الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزن العراقي / انعكس ذلك على الشعر والحنجرة .

مروان صباح

2021 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


/ هذه التقارير بادئ ذي بدء ، ليست بالجديدة في واقع الأمر ، فالعراق ذاق من ويلات الحروب ما يكفيه وتفشى وفاض بحيث أنه اكتسب مناعة فريدة يتفرد بها عن محيطه العربي ، لكن سقوطه اليوم في وحل الفساد لم يكن عادي بل إستثنائي بإمتياز ، قالت التقارير الدولية الأخيرة ، نسبة الفقر وصلت بين ال40 مليون عراقي إلى 42 % ، وهؤلاء حسب معاينات طواقم الاممية يواجهون الحرمان والنقص بالتعليم والتغذية والرعاية الصحية والانفلات الأمني في أماكن تجمعاتهم ، بالإضافة إلى شح في مياه الشرب ، بل إذ افترضنا أنها توفرت ، فالماء غير صالحة للاداميين ، وهذا الخراب المقصود صنع حالة شعبية متوترة ، غاضبة ، وحزينة ، تعيش على الدوام بقلق نتيجة الضغوط النفسية ، في السابق كان الحزن ناتج عن الحروب المتواصلة ، أما ما هو جديد ، بالطبع بفضل الفساد المالي والإداري واللاوطنية ، عكس ذلك على حياة الإنسان ، والمتتبع لمسيرة الغناء والشعر العراقي سيجد حجم الآهات بهما ، بل سيجد الباحث أن الحزن قد أنعكس على الشعر لدرجة السيطرة ، بل أكثر من ذلك ، الحزن يبدو مخزنً بالحنجرة ، لأن بحة الصوت ، يكاد لا يفلت منها عراقي ، وبالتالي لم يعد في طول وعرض الجغرافيا العراقية مكان مقبول للعيش لكي لا نقول معدوم ، فالفرد والعائلة والمجتمع والدولة ، الجميع حُزناء .

ليس خافياً إن العراق بلد غني نفطياً وزراعياً ويمتلك نهرين ، دجلة والفرات ، الأمر الذي يثير السؤال القاطع ، أهذا هو العراق الذي نعرفه وسمعنا عنه في التاريخ المعاصر والقديم ، أهذا هو البلد الذي كان استاذ الجامعة يُعتبر من صفوة المجتمع والذي تحول مع الديمقراطية إلى عامل حداده لتجليس السيارات أو سائق تاكسي ، وفي هذه المعمعة والخلط الأوراق نستحضر من الذاكر الشعرية العراقية إحدى القصائد التى تُعبر عن حجم الحزن في اوساط المجتمع العراقي ، يقول الشاعر ( يا دنيتي ليه أنا حالي غريب / القلب يشكي جروح من دون أسباب/ أجلس وفي قلبي طعون وتغريب / والعين كل الوقت تبكي من الأحباب / يا دنيتي تكفيني / ليه صرت عايش طول عمري بتعذيب / فالموت أرحم في زمن ما به أحباب ) ، وهكذا بدا العراق منذ الاحتلال يتربع على عرش الفساد العالمي ، لا ينافسه سوى دول مثل الصومال وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا واليمن وغينيا وأفغانستان .

مرّ الوقت ، قد يراه البعض على أنه بمثابة وقت مستقطع من زمن التحول الديمقراطي ، لكن لم تكن هناك معارضة حقيقية تمتلك حق الرفض ، وفي ضوء المؤشرات الدولية وايضاً مع مراجعة الوقائع على الأراضي العراقية ، لا أحد بالطبع يجازف بالقول إن محاولات مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة ، حول مكافحة الفساد أو ملاحقة الفاسدين سوف تكون نزهة أو طريقها معبدة بالورود ، لأن بالتأكيد مراكز القوى إياها لا يتمتعون فقط بقواعد عشائرية ذات عقلية ضيقة أو مذهبية متشبعين بسرديات جنونية ، بل لأنهم يمتلكون منظومة تسليحية تتفوق في هيكلتها على أجهزت الدولة ، إذنً ، مجيئ الكاظمي إلى رئاسة الوزراء كان يقف وراءه الشارع المنتفض والذي أعاد بفضل دماء الذين سقطوا برصاص القتلة ، صياغة الأسئلة القديمة بطريقة حديثة تواكب العصر الحديث ، وهي بالتأكيد بعيدة كل البعد عن الطائفية القاتلة وما يترتب عليها من معارك افسادية وحروب أهلية ، والصحيح أيضاً ، أن التركة السابقة التى حملها الكاظمي والمنتفضين معاً ، لم تكن بسيطة والصحيح أيضاً ، أن الانتفاضة الشعبية لم تتمكن من إجتثاث الطغمة الفاسدة التى حكمت العراق بالرواية الفاسدة ، وهذه الرواية أسست بصراحة ثقافة الفساد وايضاً التبعية وإعلاء المذهبية والكراهية للوطنية العراقية التى شرعنت لكل هذا الفساد ، وبالتالي مهمة الكاظمي ليست بهذه السهولة التى يعتقد البعض ، بل مشكلة العراق أنه محاصر بين جارتين ، الإيرانية والسورية ، والنظامين حسب المؤشرات الدولية ، تشير إلى أن معدلات الفساد فيهما أكثر من جارهم العراقي ، رغم الاستقرار النوعي في إيران ، وبالتالي المرء لا يُبالغ عندما يجزم بأن العراق تحول إلى دولة فاشلة عندما استولت إيران عليه وتابعينها ، وفي مقدمة هذا الفشل ، اعتمدوا الإنفاق على حاجات وهمية ومشاريع تضليلية وإهمال بقصد مُتعمد للتعليم ، فهؤلاء اختلقوا مؤسسات تحسن إدارة الفساد وتُبدع بفنون فريدة في تطوريه والتملص بإتقان من المحاسبة .

لكن ما يميز الكاظمي ، أن الشارع بأغلب مكوناته حتى الآن يقف وراءه ، لأنه بإختصار أخذ على عاتقه إعادة بعض الشعبية الضائعة للنظام الحالي ولا يجوز المقارنة بينه والمنظومة التى حكمت سابقاً ، بالفعل الشعب يتأمل خيراً ، بالطبع ليس بالخير الكثير ، لكن يتوقع على الأقل أن يضع البلد على طريق الخلاص ، وهذا يستدعي من الكاظمي أن يفكر بعمق من أجل المشاركة بالانتخابات القادمة بقائمة وطنية واحدة ، تشمل وجوه شبابية جديدة ومن جمع المكونات المختلفة والتى تؤمن بالوطن وترفض التبعية . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة