الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-شرفة على الفاكهاني-* وشرفة على بستان القصر

ابراهيم زهوري

2021 / 2 / 4
الادب والفن


"شرفة على الفاكهاني"*
وشرفة على بستان القصر

" تحليل "
عاتب بزفير الحسرات المكلومة درك حالنا في عتمة هذا الديجور لما سألني مستغربامستنكرا تعلو محياه واضحة علائم الحيرة والضياع وتدفع أمامهامرارة خيبة مستحكمة عن جملة الأسباب عندما رأى تجوال البنادق المأجورة الرعناء في وضح النهار وكأنها في عرس النصر والتحرير, قلت هذا نتيجة غياب الشعر عن حياتنا , ضحك مرتين وفي صباح اليوم التالي قال عني أني مجنون .
" إشتياق "
كان مابزال أبناء المخيم يدفنون موتاهم أحيانا في ثرى " مقبرة الشيخ سليمان والمقبرة الشمالية " وهما مقبرتي أهل قرية النيرب المجاورة التي أخذ المخيم منها أسمه , هكذا حتى صار له مقبرة قريبة خاصة به أسماها مقبرة الشهداء, وهي عبارة عن قطعة أرض صغيرة محاطة بجدار حجري من الجهات الأربعة , ساهم في شرائها بعض تنظيمات منظمة التحريرالفلسطينية والقليل من الوجهاء والكثير من الأسر على شكل تبرعات مالية , هي على مسافة ثلاثة كيلومترات فقط أو أقل من ناحية الغرب , تتربع عند منعطف الطريق الوحيد الذي يربط المخيم بمدينة حلب , أثناء إحتضارها أوصت أمي من حضر من أبنائها وبناتها أن تدفن فيها لا لشيء غير أنها تستطيع أن ترانا في خروجنا وعودتنا كما قالت .
" نقد"
عندما شاهد عنجهية البنادق المأجورة تقطع طريق تعتدي وتنهب , ضرب كفا بكف وترّحم على أيام كان فيها الرجال رجالا .. قلت له بنصف همس يحق للأحرار من أبناء "مخيم النيرب" وهم بالطبع أقلية الأقلية أن تصفهم بحثالة اللاجئين كما أطلق " البيان الشيوعي " على حثالة البروليتاريا وأقر صادقا بأنها الطبقة الأكثر إستعدادا من غيرها على بيع قضيتها الوطنية والطبقية .
الميت الحي " zombie"
في آخر فيلم سينمائي شاهدته على قناة فضائية رغم اﻹنقطاع الدائم للتيار الكهربائي , كان يتحدث عن أهوال المصائر الغريبة للمتحولين بفعل فيروس صنع في مختبرات الجيش السرية , وأنهم رغم جسدهم الآدمي ليسوا كذلك على حد زعم أحد الممثلين , ذكرني ذلك بمتحولي المخيم في هذه الأيام العصيبة بانتظار معرفة كيف ستكون النهاية المرتقبة .
" مؤانسة "
- الطبخ حيرة يا إبني !! ماذا سنطبخ اليوم ؟ تسألني
كانت تحرص دائما أثناء تجهيزها وجبة الطعام الرئيسية والدنيا موسم ربيع أن أضع في آلة التسجيل ونزولا عند شوق رغبتها الشريط الخاص بها والذي جلبته معها من مدينة حمص عقب وفاة أخيها الوحيد هناك لتستمع له في بكائية شجن واضح , وهو عبارة عن مغناة رثائية طويلة بصوت المغني الشعبي أبو عرب يرافقه هديل عزف عود ويمامة حزن ناي , يرثي بها إبنه ومجموعة من رفاقه الذين تركوا مقاعد الدراسة الجامعية ولبوا نداء الدفاع عن الثورة والشعب "راحوا و ما رجعوا" كما تقول الأغنية ونال كل واحد منهم عرين مبتغاه من الشهادة في منطقة البقاع اللبناني أثناء إجتياح العدو الصهيوني لهذا البلد صيف عام"1982", هي غيبها الموت الآن وأخال أنها لم تورثني غير هذا الشريط .
" الطرف الثالث"
رغم أن المدرسة مغلقة منذ بداية العام الدراسي والتحاق الحي التي تقع فيه بركب الثورة , إلا أني استلمت مؤخرا مثل كل أول شهر راتبي الوظيفي كمدرس للغة اﻹنكليزية , هذه المرة جميع العملة الورقية كانت مستهلكة وقديمة .. مهترئة وذات رائحة تشبه تماما رائحة تفحّم الجثث المحترقة .
9/1/2013
" إقتباس "
صار لزاما علينا ونحن في مطلع العام الجديد من عام2013 ميلادية أن نستنجد بأحزاب الخضر حول العالم وأن نناشد نشطاء حماية البيئة من أجل توفير أقنعة مضادة لتأثير الغازات السامة إن أردنا التنقل المحدود وقضاء مشاويرنا الصغيرة في شوارع المخيم المكللة بوخز أبر الصقيع وسدم أزمنة العتمة , فقط من أجل إستعادة توازننا الطبيعي بعض الشيء في تنفس هواء نظيفا غير ملوث , غادرنا غيلة دون ندم إكتراث ونحن لم نعره بدورنا أي اهتمام يذكر , لقد استنزف فقراء المخيم وأنا منهم جميع مدّخراتهم المالية في شراء كميات الحطب الهائلة لتأكلها النيران تعويضا عن غياب وقود التدفئة والغلاء الفاحش للمغشوش منه إن توفر , ((( إن الحطب الذي يملكه أحد الملاك , والذي يمكن أن يسرق , ليس مجرد حطب على اﻹطلاق , بل هو شيء ذو أهمية إقتصادية واجتماعية , وبالتالي إنسانية ؛ لكنه كحطب موجود في هذا اﻹرتباط ليس الشيء ذاته بالنسبة لمالكه , كمالك فردي خاص , ولغيره , أي لمن يسرقه . لذا فإنه لا يمكن حدوث العقاب الصحيح قانونيا والعادل إنسانيا , ما دام أحدهما يرى في نفسه مجرد مالك حطب , ويمتلك هذا الوعي الذاتي " الضيق " عن ذاته كإنسان , ومادام الآخر لا يعد بدوره إنسانا بل لص حطب فقط . في هذين المعنيين , ثمة شيء ميت , قوة شيئية , شيء غير إنساني يعيّن اﻹنسان ويجعله ينضوي تحته , إذا لم يكن مؤهلا للسيطرة بنفسه على المنتجات اﻹجتماعية لعمله . لكن اﻹنسان يمكن أن يتعين من خلال الحطب , الذي هو ذاته تعبير شيئي عن علاقات " سياسية " . لهذا السبب " تنتصر الأصنام ( الأوثان ) الخشبية وتسقط الضحايا البشرية )))*.
*بين الأقواس بتصرف من " المناقشات حول قانون سرقة الحطب " (1842) كارل ماركس
" مبالغة "
مما لا شك فيه أن كلا الجيشين سوري , الأول ليس عربيابالطبع والثاني ليس حرا البتة , اﻹثنين معا في إسميهما يبالغان مايفتقدانه , هذا ما قاله أحدهم للثاني بعد ملل انتظار في زحمة طابور طويل أمام الفرن .
10/1/2013
" خسارة مزدوجة "
لم ولن يخسروا شيئا ... هكذا علمهم التاريخ , مادام رأسمالهم الرمزي محفوظا مصانا وقبل ذلك أنه وإن تخطى زمانه على قيد الحياة , هذه المرة فقط لم يجرؤ أحرار شبّان المخيم من نزع علم الدولة المضيفة الذي لف به مرغما تابوت آخر جندي شهيد سقط في أتون حرب لم يسع لها نبض وريده , واستبداله بالعلم الوطني الفلسطيني حتى يرتفع صراخ هتاف و يعلو إيقاع النشيد .
" من في كرم الضيافة يستضيف من!! "
كانت تأتي دوما مع طفلها الصغير مثل كل مرة بصمت تعد الأرغفة وتبسطها على بلاط الرصيف لا الغبار يمنعها ولا استهجان شيخ عابرعائدمن صلاة الفجر, تعلك لقيمات على عجل ويتكفل إبنها الجائع بنصف الرغيف , هادئا مثل عريه لا يتطلب ولا في مكانه يستقر أو يستكين , في غورعينيهاهلال قمر يذوي ونحن عند أهدابنا قلق ألف سؤال يجول , يمطرنا بالحيرة ويحدق النظر, لم تفعل شيئا شائنا هذه المرأة النازحة يستوجب هذا السيل العارم من الضرب الأعمى ومن أقظع السباب من لدن طائفة من نسوة المخيم وعلى مرأى من سطوة زعران الشبيحة , كل ما هنالك أنها طالبت متبرمة بانتظام الدور أمام باب الفرن , رغم ذل ألمها لم تهن ولم تنكسر , يتصلب عودها ثانية تتوعد معلنة تعزي نفسها الجريحة : - غدا يأتي يوم الحساب ! رجالنا كلهم في الجيش الحر .
" صباح بعد الظهر "
حتما هي ليست أما مجنونة !!!
تواعدتا في الساعة الثانية بعد الظهر .. هناك عند دوار كلية هندسة العمارة حيث تقف حافلة العودة لربوع المخيم , إبنتها كانت وجهتها معهد الموسيقى التي تخرجت منه للتو وتريد إستخراج مايثبت ذلك , أما أرملة اﻹبن لم تنفعها كل وصفات العقاقير المحلية فقررت زيارة العيادة المجانية المتخصصة بفحص العيون خلف المشفى الجامعي , متعة لقائهما في مكان حر وأليف لم تمنع أجنحة الطائرة من شق الغيم كغور جرح السكين , قنبلة واحدة كانت كافية في لحظة واحدة لزرع غبار العدم مجانا كالحلوى المتساقطة , الآن دفنت الأرملة الشابة بالقرب من لحد زوجها تاركة بكاء توأمين والصبية صاحبة الشهادة لم يعثر عليها بعد .
" كأننا مستوطنة بين زحمة القرى "
بلا إكراه ظهره إلى الحائط , لايقوى على الحراك يحاول في نزاعه القائم لكنه يدمى في جبينه ويتعثر , عبثا يراوح مثل مريد المولوية , ينكشف زيف الهامشي وانعزالية المشبوه , يتخبط في عرين ضعفه , يصاب بسرمدية نوبة اﻹغماء , يتلوى في قلق لا يطاله الشك سحر آخر قناع , ونحن بلا جدوى نسكن أرجوحة الغياب .. تطفو متعة السفر بين هلاك أربعة جدران مثل طيف تنهدات السجناء , يتغير لون جلد الحقائب ويهرب من يهرب ويبقى في برجه الناجي وحده الشاعر .. صوتا في برية كظل انخطاف الفراشات تكتنفه العزلة " يلم فتات الضوء " كما قال بيان الكرمل في اﻹفتتاحية .
مازال المخيم في جوهره الشائع " تحيا المثل البرجوازية " , وداعا بعد الآن لمطلع الأغاني , رغبة جموح مطرقة العمال في حلم ربيع الثوب الأزرق , وداعا بعد الآن لصيحات أشبال وزهرات جموع الفدائية , لسنونوة حقل وأحاديث سرو السواقي , وداعا بعد الآن لمنجل عطش السنابل يغازل غيمة صيف عابرة ومنابت الأصول الفلاحية ,وألف أهلا بطعم رمل شوك السياج على مفرق طريق يبحث في الريح عن دليل اﻹتجاهات القصية , وألف أهلا بكل مجون الشوق لعجائب قدرة المال .. سطوة إرادة اللغة الشعبية , يطاول الأمر الصعب الصعب ويفتح باللين أرجاء الميادين , بشهية أنيابه يهدم في المنفى منصاعا باب الشمس ويعلق عورة نذور فجوره فاحشة أعمدة عقارب الهيكل الجديد , ويصادق راية هيبة بسملة القدسي الشاهد المقرر الأمين " هذا من فضل ربي " على عتبات حاضرة المكاتب العقارية , نجاة نديم أحوالنا بضائع لا حصر لها والتراكم في نعمة البيع والشراء حصاد الفائدة ريعية .
مازال المخيم يهشم أفق التأمل الأخير ويفقد مجانا كامل المعنى , يرفع على الملأ فاشية نذير عناصره صك هزيمة .. وجها آخر للعبودية , يكذب على الدوام وعلى ثورة الجوار يشهر بالأجرة البندقية , في زمن تحوله يبتكر مناجاته المعطوبة أبواب موصدة وملحمة النهب على الهوية , في زمن تحوله يتهاوى الكائن ذو الوجهين ولصورة الفردوس المفقود يتنكر مختالا ولبقع الكوفية , يعيش موطئ الجريمة غاية المتسول , وبعد دهر ممات ذاكرة نكبته الثانية مستقبل نعي منازله الأبدية , في حاضره شبه سيرة المشؤوم , لا هدوء صبر ساعة ولا بؤس الوعي بين دفتيه مواساة أطوار البربرية , نعاود ذل باكورة الميلاد .. تشيع في رداءة الصمت وفي الغدر وصايا الميت المتواري أشباح أفول المكان المهزوم , ينحل في عين العتمة سخاء نسيج اجتماعنا دمعة غرائب خيبات لعنة الخاطف والرهينة ... لا نعرف أحدا يهمس لنا هذيان البلاغة وشطحات الثقافة الثورية , كفاية اعترافنا إنتحار ذواتنا بلا أثر , نتلمس مضجع الحذر , كالغرباء وسط حشد أحضان أمهاتنا نبتهل بلا تردد على الباغي تدور الدوائر إن كان في العمر بقية .
" كمثل كليلة ودمنة "
- نعم كان حصانا لكنه حسم باختياره خياره معتدا غير آبه , وبقدرة قادر من صنف نوعه قد تحول , ولا أعرف بالضبط من منكم الآن هو الحمار !!!
هو منذ إشراقة الصبح حتى ساعة المغيب يتصرف مبتهجا ذرة خير كينونته الجديدة ولا يطعنه بالظهر حتى سهم الخجل , حوافره الأربعة قائمة تمرغ التراب بدم الضحية ويصنع من عجينة البلوى غبار التشرذم ولا تنجلي هالته ولا في السر تتغير , يخرب دون سابق إنذار منه ألفة المكان وسطوة القدر, بذيله الأرعن المهياف يهش مهتاجا حشد ذباب وبملئ شدقيه ينهق , يلتهم راحة العشب دون رادع وإن أراد فطرة العناد يحرد ولا يناقش وفي عصمة قراره دون منازع يحرن , ومن عجائبه الفريدة أنه ليل نهار يتقن حمل السلاح ويأخذ من أبناء البلد الأصليين رهينة , بعد كل هذا كيف أصدق قولك أنه ليس سوى ذلك الحصان .
" الحول ولا فقدان النظر "
- هذا ما تقوله نتائج التجارب ومن المؤكد أن ذلك لا ينفع معه أبدا , إنها مجرد أداة بيديه لا أقل ولا أكثر . الجزار بشحمه ولحمه هو غريمك الأصلي والأصيل , ذبح من أنعامك ما شاء له من الهوى وأنت في مساء اليوم التالي تتظاهر معترضا ضد السكين !!! .
أم سعد السورية
هم وحدهم عندما كنا بحاجة إليهم في ديجور ذبحنا خرجوا , صبروا على علقم الفقر والذل وصرخوا , أن هبوا لحماية عظام الشعب من التكسير , هم وحدهم حطموا نعاس قمر زائف وقطعوا دون رجعة حبل مشنقة وأرجوحة الخوف بلا تبرير, كانت صورة واحدة تكفي , زخات الرصاص موت والطفل في حضن أبيه , ملأت حناجرهم عواصم العالم وتلقفوا رسائل أبناء طول كرم , غزة وجنين دون أن يطرق بابهم ساعي البريد , عند حدود تلك اللحظة من صدق نافورة المشاعر , أدركوا بنبل فطرتهم أن ثمة شيئا ما يحترق , أتلفوا ثيابهم الجديدة في ليلة العيد وارتدوا دون زفاف ثياب الحداد , وحدها دون غيرها أم سليم اليوسف في حي الصاخور الحلبي وهبت ريع موسم الحصاد بكامله دون نقصان ونثرته على ربوع الجليل تيمنا بعدوى الانتفاضة في كل مكان وفي كل حين .
" حبل منتصف البئر"
برد الشتاء جاف وصرير ريح تفضل عزلتها في قبضة يد , غياب الدفء عن بيوت الفقر صورة ملح أيامنا المقبلة , مرض أنهك قصبة رئة وسعال أنين لا يتوقف عند شهيق سجائر رطبة , أطرافنا في العيد تحمل المظلات الصغيرة وتغني , يا وقت القيامة لا تتوقف يا وقت , ماضينا عذب في نوم الظهيرة , لا أحد يقتلنا في ضجر المنفى , ولا أحد يحرك ساكنا غير انقطاع الكهرباء مساء صيف متجول وصبيحة شتاء في عزاء بوم القهر , نستأنس بالموسيقى لعل وحيا ينتشلنا من هاوية قدر لا يشبهنا في شيء , وحتى الغربة فينا قبّلت جبين المكان الغريب واستراحت كما ينسحب الأموات تباعا عن مائدة الفجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا