الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نواظم صناعة السياسات الخارجية

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هي برأيك النواظم الأساسية لصناعة السياسة الخارجية في العالمين الغربي والعربي؟

مصعب قاسم عزاوي: وفق البنى السائدة لآليات عمل الدولة في المجتمعات المعاصرة كأداة هيمنة أساساً تتحكم بها أساساً الفئات المسيطرة على مصادر الثروة والإعلام والعنف المنظم سواءً بشكله القمعي الفج على نهج الدول القمعية الأمنية أو بأشكاله الأكثر تنميقاً في الغرب، فإن السياسة الخارجية لأي كيان سياسي تمثل استطالة وإعادة استنساخ للآليات الداخلية الناظمة لبنيان ووظيفة الدولة بمفهومها المعاصر في حقل السياسة الخارجية. ونفس التوصيف الأخير يمكن سحبه على أي حقول وظيفية أخرى تتحكم بها الدولة أو تتفرع عنها، سواء كان ذلك في الميدان الاقتصادي، أو في حيز إدارة علاقات المجتمع الداخلية في كنف الدولة، أو غير ذلك من الحقول الفرعية لتمظهرات آليات عمل الدولة بشكلها التنيني السالف الذكر.
وبشكل أكثر تدقيقاً على مستوى العالم الغربي فإن معظم التنفيذيين المناط بهم رسم أو تنفيذ أو صياغة الدعاية السوداء في حقل السياسة الخارجية، فهم إما من الساسة المصنعين عبر تلميعهم إعلامياً وتمويلهم من قبل الفئات المهيمنة على مصادر الثروة في تلك المجتمعات ممثلة بالشركات العابرة للقارات ووكلائها من الأفراد و الشخصيات الاعتبارية، أو من الفئة «المتوارية غالباً بين حنايا الكواليس» من الموظفين العموميين، الذين يأتي جزء كبير منهم من نفس نسيج الشركات العابرة للقارات، والمؤسسات المالية العالمية التي تتحكم بمفاتيح الهيمنة في تلك المجتمعات، وفق الآلية التي تسمى «الباب الدوار» التي ينتقل من خلال موظفو تلك الشركات للعمل في مفاصل الدولة الحساسة بصفة «تكنوقراط» و«خبراء»، سواء في مفاصل تنفيذية متوسطة أو حتى في المقدمة والواجهة الإدارية كوزراء مرموقين في تلك الدول، ليعودوا بعد انتهاء دورهم الوظيفي من نفس «الباب الدوار» نفسه إلى حضن المؤسسة التي كانوا من «خرافها الصالحين»؛ وهكذا دواليك في حلقة من هيمنة سرمدية للأقوياء على المستضعفين لم تعد تستحي وتعمل على إخفاء وجهها القبيح تنميقاً، حيث أن معظم إمكانيات مقاومة تلك الهيمنة على المستوى «الشعبي في المجتمعات» الغربية شبه معدومة لأسباب ذاتية وموضوعية وتاريخية متشابكة.
وفيما يخص عالمنا العربي فإن آلية صناعة السياسة الخارجية، مرتبطة «بنظم المستبدين النواطير»، ودورهم الوظيفي في خدمة مصالح أسيادهم، وأولياء استمرارهم في سدة الطغيان، والتغول على شعوبهم عبر أدوات «دولهم الأمنية» التي ليس فيها من المؤسسات سوى المؤسسة «الأمنية القمعية» القائم الفعلي بإدارة شؤون «الشعوب الحبيسة» في «سجون عملاقة» على شكل دول وأوطان خلبية تم تصنيع حدودها الجغرافية في معاهدات السادة المستعمرين سابقاً و الذين أصبحوا «أهل الحل والعقد» راهناً في تلك الدول عبر وكلائهم التنفيذيين من «نواطير الاستبداد المحليين». وهذا يعني بشكل عملي أن السياسة الخارجية في العالم العربي محكومة بمعادلة وقوانين وآليات عمل «الدولة الأمنية» المناط بها الحفاظ على هيمنة «النواطير الطغاة» على مجتمعات «المقهورين العرب»، وتوجيه كل ناتج «الهيمنة والاستبداد» لخدمة «السادة أولياء الأمر» من المستعمرين القدماء والفئات المهيمنة في مجتمعات أولئك الأخيرين من الشركات العابرة للقارات. وذلك الواقع المؤوف يفصح عن نفسه بعدم وجود أي تأثير للشعوب العربية في صناعة السياسة الخارجية لدولها، وتحول كل المجتمعات العربية إلى هشيم اقتصادي وظيفته شبه المطلقة تقديم المواد الخام وخاصة النفط و أشكال الوقود الأحفوري الأخرى بعقود يحصل فيها السادة على تلك المنتجات الخام بشكل شبه مجاني فعلياً، بالتوازي مع إعادة التموضع الاقتصادي للمجتمعات العربية بشكل قسري «بقوة الحديد و النار للدول العربية الأمنية» لتصبح أسواق مفتوحة على أعنتها دون رقيب أو حسيب أو نصير للنتاج المحلي في تلك المجتمعات الحطامية، التي لا بد لها من التحول إلى بالوعة شاملة عمقاً و سطحاً لتصريف نتاج مجتمعات «السادة أصحاب الحل والعقد في الغرب»، وبشكل هامشي إلى مَصْدرٍ لليد العاملة الرخيصة التي لا بد منها لتشغيل الاستطالات والأذرع الاستغلالية للشركات العابرة للقارات في مجتمعات المفقرين المستضعفين في عموم أرجاء الأرضين، و التي تضم في عدادها جل مجتمعات المقهورين المظلومين في العالم العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على أبرز محطات الصراع بين تل أبيب وطهران منذ سقوط الشاه


.. دونالد ترمب: القضية المرفوعة ضدي مزورة




.. دونالد ترمب: أطالب بإلغاء حظر النشر عني


.. أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة




.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما