الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب بالمعنى الغير تقليدي!

ردوان كريم
(Redouane Krim)

2021 / 2 / 7
المجتمع المدني


نعيش حياتنا مسرعين، في سعي دائم وراء أشغالنا اليومية، و أحيانا ننسى أنه علينا أن نعيش. و أحيانا أخرى لا نملك الوقت للتفكير عن السبب الذي نحن هنا على الأرض من جله. لا نتذكر أن نأخذ قسط من الوقت لتدبر المسار الذي تسير حياتنا فيه. نكتسب عادة حياة، طريقة عيش لا تمد أي صلة لما نريده أو نرغب فيه بل فرض أجبرنا عليه. تقبلنا ذلك و كأنه جزء من حياتنا أو هي حياتنا. ربما هو الإقتناع، ربما هو غياب الرغبة، أو استسلام للواقع الذي خيل لنا أنه سجن لا مفر منه. كيف سنتحرر؟ كيف سنتغير؟ و كيف نسير نحو الأفضل؟ و كيف نخرج من الغيوم الداكنة إلى الشمس الذهبية ؟
يقسم الإنسان مراحل حياته إلى فترات و أفضلها فترة الشباب. الشباب في الحقيقة ليس إلا حالة نفسية، نظرة نحو العالم و تعامل معه. الشباب رمز للتغير و رفض للعادة و تمرد عليها، و كل من يملك القدرة على تغيير عاداته شاب يافع، لأن العادة شبكة عنكبوت تلف على صاحبها و تربطه كالحبل المتين. فمثلما يقول سنيك الذي ينظر إلى اليوم الواحد على أنه بحد ذاته حياة :"من يزرع فعل يحصد عادة، و من يزرع عادة يحصد ميزة(مزاج)، و من يزرع ميزة يحصد مصير" يجب على المرء أن يحسن، يطور، و يغير من عاداته.
فالشاب هو من يملك أحلام كثيرة تمنحه الطاقة اللازمة لمواجهة الحياة و الشيخوخة هي عكس ذلك؛ هو إستحواذ الندامة و الأسف على مكان الأحلام. لقد كتب سامويل ألمان في وصف الشباب قصيدة جميلة و تحفز الإنسان على فهم مرحلة الشباب بغير مفهومها التقليدي إذ قال : "الشباب ليست فترة من الحياة، هي حالة نفسية، هي مفعول الرغبة، هي نوعية الخيال، كثافة إنغعالية، هو انتصار الشجاعة على الخجل، هو طعم المغامرة على حب الرغد و لين العيش. لا نصبح بعد أن نعيش عدد من السنوات شيخا، بل يصبح المرء شيخا عندما يتخلى عن حلمه. السنوات تجعد البشرة، التنازل عن حلمه يجعد الروح. إنشغالات البال، الشكوك، الخوف، و اليأس هي الأعداء التي تحنينا بتمهل نحو الأرض، و تجعلنا غبارا قبل الموت. الشاب هو من يثير الإعجاب و الإندهاش عندما يطلب مثل الطفل الجشع "ماذا بعد؟"، و يتحدى الأحداث ليعثر على السرور و مرح الحياة. أنت أكثر شبابا من إيمانك، أنت أقدم من شكك، و أكثر شبابا من ثقتك بنفسك. و أكثر شبابا من أملك و رجائك. أقدم من تعبك و ضجرك. ستظل شابا عندما تكون تقبلي و متأثر بكل ما هو جميل، بكل ما هو جيد و كبير، متأثر برسائل الطبيعة، الإنسان و الغير منتهي. إذا وصل قلبك يوما إلى درجة أن يلدغ من قبل التشاؤم و ينخر من قبل العياب و السخرية، فاليرحم الله روحك المسنة". هي أشياء ندركها و نفقه ماهيتها و لكننا نعجز عن تطبيقها و تقبلها كنمط حياتنا معتقدين أننا نعرف ذلك و لكن ما يخيل لنا معرفته هو ما يمنعنا من التعلم و التغيير. بحيث نعتقد أننا ندرك كل ذلك، فقط الحياة كلعبة قمار سقطت الأوراق السيئة في يدنا بدلا من الجيدة ، و لكن الأصوب هو لعب الأوراق السيئة بطريقة جيدة فلا أحد تسقط كل الأوراق الجيدة في يده. هكذا هو الحاضر، يجب أن نتعامل معه بتعقل و تفكير منطقي مليئ بالأمل و الرغبة من أجل غد أفضل،
فالمستقبل أو الغد نحضر له و نصنعه و لا نتوقعه أو نخمنه أو ننتظر إكتشافه. و ذلك بالمحاولة، العمل و المثابرة كما يؤكد بريتولت براشت: " الذي يحارب يمكن أن يخسر و لكن الذي لا يقاتل خسر من قبل."
جون بول سارتر الذي يعتقد أن الفعل أو الصنع هو ما يكشف طبيعة الموجود (الإنسان)، لا يختلف في الرأي مع أرسطو الذي يظن أن ما نردده كل يوم هو ما يشكل ذاتنا. و لا يتعارض مع أندري مالرو القائل أن الإنسان هو ما يفعله، حيث يبرز سارتر في الكثير من كتاباته أن الإنسان قبل كل شيء هو من يندفع نحو المستقبل، و الواعي بإندفاعه نحو المستقبل. و أن الإنسان قبل كل شيء مشروع." نعم فالإنسان المثقف و الواعي يملك مشروع و هدف في الحياة، و لا شيء أخطر من أن يملك المرء طموح و حلم بسيط فيصل إليه، فتصبح حياته تافهة بلا ذلك الهدف السامي و الكبير الذي يسعى و لا يصل إليه الحالم المثابر، الذي يأمل و لا يفشل لعدم تحقيقه، مجربا كل الفرص التي تتاح له صانعا مهيئا بعد كل فرصة ضائعة لفرصة أخرى. الشاب الجيد هو من يحسن إختيار عمله أو الساعي لإيجاده، حيث خطب ستيف جوبس ذات مرة فقال:
" عملك يأخذ جزء كبير من حياتك، و الطريقة الوحيدة لتكون مقتنع، و راضي هو أن تؤمن بما تقوم به، و الطريقة الوحيدة للوصول هي أن تحب ما تعمله. و لا يوجد توافق ممكن. إن لم تجد ما تحبه، استمر في البحث، و لا تتوقف أبدا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24


.. وكالة الأونروا.. ضغوط إسرائيلية وغربية تهدد مصيرها




.. آلاف المهاجرين في بريطانيا يخشون الترحيل إلى رواندا


.. بريطانيا: موجة تنديد بترحيل المهاجرين إلى رواندا • فرانس 24




.. لازاريني للجزيرة: الهدف الرئيس من الهجوم على الأونروا هو نزع