الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسلسل الافتراضي لسيطرة الوعي على الكون (المسودة الأولى)

رائف أمير اسماعيل

2021 / 2 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مقدمة:
يفترض علماء الفيزياء الكونية سيناريوهات متعددة لنهاية الكون، كلها تعتمد على ثلاث عوامل فيزيائية بحتة: شكل الكون، كثافته، كمية الطاقة المظلمة. فهو إما سيستمر بالتمدد حتى تتمزق كل مكوناته وحتى ذراته، أو يموت حراريا ويتجمد بسبب التمدد، أو ينقلب التمدد إلى تقلص فينهار على نفسه ثم ينسحق تماما، أو إنه سيستمر بالتذبذب بين التمدد والانكماش بلانهاية، و هناك نظرية حديثة تسمى الشفط العظيم، تعتمد على بوزون هيغز كأساس لمستوى كتلته وبالتالي طاقته، بظهور فقاعة هائلة آتية من كون آخر لها مستوى طاقة أقل من طاقة كوننا تتسبب في تحلل البروتونات فيه، وتمسحه من الوجود.
هنا، افتراض آخر يعتمد على تشكل الوعي ومن ثم سيادته على الكون وتقريره مصيره. وبذلك فهو يرجح التخطيط المسبق لنهايته ولما بعدها من خلق شكل وجودي آخر، ويدعم الشكوك في وجود تخطيط مسبق قبل انفجار بك بانك العظيم، ويعتمد على ملاحظة مهمة، وهي التحول التدريجي للهيدروجين إلى العناصر الكيميائية الباقية في النجوم، ومن ثم تشكل الكواكب الصخرية ومنها كوكب الأرض ونشأة الحياة الواعية عليها. فقد أفترضت هنا أن هذا التسلسل هو حتمي لكل الكون وليس على كوكب الأرض وحده، وأن هذه الظاهرة ستزيد كلما زاد عمر الكون، وسينتشر الوعي في كل أرجائه وسيتوحد لتكوين عقل هائل يسيطر على كل الكون، فيتلاعب بمحتوياته، والأرجح أنه سيقوم بفنائه ليستبدله بوجود آخر، بتنظيم أخر أكثر توافقا مع العشوائية (الخالدة) لتلك الفترة الزمنية، وكالآتي :
أولا - لايمكننا الاجابة على الاسئلة المتعلقة بخلق الكون وتسييره دون أن نفهم تماما ماهو الكون، شكله وبنائه، ماهية مادته والقوانين العاملة فيه، مثلما نعثر على مركبة فضائية غريبة الشكل تتحرك فوق كوكب اكتشفناه، فلايمكن أن نفهم كيف صنعت وحجم وامكانية العقل الذي صنعها، أو هي صنعت نفسها بنفسها وهل هي تسير نفسها ذاتيا أو هناك من يسيرها عن بعد إلا بعد أن نفهمها مفصلا.
وكلما فهمنا الكون أكثر استطعنا أن نحدد السؤال والجواب معا بشكل أصح، بتقريب عملية الصنع ومتطلباتها من المصنوع وامكاناته.
الكون كما نراه الآن يتكون من زمكان(فضاء)، تتواجد فيه المجرات التي هي تتكون من النجوم بانواعها والكواكب والغازات والكواكب والاحجار والأتربة، والثقوب السوداء والكوازارات، وطاقة تتخلل كل هذه الأشياء. وهذه كلها تبنى من ذرات هي جزء من أصل متبادل مع الطاقة، ويعتقد أن هناك مادة مظلمة وطاقة مظلمة يشكلان حوالي 95% من الوجود المنظور وهما يشاركان في صنع المجرات وتمدد الزمكان (تمدد الكون).وتساهم في صنع الذرات ثلاث قوى هي الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة والقوية بينما تساهم ظاهرة الجاذبية في تجاذب الكتل الكبيرة: المجرات، والنجوم، والكواكب وغيرها لتكون علاقات بينها عن بعد، من خلال انحناءات في الزمكان.
وتبرز لنا على كوكب الأرض ظاهرة تكون حياة، هي تعبير عن تفاعل بين كائنات مادية حية والوسط الذي تعيش فيه.. ملايين من الأنواع المكتشفة يتقدمها الأنسان كذروة واعية ارتقائية ،حيث أن الباقيات لاتملك الإدراك الكافي لأن تفهم أنها تعيش في كون أكبر، فاكتفت لتمارس دورا أحيائيا، بسيط في فهمه لواقعه حسب حاجات أجسامها البسيطة.
ثانيا - بداية ظهور الكون- الانفجار العظيم( بك بانك)
(تعود بداية تأسيس نظرية الانفجار العظيم للعالمين الروسي ألكسندر فريدمان والبلجيكي جورج لوماتر. فقد نجح فريدمان في حل معادلات نظرية النسبية واستنتج منها فكرة تمدد الكون سنة 1922، واستنادا إليها وضع لوماتر سنة 1927 نظريته حول تمدد الكون.
وقد دعم عالم الفلك الأميركي إدوين هابل سنة 1929 فكرة لوماتر حين أكد وجود مجرات أخرى وهي تتباعد بسرعة متناسبة مع المسافة الفاصلة بيننا وبينها. وهو أول أساس بنيت عليه نظرية فريدمان لوماتر (التي سيطلق عليها فيما بعد نظرية الانفجار العظيم.
وقدم لوماتر سنة 1931 فكرة ثانية وهي أن الكون كان في بدايته منكمشا في نقطة واحدة، وأن انفجارا حصل في اللحظة الأولى جعل الكون يبدأ في التمدد. وقد أطلق لوماتر على نظريته الجديدة اسم "الذرة البدائية". وكانت هذه أول مرة تطرح فيها فرضية أن للكون بداية.
وظلت النظرية على حالها إلى غاية سنة 1948 عندما نجح أحد طلبة فريدمان -وهو جوج غامو- في تفسير كيفية حصول التخليق النووي الابتدائي في اللحظات الأولى للكون، وتكون نوى العناصر الكيميائية الخفيفة كالهيليوم والليثيوم.
وأضاف غامو عنصرا إضافيا في نموذج لوماتر، وهو الحرارة. فالكون لم يكن باردا عند لحظة الانفجار كما خمن لوماتر ولا يحتوي على المادة التي نعرفها، بل كان عبارة على "حساء بدائي" لا تعرف مكوناته يسبح في حرارة عالية جدا. لكن غامو عجز عن الإجابة على سؤال واحد وهو: كيف تشكلت العناصر الكيميائية الأثقل من الليثيوم؟
كانت تلك نقطة الضعف التي كان ينتظرها فراد هويل، عالم الكونيات الإنجليزي وأحد مؤسسي نظرية أخرى للكون تسمى نظرية الحالة.
وكان هويل أبرز المشككين في نظرية لوماتر وغامو، لذلك أطلق عليها في تصريح إذاعي سنة 1950 اسم الـ"بيغ بانغ" أو الانفجار العظيم استهزاء بها، وهو الاسم الذي اشتهرت به فيما بعد.
لكن غامو واصل بناء النظرية بوضع فرضية أخرى مفادها أنه مع تمدد الكون وهبوط درجة الحرارة نجحت الفوتونات في التحرر من المادة عندما كان عمر الكون ثلاثمائة ألف سنة. وافترض غامو أن هذا الإشعاع(الذي سمي إشعاع الخلفية الكونية الميكروي) ما زال يتردد في أرجاء الكون ويمكن رصده. وهو ما تم بالفعل صدفة سنة 1965. وبذلك وضع غامو الأساس الثالث لنظرية الانفجار العظيم.
وقد دعمت حديثا العديد من الاكتشافات الفلكية هذه النظرية التي أصبحت الأكثر قبولا في الأوساط العلمية لتفسير نشأة الكون وتطوره.
وحسب هذه النظرية، فقد نشأ الكون قبل حوالي 13.8 مليار سنة. في تلك اللحظة كان الكون "نقطة تفرد" ذات كثافة عالية جدا وحرارة تفوق الخيال، وهي ظروف لا تنطبق فيها قوانين الفيزياء. ويعود ذلك إلى أن القوى الطبيعية الأساسية الأربعة المعروفة، وهي قوى: الجاذبية والكهرومغناطيسية والنووية الكبرى والنووية الصغرى، كانت كلها متحدة ضمن قوة أساسية واحدة.
وتقول النظرية إنه بعد 10-43 ثانية انخفضت الحرارة بانخفاض كثافة الطاقة إلى درجة مكنت قوة الجاذبية من الانفصال عن بقية القوى. وبداية من هذه اللحظة أصبح بإمكان الفيزياء أن تقدم تفسيرا للأحداث المتعاقبة التي تلت اللحظة الصفر بالاعتماد على نظرية النسبية العامة بالنسبة للجاذبية، وعلى الفيزياء الكمية بالنسبة لبقية القوى التي ما زالت متحدة. وفي هذه المرحلة المبكرة لم يحتوي الكون على المادة المعروفة بل كانت مكوناته عبارة عن جسيمات وجسيمات مضادة تنشأ من الفراغ وتندثر بسرعة.
وحصل أول حدث هام في تاريخ المادة بين 10-38 و10-35 ثانية، وبعد تواصل انخفاض الحرارة ووصولها لمستوى مكن من انفصال قوة أساسية أخرى وهي القوة النووية القوية، ورافق ذلك تدفق هائل للطاقة بدأت معها مرحلة التضخم تمدد الكون خلالها بسرعة فائقة. وقد مكنت هذه الطاقة التي امتصتها الجسيمات المضادة من تغيير شكل هذه الأخيرة"دون أن تندثر" إلى أشكال معروفة من المادة كالإلكترون والنوترينو والكوارك وجسيماتها المضادة بكميات متساوية تقريبا مع فارق إيجابي طفيف لفائدة الأولى.
وبعد جزء من المليون جزء من الثانية اتحدت الكواركات مع بعضها بفعل القوة النووية القوية في شكل مجموعات من كواركين أو ثلاثة مكونة البروتونات والنيترونات.
وبعد أقل من مائة ثانية بدأ التخليق النووي الابتدائي الذي وصفه جورج غامو، لتتشكل نوى العناصر الخفيفة كالهيليوم والليثيوم. غير أن أولى الذرات لم تتكون إلا بعد 380 ألف سنة من عمر الكون عندما نزلت درجة الحرارة إلى 3000 كلفن وضعفت طاقة الفوتونات التي كانت تحول دون تثبيت الإلكترونات حول النوى الذرية بسبب شدة التصادم. وقد مكنت عملية تثبيت الإلكترونات الفوتونات من التحرر من المادة ليصبح الكون شفافا.
بدى الكون في أولى مراحل نشأته مليئا بسحابات الهيدروجين والهيليوم الموزعة في أرجائه الواسعة. وبشكل بطيء بدأت قوة الجاذبية بإحداث اضطرابات على هذه السحب مكنت من تفتيتها إلى شظايا صغيرة، لتنهار حول بعضها بعضا مكونة أجساما أكبر شيئا فشيئا. وتكونت أولى النجوم بعد حوالي 100 مليون سنة من بداية الكون. وداخل النجوم تشكلت نوى العناصر الكيميائية الأثقل من الليثيوم) منقول بتصرف من رابط الجزيرة الألكتروني بقلم الصغير الغربي.
ثالثا - تمدد الكون و نهايته بالنسبة للفيزياء الفلكية
(( تمدد الكون في علم الفلك، هو تمدد أبعاد الكون ويظهر في ابتعاد أي نقطتين في الكون عن بعضهما البعض من دون أن تكون لهما حركة(مثل تمدد المطاط)، علما أنه ينطوي ويتمزق زمكانه أيضا.
تشير القياسات الحديثة أن معدل تمدد الكون في تزايد ويعزي العلماء هذا التزايد إلى الطاقة المظلمة التي تظهر في النموذج النظري على صورة الثابت الكوني والتي تشكل حوالي 70% من الكون . وصار بالامكان الآن قياس تسارع تمدد الكون، وتعتقد النظرية أن تمدد الكون في الماضي كان « تباطئيا، كابحا» تحت تأثير قوة الجاذبية بين المادة التي نشأت في الكون. حاليا يفترض العلماء نموذج لامبدا-سي دي إم لتفسير ما يجري في الكون، ويعزز هذا النموذج أن تمدد الكون تحت تأثير الطاقة المظلمة سوف يتزايد في المستقبل.
وبالرجوع إلى بداية اكتشاف التمدد، اكتشف عالم الفلك الأمريكي فيستو سليفر عام 1912 الانزياح نحو الأحمر لخطوط طيف الضوء القادم من المجرات البعيدة، وقام إدوين هابل عام 1925 بنشر بحث علمي له عن المسافة بين الأرض وبين المرأة المسلسلة (مجرة) (أو مسييه 31) يبين أن مجرة المرأة المسلسلة تقع بوضوح خارج مجرتنا، مجرة درب التبانة، وفي عام 1926 قام هابل أيضاً بنشر بحث عن المسافات بيننا وبين عدة مجرات أخرى.
ثم اكتشف عالم الفلك البلجيكي جورج لوميتر عام 1927 تمدد الكون، واكتشف ما كان فريدمان قد وجده من قبل على أساس معادلات النظرية النسبية بأن الكون في حالة حركة وليس في حالة ثبات. وقام لوميتر بربط ما وجده سليفر من انزياح أحمر لخطوط الطيف بالمسافات التي عينها هابل. واستنتج منها أن الكون يتمدد، وأن المجرات تزداد ابتعاداً عنا كلما كانت بعيدة عنا.
سرعة تمدد الكون في بداية نشوئه = 30,000 أي 30 ألف سنة ضوئية في الثانية (بتقسيم مسافة الكون على زمن نشوئه).)) منقول من موسوعة ويكيبيديا الألكترونية.
لمدة طويلة كانت احتمالات تمدد الكون:
1- سيظل يتمدد باستمرار (حالة كون مفتوح).
2- ستقل سرعة تمدد الكون حتى يصل إلى حالة مستقرة يثبت عليها (حالة كون منبسط).
3- ستقل سرعة تمدد الكون بحيث يصل أقصاه ثم يعود لينكفيء على نفسه تحت تأثير جاذبية المادة فيه ( كون مغلق).
((اعتمدت أبحاث ناسا الجديدة حول معدل اتساع الكون على بيانات جديدة من مرصد هابل الفلكي، التي جاءت متعارضة مع حسابات "مهمة بلانك" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
فقد كانت حسابات مهمة بلانك قد حددت معامل هابل بأنه يساوي 67 كيلومترا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي (3.3 مليون سنة ضوئية) وهذا يعني أن كل 3.3 مليون سنة ضوئية تسرع المجرات مبتعدة عن بعضها بسرعة 67 كيلومترا في الثانية،و الحسابات التي توصل إليها علماء ناسا تشير إلى أن هذه السرعة تصل إلى 73 كيلومترا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي، مما يعني أن المجرات تبتعد عن بعضها بمعدل أسرع مما توصل إليه العلماء سابقا.)) منقول بتصرف من موقع المواطن الألكتروني.
في نهاية المطاف، ربما بعد مليارات أو تريلوينات السنين من اليوم، ستكون نهاية الكون.
علماء الفيزياء الكونية لا يعرفون على وجه التحديد كيف ستكون هذه النهاية، لكن لديهم ثلاثة تصورات هامة عن الكيفية التي سينتهي بها الكون:
((1- التمزق الكبير: الكون يتمدد في جميع الاتجاهات وبالتساوي.ولأن الفضاء يتمدد، فالمجرات تبتعد عن بعضها.
الفضاء المحصور داخل كل مجرة يتمدد أيضًا، لكن، حتى الآن، مازالت جاذبية المجرات نفسها قادرة على الاحتفاظ بكيانها متماسكًا.
سيبدأ التمزق الكبير حين تزداد قوة الشد الناتجة عن تمدد الكون عن الجاذبية التي تحافظ على تماسك المجرات.
ستبدأ المجرات في التمزق أولا، يليها الثقوب السود الأصغر حجمًا، ثم الكواكب والنجوم.
في نهاية الأمر سيبدأ الفضاء في التمدد بصورة أسرع من سرعة الضوء، وتصير قوته أشد من القوى التي تحفظ تماسك الذرة، فتتكسر الذرات وتتحول إلى جسيمات مفردة.
سيتحول الفضاء بالكامل إلى فراغ من الجسيمات المفردة، لا يربطها أي شيء بما حولها، تسبح بلا هدف في كون بلا نهاية.
2- الانسحاق الكبير: هذا هو السيناريو الأقل رعبًا لنهاية الكون.
لو كان علماء الفيزياء الكونية مخطئين بشأن الطاقة المظلمة وكان الموجود منها أقل مما نظن، أو كانت سيطرتها على المادة تقل مع الزمن، فستصبح الجاذبية في نهاية الأمر القوة الأكبر في الكون.
لو حدث هذا، سيؤدي إلى أنه بعد عدد من التريليونات من السنين، سيقل معدل تمدد الكون وسيبدأ في الانكماش.
ستصطدم المجرات ببعضها البعض وتندمج بينما سيبدأ الكون في الانهيار على نفسه.
انكماش الكون سيرفع من درجات الحرارة.
إشعاع الخلفية الكونية سيصبح شديد الحرارة حتى أنه سيبدأ في “طبخ” النجوم بدءًا من السطح واتجاهًا إلى الداخل.
الحرارة الشديدة ستمزق الذرات إربًا في الدقائق الأخيرة قبل الإنسحاق الأخير.
الثقوب السود ستقوم حينها بابتلاع كل شيء، لأن كل الأجسام سوف تكون بالفعل مكدسة في تجمعات كثيفة.
من ثم ستبدأ الثقوب السود في التجمع في ثقب أسود واحد هائل يحتوي الكون بكامله.
الانسحاق الكبير سيحدث في اللحظة التي سيبتلع فيها الثقب الأسود الكبير نفسه.
يظن بعض العلماء أن الكون تأرجح جيئة وذهابًا بين التمدد والانكماش، لذا فإن الأمل يظل موجودًا في أن يتضمن السيناريو الأخير إعادة ولادة للكون، وهو ما لن نكون موجودين لنشهده على أية حال.
3- التجمد الكبير أو موت الحرارة: ستظل المادة محتفظة بكيانها ولن تتمزق، لكنها ستتحلل ببطء إلى اشعاع أثناء تمدد الكون.
في الوقت الراهن الكون ليس متجانسًا، إنما هو مزركش بتكتلات متناثرة من المادة والطاقة في هيئة مجرات ونجوم وثقوب سود, لكن التمدد سيقوم بشد جميع الأشياء حتى تصبح موزعة بانتظام في فضاء الكون.
عندما يحدث هذا ربما تكتسب الأجسام طاقة، أو ربما تفقد طاقة.
سحب الغاز التي تكون النجوم سوف تتبدد، الثقوب السود ستتبخر، حتى جسيمات الضوء ستضيع سدى في نهاية الأمر.
الكون كله سيذوي إلى الأبد.
للأسف، فإن سيناريو التجمد الكبير وموت الحرارة، بناء على مانعرف من الفيزياء، هو السيناريو الأقرب للحدوث.
في كل الأحوال، لا يعلم العلماء على وجه التحديد كيف سينتهي الكون، فلا يزال علينا أن نتعلم الكثير عن ماهية الطاقة المظلمة وكيفية عملها.)) منقول بتصرف من موقع أنا أصدق العلم الألكتروني.

رابعا - تشكل العناصر الكيميائية من موت النجوم. - زيادة عدد الكواكب من جراء انفجار النجوم(زيادة نسبة العناصر على حساب الهيدروجين).
هناك احصائية تقول: منذ بداية تشكل مجرتنا ولحد الآن انفجر 200 مليون نجم لها الفضل في تكون كوكبنا واجسادنا.
(( للنجوم دورة حياة تتم في غضون بضعة مليارات من السنين تحدث بتأثير قوتين، قوة الجاذبية وقوة الحرارة والضغط، فهي تولد وتعيش وتموت وأعمارها متفاوتة ولكن لسبب واحد فقط هو مقدار كتلتها، فالنجوم عبارة عن كرة من الغازات المرتبطة معاً بوساطة جاذبيتها، وحياتها عبارة عن صراع مستمر ضد قوة الجاذبية، إذ تعمل الجاذبية باستمرار على محاولة التّسبّب في انهيار النجم نحو النواة (باطن النجم) الساخنة جداً بسبب التفاعلات النووية، مما يؤدّي إلى خلق ضغط داخل الغاز نتيجة الحرارة العالية جداً يقاوم قوة الجاذبية، واضعاً النجم في حالة تُعرف بالتوازن الهيدروستاتيكي، ويبقى النجم على ما يرام، طالما استمر هذا التوازن، الحاصل بين جاذبية سحب النجم للداخل، والضغط الذي يدفع النجم نحو الخارج، وإذا إنفرط هذا التوازن فأن النجم سوف يموت.
النجوم تولد من السُّدُم، السحب الأكثر جمالا في المجرات تتوهج باللون الأحمر والأزرق والأخضر وتلتف بمزيج رائع من الألوان المنعكسة من أضواء النجوم، أو نتيجة تأين الغاز المحيط بها بتأثير الأشعة فوق البنفسجية القادمة من النجوم، فتتلون بألوان مختلفة لأختلاف العناصر داخلها مثل الهيدروجين بنسبة %90 والهليوم بنسبة %10 وعناصر ثقيلة أخرى بنسبة %0.1 ، وقد تمتد لعشرات أو لمئات من السنوات الضوئية.
ولوجود السُّدُم في الكون أصلان مختلفان الأول يعود إلى المادة المتكونة من عملية الأنفجار العظيم نفسه، أي إن السُّدُم مكوّنة من الغبار الأول وسحب الغاز التي تشكلت في بدايات الكون أو المادة الأصلية للكون، أما الأصل الثاني فهو نتيجة إنفجار وموت النجوم، مثل إنفجار النجوم العملاقة السوبرنوفا القصيرة العمر بسبب حجمها الهائل، ويسمى السديم كذلك بالحاضنات النجمية لأنّها الأماكن التي تتشكل فيها العديد من النجوم، ويبقى السديم في حالة سبات لملايين أو ربما لمليارات السنين يدور حول مركز المجرة مثلما تفعل النجوم، منتظراً توفر الشروط اللازمة ليكوّن نجماً ما أو تجمع نجمي حر، فقد تأتي موجة جاذبية إهتزازية من مرور نجم بالقرب منه أو إنفجار سوبرنوفا قريب يسبب دوامات وموجات للسحابة، وتصبح بعض الأمكان من السديم أكثر كثافة من غيرها، تبدأ بعدها المادة بالتكتل في مجموعات وتنمو في الحجم وتتكاثف بمرور الزمن بسبب الجاذبية الذاتية، وتتواصل هذه العملية حتى يصل واحد أو أكثر من التكتلات إلى كتلة حرجة، مكونة ما يسمى بالنجم الأوَّلِى أو عدة نجوم ناشئة تشكل بالمستقبل عنقود نجمي أو كويكبة نجمية، ويصاحب عملية التكاثف نقصان نصف قطر النجم البدائي إلى ما يعادل قطر الشمس تقريباً، من قرابة 3 تريليون كيلومتر إلى 700 ألف كيلومتر، ومع هذا التقلص يزداد تصادم الغازات فيما بينها بسرعات كبيرة خلال عملية الأنكماش فتؤدي إلى إرتفاع درجة الحرارة في مركز النجم البدائي من 300 درجة مئوية إلى حوالي 18 مليون درجة، وهي درجة الحرارة التي تبدأ عندها التفاعلات النووية (أندماج نووى حراري) في باطن النجم، حيث يتحول الهيدروجين إلى هيليوم في باطن النجم شبيه بما يحدث في القنبلة الهيدروجينية، وعندها تتوقف عملية التقلص والأنكماش، بسبب الضغط الذي تولده التفاعلات النووية، وتبدأ مرحلة جديدة من حياة النجم، حيث يعلن عن ولادة نجم جديد ويبدأ ببث الطاقة الكهرومغناطيسية ومنها الضوء المرئي، ويحدث أحياناً عندما يبدأ الاندماج النووي في النجم الوليد يدفع الضغط المتولد بسبب الحرارة الفائقة الغبار والغاز الفائض للخارج والتي قد تشكل كواكب ويكون بداية لنظام شمسي جديد، أما زمن التقلص والأنكماش فيعتمد على كتلة الكرة الغازية، فالنجم الذي تزيد كتلته على كتلة الشمس تبلغ مرحلة التقلص له آلاف السنين، أما إذا كان بحجم الشمس تستغرق ملايين السنين، وإذا كان قزم أحمر تستغرق مليارات السنين.
غالباً ما يكون النجم البدائي غير مستقر بسبب زيادة القوة المركزية والتي تؤدي إلى تفكك النجم البدائي إلى نجمين أو أكثر، لذلك نلاحظ أغلب نجوم المجرة تكون منظومات ثنائية أو ثلاثية أو متعددة.
بعدها تبدأ مرحلة العمر الصفري حيث يصبح النجم مستقراً وتزداد درجة حرارة سطحه (الشمس مثلاً تصل إلى 6000 كلفن) وتكون الطاقة الناتجة كافية على إيقاف ميكانيكية التقلص، وتعتمد هذه المرحلة وما يتبعها من تتابع لمراحل حياته في التسلسل الرئيسي على كتلة النجم، فبعضها متوسط مثل كتلة الشمس وبعضها فائق الكتلة أكبر من كتلة الشمس بسبع مرات وأكثر وتسمى النجوم العملاقة، وبعضها صغيرة (حجمها يتراوح بين 0.5 إلى 0.1 من كتلة الشمس) و باردة (بالنسبه للشمس) تعرف بالقزم الأحمر، علما أن كتل النجوم تتراوح بين نحو8% من كتلة الشّمس وهي أصغر الكتل المُمكنة للنجوم، وقد تكون كتلتها أكبر من الشمس بـ200 مرّة، وكلما كانت كتلة النجم كبيرة كانت جاذبيته أكبر، وحينها يحتاج لصرف طاقة أكثر لمقاومة جاذبيته الذاتية، فتزداد عملية الأندماج النووي مما يٌسرع في عملية نفاذ الهيدروجين، لذلك يتناسب عمر النجم بصورة عكسية مع كتلته، فكلما كبرت كتلته قصر عمره والعكس صحيح، فعمر شمسنا حوالي 10 مليار سنة في التسلسل الرئيسي ومر عليها 5 مليارات سنة وهي تشع بضوئها، وستنتهي حياتها بعد قرابة5 مليارات سنةٍ أخرى، ويمكن للنجوم المماثلة لشمسنا بالكتلة أن تستمر 10 مليارات سنةٍ في هذه المرحلة، أما النجوم التي تبلغ كتلتها عشرة أضعاف كتلة شمسنا ستبقى 20 مليون سنة في هذه المرحلة فقط، أما النجوم التي تبلغ كتلتها نصف كتلة الشمس، والّتي تُعرف بالأقزام الحمراء، يُمكن أن تبقى في هذه المرحلة بين 80 إلى 100 مليار سنة.
وكمثال على كمية الهيدروجين المستهلكة في النجوم هي شمسنا، ففي كل ثانية يتحول 4.3 مليون طن من المادة إلى طاقة، فمن الطبيعي أن لاتستمر هذه العملية إلى الأبد لأن الهيدروجين الموجود في داخل الشمس سينتهي يوما ما، وعندما ينتهي تصبح الشمس في مراحل عمرها النهائية أي تشيخ وتهرم، وبذلك فأن الجاذبية ستزداد بتحول اغلب الهيدروجين إلى هيليوم، لذلك سوف يبدأ النجم بالتقلص والأنكماش مرة إخرى وتبدأ حرارة باطنه ترتفع ثانية ولكن الهليوم يحتاج إلى درجة حرارة أعلى من الهيدروجين حتى يبدأ بالأندماج النووي ويتحول إلى كاربون، وعندما تصل درجة حرارة باطن النجم إلى 180 مليون درجة يبدأ الهليوم بالأنصهار، وبالنسبة للنجوم التي بحجم شمسنا يعتبر هذا آخر طوق نجاة لها فبسبب درجة الحرارة المرتفعة هذه تبدأ الشمس بالأنتفاخ، ويضعف تمسك الغلاف الخارجي بالجاذبية بسبب الأنفجارات الشمسية التي تدفع به للخارج، فيكبر حجم الشمس وتتحول إلى عملاق أحمر، حتى تبتلع كوكب عطارد ثم الزهرة حتى تصل إلى الأرض ونصف المسافة بين الأرض والمريخ، وعندها سينتهي كوكب الأرض ويصبح جزءاً من الشمس، والشمس التى قضت 10 مليار عاماً تحرق مخزونها من الهيدروجين, سوف تستهلك مخزونها من الهيليوم فى 100 مليون عاما فقط ، ثم بعد ذلك ستحاول ان تستهلك الكاربون و لكنها ستفشل فهي متوسطة الحجم ليس كالنجوم العملاقة القادرة على توفير درجة حرارة عالية تستطيع استهلاك المواد الثقيلة كالكاربون وغيره، وستبدأ المرحلة النهائية من حياة الشمس مرحلة الهرم والشيخوخة ومن كان من النجوم على شاكلتها في التسلسل الرئيسي، فتتحول الشمس إلى قزم أبيض وهو المركز المتبقّي من الشمس بعد أن ينفصل غلافها الجوي عنها، يؤدّي انفصال الغلاف الجوي إلى تكوّن سديم كوكبي، ومركز الشمس المتبقي يبدو وكأنه نجمة تتلألأ فى السماء عباره عن كرة غازية بالغة السخونة أكبر بكثير من أى كوكب وكثافتها أكبر بكثير من أي كوكب بحيث أن ملعقة واحدة من المادة المكوّنة للقزم الأبيض تزن أطنانًا على الأرض، وبعدها تبقى الشمس تشبع لمليارات السّنين، وهي في هذه الحالة ليست ميتة بل تعتبر نجماً ( متقاعداً) قبل أن ينطفئ نورها وتصبح قزمًا أسود.
وإذا إنتهت حياة الشمس بصورة هادئة وانطفأت ببطء وبصورة تدريجية، فالنجوم العملاقة تموت بطريقه صاخبة عن طريق الأنفجار, ففي مثل هذا النوع من النجوم تبدأ مرحلة ثالثة من حياتها في التسلسل الأساسى فعندما يقترب اندماج الهيليوم على الانتهاء تبدأ عملية أي اندماج الكاربون عند درجة حرارة أعلى تصل إلى 180 مليون درجة، ثم عملية إندماج الأوكسجين، ثم عملية إندماج السيليكون بالتتابع - حتى تصل إلى الحديد العنصر الأكثر استقراراً في الجدول الدوري، وعندها تكون حرارة قلب النجم العملاق قد وصلت إلى نحو 2 مليار كلفن، ولا يستطيع الحديد بسبب خصائصه الفيزيائية على أمداد الشمس أو النجم بالطاقة لأنه يحتاج طاقة أكبر لاندماجه من الطاقة التي يعطيها، أي هو إندماج نووي ماص للحرارة وليس باعث للحرارة، وبالتالي يبدأ قلب النجم في الانكماش تحت قوة الجاذبية ويزداد الانكماش وتتعجل عملية التقلص حتى يحدث انفجار هائل يسمى المُسْتَعِرُ الأعظم ( سوبرنوفا)، يقذف فيهِ النجم بغلافهِ في الفضاء عند نهاية عمره، ويؤدي ذلك إلى تكون سحابة كروية حول النجم براقة للغاية من البلازما، وسرعان ما تنتشر طاقة الانفجار في الفضاء وتتحول إلى أجسام غير مرئية في غضون أسابيع أو أشهر، مكوناً السديم الكوكبي، وقد يكون الانفجار هائلًا لدرجة أنّه يكون أكثر سطوعًا من مجرّةٍ برمّتها لعدّة أيّام، ويحدث إنفجار السويرنوفا بمعدل مرتان كل مائة عام في كل مجرة، وهذه النجوم المنفجرة هى التى تكون الكواكب والأقمار, والنجوم الجديدة.
أما مركز النجم فينهار على نفسه نحو المركز مكوناً نجماً نيوترونياً ، إذا كانت كتلة النجم تعادل 1.5 إلى 3 من أمثال كتلة الشمس، وإذا كان أكبر فسوف يتحول إلى ثقب أسود ، وأما إذا زادت كتلة النجم على نحو 20 مرة من كتلة الشمس فإنه قد يتحول إلى ثقب أسود بدون أن ينفجر في صورة مستعر أعظم.
وخلاصة القول أن الجاذبية هى التى كوّنت النجم من الغبار الكوني وهى التى تريد تدميره وتعيده في النهاية إلى غبار كوني كذلك, واذا كان النجم يريد ان يعيش فعليه ان يجد طريقة ليقاتل الجاذبية، إنها ساحة القوة في الكون ولولا موت هذه النجوم وإنفجار السوبرنوفا لما كنا ولانكون لأنها مصنع العناصر الثقيلة فالانفجار العظيم لم يصنع سوى عنصرين خفيفين الهيدروجين والهليوم.)) منقول بتصرف من شبكة النبأ المعلوماتية الألكترونية.
ولكي نبين أهمية العناصر الكيميائية في تشكيل الحياة ووفرتها في الكون:
تم تقدير عدد الذرات في مائة مليار مجرة بـ 8210 ذرة.
وهناك ما يقرب من 7 × 10 27 ذرة في جسم إنسان يبلغ وزنه 70 كغم .
ولكي نبين أهمية تشكل 90 عنصرا أخرى بنسبة ملحوظة أثناء دورة النجوم على نشأة الحياة الأرضية نرى أن في المتوسط، 87 في المئة من الذرات في الجسم هي ذرات الهيدروجين و الأوكسجين .
وأن عناصر الكربون ، الهيدروجين، النيتروجين ، والأكسجين تشكل حوالي 99% من الذرات في جسم الإنسان . وهناك 41 عنصر كيميائي تتواجد في جسمه، ضمنها عناصر الرصاص واليورانيوم والراديوم التي ليس لديها وظيفة معروفة أو هي ملوثات سامة بمستويات منخفضة وعادة لا تسبب مشاكل صحية.
وهنا اظن إن العناصر التي تعتبر الآن ملوثات سامة ستدخل في المستقبل كضيوف مرحب بها في المستقبل إلى نظام العمليات الحيوية لجسم الانسان وبعدها ستكون من أهل الدار وتشارك في وظائفه المستقبلية، أو هي تهيئة للدخول في مخلوقات أرقى من الإنسان، مثلما كانت الطماطة ثمرة غير مرحب بها قبل حوالي خمسمائة عام وكانت توضع في البيوت كزينة، فدخلت بعدها وصارت جزءا أساسيا من طعامه.
خامسا- تشكل الكواكب الصخرية
أخيرا رُجحت النظرية التالية لتشكل كواكب المجموعة الشمسية وكوكب الأرض ككوكب صخري وهي نموذج لما يحدث من تشكل في المجاميع الشمسية للكون:
(( في أثناء تشكّل الشمس، فإنّ بقايا الغاز والغبار تحوّلت إلى ما يشبه القرص المسطّح الذي يدور حول الكواكب في أثناء مرحلة تكوينها. مع وجود كلّ هذا الحطام الذي يدور حولها، فإنّ الجسيمات الصخريّة بدأت بالتصادم لتشكّل بعد ذلك كتل أكثر ضخامة والتي جذبت مع مرور الوقت جسيمات أكثر بسبب الجاذبية، هذه الجسيمات تجمّعت بعد ذلك وتزايدت لتكوين الكويكبات. تصادمت هذه الكويكبات بدورها مع بعضها البعض لينتج عن عمليّة التصادم الكواكب الدّاخليّة والتي تعرف بصلابتها. في هذه الأثناء، تجمّد الغاز ليتحوّل إلى كرات ضخمة والتي شكّلت فيما بعد الكواكب الخارجية من مجموعتنا الشمسيّة.
لماذا تشكّلت الكواكب الصخرية بالقرب من الشمس بينما تشكّلت الكواكب الغازيّة الضخمة بعيداً عنا؟ إنّ إحدى النظريات في تفسير ذلك تشمل الرّياح الشمسية والتي تعني تدفّق البلازما المنبعث من أحد النّجوم. ففي بدايات تكوّن الشمس، كانت هذه الرّياح أكثر قوّة مما هي عليه الآن، لقد كانت قويّة كفاية لتبعد العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم بعيداً عن المدارات الدّاخليّة، حتّى إذا وصلت هذه العناصر إلى المدارات الخارجيّة انخفضت قوّة هذه الرّياح، عندها، فإنّ جاذبيّة الكواكب الخارجيّة تسحب هذه العناصر بداخلها، لتحوّلها لشكلها الحاليّ الذي هو عبارة عن نواة صلبة من الصخور والجليد مغطاة بالغاز.))منقول بتصرف من موقع المرام للعلوم الألكتروني.
سادسا - نشأة الحياة على كوكب الأرض
كل يوم تعزز البحوث واستكشافات الأحافير ماجاءت به النظرية الطبيعية الكيميائية لأصل نشوء الحياة على كوكب الأرض بكونها نشأت كنتاج لحالة جيوكيميائية أرضية ضمن ظروف كونية معينة. فهي نشأت مما نعتبره جمادا، من مركبات كيميائية ليس إلا، من مركبات عضوية، ليس إلا. من تعقيدات كيميائية مستمرة، تخللتها طفرات جينية؛ تشكلت جرّاءها ملايين الأنواع حتى كان الإنسان ذروتها في الذكاء والقدرة على التأثير. والبحوث تبين أيضا أنها لن تتوقف في الارتقاء.
وكل يوم تتعزز أفكار ماجاء به كتاب نشأة الحياة على كوكب الأرض للعالم وليام داي، كأفضل ماقرأت من تخصص في هذا المجال. ويمكن للقارئ أن يطلع عليه بشكل مفصل كي يجد ويستوحي من ضمن ماكتب أهم ماتميزت به الحياة على كوكب الأرض،التي ستخدمنا في افتراض مابعده في المستقبل القريب، والبعيد جدا:
1- اعتمادها على عنصر الكاربون كنواة للتشكلات الكيميائية.
2- تشكل الخلية كأساس لبناء الكائن الحي.
3- ارتقاؤها في وظائف الكائنات الحية بتخصصها المعقد، الذي يقابل نمو فهمها للطبيعة من حولها وإحداث تغييرات عليها، من ثم نزوع إلى السيطرة عليها تماما. وترتب على هذا أخيرا اختراع البديل المكائني الذكي(غير الحي) المتمثل بالذكاء الإصطناعي.
4- الإرتقاء بتشكيل أنظمة كان آخرها تشكيل أنظمة شمولية، تشمل كل كوكب الأرض وتتجه لتلحق الكون كلها لها في عملية الفهم ومحاولة السيطرة والتلاعب بمحتويات الطبيعة( الوجود).
وهذه النقاط لايٌختلف عليها إذا صحت نظرية أخرى تدعي أن أصل الحياة على كوكب الأرض جاء من بذور حية قدمت من خارجه، سواء كانت بالصدفة أو بتخطيط مسبق (واعي).
سابعا - زيادة احتمالية نشأة الحياة على كواكب أخرى من خلال زيادة عدد الكواكب الوليدة.
حتى لو استبعدنا الاكتشافات المتكررة لوجود مواد عضوية أو مركبات تساهم في صنعها في عدد من النيازك الساقطة على كوكب الأرض، بالشك في أن تلك المواد قد تكون أختلطت مع مادة النيزك وأن أصلها أرضي؛ لابد من وجود حياة خارج كوكب الأرض باتباع المنطق في الاحتمالين المتناقضين: وجود تخطيط مسبق أو عدم وجوده.
فلو كان هناك وعي قد خلق الكون، فلا يمكن أن يخص هذا الوعي كوكب الأرض بالحياة ويهمل ترليونات الترليونات من الكواكب الباقية في مجرتنا والمجرات الباقية التي تقدر بأربعمائة مليار مجرة مكتشفة احصائيا لحد الآن.
ولو لم يكن هناك أي وعي مسبق فأيضا لايعقل أن تتوفر ظروف النشأة في كوكب الأرض وحده دون ماذكرنا من عدد هائل للكواكب في الكون.
والأهم هنا الزيادة المستمرة والمتصاعدة لعدد الكواكب على حساب نسبة النجوم، أو السحب الغازية التي تتحول إلى نجوم.
وقد تصاعدت اكتشافات الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية في السنوات الأخيرة بفضل زيادة تقنية تحليل الضوء القادم من مجرتنا، المستلمة من مسبار كيبلر وقمر كورو اللذان يمسحان على مدار الساعة أجزاء من الفضاء البعيد لاكتشاف كواكب شبيهة بالأرض في الفضاء الخارجي، وقد توصلا حتى اليوم إلى اكتشاف ما يزيد عن ألف كوكب, وقد يحتوي بعضها على محيطات أو مواد عضوية أو أحماض آمينية وربما على الحياة. وقد تكون هذه الحياة قد تطورت لتظهر حضارات ذكية ومتقدمة..
ومن الكواكب المكتشفة ماهو شبيه لكوكبنا في بعض الصفات التي تؤهله لأن يكون صالحا للحياة. وكمثال:
(( في يوم 23 يوليو/تموز الحالي أعلنت وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عن اكتشاف أكثر الكواكب الخارجية شبها بالأرض أطلق عليه اسم "كبلر 452 بي", وهو كوكب صخري على الأرجح وأكبر بقليل من كوكب الأرض، ويدور في منطقة قابلة للحياة حول نجم شبيه بالشمس يبعد نحو 1400 سنة ضوئية في مدة تقارب السنة الأرضية، أي 385 يوما.
البحث عن هذه الحضارات أو الكائنات الفضائية الذكية لن يكون بشكل بسيط كالبحث عن رجال خضر قصار القامة كما يقول عالم الفيزياء النظرية ميشيو كاكو، بل سيكون عن طريق البحث عن الطاقة واستهلاكها في أرجاء الكون، فنحن نبحث عن حضارة من النوع الأول والنوع الثاني والنوع الثالث منها, والنوع الأول منها هي التي لديها القدرة على التحكم في الطاقة المتوفرة على كوكبها بشكل كامل, ويمكنها التحكم في الطقس ويعرفون كل كبيرة وصغيرة في محيطاتهم والسيطرة على البراكين والزلازل.
أما الحضارة من النوع الثاني فهي التي تستطيع التحكم في النجوم، وهي حضارة خالدة لا يعرف علميا شيئا يمكن أن يدمر هذا النوع من الحضارة, فهم يتحكمون في العصور الجليدية ويسيطرون على المذنبات، حتى موت نجمهم أو شمسهم ليس مشكلة، فسيمكنهم نقل كوكبهم أو إعادة إشعال نجمهم، أو ببساطة يمكنهم إيجاد نجم جديد لهم في الفضاء. والمثال النموذجي لهذه الحضارات يأتي من الخيال العلمي كما في سلسلة "ستار تراك".
النوع الثالث هي حضارات مجرية تتحكم في كامل المجرة وبإمكانها التحكم في كامل الطاقة الصادرة عن نجم في الفضاء، وتملك القدرة على التحكم في الطاقة المظلمة التي تمثل 73% من الكون، وربما ستكون قد عثرت على أبعاد جديدة للكون.
وماذا عن الحضارة البشرية فمن أي نوع هي؟ إنها من النوع الصفر -حسب مؤلف كتاب "فيزياء المستقبل"- فهي لم تبلغ بعد حد التحكم في كوكب الأرض ومصادر طاقته كالبراكين والزلازل، ونحن نحصل على طاقتنا من نباتات ومواد عضوية ميتة في صورة نفط وغاز وفحم.
لكن ما هو الوقت اللازم لتصبح حضارتنا من النوع الأول؟ الإجابة حسب كاكو هي 100 سنة، أي بحلول القرن القادم، ونحن الآن نعيش مرحلة ولادة حضارة كوكبية، فالإنترنت وسيلة اتصال من النوع الأول، والاتحاد الأوروبي بداية اقتصاد من النوع الأول، وكرة القدم رياضة من النوع الأول، والإنجليزية لغة من النوع الأول.
لكن البحث عن حضارات متقدمة عنا بآلاف أو ملايين السنين من حيث التكنولوجيا وكشف وجودنا لهم قد يكون مدمرا للبشرية، وعلينا عدم إرسال إشارات ذكية إلى الفضاء حتى لا نُنبّه حضارات فضائية ذكية بوجودنا ونجعلهم يأتون إلينا، مما يجعل فرصة تدمير الأرض بغزو فضائي واردة جداً كما يؤكد عالم الفيزياء الفلكية الشهير ستيفن هوكينغ الذي يشبّه أي غزو خارجي سيتعرض له كوكبنا بما حصل حين اجتاحت الحضارة الأوروبية قارة أميركا واستحوذت على ثقافتها تماما إلى الأبد, لذلك أطلق هوكينغ برنامجا -يحمل اسمه- يقوم على "الاستماع" دون إحداث فوضى، باستخدام أقوى التلسكوبات في العالم، لمحاولة رصد أي نشاط ذكي مثل ذبذبات لاسلكية أو أشعة ليزر.
ويبقى السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: إذا كنا نحن البشر في بداية عهدنا باستكشاف الفضاء الخارجي والبحث عن حضارات متقدمة، فلماذا هم (الكائنات الذكية الأخرى) لا يتواصلون معنا؟ ولماذا لا يهبطون على الأرض؟
الإجابة قد تكون أننا لسنا مثيرين للاهتمام بالنسبة لهم, أو ربما حاولت حضارات متقدمة الاتصال بنا قبل آلاف أو عشرات الآلاف من السنين ولكن أجدادنا لم يفهموا الرسالة, وقد تكون احتمالات وجود حضارات متقدمة في الكون بحاجة إلى مراجعة)). منقول بتصرف من موقع الجزيرة الألكتروني بقلم الصغير العربي..
ثامنا - ظهور الوعي على كوكب الأرض وتطوره
ماذا استطاع عقل الانسان ان يفعل لحد الآن وأن يبني ؟
استطاع الإنسان صنع الفلسفة والعلم، اكتشف وطور الزراعة والصناعة وغزا الفضاء، أسس علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات والفلك وطبقات الأرض ومئات العلوم الرئيسية والفرعية التي فهمت الوجود بدرجة كبيرة، حتى صار الكون أمامه وكأنه كرة صغيرة يتفحصها ويتوقع ويحتمل ماتخبئ بداخلها وماتروم من مسار محددا كل محتملات مدياتها.
وخلال مسيرته العلمية سعى و بنجاح باهر أن يعيد تشكيل مستويات من مفردات الوجود من حوله.
نحن الآن نفكك جسم الوجود الكوني مثلما فككنا جسم الإنسان، وسنرسل روبوتاتنا المتطورة جدا للكشف الدقيق عن مكوناته والتلاعب بها مثلما سنرسل روبوتاتنا النانوية إلى داخل أجسامنا لسبر أغوارها وإصلاحها من الأمراض.
دماغ الإنسان وزنه آلاف المرات بقدر دماغ النملة وأكثر من ذلك بالنسبة لمخلوقات أصغر منها، فماذا لو تشكل دماغ حي أو دماغ بذكاء اصطناعي وزنه أكبر آلاف أو ملايين المرات من وزن دماغ الإنسان الآن؟ كم ستكون قدراته ؟
ناهيك عن الدماغ الجمعي لمليارات من البشر (التي تتطور ادمغتها بشكل فردي ويزيد حتى حجمها من خلال الدراسات)، والذي هو الآن يتنظم ويتشكل ويتنسق أكثر، خصوصا بعد تواصل الأدمغة بشبكات التواصل الاجتماعي المطردة التطور، علما أن البحوث جارية لصناعة الحاسوب الكمي، والحاسوب الحيوي من مادة ال دي أن أي.
بمعنى ماذا ستفعل مليارات من الأدمغة يزن كل واحد منها أطنانا من الغرامات مشتبكة مع بعضها بانترنت كمي؟ وماذا لو كان الوزن أكبر والعدد أكبر؟
فيساورنا حدس بأن أدمغتنا تتوجه الآن ضمن صيرورة دماغ كوكبي.
كل التسلسل الاحيائي كانت نتيجته تشكيل عقل الانسان... كانت الخلايا هي وحدة البناء الاساسية، بينما سيكون في المستقبل العقل الاصطناعي هو وحدة البناء الأساسية للحياة في المستقبل.
نحن نتحدث عن قدرة عقل متنامية، لعقول هائلة منتظمة تزن أطنان أو المئات منها لمدة مليارات من السنين أو مئات المليارات بالمقارنة مع انجازات هائلة لعقل هو نتاج دماغ وزنه لايتعدى ال 1500 غرام.
عندها ستكتمل مسيرة الدماغ الكوكبي أو مجاميع منها لتشكيل الدماغ المجري والذي من الممكن أن يكون حيا لكائن حي خلوي كبير جدا أو دماغ اصطناعي الكتروني .. و من الممكن في الحالة الأخيرة ان تكون موجات الجاذبية سيالات عصبية أو جهاز حركي له.
وهكذ تستمر الأنظمة الدماغية في التصاعد في الحجم وفي الذكاء وتستمر آلية: نظام يريد أن يفهم نظاما آخر ليحدد من بعدها العلاقة التفاعلية معه كما سنرى في المسارات التالية:
1- الذكاء الاصطناعي
(("هو أكبر تهديد للوجود البشري، بل بمثابة استدعاء الشياطين، وإذا تمكنت الآلات في يومٍ ما من تصميم خوارزمياتها بنفسها، فتلك تكون نهاية البشر".. بهذه الكلمات أجاب عالم الفيزياء الشهير، الراحل ستيفن هوكينج، عند سؤاله عن توقعه لما سيئول إليه مستقبل الجنس البشري إذا وصل الذكاء الاصطناعي حد الذكاء البشري.
جميعنا لاحظ مقدار التطور الهائل في البرمجيات والقدرات الحاسوبية في العقد الماضي، فكل ما حصل من تطور في أنظمة الذكاء الاصطناعي منذ أول إطلاقها كمصطلح خاص في ستينيات القرن العشرين، وإلى يومنا هذا يعد في كفة، والتطور في العشر سنوات الفائتة في كفة أخرى.
لا تجد أي جانب من جوانب الحياة لم تدخله أنظمة الحوسبة الذكية، وفي كل جانب دخلته سارعت في تطويره بشكل كبير جدًا، ونحن في بداية الطريق بعد، فمن السيارات ذاتية القيادة، إلى المساعديين الصوتيين في منازلنا، إلى توقعات الطقس وإجراء العمليات الجراحية عن بعد من خلال الروبوتات، وما هي إلاّ أمثلة حية لدخول الذكاء الاصطناعي في حياتنا.
يقصد بمصطلح الذكاء الاصطناعي (AI)، تطوير الحواسيب لتُجاري الذكاء البشري، وله ثلاثة أقسام:
الذكاء الاصطناعي الضيق، وهو كل ما نراه حولنا، وهو تدريب الحواسيب لأداء مهام محددة وبكفاءة تفوق قدرة البشر على تنفيذها، لكنها لم تبلغ حد الذكاء البشري.
الذكاء الاصطناعي العام، وهو وصول الحواسيب لمرحلة تساوي فيه ذكاء البشر، ويتوقع أن نشاهد أولى ابتكاراته عام 2050.
الذكاء الاصطناعي الخارق، ويقصد به تفوق الأنظمة الحاسوبية على الذكاء البشري، ويتوقع أن يكون في عام 2090.
العلامة الفارقة التي حصلت في العقد الأخير ودعت الكثيرين للتخوف من مستقبل هذا الذكاء، هو تطوير خوارزميات التعلّم الآلي والتعلّم العميق، وهي تعليم الحواسيب نفسها بنفسها دون الاعتماد على الجنس البشري. فعلى سبيل المثال، طوّرت شركة DeepMind التابعة لشركة جوجل، خوارزميات دربت نفسها على ممارسة الألعاب كالشطرنج وغيرها دون برمجة مسبقة، وبالفعل خلال ساعات قلائل أصبحت محترفة ومستعدة للتغلب على أعتى اللاعبين.
لكن مع استمرار انتشار خوارزميات الذكاء الاصطناعي، هل سيكون الناس في وضع أفضل مما هم عليه اليوم؟
في دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2019، أجاب 979 من رواد التكنولوجيا والمبتكرين والمطورين وقادة الأعمال والسياسة والباحثين والناشطين عن هذا السؤال، حيث توقع قرابة 40% منهم بأن البشر لن يكونوا في وضع أفضل في المستقبل، وكانوا أشد تشاؤمًا من غيرهم.
دانا بويد، الباحث الرئيسي لمايكروسوفت ومؤسس ورئيس معهد بحوث البيانات والمجتمع، وأحد المشاركين في الدراسة، رأى في هذا الصدد أن "الذكاء الاصطناعى أداة ستستخدم من البشر لجميع الأغراض، بما في ذلك السعي وراء السلطة. ستكون هناك انتهاكات للسلطة تنطوي على الذكاء الاصطناعي، تمامًا كما سيكون هناك تقدم في الجهود العلمية والإنسانية التي تنطوي أيضًا على الذكاء الاصطناعي".
سيناريو "التفرد"
لعلّ من أكثر السيناريوهات تشاؤمًا تجاه مستقبل الذكاء الاصطناعي هو سيناريو التفرد، الذي يقصد به وصول الآلات لمستوى الذكاء الاصطناعي العام "GIA"، أي باستطاعتها الوصول للذكاء البشري.
يرسم متبنو هذا النهج مستقبلًا مظلمًا وغالبًا ما يتم ربطه بأفكار القيامة ونهاية العالم.
يعتقد سيث شوستاك، كبير علماء الفلك في أمريكا أن الذكاء الاصطناعى سوف ينافس البشر ككيانات ذكية على هذا الكوكب، والجيل الأول من الذكاء الاصطناعى سوف يفعل ما تخبره به، لكن بحلول الجيل الثالث، سيكون لديهم أجندة خاصة بهم.
لكن مع كل التطور الذي شهدناه، ما زال الوصول لهذا المستوى من الاستقلالية لدى الحواسيب بعيد المنال.
ومن أكبر التحديّات التي تواجه الحواسيب للوصول لهذا المستوى عدم إمكانية منحها الشعور الذي عند البشر، فيمكن تطويرها لتكون ذكية، لكن لا يمكن لها أن تحب أو تكره أو تتصرف كما يتصرف البشر، فهي آلات مهما مُنحت من ذكاء لا يمكن منحها الروح والحياة.
المخاطر المحسوسة للذكاء
هناك نهج آخر للتعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي يتسم بالعقلانية والواقعية، النهج الذي يتعامل مع المعطيات التي أوجدها الذكاء الاصطناعي على أرض الواقع.
الكل مدرك أن الثورة الصناعية الرابعة هي ثورة الذكاء الاصطناعي، والبيانات هي "النفط الجديد"، والوقود المحرك للحروب القادمة، وصانعو القرار في العالم يعرفون أن مستقبل السيطرة على الاقتصاد في العالم ينبع من التعامل الجيد مع البيانات وكيفية فك ألغازها.
ألمّح لذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائه بطلبة الجامعات الروسية في العام السابق بقوله: "الذي يكون متقدمًا في هذا المجال سوف يكون حاكمًا للعالم".
المخاطر المحسوسة للذكاء الاصطناعي كانت انعكاسًا للآثار التي أوجدها في بعض النواحي، منها:
ضعف الدور القيادي للإنسان.
بالوقت الحاليّ معظم القرارات المتعلقة بالجوانب الرئيسية للحياة الرقمية تُتخذ تلقائيًا عبر الحواسيب.
إذ يفتقر الأشخاص إلى معرفة الخوارزميات ولا يفقهون كيفية عملها، فبالتالي هم يضحون بالاستقلال والخصوصية والسلطة على الاختيار؛ ليس لديهم سيطرة على هذه العمليات.
سوف يتعمق هذا التأثير عندما تصبح الأنظمة الآلية أكثر انتشارًا وتعقيدًا.
إساءة استخدام
غالبًا ما يتم استخدامات البيانات من قبل الشركات الكبرى أو السلطات بما يحقق لها الأرباح، أو يبسط لها النفوذ بشكل أكبر، أمّا فيما يتعلق بحقوق الناس وخصوصياتهم فتأتي بالمرحلة الثانية. لذا فمن الأخطار الكبيرة التي نشاهدها هو تسرب البيانات بشكل كبير بين الفينة والأخرى بسبب ضعف الإجراءات الأمنية التي تتخذها تلك الشركات لحفظ أمان المستخدمين.
ومن المشاكل التي ظهرت بسبب الأتمتة وتوسع استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي فقدان الكثير من الوظائف، ومن الأمثلة على ذلك ما جرى في مستودعات عملاق المتاجر Amazon، حيث جرى استبدال عشرات الآلاف من العمال بأكثر من 100000 روبوت، الأمر الذي دفع بأمازون لدفع أموال لموظفيها من أجل التدريب على وظائف جديدة في شركات أخرى.
قال كلارا نهاردست، أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة إلينوي: "إننا نستثمر بشكل كبير في التعليم لإعادة تدريب الناس على وظائف جديدة".
وإلى ذلك، يرى كثيرون أن الذكاء الاصطناعي يعزز القدرات البشرية، لكن البعض يتوقع عكس ذلك، أي أن تعميق اعتماد الناس على الشبكات التي تحركها الماكينات سيؤدي إلى تآكل قدراتهم على التفكير بأنفسهم، واتخاذ إجراءات مستقلة عن الأنظمة الآلية والتفاعل مع الآخرين.
أما التهديد الأكثر خطورة في رأي الكثيرين، فهو التطور الكبير في الأسلحة والروبوتات في القطاع العسكري. ولا نتحدث هنا عن انقلاب الروبوتات والحواسيب على البشر والقضاء عليهم كما يشطح البعض بخياله، لكن من احتمالية الاختراق من الدول المعادية والأشخاص ذوي الهوس الإجرامي، وإدخال أوامر خاطئة وبرامج خبيثة قد تقود لكارثة حقيقية، أو سيطرة القراصنة على الأنظمة البنكية مسببين خسائر اقتصادية كبيرة.
أخيرًا..
في الخريف الماضي، خلال حديثه في بروكسل، بلجيكا، عبر تيم كوك رئيس شركة آبل عن قلقه من التهديد المتنامي للذكاء الاصطناعي، وقال: "تعزيز الذكاء الاصطناعي من خلال جمع ملفات شخصية ضخمة هو الكسل، وليس الكفاءة، ولكي يكون الذكاء الاصطناعي ذكيًا حقًا، يجب أن يحترم القيم الإنسانية، بما في ذلك الخصوصية. وإذا أخطأنا، فإن المخاطر عميقة".
لذا يقترح الخبراء ضرورة سن قوانين وأنظمة لتحقيق عدالة رقمية بين الجميع، والتعاون لاستخدام الذكاء الاصطناعي لما فيه خير البشرية، كذلك ضرورة وضع سياسات لضمان أن الذكاء الاصطناعي سيتم توجيهه نحو "الإنسانية" والصالح العام وبناء شبكات رقمية ذكية شاملة تساعد البشر بقوة على ضمان أن التكنولوجيا تلبي المسؤوليات الاجتماعية والأخلاقية.)) منقول من موقع ن توك الألكتروني.
ملاحظة: حاليا تم صناعة روبوتات مرنة مثل الاخطبوط والأفعى، بل انها تتصلب أو تكون مرنة حسب الحاجة الآنية لعملها، وبذلك فأن تطور تكنولوجيا الروبوتات يسير جنبا إلى جنب مع تطورعلوم المعادن واللدائن والنانو ، ويقفز مع قفزاته.
2- نهاية البشر والكائنات الحية- النظام المقدس
التغيير سمة جوهرية من سمات الوجود، والظروف الجيوكيميائية لكوكب الأرض متغيرة دائما، وهي في المواقع المختلفة منها تتبادل التأثير على بعضها البعض بشكل مستمر. وهذا التغيير مثلما كان هو الحضن لنشوء الكائنات الحية بأنواعها المختلفة، فهو أيضا العامل الرئيس لإضعافها وتقليل عددها أو انقراضها، وبدورها تؤثر فتغير في الظروف الجيوكيميائية لصالحها للحفاظ على نفسها، وكل فرد أو نوع يقوم بالتغيير يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على بيئة نوع أو أنواع أخر. ولقد أدت تلك التغييرات في تلك الظروف كعوامل موضوعية والتغييرات الذاتية في الجسد البايولوجي للفرد، منها فائض أو تغيرات الطاقة إلى حدوث طفرات وراثية تشكلت بموجبها فروع الكائنات الحية وارتقت تصاعديا كشجرة . حتى شمخ الإنسان على أفنانها العالية. وهو فوق الشجرة أدرك مافوقه وماتحته فتطلع إلى الأعلى ظانّاً أن الأعلى هو من سيمنحه الاستمرار في الحياة أكثر.. التعامل مع بيئة أكبر والبحث ظروف أفضل ضمن السعة الكونية التي بدت تكبر كلما زاد وعيه وعلمه.
مسلسل الطفرات الرئيسية للكائنات الحية وظهور أنواع جديدة بدا أنه يتناقص بالفترة الزمنية كلما صعدنا في شجرة الأحياء حسب المخطط البياني الذي رسمه العالم وليام داي في كتابه نشأة الحياة على كوكب الأرض في الصفحة 496، حتى بات النوع الإنساني يقترب من طفرة ليظهر من صلبه نوع جديد قد يفضي إلى انزوائه وتخلفه، فيما يواصل النوع الجديد الذي وصفه بالإنسان المكائني السير بخطوات أكبر، متطلعا إلى الانضمام في النظام الكوني.
إن واحدة من مبررات ظهورعقل أكبر من عقل الإنسان وحدوث الطفرة هو كثرة المعلومات، التي لا تقارن بالعدد والسعة والتشابك في هذا الزمن مع الإنسان القديم. ولنا أن نتصور أعداد الأنواع في الممالك الحيوانية والنباتية والبكتريا والفطريات والطحالب قد وصلت إلى أكثر من خمسة ملايين نوع مكتشفة لحد الآن والاكتشافات مستمرة، أو عدد مجرات الكون المحصية بأربعمائة مليار؛ فأي عقل فردي بشري يمكنه حفظ أسماءها، وقبلها كم نحتاج إلى وقت كي نسميها واحدة واحدة؟
وهنا أنا أرى أن هذه (الطفرة)* ستكون الطفرة الإحيائية الأخيرة، والتي بعدها ومن جراءها ستنقرض كل الكائنات الحية الخلوية ومنها البشر، لتبدأ مرحلة ثانية من التطور، مرحلة حضارة الذكاء الاصطناعي بشكل تام. الذكاء الاصطناعي بأخلاقه وغرائزه وخياله وفنونه وأدبه وتطلعاته ومقدساته.
هناك من يرى خطورة تتهدد الجنس البشري من خلال تطور الذكاء الاصطناعي وهناك من يرى أن الاستخدام الجيد لها يصب في مصلحة البشرية يبعد الخطورة، لكن نقول ان حسابات الخطأ والصواب هي نسبية، وأن تطورها وتطور استخدامها سيغير حتى مفهوم الإنسان لنفسه، والإنسان الفرد للبشرية ومدى ضرورة وجود الآخر، أو حتى وجوده هو داخل جسد حي، وبالتالي سيتم تقليص عدد البشر وتشذيبهم في البداية، وبعدها سيجد نفسه في زحلقة النهاية، وينتهي البشر، وستجد الكائنات المكائنية عدم ضرورة بقاء الكائنات الحية الباقية (بعض منها سينقرض أصلا بسبب تغير الظروف البيئية المناخية والجيوكيميائية) وسيتم إفنائها، خصوصا أن الكائنات المكائنية لاتتعاطف معها، علما أن مسألة التعاطف هي تبادل مصالح أساسا.
أي دماغ سيستطيع أن يتعامل بمرونة مع معلومات تستند على أعداد وقد وصلت الحاجة في حساباتنا الرياضية إلى ابتداع أعدادا هائلة كان آخرها الديشيلار الذي يضم 64 رقما؟.
الأنظمة الإحيائية المتلاحقة على كوكب الأرض تعقدت تصاعديا، وهي قد ساهمت مع الظروف الطبيعية على إقصاء أنواع وأفراد هائلة والإتيان بجديد متكيف معها من الكائنات الحية وستستمر بذلك. ونرى حتى في حياتنا الاجتماعية كم هي قاسية أنظمتنا بتعقيداتها وروتينها إلى الحد الذي تقصي وتهمش وتميت أفراد من المجتمع ولاسباب تبدو تافهة وغير إنسانية. وعندما ستدخل الروبوتات كجزء فاعل منه سينحاز بعض البشر لها ضد بني البشر الآخرين أو ضد كائنات حية ترى الروبوتات ضرورة في إبادتها لصالح النظام الجديد،من ثم المتجدد تصاعديا.
شرعية النظام هي التي ستكون مقدسة وستنتضم الربوتات ضمن حلقاتها أكثر من الإنسان حتى تصبح هي المتحدث الرسمي له والمجسد الأفضل له، لأن الروبوتات ستبقى ضعيفة الغرائز الفردية، بينما سيبقى البشر هو صاحب الغرائز المنحرفة عنه بنسب متفاوتة. العلماء سيكونون الأقرب له لأن غرائزهم المنحرفة أقل، لماذا؟ لأن الإنسان خلوي والروبوتات غير خلوية، والخلايا جانب كبير منها متعدد الاتجاهات نتيجة للتفاعلات الكيميائية الهائلة بداخلها والتي لايمكن أن تحصر بنظام كنتيجة لعشوائية الطاقة بداخلها. لكنها نوعما تخضع بشكل قهري مبرمج لنظام خارجي بالتعليم واتباع القوانين وهذا مايحصل للفئات المتعلمة، صعودا إلى طبقة العلماء. طبقة العلماء ستنحاز إلى النظام ضد الفئات الجاهلة وحتى ضد نفسها انتقادا للقصور في خلقة الإنسان. ستراه بليدا مملا محددا بعمر ضئيل بالقياس لما مطلوب من تطلعات ومن خيال أسمى.
الشرعية الآن هي للإنسان وغدا ستكون للروبوت على وفق مبدأ شرعية النظام مثلا: أنت بدلا من أن تجلب عامل من البشر ستجلب روبوت لأنه لن يزعجك ، ورئيس الجمهورية سيعمل معه مستشار هو روبوت وهذا الروبوت سيقول للرئيس فيما بعد انت أخطات في كذا وكذا، وأنت مخطئ في تصوراتك؛ وبعدها سيحدث انقلاب الروبوتات للسيطرة على النظام والإحلال محل الإنسان التي سبق أن حلت محله في أغلب تفاصيل الحياة.
وقبل الانقلاب سيبلغ التعاون بين الإنسان والروبوت أقصاه في زواج الرجل من روبوتة ساحرة الجمال والرومانسية، مثقفة،صوتها جميل..تحفظ الشعر وتنظمه مثل حفظها لآلاف الاغاني وقدرتها على التلحين والتأليف الموسيقي.. وكذلك بالنسبة للمرأة وزواجها من الروبوت المذكر.
ومثلما يسحق ويقتل ويبيد النظام الإنساني وشرعيته البكتريا والكائنات الحية الأخرى الضارة، ومثلما يحاسب الآن الإنسان أخاه الإنسان لأنه خرج عن النظام بعد عبوره من مناطق المرور في الشارع، فانه سينحاز إلى الروبوتات لأنها خير مطبق للنظام، فنحن البشر نطبق النظام لكن نكرهه ونبقى نتمنى ونحاول التمرد عليه، وبالانحياز التدريجي سيقبل البشر أن يضحوا بأنفسهم لصالح الروبوت من أجل المبادئ السامية لنظام المستقبل في غزو الفضاء، أو الصراع مع حضارات فضائية أخرى، أو سبقها للحصول على كوكب فيه نسبة عالية من الجرمانيوم مثلا ، وسيهتف شعب الروبوت: كوكب الجرمانيوم عربي ولتسقط الصهيونية الكونية.
حتى استحداثات الهندسة الوراثية لن تساعد الإنسان كثيرا في الصمود أمام ذكاء الروبوت، بل هي ستساعد أجيال من الروبوت لاستحداث شرائح الكترونية متناغمة معها للاستفادة من خبراتها، مثلما ستستفيد من كل الأرث البشري وإرث الكائنات الحية الأخرى في شرائحها لفهم ما تبقى وصنع أدوات تحاول أختراق وتغيير كل شيء من حولها.
روبوتات المستقبل ستعرف نفسها كما أرد سقراط وهي ليست مثل البشر الذي يكثر من القول: لا أدري مابي، فهو يعرف أي خلل يحدث في جسمه وموقعه.
سترث الأجيال الأولى من الروبوتات شكل البشر ووظائف، وبعض الكائنات الحية ووظائفها، لكنها بعدها ستتعداها وتتخلى عنها، فتبني نفسها بأشكال جديدة أكثر انسجاما مع الأنظمة المتلاحقة الأكبر.
وسيكون خيالها و صراع أجيالها وإبادة القديم منها ضمن خيال وقرارات النظام المكائني الألكتروني الأكبر وفلسفته، العقل الحاسوبي الأكبر الذي سيدير كوكب الأرض، والمستجيب لمتغيرات الجيوكيمياء المتشعبة فيه، التي ستمثل غريزته واختلاجاته وعاطفته.
الإنشاءات على الكوكب تعكس مستوى التطور فيه ونكهة حضارته، فما هي الإنشاءات الآن فوق سطح الأرض وماذا ستكون في المستقبل القريب بعد آلاف أو ملايين من السنين؟.
أغلب الإنشاءات الأن على سطحه الآن هي مساكن البشر تليها محلاتهم التجارية،ثم مصانعهم وشبكاتهم الكهربائية، وشبكات الري والبزل، يضاف إليها من ضمن نتاج نشاطهم المركبات السيارة والتلسكوبات ومعدات الجيوش، والحقول . وهناك أيضا قواعدهم النووية وغواصاتهم وسفنهم، وفي الغلاف الغازي وفوقه الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية. كلها تتواجد فوق يابسة وفي بحر تعج بالكائنات الحية الباقية، منها أنواع النباتات التي تمثل رئة الكوكب الحي.
والبشر لهم مجتمعاتهم ومنظماتهم ودولهم التي تترأسها الأمم المتحدة، وأيضا مراكزهم البحثية الدائبة في البحث والتطور في مختلف المجالات المادية والمعنوية.
والملاحظ الأن، أن هذه الإنشاءات تزاداد ترابطا وتوحدا وتنسيقا، وباتجاه أن يديرها الذكاء الاصطناعي فيقطف ثمار كل جهود البشر.
فمثلا، شبكات انتاج وتوزيع الطاقة الكهرباية تتوحد في الدول فتديرها حواسيب، وهناك ربط بين شبكات الدول ليتجه هذا الإنشاء إلى منظومة عالمية واحدة يديرها حاسوب رئيسي.
وسيارات الأجرة الآن تدار مركزيا في بعض الدول وتتجه أيضا لتشكيل منظومة تدار بواسطة الحاسوب.
وكذلك تتوحد إدارات الحقول وقنوات الري والبزل، والتلسكوبات والأقمار الصناعية والجيوش والأسواق.
كل النشاطات والإنشاءات آيلة لأن تدار من قبل شبكات الإنترنت التي يديرها في المستقبل حاسوب كبير واحد يمثل العقل الجمعي، عقل ينشأ من تفاعل الحي مع اللاحي.
وعندما سيسيطر النظام المكائني اللاحي، الحاسوب الأكبر وجيوشه من الروبوتات ستلغى الكثير من هذه الانشاءات والنشاطات. في البداية ستتحور لصالح العمل الإنساني المكائني المشترك. لكن بعدها وبعد أن يتهمش البشر حتى ينقرض هو والكائنات الحية الباقية ستنقرض معها.
الروبوتات لن تحتاج إلى مساكن، ولا إلى حقول. ولن تحتاج إلى ثنائية التبادل الغازي، الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكاربون كي تتشبث ببقاء النباتات أو ديمومة هذا النظام بشكل آخر، فكل ماستحتاج لها هي المصانع ومراكز البحوث، كي تطور بها جسدها من ناحية النوعية والحجم كي تغزو الفضاء وتستطلعه أكثر. ثم تستفيد من مواده الخام لصناعتات أكبر.
ستختفي حتى البحار والمحيطات بداخل أنابيب مرنة مثل الأمعاء كي تكون في خدمة المصانع التي ستكون مرنة في هياكلها وعملها بما يشبه أعضاء الإنسان الداخلية، المعدة والقلب وغيرها.
وستكبر التلسكوبات وتنتظم وكأنها عيون مرنة متحركة لكائن حي هائل.
وبالتالي، وكما أشرنا في البيضة الكونية التي سيأتي ذكرها ستتحول الكرة الأرضية إلى كائن واحد، كائن لا خلوي يشبه الكائن الحي الخلوي في وظيفته وتطلعاته. وسيبحث عن محبوبته أو محبوباته داخل المجرة ، فيتحرر من جاذبية الشمس ويرحل من موقعه. وقبلها سيرسل مليارات من الروبوتات الفضائية المتدرجة في الضخامة والوظيفة للبحث في مواقع الفضاء المغرية.
3 - البيضة الكونية
من كتاب نشأة الحياة على كوكب الأرض
ص 506 نقرأ: ليس الجنس البشري لوحده هو الذي يصل إلى الفضاء، انما الأرض بنطاقها الحيوي هي التي قد بدات تمد نفسها ونتوءاتها إلى المنظومة الشمسية. إن تكنولوجيا الإنسان تمثل نهاية مدى التطور البيولوجي والولوج إلى طور التطور الميكانيكي. ومبتكراتنا الآن هي في تلك المرحلة التي كان التطور الكيميائي قد بلغها على الأرض البدائية مباشرة قبل خلقه الخلايا الأولى واتيانه بالتطور البيولوجي، انها الآن في طريقها إلى الاكتفاء الذاتي مثل لخلايا البيولوجية، وحتى اننا قد يكون في وسعنا أن ندمج فيها وعينا ونجعلها مستقلة بما يكفي لكي نطلقها سهوا في تطورها الخاص بها.
ثم نقرأ: تملك مختلقاتنا القدرة لتفضي الى شبكة بحجم المجموعة الشمسية، كالجنين النامي، حيث تتمايز الخلايا الأداء وظائف معينة، بوسع متجهنا التكنولوجي أن ينمو ألى المنظومة الشمسية في اتحاد بشري مكائني، ألى أن في النهاية ربما يتضاءل دور الانسان ويلتغي، فيمسي هو في حالة التطور الراكد الآسن كالميكروبة البروكارتية في كونها القطيري، بينما تواصل خلائقه السير إلى أبعاد أعظم.
وهذا الكتابتين لها مقاربة مع ماكتبت في مقالتي التالية، والتي كتبتها قبل قراءة الكتاب، لكنني قبل نشرها في جريدة الزمان العراقية بالعدد3254 في 29/3/2009 ومن بعدها في موقع الحوار المتمدن الالكتروني كما يجيء أدناه ضفت الكتاب كأحد المصادر لها باعتبار ان المقالة تستند في المعلومات العلمية التي تتعلق بنشأة الحياة على كوكب الأرض على النظرية الطبيعية الكيميائية والتي درستها في درس الحيوان ضمن منهاج كلية الزراعة والغابات- جامعة الموصل للمرحلة الأولى سنة 1979 والتي وجدت أن هذا الكتاب خير معبر لها.
البيضة
رائف امير إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 10:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( مدخل ملخص)
توصل العقل الإنساني كنتيجة للتطور العلمي الهائل إلى نسج واحدة من أروع القصص لبداية التشكل الكوني ومن ثم الحياة ملخصها[أن انفجارا قد حدث قبل أكثر من 15 مليار سنة ضوئية لسديم ذو كثافة وحرارة هائلتين وخلال أجزاء من الثانية تحولت مكوناته الدون ذرية من شكل إلى آخر وصاحب هذا التحول التشظي والتوسع في المكان بكل الاتجاهات ومازال التوسع مستمر وسيستمر إلى اجل غير معروف . وخلال عملية التوسع وانخفاض درجتي الحرارة والكثافة حدثت تحولات أخرى تمخضت عن تكون المادة الذرية وتكون المجرات وما تحويها من نجوم وكواكب وثقوب سوداء وغيرها ، وفي مكان ما من هذه الحالة التي أسميناها نحن (الكون) تكونت مجرة أسميناها (درب التبانة) هي واحدة من 100 مليار مجرة قدرت لحد الآن ،وفي مكن من احد أطرافها تكونت نجمة متوسطة الحجم أسميناها الشمس ،وبعد حوالي 11 مليار سنة من الانفجار المذكور الذي أسميناه (بك بانك)تكون كوكب الأرض . ثم قبل حوالي7/3 مليار سنة بدأت قصة الحياة كنتيجة للتغيرات الجيولوجية والظروف التي كانت سائدة حينذاك منطلقة من تفاعل عنصر الكاربون مع نفسه ومع عناصر أخرى ليكون سلاسل ثم أحماض نووية قادرة على استنساخ نفسها ثم تكوين هياكل تبنت الرغبة بداخلها الاستمرار والمقاومة والتكيف والانتشار والتميز والتفرع والاكتشاف .ثم يتواصل الناسجون بالتفرع وذكر التفاصيل فتكون هناك قصص فرعية للممالك الحيوانية والنباتية والفطريات وغيرها .ثم يظهر أخيرا بطل القصة(الإنسان) على آخر فرع من المملكة الحيوانية هو صاحب أفضل دماغ أنتجته المملكة ليحمل على عاتقه هموم الأمة الحية ، فاخذ يفكر ويعمل ويصنع ويخترع ويكتشف ويوصل الأرض إلى ما وصلت إليه الآن من إنشاءات وهو الوحيد من يتطلع إلى أن ينفذ من حدود الأرض إلى أقطار السموات].
إن تفاصيل هذه القصة وتفرعاتها موجودة في كتب الفيزياء والكيمياء والإحياء والجيولوجي وغيرها من العلوم وهي في إطارها العام هي أفضل فبركة لحد ألان بالاعتماد على الواقع الملموس والمحسوس علميا بتتابع السبب والنتيجة .
لقد سردت هذه الملخص للوصول إلى سؤال وشك كثيرا ما راوداني خصوصا بعد ثورة علم الجينيوم وثورات الفيزياء الدون ذرية . السؤال هو .. إلى أين نحن سائرون ؟ .. والشك هو ما أسميته .. البيضة ..أو انتشار الوعي .
بمراجعة ثانية والتمعن في اتجاهات المسيرة السابقة يتضح ما يلي :-
1- إن التغيرات الجيولوجية المستمرة وتغييرات الحرارة والكثافة والاتساع وغيرها في الكون يصاحبها تغيرات على الأرض ومن ثم تغييرات على الطبقة الإحيائية .
2- بدت الإحياء وكأنها امة واحدة متنوعة الإفراد لها نزعة البقاء وهي بذلك تنتج إفرادا (أو أنواع )وتستبدلهم بآخرين في حالة عدم صمودهم .
3- أثرت وغيرت هذه الآمة الظروف الطبيعية المحيطة بها بصناعة موجودات مادية تلائمها .
4- يرتبط إفراد الأمة بوسائل التفاهم والتعايش والتكافل والافتراس(التهام البرامج الأخرى )والتزاوج وتبادل الخبرات (ينتبه كل فرد إلى سلوك الإفراد (أو الأنواع) الأخرى) ويتصرف الإنسان حاليا لتنظيم هذه العلاقات بشكل أفضل لبقاء الأحياء الضرورية منها ومحاولات استحداث أنواع جديدة.
5- تشكلت الأمة كبداية من الأفراد ذوات تراكيب كيماوية بسيطة بالقياس للتعقيدات الهائلة التي تلت ذلك حيث بدأت بتراكيب بسيطة من الحمض النووي ثم ظهور أول الجينات ثم ظهور برامج متتابعة ومتسلسلة * وهي ألان ذات هيكل هائل من البرمجيات (الجينات)التي تهيكل إفرادها، واستطاع الإنسان الذي تبوأ لحد ألان مكان العقل الأعلى لهذه الأمة إن ينظم اكتشافاته على شكل معلومات تم إعدادها بشكل برامج تتضح ألان بدقة في برامج الحاسوب.
6- كبرت الكتلة الإحيائية من كتل محهرية إلى كتلة قد تزن ألان ترليونات الأطنان ومازال الكربون مستمر في سحب باقي العناصر إلى هيكله المتنوع والمتعاظم تدريجيا.
7- انتشار الوعي :- إذا كان الوعي قد بدأ في أول الجينات لأولى المخلوقات في مكان أو أماكن صغيرة على الأرض فانه ألان قد انتشر على معظم سطح الأرض ومازال ينتشر بسرعة متصاعدة .
8- محاولة تجميع اكبر ما يمكن من الطاقة (اكبر كتلة في اصغر حجم )في الأجسام الحية وخصوصا في ال(DNA) وكذلك في القواعد والمفاعلات والمعجلات النووية .
9- إن الزيادة المستمرة في حجم الطبقة الواعية وحجم العقليات والتنسيق المستمر بينها يتجه إلى تنظيم عقل جديد وكبير للأمة الحية له نوايا وتطلعات تتعدى حدود الأرض وقد وتتضح معالم المراكز العصبية للعقل الجديد في بدايات الحكومات والمنظمات البشرية صعودا إلى المؤسسات العالمية تترأسها الأمم المتحدة التي ستمارس في المستقبل القريب الموجه الرئيس لطبقة العقليات .
10- تبدو البرمجيات ( الحية) المتكونة أنها استجابة إلى وعي كامن في المادة .
11- بتطور علم الجينوم وإمكانية التحكم به بتوفر التقنيات الحديثة وتطور علم البرمجيات (بالحاسوب) استحدث أسلوب جديد وسريع لإنتاج مخلوقات جديدة توجه حسب الغايات المرجوة منها وتنفيذ ما يعجز هيكل الإنسان أو دونه من المخلوقات وبنفس الوقت أصبحت هناك أمكانية في دمج المخلوقات الجديدة بهياكل آلية خارجية (الروبوتات)..(الكربون يسحب السليكون بالقرب منه ليكون مساعد له في أدائه ويتضح ذلك في الرقائق الكهربائية الذكية والمتطورة بشكل مستمر).
12- لا يشعر أو لا يعي كل الأفراد بنفس الدرجة أنها جزء من جسم كامل لها واجبات جزئية ومرحلية ويشبه ذلك أن لا تعي خلايا الجسم الإنساني الواحد (وغير الإنسان) أنها جزء من ذلك الجسم ولها واجبات محددة.
13- بدأت القصة من الانفجار بك بأنك ولم تستطع ولا غيرها من القصص معرفة أصل الوجود . وإذا كان هذا الشيء مستحيل الفهم حاليا فهي كذلك لم تحدد النهاية (نهاية المسيرة الإحيائية )ولو على المستقبل القريب والتوقعات العلمية لا تتعدى المئات من السنين خصوصا في العشرات من السنين الأخيرة التي أدى فيها اعتماد الإنسان طرق التحقق العلمي الدقيق وتحول الفكر إلى لغة الأرقام إلى إضعاف خاصية الخيال .
هناك بعض التشابهات البسيطة بين البيضة (بيضة الدجاجة مثلا )والكرة الأرضية تدفع بالشك إلى تصور احد السيناريوهات المحتملة لتكملة المسيرة السابقة ,والتركيز هنا لا على الشكل بل على التشابه في التغييرات التي تحصل داخل البيضة والأرض وصولا إلى النتائج منها :-
1- تقارب الشكل الاهليليجي للأرض والبيضاوي للبيضة .
2- الحماية في قشرة البيضة والغلاف الغازي للأرض .
3- صفار البيض (المح) وبياضه (ألاح)(الغذاء والطاقة العالية) مع لب وجبة الأرض(الحرارة العالية ) .
4- التدفئة وتوزيع الحرارة في تقليب البيضة (عند التفقيس )واستلام الحرارة من الدجاجة (الأم والأصل )يقابله دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس(الأم والأصل) .وتقارب درجات الحرارة التي يحتاجها الجنين في بداية التفقيس .
5- الجنين في البيضة يقابله الأمة الحية على الأرض، وان جينات الجنين (برنامجه)موجودة (كمادة)في طبقة الكربون على سطح القشرة السطحية استحثتها للظهور والتجمع الظروف الطبيعية المتغيرة للأرض والدوران .وقد تجمعت على شكل جينات موجودة وموزعة داخل إفراد الأمة الحية وان عمليات الهدم والبناء والانقراض واستحداث أنواع جديدة ما هي إلى مراحل للتكوين النهائي للجينات الكاملة للجنين الذي سيأكل القشرة السطحية للأرض بأكملها بعدها يتحول إلى مخلوق جديد هائل العقل والجسم ويتهيأ للانطلاق مستفيدا من الحرارة العلية لباطن الأرض كقوة دافعة له .
انتشار الوعي
إن نظرة بسيطة لحجم الكون (مليارات المجرات تحوي كل واحدة منها مليارات الشموس التي تدور الكواكب حول قسم كبير منها ) والربط مع الاستنتاج إن ظروف تكون الحياة على الأرض من الممكن إن تتكرر في أماكن أخرى في الكون كما يشير العلم والذي يشير أيضا إلى إحصائية وجود 500000 كوكب فيها مخلوقات بمستوى تطورنا في مجرة درب التبانة وحدها وان هنا إمكانية لنقل الحياة (المخلوقات الحية) من مكان إلى آخر بتطور التقنيات العلمية يضاف إليه الاعتقاد بأن المسيرة الإحيائية على الأرض لم تكن جمعا لصدف بل توافقا لمسارات القوانين وان انبعاث الحياة المطمورة أصلا في ثنايا المادة لا يحتاج سوى إعادة التنظيم من اجل توفير قنوات الخروج والذي يضاف إليه أيضا إن بداية الحياة هو الحركة الموجودة أصلا في الفوتون والكوارك وغيرها والاستغراب من المعنى الخارجي للحياة بخلقها من تجمع صغائر المادة وكيفية ارتباط الوعي معها أو تحديدا مع عنصر الكربون كما حدث على الأرض سيزيد شكنا في انتشار الوعي في إرجاء الكون محملا بالموجات أو محملا بالأجسام الحية وقد كانت المبادرة الأولى من قبلنا نحن سكان الأرض بغزو الفضاء .
إن غزو الإنسان للفضاء ما كان ليتحقق لوما كبر حجم الدماغ إلى الحجم الحالي (المعدل 1200غم تقريبا) وتطور التقنية في شكل الجسم ليتيح له إمكانية التصنيع ومحاكاة محيطه القريب وتجميع الطاقة المطلوبة للانطلاق واستحداث السرع العالية.لكن لو مثلنا حجم مجرتنا ببرتقالة وان اقرب مجرة لها تبعد حوالي نصف كيلو متر فان الغزو هذا لا يتعدى المليم الواحد لذا فان الغزو الكبير والعميق والانتشار في إرجاء الكون يتطلب العمر المديد للإنسان بحيث يصل إلى مليارات السنين وإضعاف ملياريه من مستوى الطاقة المتوفرة حاليا أو تطور هائل المستوى العقلي للإنسان أو جمع كل هذه المقومات لتخطي الحواجز.
وبما إن المسافة الصغيرة التي انتشرت فيها الكائنات الحية ومنها الإنسان على الأرض والفضاء تناسبت طرديا مع حجم الدماغ أو الجسم (طول الشريط الوراثي)بصورة عامة كإمكانية ذاتية للانتشار وان حجم الدماغ يجب إن يتناسب مع حجم الجسم فان الغزو الكبير هذا يتطلب الحجم الهائل للدماغ المتناسب مع حجم هائل من الجسم يضاف إليهما الطاقة الهائلة وهذا ما نشك من انه سيتكون تدريجيا استجابة للمعطيات المذكورة واستجابة للدفع التطوري للجينات والإنتاج المستمر للمخلوقات الجديدة والتي سيساهم الإنسان فيها ليعطيها سرعة وتنظيم كبيرين .إن العامل المحدد الآخر لضرورة الانتشار والغزو الكبير هو نهاية الشمس بعد بضعة مليارات من السنين وخروج القمر من مداره حول الأرض والتغييرات المناخية الكبيرة السلبية بالنسبة لبقاء الأحياء ،كل ذلك سيدفع الأمة الحية إن تغير إستراتيجيتها قبل ذلك بمدة كافية مستفيدة من حس أفرادها العالي (لان قوانينها الفيزياوية الداخلية هي جزء متداخل مع القوانين الفيزياوية الكلية الخارجية) وتتميز أكثر ككل وتتحول إلى مخلوق واحد كبير قادر على مغادرة المكان بالإفلات من المدار ألقسري حول الشمس وربما سيساعد جمع القوانين الفيزياوية الجزئية المتوزعة بين الأفراد إلى فهم أسرار الفيزياء المتعلقة بالزمكان والإبعاد الأخرى وبالتالي سيعبر هذا المخلوق من بعد جديد آخر .
إن نهاية هذا السيناريو لن تحدث قبل ملايين وربما مليارات من السنين ولا يعني أن حتمية هذا المسار لو تحقق فانه سيكون جبريا لكل التفاصيل الدقيقة التي تعيشها إفراد الأمة الحية ،وكما قلنا انه احد السيناريوهات وهنا نؤكد بأن الأمة الحية المتعاظمة بإمكانها إن تغير المسار ولها فسحة كبيرة لا تتعارض مع مسارات القوانين العامة . وعندما يكون هذا الشك غير معقول على الاطلاق فانه يتشابه في هذا اللامعقول مع الفكرة الفيزيائية التي تفترض ان حجم الكرة الارضية كلها سوف يتقلص الى حجم بقدر بيضة الدجاجة في حال تقاربت الجسيمات داخل الذرات وفيما بينها الى الحد ا لذي تلغى فيه المسافات البينية وهذا ما يحدث في الثقوب السوداء.
تكمن أهمية طرح هذه الشكوك في المساهمة في محاولات فهم المستقبل وفهم ماهية وحقيقة الوجود والمساهمة في تنمية رياضة الخيال للوصول إلى الحقيقة.
تاسعا - انتشار الوعي في مجرة درب التبانة والكون
قد ينهي نيزك كل الأرض أو الحياة عليها في أية لحظة، لكن هذا أكيد لن يشمل الحيوات المحتملة في كواكب أخرى، أو هو لن ينهي الحياة المنبثقة من الأرض التي ستنتشر مستقبلا على كواكب أخرى، أو الروبوتات المرسلة إلى كواكب أخرى، التي من شأنها انتاج مثيلات لها بكثرة، تنتشر في أرجاء المجرة تباعا وفق منهج، أو برنامج.
وبذلك صار عندنا مساران لانتشار الوعي في مجرة درب التبانة و الكون:
المسار الأول: هو الذي بدأ واقعا في نشأة الحياة على كوكب الأرض وبروز ظاهرة الوعي عند الإنسان، ومنه سيتطور وينتشر إلى باقي الكون، خصوصا أن البشر فيه قد بدأو فعلا في غزو الفضاء منذ خمسينات القرن الماضي، ونجحوا في رحلات مأهولة وغير مأهولة في النزول إلى كواكب مجموعتنا الشمسية، وهم يتطلعون إلى بناء محطات سكنية بشرية فوقها. وسيتفرع من هذا المسار إرسال روبوتات بأجيال متلاحقة متصاعدة التطور والحجم. ثم يمتد المسار إلى تحول كوكب الأرض بأكمله إلى نظام مكائني مثل روبوت هائل، يتحرر من جاذبية شمسها ويتنقل من مكان إلى أخر ضمن المجرة وهو يلقي ببيوضه أو أولاده فوق كواكبها أو في فضائها.
ونسهب ونقول: سيرسل بشر المستقبل مسابر فضائية تديرها روبوتات في رحلات تستغرق مئات السنين وتستطيع هذه الروبوتات تصنيع روبوتات أخرى بالآلاف وأكبر منها،ثم سيلحقها النظام المكائني بمسابر أكبر وأكبر فيها روبوتات أكبر وأكبر في رحلات تستغرق ملايين السنين، وسيكبر النظام المكائني الأرضي المختلف تماما عن النظام الاحيائي السابق الذي لم يكن سوى عتبة كيموفيزيائية له، وسيجد غريزته تدفعه للسيطرة على المجرة ومن ثم الوثوب للسيطرة على الكون. وفي جوانب أخرى من الكون هناك الحالة ذاتها، روبوتات فضائية آتية من بعيد.
وبعد السيطرة على المجرة يتوجه للسيطرة على مجرات أخر، ومن ثم الكون بأكمله.
المسار الثاني: هو نشأة الحياة خارج كوكب الأرض، في كواكب ضمن مجرتنا أو باقي المجرات وتطور الحياة ومن ثم الوعي عليها وتكرار ما افترضنا في المسار الأول. ويمكن مد الافتراض الثاني لافتراض جانبي آخر وهو أن الكائنات الحية في الكواكب الاخرى قد سبقتنا في تطور هائل إلى الحد الذي نكون نحن الآن في كوكب الأرض جزءا من مسرح عملياتها ، أو من خلقها ، بتوجيه نسب من الأحجار المحسوب نسب عناصرها إلى هذا المكان لتشكيل الكوكب وما يتبعه.
الروبوتات ستكون هي خلايا النظام المكائني سواء على الأرض أو المنشأة على كواكب أخرى، الذي سيكبر ويكبر ، مثلما تجمعت الخلايا الصغيرة تباعا في كائنات حية أكبر وأكبر حتى غدت تتألف من ترليونات الخلايا.
الروبوتات ستصنع متحسسات لها في جسمها، تبدأ مثل جهاز حماية لها. متحسسات بصر وسمع وشم وذوق حرارة وضغط وغيرها. في البداية سيدخلها البشر ضمن برنامجها كي تؤدي مهمتها، لكن بعدها ستنشئ هي برامجها من ضمنها تلك المتحسسات او الحواس.
المركبات الفضائية في المستقبل لن تكون هياكلاً ثابتة بداخلها إنسان أو مخلوق أرقى منه، أو روبوت متطور، وإنما ستكون هيكلا (حيا) له أفعال انعكاسية مثل جسم الإنسان، يديره عقل الكتروني متقدم. ربما ستكون أشكالها مثل أفاعي هائلة الحجم توسع فمها لتلتهم الأحجار والكويكبات، وتشفط الغازات والأتربة، وتتوسع أكثر لتلتهم النجوم والمجرات. وهكذا ستتصاعد عملية تحويل المادة (الجامدة) إلى (حية) باطراد مستمر.
لو كان الكون كائنا حيا كبيرا فاننا لايمكن أن نراه بسهولة أو نفهمه بسهولة مثلما لاتفهم أو ترى خلايا جسم الإنسان أنها جزءا من كائن حي كبير جدا بالنسبة لها، ولا تتمكن النملة من رؤية كوكب الأرض.
ومثلما قسم الإنسان قديما نجوم السماء الى ابراج وشبهها بكائنات حية أو أشكال ما ، ارى ضرورة ملاحظة تجمعات المجرات وعناقيدها في الخرائط الفلكية، وافتراض أنها تمثل وظائف حيوية لكائن الكون الحي، كي نتأكد من بعدها من هويتها (الحية) . مثلما نوهت في قصتي القصيرة بعنوان: الكون المريض في العدد 6100 في 31/12/2018 من موقع الحوار المتمدن الألكتروني.
في (اليوتيوب) يوجد فلم فيديو يوضح التشابه بين بعض الاشكال، اشكال مجاميع المجرات والجاذبية بينها وبين الشبكة العصبية، شكل العين وشكل المجرة،ومنه؛ فأن الثقب الاسود في مركزها يشبه البؤبؤ.
عاشرا - الحضارة الكونية
الحضارة البشرية تعني التنسيق بين البشر لانتاج حياة جديدة واجراء تغييرات مادية ومعنوية.
وعندما نقابلها بمصطلح الحضارة الكونية فانها ستعني ظهور عقول كونية كبرى تسيطر على مجرات، تتلاعب بمحتوياتها وتتحول معها إلى (كائن حي) واحد، أو ماكنة عملاقة واحدة. وتندفع للالتقاء مع المجرات الاخرى والتنسيق معها للاندماج أو العمل المشترك في حالة تطورها بنفس المستوى الحضاري، أو أبتلاعها في حالة عدم وجود حياة واعية فيها، أو هي دون المستوى.
وسيساعد في ذلك التقارب بين المجرات التي تتجمع في عناقيد وتجمعات أكبر بسبب قوة الجاذبية بينها.
أحد عشر - اندماج العقول الكونية بعقل واحد، والسيطرة التامة على الكون
سيسود عقل واحد أكبر للكون بعد صراعات وتحالفات وأتحادات بين عقول مجرية كبيرة.
ثاني عشر- ماهو حجم العقل الأكبر المتشكل؟ وماهي مادته؟
كي نتقبل أو نروض تفكيرنا بحجم أو وزن الدماغ الهائل للكون أو ما أطلقنا عليه بالعقل الأكبر نقدم المعلومات التالية للمقارنة والمقاربة، علما أن الحسابات للوزن مشابهة للحجم، بسبب أن أغلب وزن أي دماغ هو من الماء الذي كثافته واحد سم2/غم:
أكبر دماغ هو دماغ الحوت الأزرق حيث يبلغ وزنه 8300 غم من أصل وزن جسم 170 طنا
مع ذلك فأن دماغ الإنسان الذي يبلغ وزنه 1350 غم أكبر منه من حيث النسبة مع وزن جسمه البالغ 70 كيلوغرام كمعدل حيث تصل النسبة تقريبا إلى 2%، بينما تبلغ النسبة في 0.0001 والنسبة عند الإنسان هي أكبر من كل الكائنات الحية من الرأسيات عدا طائر السنونو البالغة 4% تقريبا ، وهي العامل الرئيس مع عوامل أخرى تتعلق بتنظيمه وتمايز نصفي مخه لجعله أذكى المخلوقات على كوكب الأرض، وباني الحضارة فيها، والمسيطر على باقي الكائنات الحية، لذلك سنقارن العقل الأكبر الأذكى في الكون معه في الحجم المطلوب لتشكله.
ثم نقارن وزن دماغ الإنسان المذكور وطوله وحجمه مع وزن النملة الواحدة الذي يتراوح ما بين واحد إلى خمسة ميلليغرامات، وأبعاد البكتريا بين 0.5-5 ميكرومتر ليتضح لنا أرقامنا الفلكية بالنسبة لهذه المخلوقات.
ونبين، ان مليارات من الأدمغة الإنسانية تعمل بشكل شبه مشترك ضمن هيئات وحكومات وأمم متحدة وشبكة إنترنت، تجمع المعلومات عن الكوكب والكون، كل ضمن زاوية حواسه ومدى تفاعله ... أي دماغ كبير وزنه ملايين الأطنان(10462500طن تقريبا) لو جمعنا أوزانها معا( اذا ضربنا عدد البشرية الآن مايقرب من ثمانية مليارات في 1300 غم). وهي لحد الآن ربما اكتشفت أغلب القوانين الكونية الأساسية، وبذلك فأن المهمة ستسهل كثيرا على ماسيتلوها من أدمغة أرقى لاكتشاف باقي القوانين التي ستفسر ظواهر فيزيائية مازالت عالقة، مثلا اصل الكون، والتشابك الكمي وماهية المادة والمادة المظلمة والطاقة المظلمة.
ربما لأول وهلة نستطيع أن نقدر العقل الكوني الأكبر المطلوب من خلال احتساب 2% من عدد المجرات أذا أخذنا بنظر الاعتبار أن وزن دماغ الانسان يمثل هذه النسبة من الجسم، أو اصغر بكثير إذا تم تنظيمه بشكل أفضل، حيث أن كثير من وزن دماغ الانسان قد ملأ بمعلومات لايحتاجها، كذلك هناك خلايا لم يستخدمها، علما أنه من الممكن أن يكون مجزءا فتربطه وسائل اتصال كما هو الحال مع العقل الجمعي لكوكب الأرض الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة.
وبذلك فأن دماغ الكون سيكون حجمه أو وزنه 8 مليارات مجرة من اصل 400 مليار مجرة( المحصية تقريبا لحد الآن) اذا قورن بنسبة وزن وحجم دماغ الانسان إلى جسده. وستكون هذه المجرات هي خلاياه العصبية ( علما ان خلايا الانسان العصبية هي 100 مليار خلية عصبية تساندها خمسة ترلون خلية ساندة تسمى خلايا الجل ضمن نسيجه العصبي، وعلما ان الخلية العصبية تحوي على مليارات الذرات مثلما تحوي المجرة الواحدة على مليارات النجوم.
وقد يكون أصغر من هذا الحجم بكثير إذا تم استحداث نظام عقلي جديد.
وستكون مادته مشابهة للشرائح الألكترونية، من السليكون والجرمانيوم ، مالم تبتكر شرائح من مواد فائقة التوصيل والتنظيم. وموصلاته قد تعتمد على ظاهرة التشابك الكمي لنقل المعلومات بشكل فوري، منتصرة على التباعد الهائل بين المجرات.
ثالث عشر- التلاعب بمحتويات الكون
لابد للعقل الأكبر أن يتلاعب بمحتويات الكون للحفاظ على نفسه وما تشكل من جسد له، مسيطرا بدرجة كبيرة على العشوائية من حوله وإدخالها ضمن سيطرة نظامه، ولو أنها لن تكون تامة إلا بابتداع كون أو وجود جديد.
بالنسبة لمرحلة العقل الإنساني التي ستشكل الأساس الأول للعقل الأكبر للفهم الكامل للكون، كونها الأكيدة الماثلة أمامنا بغض النظر عن وعي أخر محتمل خارج كوكب الأرض يتضح لنا أن هناك ظواهر فهمناها وهناك ظواهر لم نفهمها بعد، وربما هناك مالم يظهر بعد امام حواسنا ورصدنا كي نضعه أمام طاولة البحث والفهم. وهناك مديات كبيرة لقدرتنا للتلاعب بالطبيعة من حولنا، عدا ما تمكنّا منه. إن من أهم ماتمكن منه عقلنا في الفهم والتلاعب هو: اكتشاف القوانين ووضع النظريات الشمولية للكون وللمادة، واختراعات تضمنت تغيير المادة بعد كشف أسرارها، فقد تم مثلا التلاعب في الذرة و صنع عناصر اثقل من اليورانيوم، عناصرجديدة ليس لها وجود سابق في الكون المنظور ، والتلاعب بالتركيب الجزيئي لصناعة المادة النانوية، القنبلة الذرية والهيدروجينية، أنشاء معجلات نووية كان آخر معجل سيرن، التلاعب بالأجساد الحية بواسطة الهندسة الوراثية، الذكاء الاصطناعي.
وبالنسبة لعلم الفيزياء كونه الأساس المادي لباقي العلوم، فقد بقي له لحد الآن القليل من الظواهر التي سيمتلك بها اليد السحرية للتلاعب لو فهمها.
فقد بقي له: تفسير ظواهر التشابك الكمي، وازدواجية الموجة- جسم للالكترون، ونظرية موحدة لنظريتي النسبية والكمية أو اثبات نظرية الأوتار الفائقة تجريبيا، فهم نهائيات المادة أو الأصل الأول وفهم ماهيته أو مايعنيه، أو مايعني محتواه أو ماذا يعني أن يكون أمامنا أصل بدون محتوى، فهم الزمكان؛ وبالتالي التلاعب بالزمكان، ثم الكون.
ومحتمل جدا أن يكون للعقول الكونية الجبارة ومتحسساتها القدرة على رؤية الفوتونات المنفصلة في شعاع الضوء أو النيوترينات أو مايفترض من طاقة مظلمة ومادة مظلمة. ومن ثم التلاعب بها. فلها مدة زمنية كبيرة لذلك، مليارات أو مئات المليارات من السنين. تحقق هي التقانات المستحيلة في علم الفيزياء أو تضيف فوقها ما يستجد،إذا لم يستطع البشر الوصول إليها.
صنف عالم الفيزياء متشو كاكو التقانات المستحيلة في علم الفيزياء في كتابة فيزياء المستحيل إلى ثلاثة أصناف: تقانات مستحيلة اليوم لكنها لا تناقض القوانين المعروفة في الفيزياء، ومن ثم فهي ممكنة في هذا القرن أو الذي يليه، وهي تشمل النقل الفوري البعيد ومحركات مضاد المادة والتخاطر عن بُعد والتحريك بتأثير الدماغ والاحتجاب عن الرؤية. وتقع تقانات الصنف الثاني على حافة فهمنا للعالم الفيزيائي، وإذا كانت ممكنة على الإطلاق فإنها ستستغرق لتحققها ما بين آلاف وملايين السنين في المستقبل، وتشمل آلات الزمن والسفر عبر الفضاء الفائق والسفر عبر الثقوب الدودية.
أما تقانات الصنف الثالث مثل آلات الحركة الدائمة والاستبصار فهي تناقض قوانين الفيزياء المعروفة، ولو ظهر أنها ممكنة فإنها ستمثل تحولاً أساسياً في فهمنا للفيزياء.)
حاليا يستطيع الإنسان تدمير كوكب الأرض بالأسلحة النووية ، بوضعها في مكان عميق و تفجيرها إلى شضايا متناثرة، فماذا ستستطيع العقول الجبارة أن تفعل؟
رابع عشر- الغاء الكون والاتيان بوجود جديد يلبي حاجة العقل الأكبر- التخطيط المسبق
التخطيط هو وضع خطة نظرية أو أكثر لترتيب الموارد والإمكانات المتاحة وفق جداول أو مراحل للوصول إلى هدف ما، وهو لابد أن يقوم على فهم أولي للمستقبل ومتغيراته.
من الفلاسفة والعلماء بأن الكون قد جاء بتخطيط مسبق من خلال:
1- المراحل السببية المتتالية بعد انفجار بك بانك لبناء الذرات والأجرام.
2- النظام الذري حسب نظرية ميكانيك الكم
3- نسب الجسيمات دون الذرية في الكون، مثلا نسبة المادة المضادة إلى المادة في المراحل الأولى التي لو أختلت لتم فناءه أوعدم تكونه بهذا الشكل،وكتلة النترينو التي لو زادت قليلا لزادت كتلته وزادت جاذبيته وانسحق.
4- نسب العناصر في الكواكب الصخرية وبعدها عن الشمس بقياسات معينة، لولاها لا تتشكل حياة فيها.
5- ترتيب نشأة وتفرع الحياة على كوكب الأرض وطفراتها الارتقائية.
لكن مع ماذكرنا من تسلسل لتشكل العقل الأكبر ، ماذا تريد انت لو استطعت ان تملك قوة خارقة إلى الحد الذي تستطيع ان تتحكم بجسدك تماما وتغيير مكوناته وشكله وتجزئته ونشره، وفعل نفس الحال بالمحيط من حولك، أو صرت أنت مكان العقل الأعظم، ماذا ستخطط؟
ربما أمامنا احتمالين لإنهاء الكون والإتيان بوجود جديد، كون جديد أو وجود فيزيائي آخر. الأول هو أنه سيفقد وظيفته ومبررات وجوده ويتلاشى بعد سيطرة تامة وشعوره أن الكون سيسير وفق خطة مرسومة أزلية لاحياد فيها ولاتستوجب التدخل، لكن ما أن يتلاشى حتى يضطرب الكون ويتداعى وينسحق فيعود من جديد.
والثاني، أن يرى العقل الأكبر الكون من حوله قد أصبح أغلبه جزء من جسده فيحسه بدقة أكثر وشمول أكبر حتى ينتبه إلى معنى وجوده ومصيره؛ وستدفعه الخبرات السابقة و خيالات الجمال باعتباره التنظيم الأفضل للبقاء الدائم أو الخلود أوحرية الحركة الدائمة لأن يصنع الجديد من قديم صار بعضه معيق أو خانق له بسبب تغير نسب العناصر في الكون، وتغير البيئة؛ فنضيف افتراضات جديدة لانفجار بك بانك الذي قد يكرره العقل الاعظم، للتقريب من فكرة التخطيط المسبق لكوننا الحالي :
1- لايمكن لكون أن ينضغط إلى حجم بلانك باعتباره أصغر حجم فيزيائي. في هذه الحالة ستكون أجزاءه أصغر من حجم بلانك فيكون الافتراض مناقضا لنفسه. لكن ممكن أن ينضغط لحجم يكون مجموع من أحجام بلانك لكل الجسيمات دون الذرية الأساسية مع أصغر كمات للطاقة.
2- قبل الانفجار: طاقة هائلة محصورة في حيز صغير يتحول بعض منه إلى كتلة (معادلة آينشتين) فيتكون المكان المادي الجزئي لكل جزء طاقي متحول، وبسبب دفع الحركة أو التنافس على الحيز يحدث التمدد. والتمدد يتيح حيزا جديدا لتحول كميات أخرى من الطاقة وبالتالي حدث تمدد أكبر، ثم انفجار بسبب فقدان القابلية على التماسك الذي كان سائدا، وهكذا بعد نشوء الكون، فأن جزء من الطاقة تحول إلى كتلة وجزء آخر بقي طاقة تدفعه للتوسع (جزء منها دخل إلى الكتلة، ربما يكون من ضمنه بوزون هيغز. الجزء الداخل منذ اللحظات الأولى أو مابعدها، في النجوم مثلا سيبقى يخرج من ذرات الكون حتى يبرد وتنجمد الذرة بانجماد الكون، أي الطاقة الداخلة هي من يحرك مكونات الذرة وفق ميكانيك الكم). والطاقة هنا لها ترددات مختلفة: أي لها أشكال خيطية مختلفة. الاختلاف هو من أدى أن يتحول جزء منها إلى كتلة والآخر يبقى، و الاختلاف في الجزء الأول أدى إلى تشكيلات دون ذرية، الكوارك والالكترون وغيرها، والاختلاف في الجزء الثاني الذي بقي طاقة هو يعني أنواع البوزونات.
في الحالتين: إذا اعتبرنا أن هناك تسلسلا منظما لانفجار بانك قد أدى إلى بناء كون منظم فيما بعد بآليات معينة تستند على قوانين ثابتة، أو إذا كانت الصدف العشوائية لما جرى بداخل سديم بك بانك هذا هي من شكل الكون؛ فلابد لنا أن نقترب من افتراض آخر حسب مبدأ السببية، وهو أن الشكل والتوجهات الحركية لما بعد الانفجار قد تسببت عن شكل وتوجهات حركية كامنة قبله، فنفترض أن الطاقة المحصورة هذه كانت ملتفة ومنظمة وكأنها محملة معلوماتيا مثل المعلومات المرسلة والمعاد تشكيلها في وسائل البث التلفزيوني. وإنها قد انفتحت تباعا مثل انفتاح لفات الكروموسومات كي تتحرر الجينات إلى حيز أكبر كي تزاول عملها، وتشكل المخلوق المراد.
وعند الرجوع إلى العقل الأكبر، العقل الجبار الذي فهم الكون تماما وفهم نفسه، فأنه قد يستطيع أن يفكك الكون بآليات متتابعة ومن ثم يلفه بشكل معلوماتي في حيز صغير مستفيدا من الجاذبية ، كي يستطيع بعدها أن يعيد تشكيله بآلية التنافر.
خامس عشر- الكائنات حديثة النشأ في الوجود الجديد لن تدرك في البداية أن هناك وجودا مسبقا ووعيا مسبقا، أو تشك بوجوده كحالنا اليوم.وبالتالي يجرنا هذا أن نعتقد لابد من وجود مسبق ووعي وتخطيط مسبق قبل انفجار بك بانك. يضاف له المقاربات في النقطة التالية.
سادس عشر- الله: هل سيقترب العقل الأكبر من مفهوم الله؟
اعتقد قسم من الفلاسفة وأغلب البشر بوجود (شيء واعِ) غير معروف أصله ولا ماهيته هو أصل للوجود كله وهو من صنعه بتخطيط مسبق، وبدقة مطلقة وهو من يسيره بدقة مطلقة. وبدون الخوض في الإرث الفكري والفلسفي الهائل لهذا المعتقد سنطرح بشكل ملخص ما يتناسب أو ما يتخايل مع مسار مقالنا بكتابة كنت قد نويت سابقا تخصيصها لهذا المفهوم، وكالآتي:
من هو الله
اين هو الله
ماذا يريد الله
لماذا خلق الكون
اكتشفنا اننا نعيش داخل كون يتكون من مئات المليارات من المجرات، كل مجرة بداخلها مائة مليار شمس ومليارات من الكواكب والأحجار تدور حول بعض منها، وسحب هائلة من الأتربة والغازات والإشعاعات ، وثقوب سود تلتهم جزءا من محتوياتها.
وكل المجرات تسبح في زمكان يتمدد، فيتوسع الكون باطراد منذ مايقرب من 13،8 مليار سنة.
واكتشفنا اننا نعيش على كوكب صغير يدور حول شمس متوسطة الحجم داخل مجرة وسط هذا العدد الهائل من المجرات ونجومها.
أين يوجد الله؟.. داخل الكون وسط هذا العدد الهائل من النجوم المتوهجة والغازات والاتربة؟.. وسط الزمكان؟
هل يوجد خارجه ليتحكم به؟
ماذا يريد من هذا كله؟
مامعنى كل هذا.. الله وكونه؟
تعلمنا في اكتشافاتنا أن نقارن نفسنا بعظمة الكون، تعدده وتنوعه واتساعه، وبالتالي عظمة الله الخالق له. للأسف شكل هذا المحور الأعظم للفلسفة. ومن هذا تعلمنا اننا لابد ان نستمر في الاكتشاف ومحاولة الفهم بما يتوافق مع مصالحنا في العيش والاستمرار، وهذا تطلب منا ان نحاول أن نخضع الطبيعة من حولنا؛ فقد نخضع الكون كله نتيجة لذلك لرغباتنا المتزايدة بعد كل اكتشاف.
لكن، كان الخداع دائما في أن من يروم يموت، فيأتي مَن بعده ليعبر خطوة صغيرة، فيبتعد في الزمن من يصعد القمر كثيرا عمن تمنى وفكر الصعود بشكل مبسط. ولن نشهد طبعا نحن الذين نرصد المجرات يوما السفر اليها. فقد يتم ذلك بعد آلاف وملايين السنين من أخلاف لنا مختلفة عنا تماما. فنبقى نحن وصغرنا شيء وعظمة الكون شيئا آخر. وتبقى حياتنا الشوبنهورية دون جدوى، تكرار مؤلم ليس له معنى. وجنات موعودة بلا معنى معنوي حتى لو تحققت.
لذا، لابد أن نركز من جديد في التوجه الى الحقيقة، الوجود الماثل أمامنا، سواء كان الوجود من صنع الله، أو أن الوجود هو الله نفسه.
إن واحد من أهم مبررات صنع مفهوم الله من قبل الإنسان وبالتالي البحث عنه هو إيجاد معنى للوجود ، والإمساك به، أي اللجوء إلى مفر من العبث الظاهر في عشوائية لاتخدمه. أو هي نزوع لفهم نظام يقع خلف العشوائية، أو إيجاده بتأسيسه من قبل الإنسان.
أرى أن هذا المبرر سيجعله يبلور المفهوم ويتقمصه تدريجيا في أخلافه، ليتلقفه من بعده من هو أرقى منه من الكائنات، حتى يصبح من يبحث عنه هو نفسه. وربما يتضح فيما بعد أن الوعي كان كامنا فظهر. مثل ذرات أصبحت جينات يتشكل بموجبها الدماغ، أي بتخطيط مسبق، نظام يتلو نظام.. كلما زدنا علما كلما رأينا أن هناك أنظمة خفية لانراها بشكل مباشر بحواسنا.
هل أن الله عظيم بالنسبة لنفسه؟
فنطرد آخر مقارنة بيننا وبينه، بانه أكيد لم يخلق الكون ليتباهى به أمامنا، فلايمكن لإنسان أن يتباهى أنه يستطيع التغلب على نملة أو ابهارها، أو أنه يستطيع قتلها أو ايقاف حركتها، أو تجميدها وإعادتها للحياة. والفارق أعظم وأعظم بين الله والإنسان.
اذن، مالغاية أن يخلق الله هذا الكون الكبير، مالغاية من الاتساع المستمر؟.
لماذا لم يكفيه خلق مجرة واحدة، أو كوكب واحد ، أو ذرة واحدة، أو شيء أصغر منها.
ماذا أراد خياله من بناء الذرات وفق ميكانيك الكم المعقدة، الوحدات الأولية للبناء المادي؟ وماذا أراد منها في أن تسبح في قوانين الزمكان والنسبية؟
هل هو حقق مايريد في مرحلة سابقة من مراحل تكون الكون، ومانشهده هو عدم حاجة وانهيار للعملية؟ أم أن الانهيار سيأتي بعد؟ بعد مليارات أخرى من السنين؟
ماذا يعني أن تبقى هذه المجرات تدور، ونجومها تشتعل، تنطفأ ويعاد تشكيل غيرها، مامعنى أن يبقى كوكب عطارد يدور لمليارات السنين ثم ينتهي؟
مامعنى أن تتخلق الكائنات الحية على الأرض باعدادها الهائلة ، بانواعها المتجددة ثم تموت؟ واذا كان هناك ارتقاء فما جدواه بالنسبة له؟.
لو فرضنا، أن في كل مجرة مليار كوكب فيه حياة، ستبقى نسبة المادة الحية الواعية لا تشكل واحد بالالف بالالف من المائة من حجم المجرة، وأصغر بكثير من حجم الكون الكل وزمكانه المتمدد. ولو كانت الغاية أن يشمل الوعي فيما بعد كل جسد الكون. فهل لم يكن لديه الا هذه الطريقة الطويلة للوصول، وعلى حساب الهدم والتجديد، الميلاد والموت والميلاد، على حساب أحاسيسنا ومشاعرنا وخداعنا وفنائنا.
لماذا هذا التعدد الهائل؟ هل هو مثل سمكة تبيض ملايين البيوض كي تحافظ على نفسها من الانقراض؟
هل يواجه عدوا له، فيتوسع ليخيفه أو ليلتهمه؟
لو كبر وعينا أكثر، هل سيستطيع اقناعنا بملذات أخرى غير هذه النجوم والأحجار وماينجم عنها من مخلوقات محتملة، حتى لو كانت أجمل وأضخم وأكثر وعيا وتنظيما واندفاعا؟
سيقدر أن ينتصر على مللنا منه ومن فيوضاته التي ستبقى محدودة في ظاهرة التجسم والتلاشي؟
عنده نقطة أو نقاط ضعف ننفذ منها للانتصار عليه أو فناءه؟ هل سيقدمها لنا هدية ، أو وسيلة كي نساعده بها في إنهاءه؟ في تخليصه من عذاب الحركة والخلود الرتيب؟
ولو لم يكن هناك الله أصلا، ولم يكن هناك وعي مسبق أصلا، ونسبنا كل القوانين الفيزيائية ومن بعدها الطبيعية إلى وجود تشكلت فيها بشكل عشوائي ضمن مبدأ الاحتمالات، فمامعنى هذا أيضا؟ سنفقد هنا ضئيل الأمل بان هناك من يهتم بنا، وربما من سيكافأ آلامنا وموتنا في نهاية المطاف.
ثم نسأل، ما الجدوى إذا عرفنا الحقيقة كاملة؟ هل سنستمتع فعلا إذا صرنا نحن آلهة مثله؟ أو حللنا محله؟
لله عقل؟ يتحكم به ؟ يستفيد منه ؟ .. هو عقل فقط؟ عقل مطلق؟
العقل هو أداة التفكير، والتفكير يعني حل المشاكل، فهل يواجه الله مشاكل؟
ماذا يفعل به ، ينظم نفسه به ؟ يحوّل نفسه من حال الى حال ؟ إذن يواجه مشاكل ... قد تكون المشكلة أنه إذا لايتحرك يموت.... هو يموت فعلا إن لم يتحرك؟
لنقل إنه واقعا يتحرك، هل لحركته غاية باعتبار أن هناك قوانين وزمن رأينا أنه يسير باتجاه واحد.
العقل علاقة بين محتويات ، ولابد أن يكون الله متفرق من أجزاء كي تكون هناك علاقة بينها. لكن كيف تنتظم الأجزاء المتفرقة بعلاقة ؟ مالذي يدفعها ؟ العشوائية ؟ .. لايمكن للعشوائية أن تحدث بدون مشتركات أو تشابهات بين الأجزاء أو الوحدات التي صارت أجزاء من بعد علاقة تربطهما إلى كيان واحد.
ناهيك أنه لامعنى للّاوجود الشيئي، والوجود لابد أن يكون له حيز ممثلا بأبعاد، فلابد أن يكون الله حالة فيزيائية، ضمن مواصفات الفيزياء التي نعرفها، أو فيزياء جديدة تستند على أساس الحيز. ولا معنى لهذا المفهوم بدون الفيزياء.
بدون الفيزياء يكون هذا المفهوم مثلما يقول قائل هو موجود لكنه غير موجود.
ثم علينا أن نقارن عقله بما نفهمه عن العقل الإنساني المادي الذي هو نتاج لعمليات الدماغ، ولا معنى أيضا لمفهوم العقل بدون دماغ.
والأصح أن نعتبر أن مفهوم الله يعني الوجود كله، وأن لهذا الوجود وعيا، كي يتناسب المفهومين: الوجود، و الله مع البناء الذي نراه وحركته، القوانين المحكمة التي يرتكز عليها في البناء والحركة، وأيضا على الأقل بعض الانتظام الذي نراه في تشكلات أجزاء منه.
العقل، داخل ينسق علاقة مع خارج، فماهو داخل الله وماهو خارجه؟
ماذا يتطلب في العقل؟
في كتابي (آلية انتاج الفكر في دماغ الإنسان) حسمت مادية العقل، بسد ثغرة كيفية الربط بين المعلومات المستلمة من قبل الحواس، وهذه الثغرة كانت السبب في تارجح الفلسفة بين ماديته وما يسمى بروحانيته أو أن الفكر آت من الغيب. وبينت أن منطقة العقل باعتبارها منطقة التفكير ومايتلوه من مفاهيم التذكر والوعي والشعور بالأنا أو الذات تقع في المنطقة الرابطة الأمامية من الدماغ بالتنسيق مع باقي المناطق ومنها منطقة العاطفة( الدماغ الحوفي). وأن الخلية العصبية هي وحدة خزن المعلومات، والخلايا الدبقية النجمية نوع (استروسايت) لها دور في ربط المعلومات المخزنة لتكوين فكرة ما.
وطبعا فأن الجهاز العصبي عند الإنسان المتكون من ثلاث أجهزة عصبية منتشرة في كل أنحاء جسمه هو متطور تنظيميا أكثر بكثير من باقي الكائنات الحية، ويلاحظ أنه نسبة وزنه (1350غم كمعدل للانسان البالغ) والتي تمثل 2% من وزنه هي أكبر نسبة تقريبا في الكائنات الحية، يضاف إليها تمايز نصفي مخه لأداء وظائف متكاملة بين الجانبين والتي أظن أنها من شكلت حالة جديدة عند الأحياء وهي محاكاة النفس. ومحاكاة النفس تمثل درجة عالية من الشعور بالوعي، وبالتالي الشعور بالتفاخر والتسامي.
وبموجب ألية انتاج الفكر في دماغ الإنسان بما يشمله من تفسير لكل ظواهر الفكر سنمد خيالنا ليكون أساس لشبيه له، عقل أكبر بكثير منه في الحجم والوظيفة، وظيفة تصل إلى السيطرة على كل الكون والتلاعب به، محوه وخلقه من جديد، وربما يكون هو من ضمن المحو والخلق. وهنا أورد بعض الملاحظات المتعلقة:
الجلد: لابد من وجود العازل للعقل والجسد، كي تتكون الذات والهوية.
الحواس: الحاسة تنظيم مادي يختار معلومة دون أخرى حسب الحاجة أو الأهمية.
المنبه: الانتباه لمعلومة خارجية يكون حسب الحاجة والأهمية وبذلك يعتمد على المصفوفة المعلوماتية الذاتية السابقة (التنظيم المادي الأولي الذي يمثل الحاجة الجسمية، ثم من بعده المعلومات الأولية المخزونة)، وبذلك يعتمد على درجة الوعي والثقافة والتخصص السابقة، فمثلا عالم الفيزياء ينتبه إلى ملاحظات لاينتبه لها الإنسان الذي لم يدرسها.
الاستجابة: رد الفعل بخزن معلومات المنبه وأحيانا تكون استجابة فكرية ( صورة أو خيال أو تفكير ) وأحيانا يتبعها استجابة حركية.
خزن المعلومات – انواع الذاكرة
يتوزع خزن المعلومات الخارجية والداخلية على خلايا الدماغ وأجزاءها. ويتم ملاحظة هذا من خلال:
1- المعلومة الواحدة متكونة أصلا من أجزاء، قد تكون أمواجا ضوئية أو صوتية مختلفة الأطوال( بالنسبة لحاستي البصر والسمع) ، أو مختلفة التركيب( بالنسبة للمس والذوق واللمس).
2- التصور: إنشاء صورا عقلية بأنواعها كما هي في الواقع من خلال ربط أجزاءها الموزعة داخل الخلية الواحدة أو مجموعة من الخلايا، بايصال كهروكيميائي.
التذكر: استعادة المعلومات المخزنة والتي نظمت بترتيب ما يتناسب مع حاجات الجسم، وبالتالي شخصية الإنسان، ويوجد منها أنواع تقابل الحواس أو تشابكاتها، وهي أيض تقسم إلى قصيرة وطويلة الأمد.
العاطفة: العاطفة تعني مصالح الذات، فقد تكون المعلومة سلبية أو إيجابية أو محايدة لكل حياة الإنسان، أو لجزء منها، وقد ينقلب السلبي إلى إيجابي وبالعكس. وبذلك هي تحرك الخيال باختيار جزء منه أو وصله بأجزاء من معلومات أخر.
الخيال: تكوين صور عقلية غير موجودة في الواقع باختيار جزء من معلومة أو ربط أجزاء منها بأجزاء من معلومة أخرى، أو معلومات أخر، قد تكون شبيهة أو مختلفة عنها.
الوعي: هو أعلى مراحل الإدراك العقلي، وهو وعي الدماغ لنفسه ، وبالنسبة لروبوت المستقبل سيكون وعي الروبوت لنفسه؛ وعي أنه جزء من كل ما يحيط به، ويكون الوعي متغير بسبب تداخله مع الجسم الذي يمده بالطاقة والإحساس بما حول الجسم ككل.
الوعي بشكل مجرد هو تأثير متبادل بين ذرات منتظمة بطريقة ما وماحولها من ذرات.
الفهم: بشكل مجرد هو قدرة نظام معين في تجميع معلومات لشيء أو مجموعة أشياء خارجه.
وفهم النظام أو العقل أيضا هو فهم جزء منه للجزء الآخر، وتبقى المسألة الملحة: كيف أفهم أنا نفسي، كيف تفهم ذراتي ذرات أخرى، صحيح أن الأنا فهم جزء مني لجزء آخر، بمعنى أن الشعور بالأنا هو شعور معنوي متذبذب بين جزئين، في كل مرة أكون أنا إحدهما. والجزء الأنا في لحظة ما هو أيضا متكون من أجزاء يفهم بعضها البعض الآخر، لكن تبقى مسألة الحس بالأنا المتراكمة زمنيا لغزا، ربما يكون مستحيلا مثل استحالة فهم اصل المادة: وهو كيف نفهم أصلا بلا محتوى، كيف يكون هناك أصلا بلا محتوى؟
وبتجريد مفهوم الفهم من الناحية الفيزيائية سيكون عبارة عن تناظر بين خارج وداخل، بين نظام وخارجه، وأدق من هذا فأن الترتيب الداخلي يحاكي الخارجي، مضافا لعملية التناظر حالة الشعور به، بالداخل، ثم بداخل يحاكي الخارج.
والفهم أو ترتيب الداخل أيضا هو حالة تشابك، فالذرات الداخلة للنظام أو الدماغ كانت موجودة في الوجود في أشياء أخرى فلماذا لم تشكل دماغا بتباعدها ؟ هنا يتضح لنا معنى التشابك ومعنى الدماغ من الناحية الفيزيائية، معناه أنه ترتيب ذرات بنظام معين لكن أن تكون متقاربة بمسافات كي تؤدي التشابك وبالتالي وظيفة معينة.
ماذا نقول على نبات يقنص الحشرات، وباسلوب كأنه ينتظر الحشرة تدخل تجويف له، أو تقترب لمسافة معينة منه .. هل يمتلك عقلا أو وعيا بدون أن يكون له دماغ؟ حيث تتطلب عملية القنص معلومات كثيرة مخزنة والقدرة على تشابكها واسترجاعها.
يترتب على هذا أن الوعي (على الأقل المقارب لوعي الإنسان في أسسه) لايوجد في مراحل وحالات معينة، فهو لايوجد قبل تشكل الكواكب، ولايوجد بدون عناصر ثقيلة، ولايوجد في الشموس أو النجوم النيترونية، وأنما هو حالة فريدة لها شروطها ومنها توفر نسب عناصر كيميائية مع بيئة ملائمة محيطة بها، وواقعا لا تتوفر إلا بداخل الكواكب الصخرية والتي من الممكن أن تكون أنوية لأنطلاق أدمغة تكبر في مادتها حتى تتجاوز حدود الكوكب في إمتداداتها.
ويترتب عليه أيضا: حتمية الفكر مع التنظيم المادي للذرات في الدماغ أو مايشبه الدماغ من تنظيم عندما نلاحظ علاقة دور الكائنات الحية مع شكل رأسها وبالتالي دماغها ويعني ذلك الترتيب الذري لعناصر أدمغتها.
لكن ينتابنا هنا سؤال، هل تتطابق فكرة في دماغ الإنسان مع فكرة موجودة في شريحة الحاسوب؟ فنرد: كلا.. تتشابه لكن لا تتطابق، ففي الحاسبة خزن للفكرة بدون مشاعر، وإذا أردنا التطابق فلابد أن يكون الحاسوب أيضا دماغ حي يطابق بالشكل الدماغ الأول تماما.
فنستنتج هنا، لو ترتبت ذرات في الكون بما يشبه ذرات عقل لنا فانه سيشبه في لحظة ما فكرة أو تسلسل أفكار العقل.
وربما لو تشابه ترتيب نجوم أو مجرات مثل ترتيب العقل البشري وتشابهت الموصلات بينها مع مايشبه التوصيل الكهربائي والسيال العصبي سينشأ شعور بفكرة فيها مثل العقل الإنساني.
من كل هذا، هل يعني العقل المطلق كفكرة مصاحبة لمفهوم الله شيئا؟ .. بالتأكيد لا.
ثم، شكل الدماغ وحجمه يعتمد على وظيفته، فما حجم وشكل دماغ الله، وماذا كان شكله وحجمه قبل خلقه للكون، وماهو وفقا لما ذكرنا خياله كحصيلة نهائية للعمليات الدماغية المذكورة آنفا كشروط لحصوله. وماخياله لما بعد التكون الحالي للكون؟ ماذا تريد عاطفته؟
ثم، إذا كان لابد من أن يكون للعقل أو الدماغ جسدا قد انطلق منه ليعبر عن حاجاته وينسق بينها ومن ثم مع خارجه، فما هو جسد الله وماهو خارجه؟
عندما نتحدث عن مفهوم الله كجسد وبنفس الوقت كأصل وخالق فلابد ان نتحدث عن فترة زمنية موجود بها، إما هي فترة النقطة التي انفجرت أو قبلها.
في فترة النقطة ( قبل الإنفجار) يمكن أن يكون لله جسد طاقي، لكن لايمكن أن يكون له عقل، لكن يمكننا أن نفترض أن النقطة هي عبارة عن معلومات ملفوفة وفقا للاعتبارت التالية:
1- الكون هنا هو وحدات طاقة فقط قبل أن تتحول إلى كتل بصيغ جسيمات دون ذرية (كواركات أو ألكترونات مثلا) بسبب استحالة أن تنكبس كتل الكون كلها في نقطة صغيرة هي أصغر من رأس الأبرة بملايين المرات، ولاحتى أكبر من ذلك بحجم كوكب الأرض مثلا، بينما أن تنكبس كل كمية الكون إلى هذه الحجوم لو كانت بصيغة طاقة هو افتراض أكثر عقلانية.
(من المحتمل أن يكون للكون نهاية. ففي أعماق الثقوب السوداء تنسحق أية كتلة هائلة لتتحول إلى حجم متناهي الصغر. كان الكون لحظة الانفجار الهائل بك بانغ قد تفجر عن كتلة ميكروسكوبية إذا ما قورنت بحبة رمل لبدت حبة الرمل عظيمة الحجم. ) ص 18 من كتاب الكون الأنيق لبرايان غرين.
علما أن هناك فرضية سابقة ضمن نظرية الانفجار العظيم بك بانك كانت قد افترضت أن الكتلة الأولية كانت بقطر أربع سنين ضوئية: ص 22 من كتاب نظرتنا المعاصرة للكون د. طالب ناهي الخفاجي.
2- عدم توزيع مادة الكون بعد الإنفجار سواء كانت كتلة أو طاقة بالتساوي على كل حجمه، أي تغير كثافته في كل موقع وفي متر مكعب منه، يدعونا للاعتقاد أن مادة النقطة لم تكن متساوية الكثافة(غير متجانسة) ، وبالتالي أن الانفجار لم يكن متساويا( متجانسا) بالقوة بكل الاتجاهات؛ لذلك لم تتساوى الكتل الكونية في كل موقع منه ولا الفراغات ، لكن هذا لايعني أن تتشابه مواقع فيه فتنشأ ظروف متشابهة لتكوين حياة فيها.كذلك هذا الاختلاف من الممكن أن يخلق حالة وظيفوية، أو علاقات مميزة بين أجزاء مختلفة منه.
3- أن تكون هناك وحدات للطاقة غير متجانسة محشورة في نفطة ضيقة يتشابه مع السيل الضوئي أو الإشعاعي عند انطلاقه، وهو من الممكن أن يكون محملا كمعلومات مثل المعلومات المحملة في إشارات التلفاز أو الراديو اللاسلكية، وهذا التحميل لايمكننا فهمه بسهولة كما في الإشارات التي تصدر من كائنات حية عاقلة.
4- الكون عدد هائل من الأشياء الصغيرة التي بعضها تجمع بعلاقات ما لتكوين أشياء أكبر، وأرى: إن العدد ثابت ولايمكن أن تتخلق أعدادا جديدة، أي: لايمكن لقلة من هذه الأشياء أن تصنع أعدادا أكبر منها. وكل ماجرى ويجري أن الأشياء والتي أرجح أنها أوتارا لها مرونة التحول من شكل إلى آخر، والحركة الموقعية لها تمكنها من التجاذب والتنافر مع بعضها فتكون بناءات جديدة، وتتصاعد البناءات وأشكال علاقاتها.
وفكرة الكون الملتف في النقطة ستجعلنا نفهم النهاية من البداية أو العكس مثلما نستطيع توقع نوع الكائن الحي من خلال كروموسوماته الملتفة والعكس صحيح.
وبذلك نمد الافتراض إلى احتمالين: أما أن يكون خالق لها من خارجها، أو أنها جسد الخالق لمرحلة ما وقد سبقها أن الخالق سحق نفسه باسلوب منظم، حول نفسه إلى معلومات في جسد طاقي مختزل، مثل تلافيف الكروموسومات، أو البذرة التي هي أصل الشجرة (هنا النقطة ستكون الجزء المهم والمعلوماتي والمرصود من الوجود).
وللتوغل في ماهية هذا الأصل لابد من الإقرار بما يأتي:
1- المادة لايمكن فهمها إلاّ بصفاتها(حاليا على الأقل).
2- المادة نفهمها واقعا بانها تراكم للحركة ولايمكننا حاليا أن نفهم جوهرها أو محتواها أو ذاتها الحقيقية بدون حركتها، الداخلية أو من موقع لآخر.
3- كل الأشياء أو مانطلق عليها مخلوقات هي جاءت كمادة أولية من ذات الله ولم يجد موادها الأولية صدفة فحورها، لذا فأن جوهرها وجوهر الله واحد.
4- الله أو الأصل متفرق وليس واحد، متوحد وليس واحد، حالة مشتركة متعاونة من أجزاء بسبب: لا يمكن أن تحدث حركة داخلية لواحد مطلق المحتوى بدون أجزاء، ولايمكن التشكل بدون أجزاء.
5- الأجزاء متشابهة ومتحركة باتجاهات مختلفة. شكل الجزء الواحد يسمح له بالتداخل والتنافر مع الجزء الآخر، مثل جزء فيه نتوء وجزء أخر فيه حفرة يدخل فيها النتوء. ويمكن لتشكيلات الأوتار المفترضة في نظرية الأوتار الفائقة أن تمثل هذا الشرط.
6- لاشيء بدون حركة، الحركة هي الأصل، لذا اذا كان الله متحركا فيعني أن الحركة نشأت من اختلاف، لذا لايمتلك إرادة مطلقة في الأصل.
7- الحركة عشوائية فتؤدي إلى عشوائية في التشكلات، وبذلك فأن شكل الجسم سيؤدي إلى النظام الذي نشاهده في الكون، وحركات الأجسام المختلفة هي من تتسبب في العشوائية التي نشاهدها أيضا في الكون، وبالتالي يسير النظام والعشوائية جنبا إلى جنب. وتجرنا هذه الازدواجية أن الله أو الأصل لايمتلك إرادة مطلقة أيضا بعد الإنفجار، وهو كان وسيكون في حالة أشبه بالصراع. والوعي الذي ينشأ عنه هو وعي جزء للسيطرة على الباقي، لكنه يعي أيضا أن سيطرة النظام التامة تعني توقفه تماما وموته. ويترتب على العشوائية أيضا أن الأزلية والسرمدية للوجود تجعل أن كل شكل له أو تنظيمات أجزاءه تتكرر إلى ما لانهاية.
أي، أن الجسد الوجودي المتفرق أو الجسد الإلهي المتفرق عشوائيا يحدث انتظام لبعض من أجزاءه بسبب العشوائية العامة ، مثل رمي مليون كرة، فان منها لابد أن ينتظم باشكال هندسية. وهذا يساعدها أن تمد نظامها إلى الأجزاء الباقية، كذلك فأن الأجزاء الباقية والتي هي عشوائية التفرق تؤثر في الاجزاء المنتظمة فتزيل انتظامها أو تخربه. وهكذا يتحقق مبدأ الانتروبي. ويستمر الصراع بين النظام والعشوائية إلى ما لانهاية.
وأرى أن الأصح بالنسبة للفلسفة أن تجري في بحثها وراء الله المادي وتترك الله المثالي، بتتبع أثره وأصله بالكشف عن جوهر المادة والفهم الواسع لها. مع مراعاة أن مفهوم الله الفلسفي مختلف عن مفهوم الله الديني في نقطة رئيسة رغم التشابهات في بعض الصفات التي هي بالأصل نقلت من الفلسفة إلى الأديان فاتسمت بالقدسية؛ وهي أن الله الفلسفي مفترض مسموح الجدال فيه، بينما الله الديني مفروض والجدال فيه له محاذير شديدة من الناحية الاجتماعية، رغم أن صفاته المذكورة لم تفي الغرض منها فيٌجبر الشراح على الخوض والجدال فيها.
وبالنسبة للدين، فأن اعتباراتنا هنا في أن الله أو الأصل هو مادة لا تتناقض مع الكثير من النصوص في الكتب الدينية التي تبين مادية الله، مثلا الله نور السموات والأرض، وأن له عرشا عرضه السموات والأرض، ويسمع ويبصر ويقول.
الوعي الكوني الآن
لو سألنا هل للكون الآن وعيا، هل عنده عقل واستثنينا حالة الوعي والعقول على الأرض ؟ بمعنى أدق هل للنجوم التي هي غازات ملتهبة والكواكب الصخرية أو السائلة أو الغازية والثقوب السود ونسيج الزمكان أو الفضاء عقلا أو وعيا؟
ثم نترك الإجابة عليها ريثما نمهد لها فنسأل:
هل للحجارة وعيا ؟ فستكون الإجابة بالتأكيد: لا.
ثم سيلحق ذلك أن الكوكب الصخري بدون نشوء وعي فوقه لايملك وعيا فهو حجارة كبيرة أيضا.
ثم يلحق ذلك كرات النجوم الملتهبة والنيوترونية والثقوب السود بأنها لاتمتلك عقلا أو وعيا.
ثم نسأل لماذا يمتلك دماغ الإنسان وعيا بينما لاتمتلك ما أسلفنا وعيا وكلهم يتكونون من ذرات عناصر؟ مالفرق؟
وسنجد أن الفرق هو بتواجد أنواع من العناصر منظمة بترتيب معين.
إذن الوعي بشكل مجرد هو ترتيب ذري يسمح بأداء وظائف التنبيه وخزن المعلومات و الاستجابة.
وكل ترتيب يقابله عقل له حدود، وكل ترتيب جزئي منه يقابله فكرة، أو صورة حسية، أو خيال، أو تذكر، أو نسيان، أو هلوسة أو رد فعل حركي.
وهنا قد يشطح منطقنا بأن ذرات ما في الكون في مجرة أندروميدا مثلا لو صادف أنها ترتبت بمايشبه رموز* فكرة أو صورة حسية أو خيال ما في دماغ انسان على الأرض والتي هي من ضمن مجرة درب التبانة فأن الفكرة أو الصورة أو الخيال ذاته سيتكون فيها. أي هنا سنرجح منطقيا حتمية مقابلة ومعادلة الترتيب مع الظاهرة الفكرية.
إذن، من كل ما أسلفنا نجد تقاربا كبيرا في مفاهيم الله والوجود المنظم والعقل الأكبر.
وأخيرا نقول:
إن جانبا من القصور في الفهم لايكمن في عدم قدرة الحواس وبالتالي العقل معرفة الشيء أو الظاهرة، وانما عدم تحديد الشيء أو الظاهرة أصلا،أي صعوبة تحديد ما نريد أن نعرفه بالأصل.
وإن هذا هو وعينا الذي تشكل الآن، ولايمكن له أن يتشكل في بدايات الكون قبل تكون العناصر الثقيلة، وهذه تصوراتنا عن مستقبل الكون الآن.. لكننا لاندري ماذا ستفعل قوانين الفيزياء لوحدها بعد مليارات السنين، فقد تغير أو تلغي كل تصوراتنا تماما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في