه ستحتاج لسنوات أخرى. بعد هذا الحادث بعدة أيام تم إستهداف ميناء (رجائي ) الستراتيجي المهم بهجوم الكتروني . وتتجلى أهمية هذا الميناء في أنه أكبر مركز إقتصادي في إيران إذ تمر من خلاله 50 % من واردات وصادرات البلاد عبر البحر. تلى ذلك تخريب عدة منشئات نووية ومصافي لتكرير النفط ,ومحطات طاقة ومصانع كبرى في أرجاء متفرقة من البلاد.
إدعت إيران أن الخبراء الإيرانيين كشفوا عن الهجوم على وحدات الطرد المركزي وتعطل في إثر ذلك النشاط النووي في إيران بالكامل ,وكانت فاعلية هذا الهجوم تعادل فاعلية هجوم عسكري بحسب تقديرات المختصين, لا بل وأفضل من ذلك لعدم وجود خسائر في الأرواح والممتلكات من جرائه .
كشفت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية عن إصابتها بهذا الفيروس,كما لوحظ إصابة 60 % من الحواسيب الإيرانية ,و18 % في أندنوسيا ,و2 % في أمريكا , ثم ظهر تأثيره في عشرات الألوف من الحواسيب في أرجاء متفرقة من العالم ,وهذا يعني أنه انتشر خارج المفاعل النووي الإيراني , وأن الأمور خرجت عن السيطرة وهو الذي لم يكن في حسابات أمريكا وغيرها.
في الآونة الأخيرة إزداد الولع بممارسة لعبة الهجوم السيبراني من لدن دول كثيرة ومافيات وعصابات وحتى أشخاص هواة لتحقيق أهداف تخريبية أو عدوانية أو سطو وجميعها تصب في تدمير الأمن وسعادة البشرية ونشر القلق وكل ما يهدد ما أنجزته البشرية . كما منح بعض المراهقين الهواة إمكانية صنع سلاح رقمي قادر على الإطاحة بالبنية التحتية الحيوية وهو قابع في غرفته في حين لا يستطيع بناء سلاح نووي, وقد يستطيع هؤلاء تهديد الحسابات المصرفية أو وقف مصانع وربما اشعال حرب عالمية ثالثة . ولعل الكثير من الدول أمست تعد وتخزن هجمات الكترونية لاستعمالها وقتما تشاء وتريد. لذا أصبح لزاماً على دول المعمورة السعي لعقد إتفاق إنساني لوقف هذا الخطر الداهم والإسراع في رأب الصدع لتحويل هذا الإرهاب المستحدث إلى إنجازات تخدم السلام الأممي وتوحد الجهود الإنسانية باتجاه توطيد المحبة والسلم المجتمعيين وتجنب كل ما يضر البشرية. فألى ذلك فليسعى جميع البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية