الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكييف الدعاوى المرفوعة أمام القضاء

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2021 / 2 / 3
دراسات وابحاث قانونية


المقصود بالتكييف وصف النزاع المرفوع امام المحكمة وصف قانوني يمكنها من تطبيق قاعدة قانونية عليها، فالقاضي يتبع معاني القانون في حاصل فهم الواقع فيربط الواقع بالقانون, والقاضي هو المسؤول عن تكييف وقائع الدعوى، ويذهب الاستاذ ضياء شيت خطاب(ضياء شيت خطاب الفقيه القاضي ـ حميد المطبعي) الى أن السند القانوني الذي يجعل القاضي في العراق هو المسؤول عن التكييف دون الخصوم، هو المادة الاولى من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 ، والتي نصت على(توسيع سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من أدلة بما يكفل التطبيق السليم لاحكام القانون وصولاً الى الحكم العادل في القضية المنظورة ) ولا شك أن هناك ارتباط قوي بين التسبيب والتكييف فكلاهما عمل يقوم به القاضي ومادة التسبيب هي التكييف اضافة الى ذلك لانستطيع أن نصل الى صحة أو خطأ التكييف الاّ عن طريق التسبيب فاذا لم تسبب محكمة الموضوع حكمها تسبيباً كافياً ومنطقياً توضح فيه الطريق والمنهج الذي سلكته في التكييف القانوني لا تستطيع محكمة الطعن الوقوف على سلامة التكييف وهذا لا يعني أن صحة التسبيب تؤدي بالضرورة الى دقة وصحة وسلامة التكييف الذي قامت به محكمة الموضوع فقد تُبنى الاسباب بناءاً صحيحاً وقانونياً ومع ذلك فقد تنطوي على تكييف خاطئ فعن طريق اسباب الحكم تستطيع محكمة الطعن مراقبة مدى سلامة التكييف فرقابة الاسباب ما هي الاّ رقابة على التكييف الذي يسبغه القاضي على هذه الوقائع ويلبسها الثوب القانوني الملائم والمناسب لها, فالتكييف عملية تقوم على عنصرين هما القانون والواقع , كما هو الحال بالنسبة للتسبيب وكلاهما يقوم به القاضي , ولا بد منه والاّ تعرّض حكمه للنقض أو الفسخ فكلاهما يخضع لرقابة محكمة الطعن وكلاهما لايتوقفان على طلب الخصوم (اطراف الدعوى) فالقاضي يقوم بعملية التكييف والتسبيب دون ان يخضع ذلك لإرادة اطراف الدعوى الاّ أنهما يختلفان في بعض الوجوه. وهناك علاقة وثيقة بين السلطة التقديرية الممنوحة قانونـا للقاضي وبين التكييف القانوني الذي هو من اختصاص القاضي، ذلك لان تقدير وتهيئـة القاضـي لعناصر النزاع المطروح عليه من اجل إنزال حكم القانون عليها لغرض حسمها هو الـذي يعتمـد عليه تكييف القاضي لذلك النزاع ، ولما كانت أدوات الصياغة القانونية ووقـائع النـزاع والقاعـدة القانونية هي المادة التي تباشر من خلالها السلطة التقديرية وهي كذلك عصب التكييف القانوني ولما كان من يقوم بالتقدير هو نفسه من يقوم بالتكييف ، فان ذلك يدل على قـوة العلاقـة بـين التقـدير والتكييف ، وعملية التكييف تأتي تالية للتقدير ذلك لأنه وان كان التقـدير والتكييـف يـردان علـى عناصر واحدة ويقوم بهما ذات العضو بالصفة ذاتها عند إصدار العمل القـضائي ،إلاّ أن الفـارق بينهما زمني ، حيث إن التقدير سابق للتكييف من حيث التمهيد له حتى يمكن إنزال حكـم القـانون عــلى الواقعة ، والتقــــدير أيضا لاحقــــا للتكييـــــــف من حيث إعمال اثـر القاعدة القانونية على واقع النزاع ، وهذا التعقيد لا يمكن أن يواجهه إلا القاضـي المتمتـع بالـذكاء والفطنة والقدرة القانونية والعلم والخبرة والذوق الرفيع ضـمن سـلطته التقديريـة ، وعلـى ذلـك فالقاضي عندما يقوم بعملية التكييف يباشر سلسلة من عمليات التقدير ليصل إلـى تطبيـق القاعـدة القانونية التي يرى ملائمتها لواقع النزاع المعروض عليه بقصد حسمــــــه.
لا تقف رقابة النقض للتكييف على مسائل دون غيرها فكل مسألة كيفتها محكمة الموضوع تخضع لرقابة النقض فالرقابة تنصب على تكييف محكمة الموضوع لطلبات الخصوم ودفعوعهم كما تنصّب على وقائع الدعوى سواء فى ذلك ما تعلق منه بموضوعها او اجرائتها ومثال ذلك الأولى تكييف شروط التجريم او موانع العقاب او اسباب الاباحة ومثال الثانية وصف اجراء معين بانه استيقاف او قبض او تكييف اجراء بانه مجرد دخول منزل او تفتيش . وقد ترد نقابة النقض على تكييف واقعة طبيعية ترتب اثاراُ قانونية كما ترد على واقعة ارادية مثال الأولى تكييف حالة بأنها جنون ينفي مسؤلية الجاني ومثال الثانية اجراء بانه ترك الخصومة واخيرا فقد تنصّب رقابة النقض على تكييف الجريمة ذاتها وما اذا كانت تعد مخالفة او جنحة او جناية.
ان تكييف الواقعه على نحو معين يرتب من تلقاء نفسه جميع النتائج الموضوعيه والاجرائية المترتبة على هذا التكيف فلا توجد طريقتان له احداهما موضوعية والاخرى اجرائية كما لا توجد بالتالي حدود فاصلة بين نطاق كل من القانونين فى الاثار المترتبة عليه وقد اضطرت بعض المحاكم الى تكييف الواقعه فى القانون الموضوعي على نحو معين مترتب على هذا التكييف ما اقتضته الحال من اثار اجرائية كما ان بعضها الآخر استدل بخضوع الواقعة لقاعدة اجرائية معينة او عدم خضوعها – على حقيقة وصفها فى تقدير القانون الموضوعي ومن ذلك ان بعض الاحكام استدل منها فى تكييف الجرائم المقترنه بالاعذار القانونية المخففة بنوع المحاكم المختصة بنظرها ومدى جواز التجنيح فيها عندما كان جائزاً كما استدل بعضها الاخر بنفس هذه الاعتبارات على تكييف الواقعة فى العود المتكرر.هذا من جانب ومن جانب اخر فان بعض القواعد الوارده بين نصوص الاجراءات الجنائية مثل تقادم الدعوى والعقوبة هى فى حقيقتها قواعد موضوعية ولذا تلحق بها فى كثير من الاحيان خصوصا عند تعديل النص والبحث فى سريانه بأثر رجعي ومبدأ هذا السريان فتقادم الدعوى يشبه فى اثاره الى حد بعيد حكم البراءة بل ان المحاكم فى العمل تقضي عادة بالبراءة لمجرد هذا الانقضاء لا بسقوط الدعوى فحسب كما ان تقادم العقوبة يولّد اثاراً تشبه اثار العفو عنها ولذا كان خطأ حكم الموضوع فى هذا الشأن يعادل الخطأ فى القانون من حيث أثاره فمحكمة النقض تصحح الخطأ وتحكم طبقاً للقانون – اذا تحققت من الانقضاء – ولا يعاد البطلان فى الحكم او الاجراءات فلا تعاد المحاكمة من جديد اما نفس المحكمة التى اصدرت الحكم المنقوض مشكلة من قضاة اخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا