الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا بديل عن ائتلاف أحزاب المعارضة الأردنية

عمر شاهين

2021 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ما يزال الحكم الملكي المطلق متمسكا بسياساته القديمة في تسيير شؤون البلاد، بالتعارض مع روح العصر ومتغيرات الربيع العربي، وإرادة الشعب في التحرر والديمقراطية والتنمية الحقيقية.
وعندما تتعلق أمور الدولة بإرادة فردية فلا أحد يستطيع التكهن برغباتها وتوجيهاتها، ولا بوقت التغيير الحكومي وأشخاصه أو برامج الحكومات وسياساتها... ورغم وجود تحالف طبقي حاكم، إلا أنه لم يتحول من طبقة بذاتها إلى طبقة لذاتها، فكافة محاولاته لتشكيل حزب أو اتحاد... أو حتى ناديا للحكم تم إجهاضها وذهبت أدراج الرياح مع كافة الوعود والعهود والمواثيق والتفاهمات والحوارات الوطنية وضماناتها...التي قدمت منذ المؤتمر الوطني الأردني الأول ولغاية الآن.
لقد فشل التحالف الطبقي الحاكم في التنمية السياسية الذاتية، وهل لفاقد الشيء أن يعطيه؟ فالوزراء ورؤساؤهم، وهم الأكثر عددا وعدة عالميا، لم يستطيعوا، والأصح لم يراد لهم، تشكيل حزب سياسي لحكم البلاد وهم في سدة الحكم وخارجه... فكيف لهم أن يختاروا من بينهم وزيرا ليعلم الأحزاب وينهض بالتنمية السياسية، فلماذا لا يبدؤا بأنفسهم ويحكموا البلاد بطريقة مؤسسية ويعلمونا. بل وصل الأمر بالوزراء لدرجة قطع صلاتهم الحزبية السابقة بحجة النزاهة عند تولي المنصب. فهل يوجد تعارض بين النزاهة والانتماء السياسي. وتتميز تلك الصيغة من الحكم بوتيرة سريعة في تغيير الحكومات التي تبدوا غير مسيسة، وهي ترمي لمنع تبلور حزب حاكم، وعرقلة تبلور معارضة سياسية له قد تحكم البلاد يوما ما.
لن نوغل كثيرا في الماضي، فمنذ عام 1991 عام الميثاق الوطني الأردني الثاني، جرت تطورات عديدة في الاتجاه المعاكس للمسيرة الديمقراطية تكللت بممارسات يعفى عنها الدستور الأردني لعام 1947. فقد جرت تعديلات وفيرة على الدستور تميزت بسحب صلاحيات الحكومة وبتوسيع صلاحيات الملك، لعل أهمها تعديل المادة 40 من الدستور حيث أصبح للملك سلطة مطلقة على مجلس الأعيان، وتعين قضاة المحكمة الدستورية ورئيس المجلس القضائي وقائد الجيش ومدراء المخابرات والدرك وقبول استقالتهم وإنهاء خدماتهم... دون توقيع رئيس الوزراء أو الوزير.
وبعد انتظار طويل جاءت المحكمة الدستورية وألغت المجلس العالي، المادة 122 من الدستور، لكنها منفصلة عن المجلس القضائي، حيث يعين الملك قضاتها. نعم، ففي العديد من الدول الديمقراطية يعين رئيس الدولة القضاة والوزراء وغيرهم، لكنه منتخب بتلك الصلاحيات الدستورية الخاضعة للمساءلة وغالبا ما يتطلب قرار التعيين مصادقة مجلس النواب. وتتجه تلك الدول نحو تقليص وضبط صلاحيات الرؤساء التنفيذيين وتوسيع صلاحيات مجالس النواب والوزراء فيها، كالولايات المتحدة مثلا.
أضف إلى ذلك، فالمحكمة منقوصة الصلاحيات، ولا تختص بتفسير القوانين أسوة بسائر الدول الديمقراطية، بل ترك الأمر للديوان الخاص الذي يعمل بطلب من رئيس الوزراء، وقراراته لها مفعول القانون حسب المادة 123 من الدستور.. مما يشكل وصاية إضافية عليها وعلى المحاكم كافة، فكيف للمحكمة الدستورية رغم صلاحياتها الأوسع أن تحكم بدستورية القوانين دون أن تكون هي المرجعية العليا في تفسيرها؟ والأهم من ذلك فقد حرم قانونها المواطنين ومنظمات المجتمع المدني من حق الطعن بدستورية القوانين، كما هو الحال في الدول الديمقراطية وحتى العديد من الدول العربية.
وجرى خلال الفترة المنصرمة تعزيز دور محكمة أمن الدولة، وهي محكمة عسكرية خارج المجلس القضائي وتتبع رئيس الوزراء، وهي غزيرة الإنتاج؛ أكثر من 19 ألف قضية خلال عام 2019، وتم تعديل قانونها وقانون منع الإرهاب والإتيان بقانون الجرائم الإلكترونية... لتوسيع صلاحياتها في ملاحقة الحراك الشعبي والمعارضة السياسية، خلافا للمادة 101/2 التي لا تجيز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين سوى الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة.
ورغم عدم جواز إصدار قانونها أصلا، الذي يستند إلى استثناء، الأمر الذي يودي بالمحكمة ذاتها، فكيف يمكن لها تصنيف الناشطين السياسيين وفقا لتلك الاستثناءات من المادة أعلاه. لذلك فهنالك إجماع شعبي ومدعم من قبل نقابة المحامين؛ أن هذه المحكمة قد أصبحت وسيلة عرفية بيد الحكومة لقمع الحريات العامة، ولا تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
الحكومة بدورها منقوصة الصلاحيات، فعمليا وزراء الدفاع والخارجية والداخلية وغيرهم هم وزراء دولة ليس إلا، وهي لا تستطيع إدارة الاقتصاد وفق برامج وخطط طويلة الأجل حتى لو رغبت بذلك، أي حسب المتطلبات العلمية لإدارة الاقتصاد والأعمال، وذلك لقصر عمرها، بمعدل حكومة جديدة كل عام. ولا تتمتع الحكومة بصلاحية إدارة سياسة الاقتراض ولا تدير المفاوضات حولها، فالملك هو من يستجلب القروض والمساعدات.
الديوان الملكي بدوره أخذ الكثير من صلاحيات الحكومة، دون أي سند قانوني أو دستوري. أما الوحدات المستقلة، فحدث ولا حرج فلديها خطط وموازنة مستقلة عن الحكومة. أضف إلى ذلك المخاطبات المباشرة لدائرة المخابرات العامة لمؤسسات الدولة دون المرور بمكتب رئيس الوزراء وفق قانون الدائرة ذاتها، المادة 9 ب من قانون 24 لعام 1964 وتعديلاته اللاحقة. فعمليا فقد تحولت الحكومة إلى حكومة تسيير أعمال ليس إلا. ومن هنا نفهم فحوى إجابة أحد نواب رئيس الوزراء السابقين لأسئلة صحفية؛ بأن هنالك ملفات لا يستطيع الوزراء الوصول إليها، كطريقة تسعير الكهرباء والطاقة مثلا، فهي سر لا يصل إليه الوزراء.
مجلس النواب بمعظمه يأتي وفق انتخابات مفبركة أو مزورة، مما يسهل عملية التغول عليه، وهو بحسب الدستور؛ مجلس حكم وتشريع ورقابة أي مركز الحياة السياسية والاقتصادية... ولكن بعد الانقلاب الرجعي عليه وعلى حكومة النابلسي عام 1957 جرت شرعنة حله كعرف سائد وحق مكتسب لرئيس الوزراء، والعرف لا يمكن أن يصبح شرعيا إذا ما خالف نص وروح الدستور. ويجري الآن الترويج لتقليد جديد ألا وهو حل البرلمان قبيل الانتخابات ليتم تشكيل حكومة جديدة بغيابه ومن خارجه حصرا، وما على النواب إلا إعطائها الثقة أو حل المجلس، كخطوة استباقية تحرم النواب من صلاحياتهم باختيار الحكومة وتنسيبها، ونزع الصفة السياسية عن الانتخابات، كما فعلت الحكومة السابقة.
يتسم الدستور الأردني بالحداثة فقد جاء مع دساتير دول ديمقراطية عتيدة بعد الحرب العالمية الثانية، وهي بمعظمها تعتمد نظام حكم برلماني، إما جمهوري أو ملكي. ورغم أن رأس الدولة في بعضها مكلف بحل مجلس النواب، إلا أن ذلك يتم بطريقة واحدة فقط؛ وهي عندما تقرر الأغلبية النيابية الاحتكام للشعب قبل انتهاء عمر المجلس؛ بإجراء انتخابات مبكرة، فيتوجه زعيمها وهو بالطبع رئيس الوزراء إلى الملك أو رئيس الدولة مصطحبا الوثائق اللازمة بطلب الحل. وعندها فقط يقوم رأس الدولة بإصدار مرسوم أو إرادة الحل.
والدستور الأردني ليس استثناء لتلك القاعدة. وتكمن المشكلة في الممارسة الخاطئة، والتفسير المجتزأ للدستور، فعبارة حل مجلس النواب مثلا لا تعني، أنّا شاء له ذلك. بالطبع فأن العديد من التعديلات ذات الطابع الرغبوي قد أضعفت من نصوصه، مما حدى بالكثيرين إلى المطالبة بدستور جديد أو بشطب تلك التعديلات والإقلاع عن الممارسات ذات الطابع الرجعي.
لقد فقد مجلس النواب العديد من صلاحياته لعل أهمها؛ اختيار الحكومة، ليقوم رئيسها بتنسيب نفسه إلى الملك من أجل التكليف الرسمي لها، ولا يوجد أي مانع دستوري أن يكون جل وزرائها من النواب، أي أن الدستور الأردني يفي بالمطلب الشعبي بالحكومة المنتخبة. إلا أن قانون الانتخاب ذاته مصمم لتفتيت القوى وتحجيمها، إذ ذهبت أصوات 56.5% أي أكثرية الناخبين هباء دون أن تؤدي لفوز نائب واحد في الانتخابات الأخيرة، وذلك إمعانا في رفض تبني قانون انتخاب يقوم على القائمة النسبية المغلقة، ولكي يسفر المشهد عن تركيبة غير متجانسة للنواب يسهل قيادها، خوفا من تكرار صفحة مشرقة من تاريخ الأردن، وهي ما جرى إبان حكومة النابلسي، وتشكيل أول حكومة نيابية منتخبة.
وجاءت جائحة كورونا لتكشف المزيد من سوآت الاقتصاد الأردني وهي ليست السبب الرئيسي. فالأزمة ذات طابع بنيوي في التخطيط والتنفيذ والإدارة. لقد تأثرت كافة دول العالم بآثارها السلبية لكن الإدارة الرشيدة ستخرجها من الأزمة بنمو ارتدادي يعوض ما سبق. ونحن الآن معرضون إلى أزمة مالية قد تتبعها أخرى نقدية لتعمق الفقر والبطالة. نتيجة التهافت على الاقتراض والخصخصة وإحلال العمالة الوطنية والفساد...
لقد قام وزراء الصحة في كافة دول العالم بتدبير أمور الجائحة بتطبيق مواد قانون الصحة العامة أو ما يشابهه في بلدانهم إلا الأردن، الذي يدير المسألة بطريقة عرفية وبواسطة قانون الدفاع، لإشباع حنين المسؤولين إلى الماضي، ولشرعنة هذا الوضع.
عمليا الأردن يتراجع إلى الخلف نحو الاستبداد والشمولية كما عبر عن ذلك العديد من النواب مما يضعف من موقفنا السياسي في المنطقة. والعالم يتقدم إلى الأمام نحو تعميق الحرية والمواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وهذا يستدعي من كافة القوى الحية والديمقراطية في البلاد؛ من أحزاب يسارية وقومية وإسلامية إلى إحياء تقاليد التلاقي والتشاور والتنسيق والتآلف فيما بينها، لتشخيص الوضع الراهن والخروج ببرنامج عمل واضح المعالم، معارض فعال لنهج الحكومات المتعاقبة المدمر في إدارة الاقتصاد والسياسة، ومن أجل دفع الإصلاح الديمقراطي إلى الأمام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة