الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فخري قعوار مجموعة البراميل

رائد الحواري

2021 / 2 / 6
الادب والفن


فخري قعوار
مجموعة البراميل
جميل أن نعود إلى قصص الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، حيث نجد شكل تقديم القصية ما زال محافظا على نسقه وكماله، بعيدا عن التزويق التي أصاب فنون الأدب، فالاستمتاع بهذه المجموعة كالاستمتاع بأغاني فريد الأطرش وعبد الحليم في ذلك الزمن، فنجد عناصر القصة واضحة تتمحور حول فكرة واحدة ومحددة، ونجد اللغة القصصية تنساب بسلاسة، فهدوء وشكل تقديمها بدا كجمال القرية بالنسبة للمدينة، بيوت بسيطة تحيطها الشجار و(السناسل) الحجرية، تشعر الإنسان بصفاء الطبيعة والإنسان معا، بعيدا عن لوث المدن وما فيها.
استخدم القاص اسلوب أنا القاص، وأسلوب القص الخارجي، القاص العليم، ففي قصة "غرفة لشخص واحد" يقص علينا الشاب الاعزب الذي يبحث عن غرفة للإيجار، ما جرى معه: "وأنا احمل حقيبتي المثقلة بالملابس والكتب والأدوات المختلفة، وأبحث، وأسأل دون جدوى، وكان الجميع يجابهوننب بسؤال استفزازي
ـ هل الأخ أعزب
فأقول
نعم" ص11، وهذا يعيدنا إلى بداية فكرة المجتمع/الناس في ذلك الزمن عن الاعزب، فالآن نجد المؤجر يبحث عن الراحة، ويبحث عن الأعزب أو العائلة الجديدة/الصغيرة، بلا أولاد، كما يوجد الآن الغرفة/الشقة الفندقية.
وبعد بحث مضني يجد غرفة عند "أم كنعان" والتي جاء وصف بيتها بهذا الشكل: "ومجرد خطوت الخطوة الأولى داخل الزقاق، حتى فوجئت بأسراب من الذباب تتطاير بجوار سيارة لنضح الحفرة الإمتصاصية" ص14، فالقاص بهذا المشهد يهيء القارئ للنفور من المكان/الغرفة، حتى قبل أن يدخل إليها ويعرف طبيعتها، والتي جاءت بهذا الشكل: "باب صغير هابط عن مستوى سطح الحوش، وتسبقه ثلاث درجات، اتجهت إليه ودخلت، فواجهتني رائحة الرطوبة المركزة، والهواء الخانق، ولا شيء آخر، وخرجت" ص15، يخبر القاص "أم كنعان" بأنه سيبحث عن مكان آخر، وإذا لم يجد سيعود إليها، لكنه لا يجد فيعود إليها ليجد الغرفة مؤجرة.
اللفت في هذه القصة أسم المرأة "أم كنعان" والوصف المكان، يشير إلى أنه يتحدث عن مكان (مخيم) يسكنه الفلسطينية، دون أن يشير بصراحة إلى ذلك، لكن الزقاق وطبيعة المرأة التي لم تحسن التفاوض على الأجرة بسبب حاجتها للمال يصب في خانة (فلسطينية المكان (المخيم).
فالقاص يحسن (التخفي) في المجموعة، ففي قصة "بخار الماء الساخن" يتحدث عن الخطيئة التي يقترفها "جفيلان" الذي يقدم على الزنا مع "فتحية" رغم أنه متزوج، وما أن ينتهي من فعلته وعاد إلى بيته حتى شعر بالجريمة التي اقترفها: "...ولما رأى زوجته، لم يقو على النظر في عينيها...وعندما وصل إلى السرير انتابه خاطر غامض يدعو للتقيؤ" ص24، فالقصة لا تتوغل في التفاصيل، بقدر تركيزها على الاشارات التي تشير إلى الفعل، هذا ما يحسب للقصة وللقاص، الذي أوصل الفكرة للمتلقي بطريقة جميلة.
ونجد أن القاص يركز في مجموعته على الأدوات التي كانت تستخدم في ذلك الزمن، (بوابير الكاز) في قصة بخار الماء الساخن، "خشخشة الكبريتية، النملية" في قصة حكاية إبريق الزيت، "الجنبية المهترئة" في قصة "صانع التوابيت، وهذا ما يعيد القارئ زمن وأدوات كدنا ننساها.
المجموعة من منشورات وزارة الثقافة، عمان الأردن، طبعة عام 2008.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق